بضعة أيام ويقف الناخب الأردني هنا في محافظة الكرك وفي كافة محافظات المملكة أمام صناديق الاقتراع للادلاء بصوته لا رقيب او حسيب عليه في هذه اللحظة المفصلية سوى ربه وضميره، فالصوت أمانة لابد وان يستودعها الناخب لدى من يراه الاقدر والاكفأ لاداء فاعل تحت قبة البرلمان، اداء ينتصر لحاجات الوطن ويلبي طموحات ابنائه، نقول ذلك لان بين المترشحين في كافة الدوائر الانتخابية في المملكة الغث والسمين، فالغث انى كان شخصه هو عالة على الوطن والمواطن وانتهازي يبحث عن مصلحة شخصية، اما السمين فهو ذو الملكة الفكرية والعلمية والذي يوظف ملكته هذه ليعمل بجدارة لاعلاء كلمة الحق وتحقيق خير البلاد ورفاه مواطنيها.

هذه الدعوة موجهة لمن اختار المشاركة في الانتخابات، اما الدعوة الثانية فنوجهها لمن اتخذ قرار المقاطعة، لا ننحاز لهذا الطرف او ذاك لان حرية الرأي والتعبير هي حق للجميع، لكن نقول لمن قرر المقاطعة سواء لجهة احتجاجه على قانون الانتخاب او لجهة قناعته بان كافة المجالس النيابية التي تم انتخابها في دورات انتخابية سابقة لم تكن بمستوى طموح المواطنين او الاستجابة للاستحقاقات الوطنية المختلفة، نقول عليه وقد قرر المقاطعة ان يعبر عن هذا الموقف من خلال صندوق الاقتراع ليثبت انه ليس ضد العملية الانتخابية كمؤشر ديمقراطي حضاري بالمطلق وذلك بان يضع ورقتين فارغتين في صندوقي الاقتراع سواء على مستوى الدوائر المحلية او صعيد القوائم الوطنية وهذا يحقق مبتغى الناخب في التعبير عن قناعته بالمقاطعة اولا ويؤكد لصانع القرار ثانيا ان نسبة معينة من ابناء الوطن لديهم ماخذ على العملية الانتخابية وحينها على صانع القرار ان يبحث الاسباب ويعمل على معالجتها بحلول توافقية ترضي رغبات الشارع الاردني بكل اطيافه وتوجهاته.

وهنا في محافظة الكرك فان شان الناس كما في كافة محافظات المملكة، فهم ينقسمون بين مؤيد ومعارض للانتخابات وللاسباب والدوافع ذاتها والتي سقناها انفا، ومن موقف الحياد نؤكد ان الخيار هو خيار الناخبين، لذلك ينبغي الايضاح انه وفي دوائر المحافظة الانتخابية الست الكثير من المترشحين الذين لم يأتوا من قواعد انتخابية مكينة اذ وبخلاف كل الدورات الانتخابية السابقة فان حالة اجماع من قبل القوى العشائر الاكثر تاثيرا على الساحة الانتخابية لم تحصل ما فتح الباب على مصراعيه لكل راغب بالترشح بغض النظر عن امكاناته وقدراته، وهذا راكم حالة الغموض التي ظلت تلف المشهد الانتخابي في المحافظة ومن بداية الإعداد للعملية الانتخابية وحتى الان، وهذه الحالة بحكم الكثير من المؤشرات القائمة لن تتغير حتى اليوم الذي يقف فيه ناخبو المحافظة امام صناديق الاقتراع يوم الاربعاء القادم، وفي ظل هذا المشهد فيمكن القول ان مترشحي الكرك متبارون غير متكافئين والناخب هو الحكم.

وباستعراض شخوص المترشحين على ساحة المحافظة وعددهم في كافة دوائرها الانتخابية 71 مترشحا نجد ان هناك فروقا فردية بينهم، مابين مترشحين ليسوا بالكفاءة التي تجعلهم قادرين على المشاركة بفعالية في اداء المجلس النيابي واخرين لهم من الكفاءة والقدرة ما يطمئن إلى انهم قادرون على فعل شيء في ذلك المجلس، وهنا فان الناخب وحده هو من يتحمل تبعة النواب الذين اقترع لصالحهم اذا ماثبت من خلال ادائهم في المجلس النيابي انهم لم يكونوا بمستوى الثقة التي اولاهم اياها، وفي هذا المقام لابد من تذكير ناخبي المحافظة بان لديهم تجارب كثيرة لاتسرمع المجالس النيابية السابقة،اذ لطالما اسهموا في ايصال البعض إلى كرسي النيابة دون وجه حق ففاز هؤلاء بالغنيمة فيما اكتفى ناخبوهم منها بالاياب، حالة نذكر مجددا انها تكررت كثيرا وعلى الناخبين ان يدركوا ان المؤمن لايلدغ جحر مرتين فكيف اذا كانوا قد لدغوا من ذات الجحر مرات ومرات.

ونضيف انه على الناخب سواء على صعيد محافظة الكرك ام سواها الايخدع بشعارات وبيانات فضفاضه يصعب تحقيقها يطلقها المترشحون في الدوائر المحلية والقوائم الوطنية على حد سواء فامتلأت بها يافطاتهم ومطبوعاتهم واحاديثهم وتصخب بها مكبرات الصوت في مقارهم الانتخابية، فلطالما تكرر ذلك من قبل مترشحين في دورات سابقة لكن كل ماتم ظل حبرا على ورق، بل ان اكثر نواب المحافظة اضحوا بمجرد نيل المبتغي ووفق سياسة الضحك على الذقون اثرا بعد عين، حتى لم يسمع لبعضهم صوت في نقاش اوحوار تحت القبة ومنهم من احتكم إلى مقولة " الهريبه ثلثين المرجله " فتغيبوا عن اكثر من جلسة مفصلية، اما لانهم لا يعرفون ماذا يقولون، او لانهم بحثوا حينها عن مكسب خاص ولسان حالهم وفق لهجة اهل الكرك "فرصة ومابتلوح" (أي انها قد لاتتكرر).

نذكر الناخبين ايضا ان المطلوب من مجلس النواب القادم يتقدم كثيرا عما كان مطلوبا من المجالس النيابية السابقة، فهناك متغيرات على الساحة الوطنية واخرى على الساحة الاقليمية يتاثر الارن بها ويؤثر فيها، وهنا لابد من مجلس نيابي قادر على تحمل استحقاقات المرحلة بما يحفظ امن الوطن واستقراره وهويته، ونربأ ان يكون المواطنون درجات سلم يصعدها ذوو مصالح شخصية او فئوية او اصحاب اجندات خاصة لتحقيق مارب بعيدة عن هموم الوطن وتطلعات ابنائه.