كتب: عصام قضماني - السؤال الصعب بالنسبة لـ » عامر المجالي « الذي تسلم رئاسة مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات الأردنية , هو « كيف نعمل لإعادة الشركة الى مكانتها وصورتها المحلية والخارجية في ظل ضغوط وهزات لم تتوقف أفقدتها بعض و هددت مركزها كمفصل مهم من مفاصل الاقتصاد الوطني « .
بهذا السؤال بدأنا مع المجالي في «الرأي» حوارا أجاب فيه على تساؤلات بعضها محير لكن أكثرها سعى الى محاولة قراءة مستقبل الشركة الأردنية , والأردنية هنا ليس وصفا منقطعا أو اسما بلا دلالة فهي أردنية في خيرها للإقتصاد ولنحو 7 آلاف أسرة أردنية , وللخزينة وللمجتمع في عائداتها وهو ملا ما تعكسها عوائد الأرباح تبعا لحصص الملكية فحسب بل في إمتداداتها ومساسها المباشر وغير المباشر بالمواطنين بعدوا أم إقتربوا منها.
يفتح المجالي وعلاقته بالفوسفات المعدن والشركة لم تبدأ فور اختياره من صندوق إستثمار بروناي رئيسا لها ولم تنقطع منذ كان والده الراحل عبدالوهاب المجالي منغمسا في تأسيس الشركة , أوراقه ل» الرأي « حول شركة كانت ولا تزال على مائدة إهتمام الرأي العام لما أصابها من ظلم أحيانا ولما مسها من سهام جانبت الحقيقة في أحيان كثيرة وقد افتتح حوارنا معه بقوله « على مدى السنوات الماضية التي أعقبت خصخصة الشركة وتوسيع قاعدة مساهميها، حققت نجاحات مهمة ولكنها تعرضت في الوقت ذاته إلى ضغوط وهزات متواصلة أصابتها في مكانتها وصورتها المحلية والخارجية وأفقدتها بعض أسواقها التقليدية وخلّفت حالة من عدم اليقين هددت مركزها ومستقبلها كواحدة من مفاصل العمود الفقري للاقتصاد الوطني.
ويشرح بشفافية أسباب تراجع الأرباح الى حدود مفاجئة, قال : السبب هو انقطاع الشركة عن أهم الأسواق التصديرية، الهند، وهو ما أدى بالمستوردين هناك إلى البحث عن مصادر اخرى للفوسفات، الامر الذي استغرق وقتا من الشركة لاستعادة حصتها في السوق الهندية الاستراتيجية الذي يستحوذ على 65 بالمئة من صادرات الشركة , وتابع .. المنافسة شديدة بلا أدنى شك وهو ما يؤثر على الأسعار التي تتراجع أصلا , لافتا في ذات الوقت الى أن الفوسفات شركة تجارية يجب أن تمتلك مرونة كافية سواء على صعيد إبرام العقود وهي فرص ينبغي إقتناصها أو على صعيد الأسعار التي تحددها الية السوق والمنافسة وهي ليست تسعيرة محددة وملزمة .
وقال ان شركة الفوسفات كانت ولا تزال واعدة تحمل آفاقا رحبة وتقف فوق إمكانات هائلة من العطاء والإنجاز , كل ما ينبغي عمله اليوم هو دعمها بتركها مع مساحة كافية لإلتقاط الأنفاس , والحكم في النهاية على النتائج «
وقال تلقينا إشارات مشجعة لنمضي قدما في خططنا التوسعية و نبرمج رؤية طموحة لرفع الطاقة الإنتاجية ، مع تشغيل ميناء تصدير الفوسفات الجديد الذي تصل طاقته التصديرية إلى ستة ملايين طن في العام، والتوسع في مصانع الشركة بإقامة مصنعين جديدين أحدهما في الشيدية والآخر في اندونيسيا.
