عمان - بترا - صالح الدعجة - أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن الشباب هم المحرك والدافع الرئيسي للعملية التنموية، وهم وسيلة التنمية وغايتها، ولذلك يجب «أن نستمر في الاستثمار في الشباب من خلال التعليم والتدريب وتزويدهم بالمهارات والخبرات، حتى يظل الشباب الأردني على درجة عالية من الإبداع والتميز».
وأعلن جلالته في كلمة ألقاها خلال زيارة قام بها امس إلى الجامعة الأردنية بمناسبة الاحتفال بمرور خمسين عاما على تأسيسها عن أطلاق مبادرة للتنمية الديمقراطية تحت مظلة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، لتعزيز قيم الحوار وتشجيع المشاركة المدنية وتحقيق التنمية السياسية المستدامة من خلال التركيز على تمكين الشباب.
وقال جلالته إن دور الشباب يجب أن لا ينحصر داخل الجامعة والمؤسسات التعليمية الأخرى، وإنما يجب استثمار طاقاتهم ومواهبهم في إحداث التغيير الإيجابي في كل ميادين العمل، والمشاركة في الحياة السياسية التي تمكنهم من المشاركة في صنع القرار لبناء المستقبل الأفضل لهم وللأجيال القادمة.
ولفت جلالته إلى الإصلاحات السياسية الكبيرة التي أنجزت في الأردن خلال السنتين الماضيتين، مؤكدا أهمية دور الشباب، الذين يشكلون الشريحة الأكبر في المجتمع، في المسيرة الإصلاحية وواجبهم في قيادة المسيرة وإحداث التغيير المطلوب من خلال نشر الوعي بأهمية هذا التغيير، وتحديد المشاكل والتحديات التي تواجه الشباب ومناقشتها، ضمن حوار وطني مع الأحزاب والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والـمؤسسات الدستورية، لإيجاد الـحلول لها استنادا الى برامج يتم التصويت عليها في الانتخابات النيابية القادمة.
وحث جلالته الشباب على مساءلة الـمجالس النيابية القادمة، والحكومات البرلمانية التي تنبثق عنها عن مدى التزامها في تنفيذ برامجها الانتخابية، وإيجاد الـحلول للمشاكل والتحديات التي يعانون منها، خصوصا إيجاد فرص العمل التي توفر الحياة الكريمة والآمنة لهم.
واعتبر جلالته أن ما تحقق من إنجازات في مسيرة الأردن الإصلاحية ما هو إلا حلقة أولى من حلقات الإصلاح وقاعدة صلبة له، وأن نجاح ذلك كله يعتمد على وعي المواطن الأردني الذي يجب أن يشارك مشاركة فعلية في العمل السياسي والحزبي للوصول إلى مرحلة تشكيل الحكومات البرلمانية التي تمكن المواطنيـن من القيام بدور أساسي ومباشر في عملية صنع القرار من خلال اختيار الأكفأ والأجدر لمن يمثلهم في البرلمان القادم.
ودعا جلالته الجامعات الأردنية الى التركيز على نوعية ومستوى التعليم العالي والمساهمة في تشكيل الوعي الثقافي والديموقراطي، وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة على مبدأ الـمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات. ووجه جلالة الملك الجامعات أن تتبنى سياسات وبرامج جديدة، تعتمد أفضل المعايير والممارسات العالمية في المنطقة وفي العالم، وأن تصمم برامج التعليم العالي والمهني والتقني، بما يتناسب مع متطلبات العولمة وسوق العمل، بالإضافة إلى إيجاد بيئات عمل تعاونية ومستمرة بين مؤسسات التعليم العام والمهني والعالي من جهة، والقطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى.
وأكد جلالته أن الأردنييـن تمكنوا بعزيمتهم وتضحياتهم من الانتصار على الظروف الصعبة وبناء هذا الوطن الذي يشهد له القاصي والداني بإنجازاته الريادية والنوعية، خاصة في مجالات التعليم والرعاية الصحية، وبدوره القيادي والمتميز في الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية.
