عمان - بترا - مؤيد الحباشنة - أمضى جلالة الملك عبدالله الثاني صبيحة أمس، بين طلبة مدرسة الشريف عبدالحميد شرف الثانوية المهنية للبنين – أول مدرسة صناعية في الأردن-، حيث شهد الطابور الصباحي الذي اصطف الطلبة فيه منتظمين في ساحة المدرسة لرفع العلم، معلنين بداية يوم دراسي حافل بالأمل والعطاء.
وفي الساحة ذاتها كرم جلالته الطلبة الأوائل في الثانوية العامة من جميع الفروع الأكاديمية والمهنية في المملكة، تقديرا لتميزهم وإبداعهم في التحصيل العلمي.
ودوّن جلالة الملك كلمة في سجل زوار المدرسة، التي تأسست عام 1924، عبر فيها عن تقديره لدورها التربوي والمهني في أداء رسالتها عبر تخريجها لسواعد اردنية مبدعة تسهم بإخلاص في رفد مسيرة نهضة وبناء الوطن الخيرة.
ولدى تجول جلالته في مشاغل المدرسة، اطلع على نوعية التعليم المقدم للطلبة في مشغلي التكييف والتبريد والنجارة، واستمع من مديرها المهندس سامي الشهوان، إلى شرح عن أساليب التدريس وكيفية التعامل مع مساقات التعليم المهني العشرة المعتمدة نظريا وعمليا.
وفي إطار رؤية جلالة الملك لأهمية دعم التعليم المهني، فقد أوعز جلالته للمعنيين في الديوان الملكي الهاشمي بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم ومؤسسات القطاع الخاص للبدء بتأهيل المشاغل المهنية للمدرسة، وبناء شراكة مع مؤسسات القطاع الخاص كجزء من المسؤولية الاجتماعية لهم، بحيث تكون المدرسة نموذجاً متميزاً تستطيع وزارة التربية والتعليم تعميمه على جميع المدارس المهنية في المملكة.


وخلال تبادل جلالة الملك الحديث مع الطلبة، استذكر جلالته تجربته الخاصة عندما كان طالبا في المدرسة، وكيف كان التدريب المهني والحرفي يستهويه دائما، لافتا جلالته إلى أهمية العمل الحرفي والصناعي ودوره الكبير في بناء المجتمعات والدول.
وأمام الطابور الصباحي، عبر وزير التربية والتعليم الدكتور، محمد الذنيبات، في كلمة له عن سعادة الأسرة التربوية، وهي تستقبل جلالة الملك في مدرسة الشريف عبدالحميد شرف، ما يجسد دعم ورعاية جلالته للمسيرة التربوية عبر المبادرات المتواصلة والاهتمام الدائم بالعملية التربوية وأسرتها ورعاية التفوق وتكريم المتفوقين، ومنهم الطلبة الأوائل في امتحان الثانوية العامة عاماً بعد عام.
وقال إننا «نعاهد جلالتكم أن لا يكون بيننا مكان لمتهاون أو متخاذل في أداء أمانة المسؤولية وتحكيم مفاهيم العدالة والمساواة في تقديم الخدمة لأبناء الوطن، ورعاية أصحاب التميز والعطاء والكفاءة».
وبين الدكتور الذنيبات أن تطوير العملية التربوية لا يكون إلا وفق النهج التراكمي، وأن جهوداً كبيرة قد بذلت في سبيل ذلك، «وأن من سبقنا في حمل هذه الأمانة قدموا الإنجازات التي تشهد لهم بذلك، وقد حقق الأردن بفضل توجيهات جلالته ورعايته إنجازات كبيرة في المجالات المختلفة، ومنها مجال التربية والتعليم الذي كنا فيه نموذجا يحتذى، وسنبقى كذلك، رغم العقبات والاجتهادات التي اعترضت هذه المسيرة».
وتحقيقاً لرؤية جلالته في التطوير والتحديث المتواصل، قال إن الوزارة ستجري مراجعات شاملة متكاملة للنهوض بهذا القطاع والبناء على المنجز الإيجابي الكبير، وستشمل هذه المراجعة مسارات التعليم ومناهجه وآلية التدريس التي تبني العقل على أسس ومبادئ التفكير التحليلي، وتطوير أساليب امتحان الثانوية العامة وصونه وحمايته من أي تهاون أو تجاوز أو عبث.
