عمان - بترا - فيروز مبيضين - يحتفل الأردنيون غدا الاحد بالعيد الرابع عشر لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على عرش المملكة الأردنية الهاشمية، مؤكدين على الدوام حرصهم على مواصلة مسيرة العطاء والذود عن الوطن والحفاظ على مكتسباته وانجازاته , ويطمحون وبعون الله وبحكمتهم وانتمائهم للاردن الغالي وولائهم للمليك المفدى الى المزيد من الخير والحياة الافضل .
كما يؤكد ابناء هذا الوطن الذي احبوه قولا وفعلا في هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوبنا جميعا العزم على مواصلة العمل نحو تحقيق الاهداف الوطنية الرامية الى الحفاظ على هيبة مؤسسات الدولة وتعزيز سيادة القانون وصون حقوق الانسان وتأكيد العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات ضمن قواعد ومبادىء دستورية مرنة وقابلة للتحديث والاصلاح في بيئة تشاركية وحضارية تصون وتحفظ الوطن وابنائه وامنه واستقراره .
تميز فكر جلالة الملك عبدالله الثاني ومنذ ان اعتلى العرش في التاسع من حزيران عام 1999 بالايمان بقدرات شعبنا العظيم وتميز حضوره بالعلم والمعرفة والاخلاق الكريمة المنبثقة عن ديننا الحنيف وعروبتنا ومبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا الكريمة السمحة .
الاصلاح الشامل وتعزيز قدرات الدولة العصرية وسياسة خارجية تتصف بالاتزان والاستثمار بالمورد الانساني والسير قدما نحو الاعتماد على الذات وتعزيز سبل التكافل والتضامن المجتمعي والتركيز على التميز والابداع والتطوير والبحث عن وسائل وادوات جديدة في سد النقص في الموارد الطبيعية وكذلك الاهتمام بتاهيل ابناء الوطن وتدريبهم في مجالات عدة , كانت جميعها اساسيات في جدول اعمال الوطن عبر السنوات الاربع عشرة الماضية .
سار الاردن وبقيادة وحكمة جلالته قويا منيعا في ظل ظروف اقليمية ودولية دقيقة وشائكة ، فبقي الوطن فاعلا ومؤثرا ومحافظا على وحدته وثباته في وجه كل التحديات ، ليكون انموذجا في الاستقرار والامن والتسامح والايثار في منطقة غير مستقرة .
وشهدت عمان عاصمة الاردنيين والهاشميين وشقيقاتها محافظات المملكة كافة في عهد جلالته نهضة عمرانية وعلمية وتكنولوجية وثقافية وسياحية رائدة , وتتحدث عشرات المشروعات الناجحة خلال عقد من الزمان عن مناطق شملها التطوير والتحديث ليغدو الاردن بلدا اكثر حضارة ومدنية باهيا مزدانا باهله وانجازاتهم .
في عيد الجلوس الرابع عشر لجلالة الملك عبدالله الثاني نستذكر بعض محطات الانجاز والاصلاح التي شهدها الاردن في عهده ومن اهمها الاصلاح السياسي , فقد تواصلت المسيرة الديمقراطية وكانت الانتخابات النيابية عنوانا لها , اذ جرت اربع انتخابات نيابية , كان آخرها مطلع العام الجاري والتي كانت بشهادة المراقبين الدوليين محط تقدير بشفافيتها ونزاهتها ، والاهم من ذلك حرص الاردنيين على المشاركة الفاعلة بممارسة حقهم الدستوري بالتصويت الحر والنزيه وباشراف هيئة مستقلة للانتخاب استحدثت ضمن تعديلات دستورية شملت اكثر من ثلث المواد.
واستحدثت المحكمة الدستورية لتكون محطة مهمة في مسيرة الأردن الإصلاحية، من خلال ادائها لدورها في صون الدستور وتحصين منظومة القيم القائمة على العدالة والنزاهة والحيادية وترسيخ مبدأ احترام سيادة القانون ، الذي يعزز دولة المؤسسات ويصون حقوق وحريات المواطنين.
وتختص المحكمة، التي أنشئت بموجب التعديلات الدستورية بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور، وهي هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها وتتمتع بشخصية اعتبارية وباستقلال مالي وإداري.