واعرب جلالته عن افتخاره بالمواطن الأردني الذي يعتز بهويته الأردنية وبانتمائه الحقيقي لهذا الوطن، والذي يقدم مصلحة الأردن على كل المصالح والاعتبارات، وعندما يمر الوطن بظروف صعبة أو استثنائية، يسمو بكرامته وانتمائه على كل مصلحة شخصية أو حزبية أو جهوية، ويقف إلى جانب الوطن في مواجهة كل التحديات.
وتاليا نص كلمة جلالة الملك:



بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوات والأخوة الحضور،
الله يعطيكم العافية، وأبارك للجميع والوطن بمرور خمسين عاما على تأسيس الجامعة الأردنية، التي تجسد مسيرة بناء وعطاء مستمر، ساهم فيها كل الأردنيين بكل عزيمة وإصرار على مواجهة التحديات، وبناء الأردن الحديث القادر على مواكبـة العالم ومعطيات العصر الحديث.
الحسين، رحمة الله عليه، كان يؤمن أن الاستثمار في الإنسان الأردني هو أعظم استثمار، ولذلك ركز اهتمامه على التعليم، وكان تأسيس هذه الجامعة قبل خمسين عاما يشكل تحديا كبيرا، ولكن إرادة الحسين وعزيمة الأردنيين كانت أقوى من كل التحديات والصعوبات.
ما وصلت إليه الـجامعة اليوم من سمعة طيبة ومستوى رفيع، وما تحقق على صعيد النهوض بمسيرة التعليم العالي يدعونا جميعا إلى الفخر والاعتزاز بهذه الجامعة.
وكل الشكر والتقدير والعرفان للرواد الأوائل من الأساتذة والباحثين والإداريين، الذين عملوا بمنتهى الإخلاص والتفاني حتى وصلت هذه الجامعة إلى ما هي عليه اليوم.
قناعتي الراسخة أن الشباب هم المحرك والدافع الرئيسي للعملية التنموية، وأن الشباب هم وسيلة التنمية وغايتها، ولذلك يجب أن نستمر في الاستثمار في الشباب من خلال التعليم والتدريب وتزويدهم بالمهارات والخبرات، حتى يظل الشباب الأردني على درجة عالية من الإبداع والتميز.
من جهة ثانية، دور الشباب يجب أن لا ينحصر داخل الجامعة والمؤسسات التعليمية الأخرى، وإنما يجب استثمار طاقاتهم ومواهبهم في إحداث التغيير الإيجابي في كل ميادين العمل، والمشاركة في الحياة السياسية التي تمكنهم من المشاركة في صنع القرار لبناء المستقبل الأفضل لهم وللأجيال القادمة.
ومطلوب من الجامعات الأردنية كلها أن تركز على نوعية ومستوى التعليم العالي، وأن لا يقتصر عملها على الجانب الأكاديمي والتعليمي، وإنما عليها مسؤولية تشكيل الوعي الثقافي والديموقراطي، وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة على مبدأ الـمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وتشجيعكم أنتم الطلاب على المزيد من الإبداع والتميز والعمل التطوعي وتكريس ثقافة الحوار والقيم الديموقراطية واحترام الرأي الآخر.
في السنتين الماضيتين أنجزنا إصلاحات سياسية كبيرة، ونحن الآن مقبلون على إجراء الانتخابات النيابية، أين دوركم أنتم الشباب في هذه المسيرة الإصلاحية الكبرى؟ الشريحة الأكبر في هذا المجتمع هي أنتم: الشباب، ومن حق الأكثرية، بل من واجبها قيادة المسيرة وإحداث التغيير المطلوب.
والسؤال الـمطروح الآن : كيف يمكن أن تشاركوا أنتم الشباب في الـمسيرة وصناعة القرار؟ والجواب: من خلال نشر الوعي بأهمية التغيير، وتحديد المشاكل والتحديات التي تواجهكم ومناقشتها، ضمن حوار وطني مع الأحزاب والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والـمؤسسات الدستورية، لإيجاد الـحلول لها ضمن برامج يتم التصويت عليها في الانتخابات النيابية القادمة.
