كتب- حاتم العبادي - المراهنة على تأجيل الانتخابات وسياسات الضغط لتحقيق هذه الغاية، باتت نتيجتها محسومة بــ»الفشل»، في ضوء التأكيدات الملكية بأن هذا الاستحقاق الاصلاحي، سيكون في موعده.
ايام قليلة تفصلنا عن موعد بدء الترشح للانتخابات، ومع اقتراب الموعد، اخذت وتيرة الانتخابات بالازدياد داخل جميع مكونات المجتمع، سواء الحزبية او العشائرية.
ورغم هذا الواقع، الذي يعكس ايجابية في التعاطي مع هذا الاستحقاق، فإن الاستغراب يدور حول نوايا وخفايا الاصوات التي تروج للمقاطعة واخرى تطالب بالتأجيل، لجهة ماذا يريدون؟
وتتصدر هذه الاصوات الحركة الاسلامية، ومن دار حولها، التي ما تزال تصر على نهج التنظير والمطالبة، وبعيدة كل البعد عن تقديم البرامج والحلول، والتي يقتضي الواقع الدستوري ان تكون عبر القنوات الدستورية والقانونية.
إصرار الحركة الاسلامية على السلبية في التعاطي مع ملف الانتخابات، يكشف عن هدفين لا ثالث لهما، تغلفهما الحركة بشعارات و خطابات تنظيرية، ويرتبطان بإخفاقات الحركة، طيلة الفترات الماضية، في استقطاب الشارع وتجييره لتحقيق اجندتها الخاصة.
وفي قراءة لمضامين مطالب الحركة الاسلامية المتعلقة بقانون الانتخاب، فإن الحركة تريد ان «تفّصل» قانوناً بمقاييس ومواصفات تضمن خدمتها بالوصول الى البرلمان، دون ادنى منافسة مع الاخرين، خصوصا وان الاجراءات التي اتخذتها الحكومة والتي فرضتها التعديلات الدستورية، التي امر بها الملك، بددت تخوف التزوير وعززت معيار النزاهة، ليجرد الحركة من مبدأ الحكم المسبق بناء على تجارب سابقة.
وعند الوقوف عند هذا المطلب، فالحركة الاسلامية، تريد وبشكل غير مباشر، قانون يضمن وصولها الى البرلمان لتتجاوز به حالة الفشل لسياستها التحشيدية، وتغطي حالة التكشف، التي تعرضت له، بدء من انطلاقة الحراك، الذي تخلفت عن بدايته، ومحاولاتها اللاحقة به وركوب موجته وتجيير مكتسباته، كثمرة لجهودها، ولعل البيان الصادر عن جماعة الاخوان المسلمين عقب مسيرة الجبهة الوطنية للاصلاح الاخيرة، اكبر دليل على ذلك.
ويتأكد هذا الاستنتاج، في ظل زوال عنصر الخوف والتوجس، من عدم توفر النزاهة والشفافية، التي كانت الحركة تستخدمها فزاعه وتأخذ منها وسيلة لتبرير فشلها، حيث ان الهيئة المستقلة للانتخابات وما تقوم به من إجراءات شفافة وواضحة، تشكل تحديا امام كل مشكك.
في مفهوم العمل السياسي ، تقتضي الديمقراطية بأن تسعى المعارضة الى استغلال جميع الفرص وممارسة كل اساليب المعارضة والتعبير عن الراي، التي تتيحها القوانين والانظمة، تحت مظلة الدستور، للحصول على مكتسبات سياسية ، تخطو بها الى تسلم زمام الامور، اي ان حصول المعارضة على تلك المكتسبات مبني على منافسة سياسية.
إلا ان الحركة الاسلامية في الاردن، تأتي معارضتها، بشكل مخالف للعرف الديمقراطي، لجهة انها تمارس سياسة فرض الرأي والطلب، بنهج الاستقواء، وفي حال عدم تحقيق ذلك، فإنها تلجأ الى سياسة الحرد وكيل التهم والتشويش، من باب الضغط لتحقيق تلك المطالب.
وإلا لماذا لم ترض الحركة الاسلامية براي الاغلبية، وتزمتت بموقفها المرهون «بتّفصيل» قانونا وفقا لمطالبها هي؟ ضاربة بعرض الحائط معادلة احترام رأي الاغلبية.
كما أن إصرار الحركة على موقفها، وترويجه على حلفاء ليس لهم تاثير حقيقي في الساحة ، لافتقارهم الشعبية والحضور، يشير الى أن الحركة تسعى الى تغطية حالة الانقسام الداخلي بين صفوفها، خصوصا ضمن فئة القيادة، والتي حاولت الحركة التستر عليها واخفاءها ونفيها، الى ان ظهرت على العلن، وباكثر من شكل، ولعل المبادرة الوطنية للبناء التي اطلقتها قيادات في جماعة الاخوان المسلمين، وردة فعل السلبية لقيادات بالحركة عليها، مؤشر على هذا الانقسام، الى جانب ملف انتخابات المكتب التنفيذي وغيرها.
تلك الاصوات، باتت نشازا، في ظل الحراك الانتخابي الذي تشهده المملكة على مختلف الاوساط، فالاحزاب منشغلة الان في تحضيراته واستعداداتها لخوض غمار هذه المعركة السياسية، لجهة الاعداد لقوائمها الانتخابية، واختيار مرشحيها، في سبيل تحقيق النجاح الذي تريد، وكذلك العشائر، التي حرصت على دورها الرائد في الابقاء داخل دائرة المصلحة الوطنية، فأخذت ومن خلال انتخابات داخلية اختيار الافضل لخوض غمار المنافسة، الى جانب تشكيل التكتلات والتحالفات بين التيارات المتنوعة.
مرحلة الدعوة الى المقاطعة والتأجيل، باتت في حكم الغائب، لتكون المراهنة الان، على المشاركة الفعالة للاردنيين التي تقوم على اساس اختيار الافضل والقادر على المسؤولية، لتفرز مخرجات العملية الانتخابية مجلس نواب قوي ويلبي طموح الاردنيين.
البقاء في الشارع ، خلال الفترة المقبلة، والتعويل عليه، دليل فشل ومؤشر على غياب موقف وضبابيته، في ظل وجود مجلس نواب منتخب.