وبعتب .. لم يغفل المجالي عن الإشارة الى قرار فرض ضريبة تعدين جديدة وقال « بالرغم من جاهزيتنا للتفاعل الجدي والشفاف مع القرار وتفهم دوافعه لكنه سيشكل عبئاً ثقيلاً على القدرة التسويقية في مواجهة مصدّرين عالميين يمتلكون ميزات تنافسية معروفة ليس أقلها الأسعار. وبالتالي فإن هدف تعظيم موارد الحكومة على أهميته يمكن أن لا يتحقق نتيجة الانعكاسات السلبية المنظورة على إجمالي مبيعات وأرباح الشركة في السنوات القادمة خصوصا وأنه أيضا سيعيق خطط إدخال شركاء جدد في عمليات التوسع بالإنتاج، كما يمكن إن يعيق التحديث والهيكلة والتسويق التي باشرتها الإدارة الحالية وتضمنت اتصالات تنسيقية مع كبار المنتجين الآخرين للفوسفات والدول المستوردة.
وقال ان الشركة بدأت مسارا ايجابيا في الانتاج والتسويق ضمن خطة تستهدف تعويض تراجع المبيعات والإنتاج حتى نهاية العام واستعادة اوضاعها التسويقية في دول الاستيراد.
وأضاف ، أن الشركة بدأت باستعادة عافيتها في مجالي الانتاج والتسويق، بعد تبني سياسة تسويقية جديدة، أثمرت عن تصدير حوالي 500 الف طن فوسفات في شهر ايار الماضي، لافتا إلى أن مبيعات الاسمدة تأثرت بانخفاض الاسعار في السوق العالمية.
وأضاف إن الخطة التسويقية الجديدة التي تستهدف رفع المبيعات الى 5ر6 مليون طن مع نهاية العام الحالي، جاءت لتعويض التراجع الذي حصل في الربع الاول من العام الحالي والذي نتج عن تكرار الاعتصامات في الشركة وأعمال الصيانة التي تمت للمجمع الصناعي وأثرت على الانتاج والمبيعات على السواء «لكننا بإذن الله سنتجاوز الصعاب».
وكشف المهندس المجالي أن انقطاع الشركة عن أهم الأسواق التصديرية، الهند، أدى بالمستوردين هناك إلى البحث عن مصادر اخرى للفوسفات، الامر الذي استغرق وقتا من الشركة لاستعادة حصتها في السوق الهندية الاستراتيجية الذي يستحوذ على 65 بالمئة من صادرات الشركة.
وبين أن الشركة أوقفت التعاقد مع الوسطاء وتجار التجزئة في السوق الهندية كونه أدى الى حرب اسعار اسفرت عن تخفيض سعر البيع، وبدأت بالتعاقد مع كبار المستوردين وهو ما ادى الى بدء استعادة الشركة لأوضاعها, منوها في هذا الصدد إلى أن الشركة ستوقع في اليومين المقبلين اتفاقية لتوريد الفوسفات الى الهند تتضمن تثبيت اسعار الفوسفات حتى نهاية العام.
وقال إن الشركة بدأت في تنفيذ استراتيجية،تحظى بدعم من أعضاء مجلس الادارة، تستعيد فيها الاسواق وتضمن ديمومة تسويق منتجاتها في أكبر الاسواق الاستهلاكية في العالم، وذلك من خلال إقامة شراكات في الاردن مع كبار المستهلكين، حيث سيتم قريبا افتتاح مصنع حامض الفوسفوريك الذي اقامته الشركة في الاردن مع تعاونية ايفكو الهندية بطاقة انتاجية نصف مليون طن ويستهلك نحو 8ر1 مليون طن من مادة الفوسفات الخام في العام.
وأضاف ان الشركة في إطار الاستراتيجية الجديدة، وقعت مجموعة من مذكرات التفاهم مع شركات عالمية لإقامة مشروعات مشتركة أخرى في الاردن تهدف الى تحويل خام الفوسفات إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية ليرتفع انتاج الشركة من حامض الفوسفوريك إلى حوالي مليوني طن في السنوات الخمسة المقبلة، يقوم الشريك الخارجي بشرائها بالكامل.
ولفت المهندس المجالي في المقابلة إلى ان مصنعا لإنتاج حامض الفوسفوريك يقام حاليا في اندونيسيا بطاقة انتاجية 200 الف طن سنويا اقترب من نهاية الاعمال الانشائية وسيبدأ الانتاج مطلع عام 2015، «وندرس حاليا إقامة مصنعين آخرين بطاقة الانتاج ذاتها، على أن يقام مصنعان منها في اندونيسيا والآخر في المملكة.