من الأسئلة التي يجب أن تطرح في هذا الحوار على الأحزاب والقوائم الانتخابية والمرشحين، على سبيل المثال: كيف سنعالج مشكلة البطالة وإيجاد فرص العمل؟ كيف سنضمن اعتماد مبدأ الجدارة والكفاءة والمساواة في الـحصول على فرص العمل، والفرص الاقتصادية الأخرى بعيدا عن الواسطة والمحسوبية؟ كيف سنعالج مشكلات العنف في الجامعات؟ ومن خلال الإجابات الواضحة والواقعية على هذه الأسئلة وغيرها يتم اختيار النائب الأفضل والقائمة الوطنية المثلى، وبذلك يكون صوت الشباب موجود ومؤثر في صناعة القرار وتغيير الواقع نحو الأفضل.
وعليكم أنتم الشباب مساءلة الـمجالس النيابية القادمة، والحكومات البرلمانية التي تنبثق عنها عن مدى التزامها في تنفيذ برامجها الانتخابية، وإيجاد الـحلول للمشاكل والتحديات التي تعانون منها.
أدرك تماما أن أكثر ما يشغل بال الشباب هو البحث عن فرصة العمل التي توفر الـحياة الكريمة والآمنة لهم، وهذا التحدي ليس مقصورا على الأردن، وكل دولة تتبنى السياسات التي تناسب إمكانياتها ومواردها وظروفها الخاصة. بالمقابل مطلوب من جامعاتنا أن تتبنى سياسات وبرامج جديدة، تعتمد أفضل المعايير والممارسات العالمية في المنطقة وفي العالم، وأن تصمم برامج التعليم العالي والمهني والتقني، بما يتناسب مع متطلبات العولمة وسوق العمل، بالإضافة إلى إيجاد بيئات عمل تعاونية ومستمرة بين مؤسسات التعليم العام والمهني والعالي من جهة، والقطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى.
عندما نتحدث عن إيجاد فرص عمل جديدة فهذا يعني ثلاثة خيارات: التوسع في القطاع العام مع ضرورة الـحفاظ على مستوى الكفاءة ونوعية الخدمات في ظل هذه الظروف الـمالية الصعبة، أو دعم القطاع الخاص من خلال إيجاد البيئة الاستثمارية المناسبة، أو تقديم التسهيلات اللازمة لتمكين الشباب من خلال تأسيس مشاريع ريادية وإبداعية مستقلة.
الظروف التي نعيشها اليوم ليست جديدة ولا غريبة علينا، فالأردن ومنذ أن تأسس وهو يعاني من محدودية الموارد والإمكانيات، ووجوده في وسط إقليم يعاني دائما من عدم الاستقرار، لكن الأردنييـن تمكنوا بعزيمتهم وتضحياتهم من الانتصار على الظروف الصعبة وبناء هذا الوطن الذي يشهد له القاصي والداني بإنجازاته الريادية والنوعية، وخاصة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والقيام بدوره القيادي والمتميز في الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية.
إن ما تحقق من إنجازات في مسيرة الأردن الإصلاحية ما هو إلا حلقة أولى من حلقات الإصلاح وقاعدة صلبة له. ونجاح ذلك كله يعتمد على وعي المواطن الأردني الذي يجب أن يشارك مشاركة فعلية في العمل السياسي والحزبي للوصول إلى مرحلة تشكيل الحكومات البرلمانية التي تمكن المواطنيـن من القيام بدور أساسي ومباشر في عملية صنع القرار من خلال اختيار الأكفأ والأجدر لمن يمثلهم في البرلمان القادم، وبحجم المشاركة والاختيار الأمثل يكون التغيير.
