يندرج تكليف جلالة الملك عبدالله الثاني, صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية تأسيس برنامج جديد يركز على تنمية الانخراط المدني الفاعل وتعزيز المجتمع المدني في الاردن عبر تطبيق مفهوم الريادة الاجتماعية, في إطار توفير كل اسباب الدعم وتحفيز زخم مسيرة الاصلاح السياسي والتحول الديمقراطي الذي تجذر في المشهد الاردني ولم يعد ثمة امكانية او محاولة للتشكيك فيه أو حرفه عن مساره أو تراجعه.
من هنا فإن هذا التكليف الملكي لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية يكتسب اهمية اضافية في ظل الفهم العميق لمعنى الديمقراطية التي لا يمكن حصرها في المؤسسات والقوانين والانتخابات بل هي تتعدى ذلك بكثير وتذهب أيضا في اتجاه التركيز على ثقافة الحوار والنقاش الوطني وزيادة وعي الاردنيين حيال القضايا التي تسهم في صياغة المستقبل الوطني الشامل الأمر الذي يجعل من برنامج المبادرات الذي أمر به جلالة الملك فرصة ووسيلة لبناء وتعزيز المشاركة الشعبية في الثقافة الديمقراطية.
ولا يغيب عن البال ما كان جلالة الملك قد لفت إليه في كلمته يوم أول من أمس خلال زيارته الجامعة الاردنية بمناسبة الاحتفال بمرور خمسين عاماً على تأسيسها في شأن اطلاق مبادرة التمكين الديمقراطي الهادفة الى تعزيز قيم الحوار وتشجيع المشاركة المدنية وتحقيق التنمية السياسية المستدامة من خلال التركيز على تمكين الشباب..
وإذ أعاد جلالته التأكيد على ما كان دعا إليه في السابق بعدم حصر دور الشباب داخل الجامعة والمؤسسات التعليمية الاخرى فإنما للحّث على استثمار طاقات الشباب ومواهبهم في إحداث التغيير الايجابي في كل ميادين العمل والمشاركة في الحياة السياسية التي تمكنهم من المشاركة في صنع القرار لبناء المستقبل الأفضل لهم وللأجيال القادمة وهذه هي إحدى ابرز الاهداف التي وقفت خلف اطلاق مبادرة التنمية الديمقراطية.
القراءة العميقة لمضامين الكلمة الملكية في احتفال الجامعة الاردنية بمرور نصف قرن على تأسيسها تدفع للقول بثقة واطمئنان اننا نسير في الاتجاه الصحيح وان التفاؤل بالمستقبل هو الذي طغى على خطاب جلالة الملك في الاحتفال وبخاصة في اعراب جلالته عن افتخاره بالمواطن الاردني الذي يعتز بهويته الاردنية وبانتمائه الحقيقي لهذا الوطن, والذي يقدم مصلحة الاردن على كل المصالح والاعتبارات, وتحديداً في سموه بكرامته وانتمائه, على كل مصلحة شخصية او حزبية او جهوية, عندما يمر الوطن بظروف صعبة او استثنائية ويبادر للوقوف بغير تردد الى جانب الوطن في مواجهة كل التحديات.
جملة القول ان جلالة الملك في اطلاق المبادرة الكريمة هذه إنما يضع الاقوال موضع التنفيذ في تجسيد حي وميداني لقناعة جلالته الراسخة بأن الشباب هم المحرك والدافع الرئيسي للعملية التنموية وان الشباب هم وسيلة التنمية وغايتها وأيضا في الرهان على دورهم الرئيسي في المرحلة المقبلة التي ستجري فيها الانتخابات النيابية عبر نشر الوعي بأهمية التغيير وتحديد المشاكل والتحديات التي تواجه الشباب ومناقشتها ضمن حوار وطني مع الاحزاب والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدستورية لايجاد الحلول لها ضمن برامج يتم التصويت عليها في الانتخابات النيابية القادمة.