كتبت: رهام فاخوري- يعج الشارع الرئيسي داخل مخيم الزعتري الممتد بين البوابة الغربية له والمخرج للشارع العام بطول (1 كيلو متر) بالدكاكين والمحال التجارية (خيم واخرى من صفيح)، وكذلك باللاجئين من باعة ومشترين، ليعيد المشهد بالذاكرة الحياة وسط سوق الحميدية الشهير وسط دمشق.
وخلال تجوالك في هذا الشارع الذي اصبح يعرف بشارع «الشانزيليزيه» والذي اطلق عليه هذا الاسم لقربه من المستشفى الفرنسي، منظم بطريقة جيدة مقارنة بواقع المحيط بحيث يمكنك التبضع لكل الاحتياجات بدءا من البقالة اليومية والملابس المختلفة وصولا الى الهواتف النقالة واللاقط «الدشات» وغيرها.
يقول أحد المتجولين في السوق أنه في بداية انشاء السوق كان متواضعا بعدد بسيط من الخيام، ولكن الان الوضع اختلف واصبح لدينا دكاكين من صفيح والبعض بدء ببناء مشروعه من الاسمنت والطوب، وصرت تشاهد كل شيء يباع من بضائع قادمة من سوريا الى البضائع القادمة من المفرق.
دخلت الفكرة الى المخيم بعد ان بدأ احد اللاجئين السوريين ببيع السجائر في المخيم على ناصية الشارع مقابل المستشفى الفرنسي، ومن هنا جاء المسمى للشارع.
وقبل نحو ستة أشهر من بدء المخيم في استقبال اللاجئين السوريين، بدأ ابو ماجد ببيع السجائر للاجئين السوريين، لتتسع الفكرة وتصبح سوقا مزدهرا وعليه طلب جيد من المستهلكين ليصل عدد الدكاكين فيه الى (600) دكان.
يقول ممثل مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين اندرو هاربر، في تصريح الى (الرأي) ان فكرة السوق توسعت بشكل سريع نسبيا اذ بدأت باحد الباعة الجوالين لتتوسع ويصبح سوقا تباع فيه مختلف المنتجات إضافة الى مقاه يرتادها اللاجئون لمشاهدة التلفاز وقضاء اوقات للتسلية.
وقال مالك مقهى في سوق الشانزليزيه أنه استثمر ما كان يملكه بعد أن باع التاكسي الذي كان يملكه في دمشق في هذا المشروع، واعتبر استثماره ناجحا إذ اصبح العديد من سكان المخيم يقضون اوقاتهم المسائية فيه يشاهدون الاخبار عبر شاشة كبيرة ويتسامرون ويدخنون الأرجيلة.
وأوضح أنه دفع حوالي (2500) دينار لشراء الصفيح والتجهيزات لعمل المقهى، وبالتنسيق مع احد تجار المحافظة الذي يزوده بالمواد اللازمة بدأ المشروع واصبح الزبائن غالبيتهم من الرجال يقضون امسياتهم فيها يناقشون الاوضاع ويتبادلون تجاربهم التي مروا بها الى حين وصلوا الى هنا.
وقالت ام محمد احدى اللاجئات التي تبيع الخضار في خيمة في السوق، انها قدمت مع عائلتها من درعا نيتجة العنف في بلادها، ووجدت هذه الوظيفة في المخيم لتساعد عائلتها.
وبينت ان الخضار والفواكه التي يجلبها صاحب الخيمة تأتي من احد التجار في المفرق يوميا لتباع بالسوق وعليها إقبال جيد.
ووصف هاربر فكرة السوق بالحركة الاقتصادية الجيدة التي بدأت تزدهر بشكل ملحوظ بحيث أصبح اللاجئون يأخذون «بدل خلو» لدكاكينهم بمبالغ تتراوح بين (200-250) دينار حسب الموقع.
وقال إن بداية السوق كانت من الخيام والان تطورت بحيث اصبح البعض يستخدم مادة الاسمنت والطوب لجعلها اكثر ثباتا، وتبلغ تكلفة البناء للدكان تقريبا (2500) دينار، وهذا الوضع ليس بالغريب اذ يقطن المخيم اكثر من (100) الف شخص.
واوضح ان الحركة التجارية داخل السوق قوية ونشطة فهناك رأس مال جيد داخل المخيم، وتنسيق مع التجار من المفرق لتزويد السوق بالمنتجات المختلفة والتي تلقى رواجا داخل المخيم.
وقال ان اللاجئين أصبحوا يقايضون بالمساعدات التي يتلقونها من المفوضية بسلع اخرى يحتاجونها، او حتى البعض اصبح يبيع الحرامات التي نقدمها لهم باسعار زهيدة.
ووصف فكرة السوق بالجيدة كونها تجعل اللاجئين ينشغلون بالتجارة التي عرف عنهم باتقانها عوضا عن الجلوس في الجلوس بالمخيم واثارة الشغب والتفكير السلبي، لذا فالمفوضية تدعم هذه الافكار البناءة والتي من شأنها تسهيل الحياة داخل المخيم.
وقال هاربر ان المخيم الذي اقامته الامم المتحدة على عجل في تموز الماضي انقذ حياة الاف من السوريين وقدم لهم المساعدات للابقاء على حياتهم، مشيرا الى ان عدد الذين مروا بالمخيم تجاوز (200) الف سوري البعض منهم لا زال يقيم فيه والبعض الاخر غادره.
وقال الناطق الاعلامي لشؤون اللاجئين السوريين في الاردن انمار الحمود ان عدد السوريين داخل المملكة تجاوز (484) الف سوري، ومعدل العودة الطوعية اليومية (350)، عدا دفعتين الاسبوع الماضي والذي بلغ عددهم (5) الاف لاجئ.
واوضح ان تسيير رحلات عودة يوميا جاء بناءا على رغبة السوريين رغم صعوبة الموضوع على الاجهزة المعنية، ولكن لا تزال اعداد القادمين من سوريا اضعاف الراغبين بالعودة.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمير محمود ابوزيد
المفضلات