وبالمناسبة، أطلقنا اليوم مبادرة للتنمية الديمقراطية تحت مظلة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، لتعزيز قيم الحوار وتشجيع المشاركة المدنية وتحقيق التنمية السياسية المستدامة من خلال التركيز على تمكين الشباب، لذلك مطلوب منا جميعا أن نكون على مستوى الـمسؤولية ومستوى التحديات التي يمر بها وطننا العزيز.
عندما نسأل من هو الأردني؟ الجواب: الأردني هو الذي يعتز بهويته الأردنية وبانتمائه الحقيقي لهذا الوطن. والأردني هو الذي يقدم مصلحة الأردن على كل المصالح والاعتبارات، والأردني هو الذي عندما يمر الوطن بظروف صعبة أو استثنائية، يسمو بكرامته وانتمائه على كل مصلحة شخصية أو حزبية أو جهوية، ويقف إلى جانب الوطن في مواجهة كل التحديات، والأردني هو الذي يقوى بالوطن ولا يستقوي عليه، ولا ينتهز الفرص للتحريض عليه. والأردني لا يقبـل بأي أجندة إلا إذا كانت مرتبطة بتراب الأردن وتضحيات الأردنييـن وطموحاتهم، الأردني هو الذي يقيس ثروته الحقيقية بمقدار ما يقدم من عطاء وتضحيـة وإنجاز وليس بمقـدار ما يملك من مال أو جاه، الأردني هو الذي ينظر للمستقبل وعملية التحديث بعزم وإصرار، ويستمد القوة والثقة بالمستقبل من إيمانه بالله عز وجل ومن اعتزازه بتاريـخه وتراثه وقيمه الأصيلة، الأردني هو الذي لا يقبل بالفشل بل يتحدى الـمستحيل وينتصر عليه.
أن نكون أردنييـن معناها أن نعمل معا يدا بيد لتعظيم الإنجازات، وأن نؤدي واجباتنا تجاه وطننا، وأن نحارب التطرف بجميع أشكاله، فالـمواطنة والانتماء هي ما نقدمه لهذا الوطن، وليس ما نأخذه منه.
وفي الختام، كل الاعتزاز والتقدير لهذه الجامعة التي نفتخر بها وبإنجازاتها جميعا، وسنواصل دعم مسيرتها لتمكينها من أداء رسالتها النبيلة ودورها في النهوض بالإنسان الأردني، وبناء المستقبل المشرق، بإذن الله تعالى.
والله يعطيكم العافية.
واحتشد طلبة الجامعة في الساحات للترحيب بجلالة الملك الذي شاركهم احتفالهم بالذكرى الخمسين لتأسيس جامعتهم.
واستهل جلالة الملك زيارته الى الجامعة الاردنية بافتتاح المقر الجديد لمركز الوثائق والمخطوطات ودراسات بلاد الشام الذي انشئ عام1972 ويتملك مجموعة كبيرة مما كتب في اللغة العربية في مختلف العلوم الدنيوية والدينية.
وبحسب مدير المركز الدكتور محمد عدنان البخيت، فإن المركز أصبح صرحا لطلاب الدراسات العليا والجامعات الاردنية والباحثين بما في ذلك الاشقاء العرب والباحثين من اوروبا واميركا، خصوصا وانه عني بجمع سجلات المحاكم الشرعية وقيود الكنائس، وسجلات الدولة العثمانية عن بلاد الشام، اضافة الى الصحف والرحلات لمختلف اللغات، الى جانب الوثائق البريطانية والاميركية والفرنسية.
ووفقا للدكتورالبخيت فانه وبوجود هذه الوثائق التي تقدر بمئات الالاف فقد اصبح لدينا مدرسة لكتابة التاريخ في الاردن.
وحضر الحفل سمو الامير فيصل بن الحسين، ورئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي رياض ابو كركي، ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري، ووزير التربية والتعليم وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وجيه عويس، وعدد من كبار المسؤولين والاكاديميين وطلبة الجامعة. وخلال الحفل عرض أوبريت بعنوان « السرو والقباب» من كلمات الشاعر الراحل حبيب الزيودي، تم خلاله استعراض مراحل انجاز الجامعة الاردنية والنقلة النوعية التي شهدتها بفضل تصميم القيادة وعزم ابناء الوطن المخلصين.
