حوار هاتفي "بين العقل والقلب"

قال لي :- جميل أن يضحي الإنسان من أجل أخيه الإنسان .. ولكن الأجمل من ذلك أن يضحيا من أجل الوطن الذي

يستحق التضحية للتضحية في ذاتها ويستحق المحبة دون حساب وبغير خوف من عقاب وتطلعاً إلى ثواب فلك كل

الحب يا وطني ...

قلت له :- عندما نسمع عن حادث مفجع ذهب ضحيته رجل له قيمة ووزن .. أو طفل بريء عائد من مدرسته.. يقشعر

البدن .. ويرتجف القلب .. وتدمع العين على تلك الأسر التي تيتمت بلا ذنب " تهور.. وطيش .. ورفاهية "

نتيجة تمادي المستهترين في جرائمهم وتمادي المتسكعين في شوارع وطننا ...

قال لي :- انهيار أصاب مجتمعنا وإفرازات لعادات غريبة على ثقافتنا .. تكنولوجيا باتت تلاحقنا حتى ونحن على

وسائد راحتنا .. لا بل ونحن خلف المقود .. لعلنا نتابع مقطع مثير أرسل عبر البلوتوث أو الوسائط المتعددة أو

رسالة مستعجلة من الحبيبة الهائمة .. وربما نكتة أرسلتها شركة الاتصالات الخلوية .. هذه سياسة لتعنيف الجهاز

العصبي لدى شبابنا وفتياتنا حتى أثناء قيادة السيارة لأن العقوبة ما زالت مغيّبة ..

قلت له :- نحن في بلد الحضارات وأصبحنا بألف نعمة نناقش ونحاور ونجادل في حقوقنا وأصبحنا في هذا التاريخ

من كل عام نضيء شمعة ونعلن شعاراً جديداً مع دول العالم .. نتناقش مع رجل الأمن الذي تكسو وجهه الابتسامة

ويتزن عقله بالحكمة .. ويزرع الطمأنينة بدل الخوف في نفوسنا .. ويجعلنا أكثر حماساً لنشارك في همّ وطني يشغل

بال كل واحد فينا .. هو كيف نحد من الحوادث ونقي أبنائنا وممتلكاتنا من الخطر .. نناقش ونطرح الآراء والأفكار

ونقف جنباً إلى جنب مدنياً وعسكرياً للعمل على خلق مجتمع آمن وطريق آمن ..

قال لي :- كل هذا وذاك ربما لن يفيد فالأهم هو أن نكرس مفاهيم التربية السليمة في عقول أبناءنا منذ الصغر ..

ونحاول غرس المفهوم الديني بداخل نفوسهم ليشعروا فعلاً بالمسؤولية وأن الأرواح وممتلكات الوطن أغلى وأثمن

من الاستهتار وأن الدم الذي سيهدر لن يذهب بفنجان قهوة أو عطوة عشائرية وأن "العقوبة حاصلة " حينها سيرتدع

ويلتزم أبناءنا وسيحترم كل من يقود المركبة أنظمة المرور ويحترم قوانينها وسيعمل على تجنب الخطر لكي لا تقع

العقوبة ..

قلت له:- "شعارنا لسلامتك أجل مكالمتك".

أنها قضية عامة ليست مرتبطة بيوم أو بعام .. لأن الهاتف موجود وملاصق لنا وهو من الضروريات التي لن نستغني

عنها . وقد نلتزم بقواعد المرور لأننا نعي تماماً معنى وقيمة الحياة ولكن الخطر ربما يأتي من شخص لا يراعي هذه

القواعد ولا يعيرها اهتمام فالمشكلة لا تحل إلا بجهود مشتركة ويجب أن نشارك في التصدي لها بداية من البيت الذي

يربّي ويغرس بالنفوس المبادىء والمثل والأخلاق الحميدة ومن ثم يأتي دور المدرسة للتهذيب ولتخريج الأجيال للمجتمع

الكبير الجامعة أو الحياة العامة ... وإعلامنا الذي تقع على عاتقه المسؤولية الكبرى في بث الوعي والتحذير من الآلام

والمآسي التي ستقع نتيجة طيش أو تهور .. لعلنا نساهم جميعاً ونوفي هذا الوطن وهو الذي يحتضن الجميع ولو جزءً

بسيطاً من الدين الذي يطوق أعناقنا ..

أطفالنا وشبابنا وشيبنا .. لنرفع دائماً رؤوسنا للقمم .. وندعو الله أن تبقى قلوبنا عامرة بالفرح .. نتباهى بوعي شبابنا

وإداركهم للمسؤولية بأن الأمن والأمان واجب علينا نؤديه لوطننا .

ليحماك الله أردن الخير والعطاء ويحمي أبناء هذا الوطن .. لأن الإنسان أغلى ما نملك .

رئيس الملتقى الثقافي للمكفوفين/ سهير عبدالقادر .. مديرية الامن العام / أدارة السير المركزية