كتب -حاتم العبادي - عُشر مئوي وبالارقام (0.1%)، حرمت الطالب فايق مفضي الضرابعة الحمايدة من الالتحاق بكلية الطب بالجامعات الاردنية، رغم تفوقه الاكاديمي وحصوله على معدل (97.6%) بالفرع العلمي، وتفوقه على جميع التحديات المعيشية والاقتصادية «الصعبة» التي واجهته.
من منطقة مصنفة «جيوب فقر» ومن مدرسة تصنف «اقل حظا وذات ظروف خاصة» من منطقة جبل بني حميدة (35 كيلو غرب مادبا)، تمكن هذا الطالب ، وبدعم من والده المزارع واسوة بأخوته السبعة، من تحقيق رقم قياسي في تحقيق هذا المعدل في تاريخ لواء ذيبان، بحسب والده الذي ما يزال يؤمن بأحقية ابنه بدراسة التخصص الذي يرغبه ابنه وهو تخصص الطب.
بحرقة ومرارة، تلقى فايق ووالده واسرته، خبر تحديد معدل (97.7%) كحد ادنى للقبول بتخصص الطب لهذا العام، وبدا تعب المشوار لشرح ظروف فايق الصعبة التي تجاوزها لتحقيق هذا المعدل، للمسؤولين والنواب، ايمانا بأحقية بأن يكون احد طلاب احدى كليات الطب بالجامعات الاردنية.
إدراك والده، الذي طرق وما يزال يطرق جميع الابواب، قادما من منطقة «الجديدة» التي تقع في قضاء العريضة في لواء ذيبان ضمن محافظة مادبا، بأن ظلم الاسس والتعليمات، بعدم منح اوائل الالوية مقعد طب، قد يرفعها المسؤولون، بمحاولة شرحه لحالة ولده الذي كان معدله (98.8%) في الفصل الاول، وان وضعه في المنافسة مع ابناء محافظة مادبا دون التمييز بين الفرق الشاسع بين امكانيات مدارس مركز المحافظة والمناطق المجاورة وبين مدرسة ابنه، التي على الارجح لم يصلها مسؤول منذ زمن.
ويقدم والد فايق تنازل من أجل ان يحقق لابنه حلمه بأن يصبح طبيبا، بقبوله بمقعد دون منحة في هذا التخصص، خصوصا وانه درس قبله (7) من ابنائه في الجامعات.
حالة فايق قد تتشابه مع حالات متعددة في المملكة، هذه الحالات التي ظلمتهم الاسس والتعليمات، التي بالوقت نفسه منحت اقرانا لهم ممن تولى والده او جده عضوية مجلس التعليم العالي او مجلس امناء احدى الجامعات فرصة الالتحاق بأي تخصص يرغبون به بغض النظر عن معدلاتهم، ما دامت تحقق الحد الادنى لمعدل القبول التي تفرضه والمحدد في الطب بـ»85%».
هذه الاسس والتعليمات، التي يتمسك المسؤلون بها وبتطبيقها، حملت بين ثناياها وسطورها وموادها، تمييزا واضحا وظالما، بحق الاردنيين، مبينه على اساس «التوريث» القائم على اساس «المنصب الاداري».
وتنص اسس القبول في الجامعات الرسمية الاردنية للعام الحالي في مادتها الثالث في الفقرة (هـ) في البندين الاول والثاني على ما يلي:1- يُقبل في واحدة من الجامعات الأردنية أحد أبناء أعضاء مجلس التعليم العالي العاملين، أو السابقين، وحفيد واحد من الدرجة الأولى.
2-يقبل في الجامعة أحد أبناء أعضاء مجالس أمنائها العاملين، أو السابقين، أو أحد أحفادهم من الدرجة الأولى.
نتائئج الثانوية العامة أظهرت ان عدد الطلبة الذين حصلوا على معدل (95%) فما فوق بلغ (3003) طلاب سيقبل منهم في تخصص الطب من كان معدله (97.7) فما فوق والمقدر عددهم بحوالي (560) طالبا، بينما الباقي، ستظلمه اسس القبول، بعدم حصوله على تخصص الطب او طب الاسنان، إلا من كان ابوه او جده عضوا في مجلس التعليم العالي او في احدى مجالس امناء الجامعات سواء في الوقت الحالي او في وقت مضى.
هؤلاء الطلبة اصحاب الامتيازات لا يخضعون الى المنافسة للحصول على ما يرغبون، حتى فيما بينهم.
رئيس احدى الجامعات التي تطرح تخصص الطب، أكد لو كان الخيار له لاختار فايق وامثاله، بحكم انهم الافضل والاقدر اكاديميا.
ورغم إقرار المسؤولين عن سن هذه الاسس بعدم عدالتها، إلا ان ذلك لم يغير شيئا من الظلم والاجحاف الذي لحق فايق واقرانه المتفوقين.
ويؤكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور امين محمود بأن مثل هذه التخصيصات «غير عادلة»، واعدا بأن مجلس التعليم العالي ولجانه ستيعد النظر بتلك التخصيصات بحثا عن عدالة تنصف اصحاب الكفاءات.
وهو ما اكد عليه ايضا، رئيس اللجنة الاكاديمية في مجلس التعليم العالي الدكتور حكم الحديدي، الذي اعتبر ان مثل هذه التخصيصات لا تحقق العدالة وان الوقت قد حان لاعادة النظر في الاسس لجهة تطويرها.
وبين الواقع ووعود المسؤولين يبقى فايق واقرانه ينتظرون من ينصفهم من ظلم الاسس التي لم تضع بالحسبان الظروف والتحديات التي تواجه ابناء كثير من المناطق ليلتحقوا بالتخصصات الطبية، في وقت منحت تلك الاسس ابناء وحتى احفاد اعضاء مجالس التعليم العالي الحاليين والسابقين وكذلك اعضاء مجالس الامناء تلك التخصصات كهدايا بالمجان.
رد مع اقتباس
المفضلات