التأييد الشعبي العارم والترحيب الذي قوبل به خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني الشامل في حفل تخريج الفوج السادس والعشرين لضباط جامعة مؤتة الجناح العسكري يوم اول من امس الأحد, عكس في جملة ما عكسه طبيعة القراءة الملكية الدقيقة والواقعية والعميقة للمشهد الوطني الذي أفاض فيه جلالته شارحاً كل ما يهم الاردنيين ومضيئاً على التحديات التي تواجهنا حيث يمكننا ان نواجه التحديات الداخلية ونجد الحلول الملائمة لها عبر الحوار والعمل الدؤوب والجاد في الوقت ذاته الذي أعاد جلالته تذكير بعض الاردنيين بما كانوا قد نسوه او حاولوا تناسيه او القفز عليه وهي ان ثقافتنا وبنيتنا العشائرية الاصيلة لا تقبل العنف وان جلالته شخصياً يعتز بالعشائر الاردنية لأنهم أهله وعشيرته الكبيرة وفي ذلك اشارة ملكية لا تخلو من دلالة على كل اردني ان يستوعبها ويفهم مقاصدها وأبعادها.
ولئن حيّت الاوساط السياسية والشعبية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني, بكل حرارة وتأييد تأكيد جلالته الحاسم والقاطع بأنه لا يوجد احد اقوى من الدولة, فإن تلك الاوساط لفتت الى مسألة مهمة حسم جلالته الامر في شكل لا يقبل التأويل او الاجتهاد بأنه ليس من حق اي جهة ان تظن انها فوق القانون, وأن ليس بمقدور أحد تعطيل مسيرة الاصلاح او التأثير عليها بعد ان اخذت زخماً وحققت انجازات ووضعت اهدافاً نبيلة نحن على قرب شديد من تحقيقها بالكامل وبخاصة أن تاريخنا يشهد بأننا نستطيع انجاز الكثير بالقليل واننا استطعنا تكريس دولة حضارية قائمة على العدالة وسيادة القانون واحترام حرية الانسان.. ونستطيع في الوقت ذاته ان ننتصر على كل التحديات بالهمة العالية والمشاركة في صنع القرار الوطني وأن يكون الحوار وسيلتنا الوحيدة للتوصل الى الحلول الملائمة وعدم السماح او القبول تحت اي ظرف ان يكون مستقبل شبابنا رهينة لظاهرة العنف وانما في التصدي لتلك الفئة القليلة التي حاولت الصيد في الماء العكر واشاعة الفوضى لكن الاردنيين بوعيهم وحرصهم على وطنهم ومصالحه العليا احبطوا تلك المحاولات واوصلوها الى الفشل والاخفاق.
من هنا جاءت اشارة جلالته المهمة على ان دور الملكية سيتطور بالتوازي مع انجاز المحطات الاصلاحية ليضع حداً لكل محاولات البعض التشويش او اعاقة مسيرة الاصلاح لأن الهدف من الاصلاح هو تغيير حياة المواطن الى الافضل فضلاً عن ارادة التغيير الايجابي التي طمأن جلالته الاردنيين على وجودها ولكن المهم هو ان نواصل هذه العملية ونبني عليها تماماً كما هي على نفس درجة الوضوح لدينا وهي خارطة الاصلاح السياسي وفي مقدمتها انجاز المحطات الديمقراطية والاصلاحية الضرورية للوصول الى حالة متقدمة من الحكومات البرلمانية على مدى الدورات البرلمانية القادمة والقائمة على اغلبية نيابية وحزبية وبرامجية.
خطاب جلالة الملك الشامل والجامع استقطب اهتماماً سياسيا واعلامياً ودبلوماسياً لافتاً تجلى ليس فقط في نقل الفضائيات له في بث مباشر بل وايضاً في المتابعة والتحليلات والكتابات التي اعقبت الخطاب والتي توقفت طويلاً امام المعاني والدلالات التي انطوت عليها اشارة جلالته في الشأنين السوري والفلسطيني ان لجهة حسم الحديث عن الكونفدرالية في تأكيد جلالته انه في غير مكانه ولا زمانه وايضاً في وصف شائعة الوطن البديل او التوطين او الخيار الاردني بأنه مجرد اوهام لن نقبل بها فضلاً عن تأكيد جلالته القوي والحازم بأن الاردن سيتخذ الاجراءات التي تحمي الوطن ومصالح شعبه في الان ذاته أعاد جلالته التأكيد على ان الاردن يعمل بكل امكاناته من اجل ايجاد حل سياسي يحافظ على وحدة سوريا اضافة الى المسؤولية الاخلاقية تجاه اشقائنا السوريين مع التأكيد الملكي على ان الاردن تعامل منذ اللحظة الاولى لاندلاع الازمة السورية وفق مبادئه ومسؤولياته الوطنية والانسانية والحرص على حماية مصالح الاردن وشعبه العزيز كهدف اول واخير أما إذا لم يتحرك العالم ويساعدنا في هذا الموضوع كما يجب او اذا اصبح يشكل خطراً على بلدنا فنحن قادرون في اي لحظة على اتخاذ الاجراءات التي تحمي بلدنا ومصالح شعبنا ونحن على ثقة ان الرسالة الملكية للعالم اجمع قد وصلت وتم استيعابها وفهم مضامينها.