وكرم جلالة الملك رؤساء مجالس الجامعة الاردنية السابقين وهم المرحوم سمير الرفاعي وتسلم التكريم ابنه زيد الرفاعي، والمرحوم سعيد المفتي وتسلم التكريم حفيده طارق المفتي، والدكتور احمد اللوزي والدكتور عبدالسلام المجالي، والدكتور كامل العجلوني والدكتور خالد طوقان.
كما كرم جلالته رؤساء الجامعة الاردنية الذين تعاقبوا على رئاستها وهم الدكتور ناصر الدين الاسد والدكتور عبدالكريم خليفه والدكتور اسحاق الفرحان، والدكتور محمود السمرة وتسلم التكريم عنه الدكتور اسعد عبدالرحمن، والدكتور فوزي غرايبة وتسلم التكريم ابنته دينا غرايبة، والدكتور وليد المعاني، والدكتور عبدالله الموسى وتسلم التكريم عقيلته فاطمة مسعود، والدكتور عبدالرحيم الحنيطي، والدكتور خالد الكركي والدكتور عادل الطويسي، والدكتور اخليف الطراونة.
وكان رئيس الجامعة الدكتور اخليف الطراونة القى كلمة في بداية الحفل قال فيها ان الجامعة الاردنية نِتاجُ وطنٍ تعلو هاماتُ أبنائِهِ، وإرادةُ قيادةٍ هاشميّةٍ حكيمةٍ تمثَّلَتْ في جَلالةِ المغفورِ لَهُ بإذنِ اللهِ، الحسينِ بنِ طلالٍ، حينما أصدرَ يومَ الثاني من أيلول عام 1962 إرادَتَهُ الملكيّةَ بإنشاءِ جامعةٍ سمّاها (الأردنيّةَ).
وقال انَ ذلكَ اليوم كان مشهودًا في تاريخِ الأردنِّ الحديثِ؛ إذْ تكلَّلَتْ فيهِ الجهودُ الحثيثةُ بافتتاحِ أولِ جامعةٍ، هدفُها الرئيسُ إتاحةُ فرصِ التعليمِ العالي لأبناءِ هذا الوطن.
واكد ان الجامعة الاردنية، التي هي رمز لِنهضةِ الوطنِ وعزِّهِ وعنوانٌ لكبريائِهِ ودليلٌ على كبيرِ عطائِهِ، حققتْ ما لمْ تحقِّقْهُ أفضلُ الجامعاتِ، وقدّمَتْ للأردنِ مربّينَ وساسةً واقتصاديينَ يعرفُهُمُ القاصي والدّاني ولمْ تبخلْ بالتَّضحياتِ والشهداءِ.
واضاف الطراونة» بعدَ مرورِ خمسينَ سنةً على عمرِها المديدِ تبدو ملامِحُها أكثرَ إشراقًا وشفافيةً وحضورًا؛ وهي تمثِّلُ أكبرَ أداةٍ للتغييرِ الإيجابيِّ بما تبثُّهُ في أبنائِها وخرّيجيها، وقدْ أعدَّتْ برامجَ وسياساتٍ لخدمةِ العلمِ والعلماءِ والفكرِ والثقافةِ».
وتحدث الطراونة عن بعض الانجازات المميزة للجامعة والتي من بينها مركز العلاج بالخلايا الذي يعمل الباحثون فيه على تقديم جملةٍ مِنَ الاختراعاتِ والبراءاتِ الرّائدةِ في مجالِها على مستوى الإقليمِ والعالمِ.
