لم يعد ممكناً استمرار الحال على ما هو عليه في شأن ملف اللاجئين السوريين الذين تشكل اعدادهم المتزايدة عبئاً كبيراً ومتزايداً على موارد الأردن وامكاناته كما باتت ترهق المرافق العامة والخدمات التي تنوء تحت هذه الضغوط الهائلة التي تشكلها اعداد اللاجئين السوريين المتدفقين عبر الحدود على نحو غدا مطلوباً من المجتمع الدولي ان يتولى مسؤوليته الاخلاقية والقانونية وبخاصة الانسانية لايجاد نوع من التوازن ازاء الخدمات التي يقدمها الأردن للاشقاء السوريين والذين فتحنا لهم الحدود وقدمنا لهم كل أنواع الخدمات بدفء وحنان واخوة بدون منّة أو تفضيل لكن التدفق لم يتوقف والاعداد ارتفعت الى مئات الالاف ما شكل باعتراف المنظمات الدولية المعنية بتقديم الخدمات الانسانية والاغاثية ضغطاً لا يستطيع الاردن وحده تحمل اعباء هذه الاعداد التي اوشكت على اتمام عامها الثاني على الاراضي الاردنية بكل ما تمثله من استعداد وخدمات واغاثة وطبابة وتقديم مواد اساسية فضلاً عن الايواء والمرافق العامة والخدمية..
من هنا جاء استقبال جلالة الملك عبدالله الثاني يوم امس للمفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس في عمان ليضيء على حجم وطبيعة الاعباء التي ينهض بها الاردن في هذا الملف المتراكم والمتضخم يومياً وبخاصة ما لفت اليه جلالته بضرورة ان يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته تجاه اللاجئين السوريين خصوصاً في ظل تزايد اعدادهم بشكل كبير ومتواصل..
ولئن اعرب السيد غوتيريس عن تقديره للخدمات الكبيرة التي يقدمها الأردن للاجئين السوريين فإن الوقت قد حان لأن تتم ترجمة الاقوال الى افعال من قبل المجتمع الدولي الذي لم يعد مقبولاً منه الاستمرار في نهجه الراهن الذي لا يقدم إلاّ القليل لمساعدة اللاجئين السوريين فيما يقع العبء الاكبر على بلدنا ومرافقنا العامة ويرهق موازنتنا المرهقة اصلاً، اذا ما اريد بالفعل ان يواصل الاردن تقديم هذه الخدمات الانسانية واذا ما اريد لهذه الخدمات ان تستمر..
تكاتف جهود المؤسسات والهيئات الدولية التي تعنى بشؤون اللاجئين خصوصاً تلك التابعة للامم المتحدة وادامة التنسيق في ما بينها بات ضرورة ملّحة اكثر من أي يوم مضى وملف اللاجئين السوريين آخذ في التضخم والتفاقم على نحو جلي وواضح والمجتمع الدولي يرى وقائعه اليومية ويشاهد التقارير الميدانية التي تنقلها الفضائيات ووكالات الانباء والهيئات السياسية والدبلوماسية والمنظمات الاغاثية الدولية التي تتحدث عن العبء الكبير الذي يتحمله الأردن في هذا الشأن والذي يضع كل امكاناته وموارده لاغاثة اللاجئين السوريين إلاّ ان الامور باتت فوق طاقته ما يستلزم تحركاً سريعاً ومنسقاً وجاداً ينهض من خلاله وعبره المجتمع الدولي بمسؤولياته ازاء هذه المشكلة الانسانية المتفاقمة.