كتب: نادر خطاطبة - بين السادس من ايار عام 2012 والثالث من اذار 2013، قيم نبيلة تكرست، اتسقت مع اهداف مبادرة "مدرستي" التي اعلنت اطلاقها في محافظة اربد جلالة الملكة رانيا العبدالله، من مدرج الفاروق في جامعة العلوم والتكنولوجيا ضمن المرحلة الخامسة للمبادرة، بعد شمولها 400 مدرسة في مناطق متعددة من المملكة.
خمس ساعات امضيناها في مدرسة مخربا المختطلة بلواء الطيبة – غرب اربد – والمشمولة بالمبادرة، وهناك تجمع طلبة وهيئات تدريسية من مدارس اخرى مشمولة ايضا على صعيد المحافظة لنخوض في حواريات حول كيف كانت البيئة التعليمية وكيف اضحت؟ هل لامست المبادرة في السياق التطويري باعتبارها انطلقت منذ العام 2008 نوعية التعليم هل تولدت في ذات السياق ايضا افكار خلاقة، ارتقت بالجانب الذهني للطلبة وملامستهم من خلال انشطة لامنهجية، وان كان ظاهرها ترفيهيا او منميا لمواهب وقدرات ومهارات، لكنه في ذات الوقت في لب تنمية العملية التعليمية والارتقاء بها؟ كل تلك الاشياء واكثر كانت مدار حوارات مع طالبات ومعلماتهن وطلاب ومعلميهم؟.
المدرسة المقامة في فضاء وادع تحيطة السهول، الدخول ساحتها يعود بذاكرة المرء كيف كانت المدارس الحكومية وكيف اصبح بعضها لا نقول كلها، اذ ان المبادرة لاعتبارات متصلة بكون جهدها مساند لجهد جهات رسمية وتداخل الصلاحيات من حيث العطاءات ووجود جهات كثيرة داخلة على خط التعليم، علاوة على الامكانات المالية، عوامل تجتمع لتحد من امكانية شمول جميع المدار س ببرامجها، لكن الوهلة الاولى لرؤية الساحة بجماليتها يشي ان في الداخل شيء يقدر ومقدر، بذل على انجازه الكثير سواء ماديا او معنويا او مهاريا ويستحق الثناء.
داخل المدرسة التي هي نموذج لعشرات المدارس على صعيد المحافظة والمئات على صعيد المملكة، يشعر المرء انه امام مدرسة تخوض غمار تنافسية مع تعليم القطاع الخاص في اثبات امكانياتها، سواء على صعيد البنى التحتية، او الجمالية والخدمية، وكذلك التعليمية التي لا تستند لادوات التعليم التقليدي فحسب، وانما الابتكاري من حيث الوسائل الجاذبة للحصة الصفية، الهادفة لنوعية تعليمية متميزة.
ممرات النظافة فيها عنوان، وجدران يكسوها الطلاء الجاذب وغرف صفية نموذجية بكل ما للمفردة من معنى، وكل الاركان مستغلة، ومساحات وفضاءات استغلت من قبل "هندسة متطوعة" بالمبادرة لايجاد مساحات تلبي كل شيء وتستغل كل شبر من مساحة المدرسة.
تقول مديرة المبادرة دانا الدجاني ان النشاط على صعيد محافظة اربد بالمرحلة الخامسة من المبادرة شمل قرابة مائة مدرسة يدرس فيها حوالي 40 الف طالب وطالبة.
وتضيف الدجاني ان اعمال الصيانة لمدارس ذات حاجة وقع الاختيار عليها بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، لغايات تنسيقية كون بعض المدارس الاخرى مدرجة على موازنات للوزارة او ضمن مشاريع اخرى، الامر الذي عزز امكانية التوجه لتحسين البيئة التعليمية وصولا لتحقيق هدف ان تكون "بيئة امنة".
