كتبت - سهير بشناق -لا يخرجون من اسرهم بسبب تعرضهم لاساءة جسدية او عنف مباشر لكنهم يدفعون ثمن ظروف اجتماعية او مادية لاسرهم دفعتهم الى العيش بمؤسسة الحسين الاجتماعية ليستبدلوا الاسرة بما تحمله بعقولهم من ذكريات وشؤون خاصة بهم بمؤسسات اجتماعية على امل العودة لاسرهم ليشعروا بالامن النفسي الذي لا يمكن ان يعوض لهم الا بوجودهم بين امهاتهم وابائهم.
مؤسسة الحسين الاجتماعية تستقبل حالات الاشقاء وشقيقات تعاني اسرهم من ظروف اما مادية او اجتماعية حالت دون بقائهم بين امهاتهم وابائهم لكنها حالات انسانية مؤلمة فهؤلاء الاطفال اعتادوا على العيش مع اسرهم وهم على وعي وادراك بما يحدث من حولهم لكنهم لا يستطيعون فعل أي شيء حيال ما آل وضعهم عليه سوى الانتظار.
مديرة مؤسسة الحسين الاجتماعية ميرا ابو غزالة اشارت الى ان نصف حالات المؤسسة من الاطفال هم ذوي التفكك الاسري ومنهم حالات لاطفال يدخلون المؤسسة هم واشقاؤهم في اعمار مختلفة نتيجة أوضاع اسرهم التي لا تؤهلهم للاعتناء بهم او تشكل خطورة عليهم.
وأضافت: هناك 44 طفلا يصنفون تبعا لهذا الامر ينتمون الى 22 اسرة وهم في اغلب الحالات اشقاء يدخلون سوية للمؤسسة، مشيرة الى ان المؤسسة بالتعاون مع الجهات المعنية بحماية هؤلاء الاطفال وتحويلهم للمؤسسة عملت على تسليم ثلاثة اشقاء لاسرتهم خلال الفترة الماضية.
واشارت إلى ان هؤلاء الاطفال يصلون المؤسسة بسبب اوضاع مادية تعيشها الاسرة تترافق مع ضغوطات الحياة وقلة الدخل لرب الاسرة مما يدفعه لانتهاج اساليب تربية سلبية بحق اطفاله كأن يقوم باجبار زوجته واطفاله للخروج من البيت او عدم تحمل مسؤولياته المادية تجاههم فيتوقفون عن الذهاب للمدرسة او الخروج للشارع للتسول.
واوضحت ابو غزالة ان هذه الاسباب لا تعتبر عنفا مباشرا على الاطفال كالضرب او الايذاء الجسدي لكنها اهمال حقيقي بحقهم فهم بنهاية الامر لا يحظون باجواء اسرية مناسبة كاي طفل يعيش باسرته في ظروف طبيعية.
وبينت ان الاطفال يصلون للمؤسسة لتوفير الحماية والرعاية لهم وتتفاوت اعمارهم ما بين 3-12 عاما مبينة ان هناك اشقاء بقوا بالمؤسسة مدة عامين لكي تتمكن الاسرة من تصحيح اوضاعها سواء المادية او الاجتماعية والنفسية خاصة وان دراسة الحالة والمتابعة والزيارات الميدانية المستمرة للأسر تمكننا من مساعدتها قدر الامكان سواء من الجوانب المادية كالانتفاع من المعونة او مساعدة رب الاسرة او من خلال الجوانب الاجتماعية والنفسية كالتوقف عن اهمال اطفاله او توجيه اي عنف لهم ولزوجاتهم.
واضافت : ان هذه الاسر تبقى على تواصل مع اطفالها وتقوم بزياراتهم بالمؤسسة او استضافتهم خلال العطلة الاسبوعية ولا يتم تسليم الاطفال لهم الا في حال التأكد من ان اوضاعها تحسنت الى الافضل ولا يوجد اي عامل يمكن ان يلحق الضرر بالاطفال.
واشارت الى ان هناك اطفالا اخرين وصلوا المؤسسة لاسباب مادية او لوجود ابائهم وامهاتهم بالسجون نتيجة قضايا مالية ايضا ولا يمكن ان ينتقلوا للعيش في الاسرة الممتدة التي تحاول ان تساعد من خلال زياراتها للأطفال داخل المؤسسة لكن لكل اسرة ظروفها الخاصة التي قد تحول دون قدرتها على الاعتناء بعدد من الاطفال.
وبينت ابو غزالة انه سيتم تسليم عدد من الاشقاء لاسرتهم خلال الفترة القادمة بعد استكمال الدراسات الميدانية للأسرة والتاكد من انها قادرة على الاعتناء باطفالها من جديد.
واكدت ابو غزالة على ان قضايا التفكك الاسري تحتل الدرجة الاولى في قضايا اطفال المؤسسة التي وصل عددهم الى 94 طفلا في حين ان هناك اطفالا اخرين مجهولي النسب امهاتهم معروفات وابائهم مجهولين يتم التعامل معهم بالمؤسسة تبعا لظروفهم ومنهم من يتم نقله الى اسر بديلة اذا بقي فترة من الوقت بالمؤسسة دون ان تحل قضيته ويعود لاسرته لافتة الى ان اطفال مجهولي النسب ليس من السهل اعادتهم الى اسرهم خصوصا وان الامر يحتاج الى اثبات النسب ومعظم امهاتهم لا يطالبون بهم ويتنازلون عنهم كونهم غير قادرات على رعايتهم بمفردهن.
وبينت ابو غزالة ان الاطفال الذين وصلوا المؤسسة بسبب التفكك الاسري او ظروف اسرية مادية او اجتماعية يعانون بشكل كبير من الناحية النفسية كونهم على درجة من الوعي والادراك لامهاتهم وابائهم فهم يفتقدون اسرهم ويتساءلون عن سبب ابعادهم عن اسرهم مشيرة الى ان اصغر طفل وصل برفقة اشقائه بلغ من العمر ثلاث سنوات وهو الان في عمر الخامسة.
واكدت ابو غزالة على ان الاهم في هذه القضايا هو مصلحة الطفل فان كان وجوده باسرته يعرضه للأهمال او الاساءة فان من مصلحته البقاء بالمؤسسة لحين تغير اوضاع اسرته والعودة اليها مشيرة الى انه في ذات الوقت فان ابتعاد الاطفال عن امهاتهم لا بد ان يترك اثارا نفسية سلبية عليهم تحاول المؤسسة من خلال جلسات الارشاد النفسي للأطفال ان تساعدهم على تخطي هذه المرحلة من حياتهم
وامام هذه الحالات لاطفال اشقاء يصلون المؤسسات الاجتماعية سوية يبقى السؤال هل تكون الاسباب المادية دافعا للأسر بان تلحق اطفالها بالمؤسسات الاجتماعية
وهل الاطفال عليهم ان يدفعوا ثمن اخطاء وضغوطات ابائهم وامهاتهم المادية بابتعادهم عن اسرهم... ام ان الاصل ان يبقوا الاطفال ضمن اسرهم دون ان يتم الحاق الاذى النفسي والجسدي بهم لمجرد عوائق مادية تعاني منها الاسرة ؟.
فأن يعيش الطفل تجربة حياة المؤسسات ثلاثة اعوام لا بد ان تترك اثارا نفسية سلبية عليه تذكره دوما بالشعور بذنب لم يرتكبه وتبقى هذه الصورة تعيش بمخيلته ولو عاد لاسرته من جديد.