وأضاف أن الوزارة ستعمل على تعزيز دور المعلم الممارس، بما يضمن جذب الكفاءات وتنميتها والمحافظة عليها، وإعادة النظر في التشريعات التي تحكم العملية التربوية ليكون أي تغيير مبنياً على روح المؤسسية بعيداً عن الاجتهادات الفردية وتأثيراتها في تطوير هذا النشاط المهم الذي يمس حياة كل مواطن، كما تلتزم الوزارة بإعادة تأهيل الأبنية المدرسية بما يضمن بيئة تعليمية سليمة لأبنائنا الطلبة، ووضع خطة متكاملة لسد حاجات المناطق المختلفة من الأبنية المدرسية خلال السنوات السبع المقبلة.
وأوضح أن الوزارة ستعمل أيضا على إعادة هيكلة الوزارة لتمكين مفهوم مركزية التخطيط واللامركزية في إدارة الخدمة التربوية وتقديمها للمواطن وفق معايير الجدارة والكفاءة والاقتدار، ورفع سوية ترتيب الأردن في الجانب التربوي وفق المؤشرات التربوية الدولية.
وفي هذا السياق، قال إنه سيتم ذلك من خلال التشاور والتشارك مع أطراف العملية التربوية وتحديداً أعضاء لجنة التربية في مجلسي الأعيان والنواب والمعنيين بالعملية التربوية وأصحاب الخبرة والاختصاص، وستضع الوزارة هذه المفاهيم لهذا التحديث والتطوير بين يدي جلالة الملك في القريب من خلال مؤتمر وطني للتربية.
وفي كلمة للطلبة المتميزين ألقتها باسمهم الطالبة دانا البغدادي، الحاصلة على المركز الأول في الثانوية العامة، قالت فيها إن للتفوق قصة عظيمة، فقد كنت دوما راعية لوقت ثمين باستغلاله الأمثل بتوفيق من الله تعالى وتوجيه من والدين عظيمين سعيا معي لكل أمل منشود، يشدان من أزري وعزيمتي ويضيئان لي شموع الأمل، وبرفقة مربيات فاضلات ومعلمات ومعلمين لم يألو جهدا في تقديم العون والمساعدة والنصح الصادق.
وخاطبت زميلاتها وزملاءها ممن يجلسون على مقاعد الدراسة قائلة: إن الأهداف العظيمة لا بد لها من نفس أبية وعزيمة متينة فالغايات العالية لا بد لها من عمل وجهد دؤوب ومتواصل.
وزادت «نهدي لكم يا جلالة الملك وللوطن نجاحنا هذا، وإننا واثقون من رعايتكم الدائمة لنا كي نبقى شموسا وضاءة تنير سماء هذا الوطن في ظل قيادتكم الواثقة، فامض بنا يا سيدي ونحن معك نشق عباب المستقبل بكل ثقة وحكمة».
وللمتميزين من ذوي الاحتياجات الخاصة قصة تروى، عرضها باسمهم الطالب الكفيف عمر العجيمي، الأول في الثانوية العامة عن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، متحدثا عن تجربته في تحدي الصعوبات لنيل ما وصل إليه من تميز وتفوق، حيث حصل على معدل 7ر96 ، وتطلعه إلى دراسة الترجمة الفورية.
ورحب الطالب العجيمي باللفتة الملكية، وتكريم جلالته لأوائل الثانوية العامة، وقال مخاطبا أقرانه من نفس الفئة «إن الإرادة تصنع المستحيل، وإن من سار على الدرب وصل»، مستذكرا أبرز محطات مسيرته التعليمية منذ الابتدائية وحتى الثانوية، وما شكلته هدية جلالة الملك لضعاف وفاقدي البصر بإنشاء الأكاديمية الملكية للمكفوفين في عمان من نقطة تحول في حياة كل فرد منهم.
ومدرسة الشريف عبدالحميد شرف الثانوية المهنية التي تقع في الجزء الشرقي من منطقة جبل الحسين هي أول مدرسة صناعية أنشئت في الأردن، وسميت نسبة إلى المرحوم رئيس الوزراء عبدالحميد شرف.
وقال مدير المدرسة المهندس سامي الشهوان، إن زيارة جلالة الملك إلى المدرسة وحضوره الطابور الصباحي لطلابها، وتكريمه أوائل طلبة الثانوية العامة تجسد دعم ورعاية جلالته للمسيرة التعليمية بمكوناتها، وتحفز الطلبة نحو مزيد من التقدم والإبداع. وأَضاف أن جلالته وأثناء جولته داخل مشاغل المدرسة المهنية، أوعز بضرورة تقديم كل الدعم لرفع مستوى هذه المشاغل، والتي تنعكس إيجابا على تحسين البيئة التعليمية وتوفير سبل التدريب الملائمة لهم.