وبين ان من شأن ذلك أن ينقذً الملايينَ مِنْ أمراضٍ قدِ استعصى علاجُها، مِنْ مثلِ السُّكري والتصلب اللويحي وفقد البصر وأمراض الجلد، والعظام، والمفاصل بفضل تَقَنِيَّةِ الخلايا الجذعيّةِ التي سيكونُ لها كبيرُ الأثَرِ في تحسينِ مستوَى الرّفاهِ الصِّحِّيِّ الإنسانيِّ. واعلن الطراونة عن مشروع رائد أُنيطَ بمركزِ الدراساتِ الاستراتيجيّةِ التابع للجامعة والذي يَعْكِفُ فيه الباحثونَ على وضعِ سيناريوهاتِ الأردن عام ألفين وثلاثين، وهيَ دراساتٌ اكتواريّةٌ مُعَمَّقَةٌ تستشرف المستقبل اقتصاديّا واجتماعيّا وسياسيّا.
وبين ان تلك الدراسات تهدف إلى تقديم مسارات واضحة المعالم للقرار المؤسسي في الدولة، وفق احتمالات مدروسة تؤثر في المستقبل، وتحفظ للأردن تنميته المستدامة، محققة معايير العدالة الاجتماعية والرفاه والأمن.
وتعكف الجامعة وفقا لرئيسها الطراونة على الانتهاءِ مِنْ خُطّتِها الاستراتيجيّة2013-2018، التي تطمحُ في منتصَفِها إلى أنْ تكونَ في قائمةِ أفضل خمسِماِئةِ جامعةٍ عالميّةٍ، ومِنْ ضمنِ أفضل ثلاثِماِئةِ جامعةٍ عالميّةٍ في نهايةِ عامِ 2018.
واشار ان تلكَ الخُطَّةُ التي تَتَمَحْوَرُ حولَ تأكيدِ ضمانِ الجودةِ، وتعزيز البحث العلمي، ومواءمةِ التخصُّصاتِ معَ سوقِ العملِ. وتأكيدا للمسؤوليّةِ المجتمعيّةِ قال الطراونة ان الجامعة «سَتَعْمَدُ إلى تبنّي مناقشةِ السياساتِ الاقتصاديّةِ كُلِّها، والحِراكاتِ الاجتماعيّةِ جميعِها مِنْ خلالِ كليّاتِ الجامعةِ وعلمائِها، وصولاً إلى تقديمِ نِتاجِ هذهِ النَّدواتِ الفكريّةِ والدراساتِ إلى صانعِ القرارِ».
وبين ان ذلك ياتي بهدف ان تستمرَّ الجامعةُ عقلاً للدولةِ وضميرَها وسندَها ضدَّ الجهلِ والتخلُّفِ والوَهْمِ, منطلقةً في ذلكَ كُلِّهِ مِنْ حِرصِها على تعزيزِ صِلَتِها بالمجتمعِ, وَسَعْيِها الدؤوبِ إلى تفهُّمِ حاجاتِهِ بشريًّا وعلميًّا.
وشدد الطراونة على ان الجامعة وهيَ تلتزمُ بهذا النَّهْجِ، فإنها لا تنسى دورَها فِي الحِراكِ الإيجابيِّ نحوَ البناءِ والتغييرِ، بما في ذلكَ تبنّي الحريّاتِ الأكاديميّةِ، وتعزيزِ استقلالِها الماليِّ والإداريِّ، وصولاً إلى الحاكميّةِ الرّشيدةِ والمكانةِ المرموقةِ.
وأكد أنَّ الجامعةَ الأردنيّةَ غَدَتْ بفضلِ قيادة جلالة الملك الحكيمةِ صرحًا علميًّا ترنو إليهِ الأنظارُ، ومنارةَ إشعاعٍ يُشارُ إليها بالبنانِ، وعنوانًا للنهضةِ والحياة،. وهِيَ ماضيةٌ في دورِها التنويريِّ والأكاديميِّ, غايتُها رفعةُ الوطنِ، وعمادُها العلمُ والمعرفةُ والانتماءُ، ونهجُها الاهتمامُ بالإنسانِ وقضاياهُ، ووسيلتُها البحثُ والاستقصاءُ لاستجلاءِ الحقيقةِ.