ولان البيئة التعليمية هي عنصر الجذب الاساس لمدى اقبال الطالب او الطالبة على مدرسته، فقد كان هذا العامل وتحققه على ارض الواقع حافزا لاحد طلبة مدرسة قم الاساسية بلواء الوسطية (على العزام)، ففيما كان تقاعسه عن الصحو المبكر وتذرعه بالحجج لوالدته حتى لا يذهب لمدرسته، الا انه الان اصبح صاحب مبادرات، تنطوي على قيم انتماء للمدرسة ومحيطها ومجتمعه بشكل عام.
وعلي الذي دخل قاعة كانت تضم الفريق الاعلامي والجهات المشاركة بالمبادرة والمستفيدين منها تأبط لوحة كرتونية تحمل رسومات، علقها وبدأ الشرح عنها، مطلقا عليها مبادرة "ليش ما نرمي بالسلة" وفي تفصيله للمبادرة يقول ان غايتها حث طلبة مدرسته بعد ان انجزت بها مشاريع الصيانة اللازمة تنظيفها من كل الشوائب.
ويقول علي "ان غايته من المبادرة اظهار التحول الذي احدثته البيئة التعليمية في شخصيته، وليحض اقرانه على الاقتداء بها، بعيدا عن اي تخريب لموجوداتها لانها بالنهاية وجدت لخدمتهم.
وفي السياق التعليمي وفرت المبادرة دروس تقوية، للمقبلين على امتحان الثانوية العامة وبمساقات متعددة وبالمجان من خلال متطوعين، ومتطوعات افردوا من جهدهم ووقتهم الكثير لافادة الطلبة من جهة، واراحة ذويهم عناء ماديا بدل الدروس الخصوصية، والسياق تم بتعاون مع جامعة العلوم والتكنولوجيا التي وفرت كل الدعم لانجاح هذا البرنامج.
وتثني مديرة المبادرة الدجاني على تعاون القطاع الخاص وفريق المتطوعين مع الاهداف المرسومة، بحيث باتت النشاطات اللامنهجية التي تتكيء على فرق التطوع اساس انجاحها، فبات للجانب الموسيقي والرياضي والاجتماعي اوقات حفزت نهاية المطاف الطلبة على الارتباط بمدرستهم.
وللمسابقات ايضا دور، لا على صعيد حصد المكافأة الشخصية، وانما تنمية روح الفوز في سبيل تلبية حاجة لاخرين يرزحون تحت نير الفقر، وتوفير وسائل تعينهم على التعلم والتعليم، وللتوضيح، فالمبادرة تقيم مسابقات داخل المدارس مقتبسة او مشابهة لبرامج تلفزيونية واعلامية توزع بها جوائز، عبارة عن قرطاسية واحتياجات تعليمية للفريق الفائز الذي يتبرع بدوره بها، لمحتاجيها، الامر الذي يعكس قيم التواد والتراحم والتعاطف بين افراد المجتمع مع بعضهم البعض.
يقول مدير تربية اربد الثالثة الدكتور فواز التميمي ، انه ابان كان مديرا لتربية لواء الرمثا سعى الى محاولة جذب المبادرة لتبني برامجها على صعيد مديريته لكن برنامجها لم يسمح انذاك، لكن تحقق مراده في تربية اربد الثالثة، ليجد فيها كل عون ومساندة ومساعدة للجهد الرسمي الذي تبذله الوزارة على صعيد الارتقاء ببرامجها التعليمية والتربوية.
حينما اطلقت جلالة الملكة رانيا العبدالله المرحلة الخامسة للمبادرة التي تشمل مدارس بمحافظة اربد قالت انذاك "الجيل المحصن بالمعرفة والتكنولوجيا الحديثة، والدراية القانونية، والحنكة السياسية، هو القادر على المشاركة السياسية الواعية المسؤولة، هو القادر على الحوار، على المسائلة، على الإتيان بحلول واقعية لمشاكل المجتمع، والتشاور والحوار البناء لحلها"، ويبدو ان مرور ما يزيد عن اربع سنوات لاطلاق المبادرة يؤكد انها تسير بالاتجاه الصحيح، وفق مشاهدات وشهادات، اعلامية واجتماعية، والامل بالاستمرار.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اردنيه اربداويه
المفضلات