وقال إن الشركة واكبت الخطط التسويقية للعام الحالي برفع كفاءة الانتاج سواء من قبل الشركة او من قبل الشركات الاردنية التي تستثمر في التعدين بمواقع الشركة، وزيادة الانتاج ليصل الى نحو 6ر8 مليون طن مع نهاية العام الحالي 2013.
وكشف عن توجه لدى الشركة بالتعاون مع خبراء من جامعة كنتاكي الاميركية وجامعة الحسين بن طلال في معان في مجال بحوث التعدين الصناعية لتطبيق تقنيات جديدة عالية الجودة تعمل على فصل خامات السيليكا من الفوسفات ما سيؤدي الى رفع درجة نقاوة الفوسفات وبيعه بأسعار اعلى كون درجة التصنيف سترتفع الى افضل المستويات.
وأضاف أن سياسة الشركة تركز على تعظيم الفائدة من المواد الخام وتنصب على رفع الانتاج إلى 15 مليون طن حتى نهاية عام 2015، لاسيما وإن هناك مشروعين مشتركين لإنتاج حامض الفوسفوريك وبانتظار توقيع مذكرات تفاهم لإقامة مصنعين جديدين مع دولتين فاعلتين في الاقليم سيتم الاعلان عنهما لاحقا.
وقال إن الشركة وفي سبيل التغلب على المشكلات الفنية التي قد تواجهها، عملت على توثيق علاقاتها مع أكبر المنتجين والمصدرين للفوسفات في العالم: المجمع الشريف للفوسفات في المملكة المغربية، لزيادة التعاون الفني والتقني وتبادل الخبرات وتعزيز عملية التدريب للفنيين في البلدين الشقيقين، «وهو ما أكدت عليه الرسالة الملكية من جلالة الملك عبدالله الثاني الى اخيه جلالة الملك محمد السادس التي تشرفت بحملها».
ولفت إلى أن الشركة مقبلة على الدخول في شركات مع كبار المستهلكين للفوسفات في العالم لإنشاء مصانع جديدة، محلية وخارجية، بعد النجاح الذي حققته شراكات مماثلة مع الهند واندونيسيا واليابان.
وقال «نستهدف من إقامة الشراكات الجديدة توسيع القاعدة الانتاجية للشركة، وزيادة القيمة المضافة للمنتجات، وضمان تسويق منتجات المصانع الجديدة بالكامل في الدول الشريكة كونها تقوم اساسا لتلبية احتياجات اسواقها من الأسمدة.
وحول الاوضاع الحالية للإنتاج والمتوقعة لنهاية العام، قال المهندس المجالي نتوقع ان يصل انتاج الشركة من مادة الفوسفات الخام الى حوالي 2ر3 مليون طن لنهاية النصف الاول من العام وان يترفع بسبب تحسين خطط الانتاج الى 6ر8 مليون طن مع نهاية العام.
وتوقع ان ترتفع المبيعات من الفوسفات في النصف الاول من العام الحالي الى 8ر2 مليون طن وان تصل الى 5ر6 مليون طن في نهاية العام.
كما توقع المجالي أن يرتفع انتاج السماد الى 580 الف طن في مجمع العقبة الصناعي وان يصل الى 180 الف طن في الشركة اليابانية الاردنية، وان يرتفع انتاج مصنع الشركة الاردنية الهندية التابع للشركة الى حوالي 190 الف طن في نهاية العام وهذه الكميات تم التعاقد لبيعها بالكامل.
وقال المهندس المجالي ، إنه بالرغم من الظروف المتقلبة حاليا في الاسواق، فإن الشركة تنشط في تعزيز مواقعها في اسواقها التقليدية في الهند وشرق آسيا وبعض دول أوروبا الشرقية، وتسعى للدخول في أسواق جديدة في دول الاتحاد السوفيتي سابقا وفي تركيا وتايوان واستراليا وبعض الدول الاخرى ذات الاستهلاك المرتفع من دول العالم.
ولفت إلى ان التوسع في عمليات التصدير تتطلب بنية تحتية داعمة، لذلك قامت الشركة في بناء ميناء حديث لتصدير الفوسفات يستطيع استقبال بواخر تصل حمولتها الى 100 الف طن، وأقامت منشآت لتفريغ الفوسفات المنقول من المناجم وتخزينه في مستودعات بسعة 240 الف طن، ما يرفع قدرة الشركة على تلبيه الطلبات الخارجية بكفاءة على مدار العام.
