عمان - بترا - يتذرع مهند ابن الخمسة عشر ربيعا بعدم قدرته على اتمام واجباته المدرسية الا بعد تناوله مشروب طاقة يبدد وفقا لخياله تعبه ويفتق ذهنه مستوحيا افكاره تلك من اعلانات تلفزيونية تصور من يتناوله وكأنه قادر على تخطي كل الصعاب .
هي اذن مشروبات طاقة راجت في الاونة الاخيرة مشفوعة بدعم اعلاني مكثف , تبيع وفقا لمعنيين وهم القوة والعزيمة للشباب والمراهقين , وخطورتها امتدت لاطفال احترفوا تقليد الكبار في تناولها فاضحت مطلبهم شبه اليومي .
فيما يعتمد بالغون عليها , للحصول على قوة مصطنعة , بدلا من التحلي بالقوة عبر ممارسة الرياضة وتناول الغذاء الصحي كما تقول السيدة ام رامي لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) التي تشتكي من اعتماد ابنائها وزوجها على تلك المشروبات . ويحذر اطباء من خطورتها على الصحة وسط منع بيعها في بعض الدول الاوروبية الا في الصيدليات وعبر وصفة طبية , في وقت ذكرت فيه تقارير غربية عن تسبب بعض انواعها في عدد من الوفيات نتيجة فرط جرعاتها , محذرة ايضا من اسهامها في ادمان متناوليها عليها . وفي الجانب النفسي لا تتناسب هذه المشروبات مع ما اثير حولها كونها تمد بالقوة والطاقة وفقا للمستشار في علم النفس الطبي الدكتور نايف الطعاني لانها تعطل الجانب الايجابي من تفكير متناوليها , وتقضي على جزء من الارادة للحصول على طاقة حقيقية عبر الرياضة والحركة والتفكير الايجابي . والمشكلة كما يضيف ان من اعتاد عليها يكون اقنع نفسه بانها وراء حصوله على معدل مرتفع او نجاحه في امر ما لانه كان تناولها قبل دخوله للامتحان او اقباله على فعل ذلك الامر , فاذا صدف وحدث ذلك بعد اول مرة تناول بها هذا المشروب يضع المرء في ذهنه ان السبب هو ذلك المشروب متناسيا اي جهد اضافي قام به من اقبال على الدراسة المكثفة وارادته الحقيقية للظفر بالتفوق مذكرا بان ذلك يسمى في علم النفس ب ( الاشتراطات ) , اي ان الشخص يربط موقفا ما بدافع معين ويسحب عليه بقية حياته .
ويقول الدكتور الطعاني ان ما يسمى ب ( قانون الاثر ) وفقا لواضعه ثوران دايك فانه يلعب دورا كبيرا في زيادة نسبة استهلاك تلك المشروبات , اذ انه يعتمد على ان الامور تقاس بنتائجها , اما وقد اقبل الشخص على تناولها وصادف نتيجة ايجابية , فانه يعزي السبب اليها , فيعتاد عليها الى ان يصل الى مرحلة الادمان , لانه يربط ذهنيا بين النتيجة وما يشاع عن اثرها في تفجير الطاقة الكامنة لدى الشخص , فيوهم نفسه بان قوته تلك لا يمكن ان تكون الا نتيجة اثر تلك المشروبات .
ويعتقد الدكتور الطعاني ان على وسائل الاعلام القيام بدور توعوي للشباب يعيدهم الى مربع الاجتهاد الذاتي والاقبال على الحركة والنشاط وتعزيز الارادة بدوافع ذاتية , لا بالاعتماد على تلك المشروبات , مشيرا الى ان بعض وسائل الاعلام ومنها فضائيات كان لها يد في رواج تلك المشروبات بطريقة ايحائية تبرز قوة الشخص غير الاعتيادية .
ويقول انه وفي المعالجات النفسية ثمة طرائق تستخدم , ومنها ما يسمى ب ( البلاسيبو ) المعتمد على الايحاء النفسي , وتفسيرها ان هنالك مرضى لا يشعرون بتحسن من مرض ما الا بعد ان ياخذوا حقنة معينة , او دواء بلون محدد , بيد انهم يشفون من مرضهم حتى لو اعطوا حقن ماء مثلا , ولا يشفون من مرضهم اذا استبدل لون حبة الدواء حتى لو كانت بنفس مفعول سابقتها , مشيرا الى ان قياس اثر القوة بعد اخذ مشروب الطاقة يعتمد على اقناع الذات بانها ستصبح ذات قوة خارقة .
ولا يستبعد الدكتور الطعاني ان تلك المشروبات قد تمنح شيئا من الطاقة لاحتوائها على السكريات , فحبة ( شوكولاته ) مثلا تمنح الطاقة كما ينوه , بيد ان الخطورة بهذه المشروبات وفقا له هي احتواؤها على نسب عالية من مادة الكافيين المنبهة , والتي من المفروض ان لا تعطى للاطفال او حتى المراهقين , ولاسيما في ظل عدم وضع بعض الشركات المصنعة لها تحذيرات من تناول الاطفال لها , فيما تطبع التحذيرات ان وجدت بخطوط غير واضحة على عبوات لبعض الشركات الاخرى . ولا بد من استصدار شروط معينة على مستوردي تلك المشروبات وفقا لرئيس جمعية حقوق المستهلك اياد القضاة وذلك لجهة اجبار الشركات المصنعة على وضع تحذيرات واضحة للعيان ومكتوبة بخط كبير تمنع بيعها للاطفال تحت سن معين, وكذلك التعميم على الباعة والمحال التجارية بضرورة التزام اصحابها بمنع بيعها للاطفال والمراهقين . ويؤكد اختصاصي التغذية في الجامعة الاردنية الدكتور حامد التكروري ان المواد الموجودة بتلك المشروبات والتي قد تمد بالطاقة كما يروج لها , لها بدائل طبيعية وذات اثر صحي جيد كالعصائر الطبيعية المحتوية على السكر الطبيعي والفيتامينات داعيا الى العودة الى الطبيعة والاستغناء عن تلك المشروبات التي يعد ضررها كبيرا على متناوليها خاصة من فئتي المراهقة والاطفال . على ان خطورة الجرعات الزائدة لمادة الكافيين الموجودة في تلك المشروبات والتي لا يفصح احيانا عن نسبها كما يلفت التكروري معروفة للجميع والتي تتسبب في التوتر والعصبية وتسارع في ضربات القلب وشحوب الوجه .
ويشير في سياق اخر الى ارتفاع اسعار تلك المشروبات بمقابل سعر فنجان قهوة واحد للحصول على قليل من التنبيه مشددا على اهمية دور الاسرة في توعية اطفالها من خطورة تناول تلك المشروبات وعدم الاصغاء الى ما يبث عبر بعض وسائل الاعلام من ترويج لها .
ويؤكد انه لا يوجد اي دليل علمي بان تلك المشروبات تمنح طاقة غير اعتيادية , تختلف عن تلك التي يوفرها اي مشروب غازي اخر ولكن بنسبة اكبر من الكافيين , متشاطرا في الرأي هنا مع الدكتور الطعاني في ان العامل النفسي يلعب دورا في الايحاء بانه يمنح قوة بمجرد ان اسمها ( مشروبات طاقة).