واقر في عهد جلالته قانون للاحزاب وقانون للانتخاب , وتجري في شهر آب المقبل الانتخابات البلدية التي تشكل محطة مهمة لتؤدي البلديات دورها المنوط بها في خدمة المواطنين، والقيام بدورها التنموي في جميع مناطق المملكة .
وطرح جلالته اوراقا نقاشية اربع هي " مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة , وتطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين ,وأدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة , ونحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة " هدفت الى تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديموقراطي التي يمر بها الأردن ، بهدف بناء التوافق، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البناء حول عملية الإصلاح ومثلت خارطة طريق للنهج السياسي خلال الاعوام المقبلة .
وجاءت الورقة النقاشية الرابعة لجلالته استكمالا للاوراق النقاشية الثلاث لتعبر عن مرحلة جديدة نحو تطبيق برنامج التمكين الديمقراطي وتحدد ادواته مركزة على ان الحوارات والنقاشات يجب ان تبنى على معلومات موضوعية لا على الإشاعات وان مبدأ الالتزام والمشاركة هو جوهر المواطنة الفاعلة لتحقيق التحول الديمقراطي.
وفي هذه الورقة اكد جلالته على ان تقدمنا على طريق إنجاز نموذجنا الديمقراطي سيتحدد بقدرتنا على عبور محطات محددة، تؤشر الى تقدم ونضوج سياسي حقيقي وملموس، وليس مواعيد نهائية مسبقة أو عشوائية . وعلى امتداد طريق التنمية السياسية والتحول الديمقراطي الذي نسلكه، بما يتخلله من نجاحات وإخفاقات، سيكون التزامنا المشترك بالممارسات الديمقراطية الراسخة هو ضمانة النجاح في مواجهة مختلف المعيقات. ويهدف برنامج التمكين الديمقراطي الذى رعى حفل انطلاقه جلالة الملك مطلع حزيران الجاري إلى تعزيز وتنمية مبادئ الديمقراطية والقيم التنموية التي أساسها سيادة القانون، ونبذ العنف وقبول الآخر، والحوار والمساءلة، إضافة إلى تحفيز مؤسسات المجتمع المدني للقيام بدورها كداعم أساسي للمواطن وقضاياه.
ويسعى البرنامج، الذي ينضوي تحت مظلة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، إلى إشراك جميع فئات المجتمع، خصوصا الشباب، في بناء ثقافة ديمقراطية واعية، وتعزيز سبل ممارستها عبر المؤسسات الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني الداعمة، استنادا إلى أسس الثقة والقدرة على التغيير والمساهمة في دفع عجلة التنمية.
ويحرص جلالته على ارساء وتفعيل مبادىء النزاهة والشفافية, وفي رسالة الى رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور كلفه فيها برئاسة لجنة ملكية لتعزيز منظومة النزاهة قال جلالته : إن إرساء المبادئ العليا التي قام الوطن من أجل إعلائها كالعدالة، والمساواة، وسيادة القانون، إضافة إلى مكافحة الفساد، والشفافية، والمساءلة، والتي هي ركائز جوهرية للحوكمة الرشيدة في الأردن، هي القاعدة الأساسية والمنطلق الثابت لمسيرتنا الإصلاحية التي لن تصل إلى مداها المنشود إلا عبر بناء شراكة حقيقية ومتوازنة وفاعلة بين جميع مؤسسات منظومة النزاهة لتأطير التعاون البنّاء المرتكز على رؤية واضحة وأسس موضوعية.
وفي هذا الاطار وتحقيقا لمبدأ العدالة وجه جلالة الملك عبدالله الثاني رسالة الى رئيس الوزراء كلفه فيها بإعداد دراسة شاملة لقانون التقاعد المدني تتوخى أعلى درجات العدالة وتؤدي إلى تقديم مشروع قانون جديد ينظم جميع المسائل المتعلقة بتقاعد أعضاء السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويعالج التشوهات والإرباكات التي نتجت عن التعديلات المتكررة التي أُدخلت على القانون على مدار العقود السابقة.