وأكد المهندس المجالي في المقابلة على أن الشركة تعمل حاليا على توسعة وتحديث الميناء الصناعي بالمشاركة مع شركة البوتاس العربية لخدمة الصناعة التحويلية للفوسفات والبوتاس بالإضافة الى الشركات الحليفة والمشتركة.
وقال إن الشركة تعمل أيضا على تطوير قاعدة صناعية في منطقة الشيدية بهدف توفير المياه والخدمات للمشروعات المشتركة وللمناجم، وكذلك توسعة وتطوير منجم الشيدية بهدف زيادة انتاجه لتلبية احتياجات المشروعات الجديدة من المواد الخام وذلك الى جانب استثمارات استراتيجية أخرى تصل تلفتها الى حوالي 4ر1 مليار دينار.
واشار ردا على سؤال حول التحديات التي تواجه الشركة، الى ان محاولات رفع رسوم التعدين والتلويح بزيادة نسبة ضريبة الدخل على اعمال التعدين، تعد ابرز التحديات، كون زيادة التكلفة تؤثر سلبا على تنافسية الشركة في السوق العالمية، وتزيد من فرص المنافسين الحاليين والصاعدين في اسواق الاستهلاك الرئيسة، لاسيما وان المنافسين يستطيعون الانتاج بتكلفة اقل بسبب توفر الطاقة لديهم بأسعار رخيصة ومن موارد محلية.
وأكد ان زيادة التكلفة تحد من قدرة الشركة على التوسع في انتاج المواد الخام وذلك المواد المصنعة التي تنتجها من خلال الشركات الحليفة، لاسيما وان خطة الشركة الاستراتيجية الارتفاع في الانتاج من المواد الخام وزيادة القيمة المضافة منها «لنتجاوز معادلة المبيعات الحالية 60 بالمئة مواد خام و40 بالمئة مواد مصنعة جاهزة للاستخدام».
وفيما يتصل بهيكلة الشركة، قال المهندس المجالي إن الشركة بدأت في هيكلة عمل الشركة ضمن عمل مؤسسي مدروس بالتعاون مع ابرز دور الخبرة في هذا المجال، بحيث يتضمن برنامج حوافز يهدف الى زيادة الانتاجية والنهوض في العاملين بالشركة.
وأكد في هذا الجانب ان الشركة بدأت باستثمار الكوادر الفنية المؤهلة والمدربة وصاحبة الخبرة، لرفع كفاءة المركز التدريبي في منطقة الرصيفة ليكون مركزا اقليميا بشهادات اعتماد دولية، وليكون مركزا للدعم الفني للشركة ومساعدتها في التغلب على اية مشكلات تواجه عمليات الانتاج في مواقع التشغيل.
وأكد ان الشركة مستمرة في برامج المسؤولية الاجتماعية التي تنفذها في مختلف مناطق المملكة وخصوصا في مواقع الانتاج، وان هناك مشروعا ستبدأ الشركة في تنفيذه باستغلال تلال الفوسفات في منطقة الرصيفة ببيع ما يمكن بيعه من الفوسفات وإعادة تأهيل المنطقة بيئيا بزراعتها بالأشجار.
وقال إن الشركة توظف حاليا حوالي 7 الاف عامل بوظائف مباشرة في شركة مناجم الفوسفات والشركات الاخرى الحليفة يعيلون حوالي 40 الف مواطن اردني، وذلك الى جانب مئات الوظائف غير المباشرة في النشاطات التي لها تماس مباشر مع شركة الفوسفات سواء في اعمال التعدين ام النقل البري والسككي.
يذكر ان شركة مناجم الفوسفات الاردنية تتركز مليكتها بين الاردنيين بنسبة 48 بالمئة (اغلبيتها 1ر42%) للحكومة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
وبلغ مجموع المبالغ التي وردتها الشركة لخزينة الحكومة من رسوم تعدين ورسوم وضرائب ورسوم جمركية وارباح اسهم ورسوم موانئ، بلغت 204 ملايين دينار في عامي 2011 و2012.
رد مع اقتباس
المفضلات