كتب - المحرر السياسي - تحدث المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين همام سعيد، في حفل افطار الجماعة في مخيم البقعة قبل أيام، عن سياسة الجماعة للمرحلة المقبلة، مشيرا الى ان غالبية الاردنيين يرغبون باقامة دولة الاسلام، كونه شعب يحب الاسلام ويسر به، وان خطتهم القصيرة كانت اصلاح النظام،مهاجما الدور الاردني في ما اسماه بالانقلاب العسكري في مصر .
هذا، الخطاب الغوغائي، ترجم فورا في الشارع الاردني مساء الاربعاء، في مسيرة نظمها شبان الاخوان في جبل الحسين، طالبت باقامة جمهورية تضم ضفتي نهر الاردن الشرقية والغربية، وانهاء النظام الملكي، في طرح ينسجم تماما مع أطروحات اليمين الصهيوني المتطرف بإقامة الوطن البديل للفلسطينيين .
نعم، الاردنيون شعب غالبيته مسلم يحب دينه ويلتزم به، وينص دستور المملكة في مادته الثانية على ان الاسلام دين الدولة ، ولا ندري هنا عن اي اسلام يتحدث سعيد هل هو اسلام الاخوان، ام اسلام السلفية الجهادية،ام اسلام السلفية العلمية أم غير ذلك، يتضح هنا، ان سعيد يعتقد وهو واهم، ان قاعدتهم الشعبية ما زالت في ألقها وقوتها، متناسيا شرائح المجتمع الاردني، وانتمائها للوطن، ورفضها لطروحات الاخوان ، التي تتفق مع طروحات اليمين الاسرائيلي، في اقامة الوطن البديل، فالاردن بلد عشائري يعتز بعاداته وتقاليده، ويستمد دينه من الكتاب والسنة، لا من إسلام الاخوان.
فالاردنيون مدركون لنهج الاخوان،في الاقصاء، والمفاضلة بين المواطن (س) والمواطن (ص) ، فكلهم ليسوا سواء وفق رؤاهم، فالالتزام بالدين الاسلامي لا يشفع لصاحبه عندهم ان لم يكن منتسبا لجماعتهم، فالاولوية لأعضاء الجماعة، كونهم اكثر التزاما، بالمنهج حسب رؤيتهم في احتكار الدين، وهذا ما حدث مع أعضاء حزب النور السلفي المصري، وهو حزب اسلامي ملتزم، لم يحصل الا على الفتات في قيادات مؤسسات الدولة المصرية ابان حكم الرئيس الاخواني المعزول محمد مرسي، فلم يشفع لهم اسلامهم، بالافضلية امام اسلام الاخوان، فهل يجوز تقسيم الاسلام الى فساطيط ؟!!، « جمع فسطاط أي جماعة».
بل ان اعضاء في الجماعة ادركوا هذه الحقيقة الاليمة مؤخرا، واختطوا طريقا اقرب الى العقل والمنطق الاردني ، وأسسوا ما اسموه بالمبادرة الاردنية للبناء «زمزم»، تضم شرائح المجتمع الاردني كافة، دون الاقتصار على الاخوان فقط، كما ذهب بعض شباب الاخوان الى الانسحاب احتجاجا على تصريحات نائب المراقب العام لجماعة الاخوان زكي بني ارشيد التي دعا فيها الى اقامة جيش حر في مصر، وامام هذه الانقسامات تراجع بني ارشيد عن التصريحات الدموية، واصدر تصريحاً توضيحياً نشرته وسائل اعلام مؤخرا .
بات واضحا، ان قادة الحركة الاسلامية في الاردن،يعيشون حالة تخبط سياسية، خرجوا بها عن عقالهم، نتيجة لما يشاهدونه هذه الايام بأم أعينهم انهيار مشروعهم العالمي وفشله في التطبيق،لكن هنا، ننوه ان هذا الخروج يجب ان لا يترجم في الشارع الاردني كما جرى في جبل الحسين مساء الاربعاء الماضي،فان كان هذا عنوان المرحلة المقبلة، فهنا لا بد من تغيير معطيات المعادلة السياسية بين الدولة والجماعة، وعليهم الحذر من ذلك، فلن يسمح لهم بانتاج سيناريو رابعة العدوية على دوار الداخلية.
ويبدو واضحا، ان ما جرى في مسيرة جبل الحسين المسائية،وما صدحت به حناجر شباب الاخوان بالمطالبة بجمهورية تضم الضفة الغربية مع الاردن، يأتي ترجمة لتعليمات سرية تلقتها قيادات الجماعة، في مؤتمر اسطنبول، لتسخين الساحة الاردنية ونقل المشهد، من مصر الى المملكة، نصرة لاخوانهم هناك،وهو ما عبر عنه سعيد في كلمته الاخيرة بافطار البقعة ان خطتهم القصيرة التي انتهت كانت اصلاح النظام .
واخيرا، نقول لجماعة الاخوان في المملكة، اتقوا الله في بلدكم ولا تجروه الى نفق الارهاب، فنحن في غنى عنه، وللوطن رجال تحميه، فكونوا جزءا من هؤلاء الرجال ، وكونوا مع الوطن لا عليه، فإن لم تفعلوا فستكونون من الخاسرين النادمين .
رد مع اقتباس
المفضلات