تكتسب المباحثات التي اجراها جلالة الملك عبدالله الثاني مع قداسة بابا الفاتيكان فرنسيس الأول، يوم امس أهمية اضافية ان لجهة التوقيت المهم والحيوي الذي جاءت فيه زيارة جلالته للفاتيكان أم لجهة جدول اعمال المباحثات الذي كان موسعاً وشاملا وبخاصة في التأكيد على حرص الاردن الدائم على توثيق علاقات التعاون مع الفاتيكان بما يسهم في ترسيخ مفاهيم المحبة والوئام بين الامم وتحقيق السلام لشعوب منطقة الشرق الاوسط ودولها..
من هنا جاء تركيز المباحثات على تعزيز الحوار والتفاهم بين اتباع الديانتين الاسلامية والمسيحية ليؤكد في جملة ما يؤكد عليه ما لفت اليه جلالة الملك وشدد عليه وهو ان الأردن يعمل باستمرار على تعزيز قيم التسامح والتعايش يين ابناء الديانتين الاسلامية والمسيحية وتعظيم القواسم المشتركة بينهم وبما يصب في ترسيخ لغة الحوار والتواصل، بعيدا عن الانغلاق والتعصب والتشدد..
ولعل إشارة جلالته الى ما انطوت عليه رسالة عمان من ركائز أساسية وبخاصة في شأن الدعوة الى الوسطية ونهج الاعتدال والتسامح يضع الأمور في اطارها الصحيح ويضيء على الهدف الرئيس الذي كان وراء اطلاق هذه الرسالة التاريخية في العام 2004 وهو بيان الصورة الحقيقية للدين الاسلامي الحنيف – ناهيك عما لفت اليه جلالته نظر قداسة البابا في شأن التوصيات التي خرج بها المؤتمر السادس عشر لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الاسلامي الذي انهى للتو اجتماعه في عمان والتي ركزت على مبادىء التوافق ونبذ العنف الطائفي والمذهبي والتحذير من المخاطر الجسيمة لذلك على مستقبل شعوب الشرق الأوسط..
لم يكن صدفة كذلك استضافة المملكة خلال الاسبوع القادم مؤتمرا حول التحديات التي تواجه المسيحيين العرب وسبل التعامل معها وهو نهج دأب الأردن بتوجيه ودعم مباشر من جلالة الملك الى التركيز عليه والسير في اطاره حفاظا على الدور المهم الذي ينهض به المسيحيون العرب فضلا عن ضرورة المحافظة على تواجدهم في مدينة القدس وتواصل مساهمتهم الايجابية في الحضارة العربية الاسلامية وهو ما اكد عليه جلالته لقداسة البابا اضافة الى مواصلة الاردن بذل الجهود الى جانب الاطراف الفاعلة لدعم مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وتجاوز العقبات والمعيقات التي تحول دون الوصول الى سلام عادل وشامل وفق حل الدولتين الذي طالما لفت اليه جلالته بما هو مصلحة أردنية عليا ايضاً ودائماً..
ولم تغب عن مباحثات جلالته وقداسة البابا المعاني والاهداف النبيلة التي انطوت عليها الاتفاقية التاريخية التي تم توقيعها مع دولة فلسطين والتي اكدت ان جلالة الملك هو صاحب الوصاية على الاماكن المقدسة في القدس الشريف وان قائد مسيرتنا وحادي ركبنا، يبذل جهوداً حثيثة وكبيرة في حماية الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في مدينة القدس ورعايتها ودعم المقدسيين مسلمين ومسيحيين والحفاظ على المدينة وهويتها العربية فضلاً عن الدور المهم للفاتيكان الذي اكد عليه جلالته في الحفاظ على المدينة المقدسة ومنع تهويدها وبما يحول دون تغيير معالمهما وهويتها فضلاً عن اشادة جلالته بالجهود التي تبذلها القيادات المسيحية منذ سنين طويلة لخدمة القضية الفلسطينية وتعزيز وجود المسيحيين العرب في مدينة القدس وحماية حقوقهم..
قصارى القول ان ما يبذله جلالة الملك على اكثر من صعيد سياسي ودبلوماسي بمثابرة واصرار انما يستهدف الدفاع عن الحقوق العربية وتعزيز قيم التسامح والحوار ونبذ الانغلاق والتعصب والتطرف فضلاً عن تبيان الصورة الحقيقية الناصعة للدين الاسلامي الذي انطوت عليه رسالة عمان وفي انحياز ملكي لثقافة الحوار والحلول السياسية على النحو الذي اكد عليه جلالته في شأن الازمة السورية وبما يضمن انهاء معاناة الشعب السوري ويحفظ وحدة سوريا ارضاً وشعباً..