اسراء خليفات
يقضي الاطفال في العالم العربي معظم الساعات امام شاشة التلفاز . وتزيد الساعات في فصل الشتاء نظرا للظروف الجوية التي تمنعهم من اللعب خارج المنزل. ومن هنا تبدأ رحلة متابعة البرامج الكرتونية والتي قد لا تتناسب مع اعمارهم حيث ان بعضها يحاور الطفل من جانب واحد فقط واخرى يذهب أطفال آخرون إلى استخدام أساليب كلامية غير لائقة من المفروض أن نبعد عنها الصغار.
قنوات مختصة
أكد معد برامج الاطفال في التلفزيون الاردني الزميل محمد الظاهر بأن البرامج تتناسب مع القناة الفضائية التي تبثها حيث ان هناك القنوات المتخصصة ببرامج الاطفال وهي تقدر جميع الفئات التي تشاهدها على عكس القنوات الغير متخصصة والتي يكون بثها عشوائي وبعضها غير مراعي للفئات التي تشاهد .
مضيفا انه ليس هناك قدرة كافية على معرفة ما يناسب الفئات حيث يكون البث على عدة مراحل. فهناك برامج لمن عمرهم خمس سنوات واخرى للفئات الاكبر وغيرها الجيل الذي تجاوز العشر سنوات وهنا تكون له القدرة على التمييز بين ما يقتبسه وما لا يناسبه ويناسب بيئته. مشيرا الى ان الاهل لهم الدور الاكبر في تحديد البرامج التي يشاهدها الطفل ويكون ذلك حسب قدرته العقلية والتمييزه بين الصح والخطأ .
تبعد عن الواقع
ومن وجهة نظر الاب فايز عواد بأن التلفاز يقدم العديد من البرامج. حيث تحاور الطفل من جانب واحد كما أن المحطات العربية بحاجة إلى صناعة برامج خاصة بالأطفال تقدم لهم الحوار والمساهمة نظرا لأن عددا من برامج الأطفال تعتمد على الرسوم المتحركة والتي تبعد عن الواقع من حيث صعوبة تقليدها وتغرس في نفوس الأطفال نوعا من الانهزام فلا بد أن يكون الطفل طرفا إيجابيا ومؤثرا ومن المهم مشاركته وذلك يعود الى الاهل وتوعية ابنائهم لتلك البرامج واختيار ما يناسبهم لمشاهدته إضافة إلى أهمية التركيز على التمييز بين مخاطر ومضار ومساوئ مشاهدة البرامج الكرتونية التي لا تناسب أعمارهم .
وتؤكد ميرفت اسماعيل ان أفلام الكرتون والرسوم المتحركة الموجهة للأطفال، من الممكن أن تكون خطرا حقيقيا، وتتحول إلى سموم قاتلة، وخاصة عندما تكون صادرة عن مجتمع يختلف في بيئته وفكره وقيمه وعاداته وتقاليده عن مجتمع الطفل المتلقي لها .
مشيرة انه بذلك سيحاول هذا الطفل التعايش مع هذه الأعمال، والاندماج بأحداثها وأفكارها، ولكن في إطار خصوصيتها وهويتها التي تفرضها مجتمعاتهم وبيئاتهم، فتصبح هذه الأفلام والمسلسلات مثل الدواء الذي صنع لداء معين، ثم يتم تناوله لدفع داء آخر، فتصبح النتيجة داء جديد.
سابقا ذات هدف
وعبر عادل ذيب إن الأفلام الكرتونية التي كانت تعرض في السابق كانت ذات هدف معين وواضح، وكانت موافقة لعقلية الطفل الصغير على العكس من الان حيث اصبحت بعيدة عن الواقع ونظرا للتحول الثقافي والانفتاح الإعلامي، فقد أقحم فيها الخيال بشكل كبير، وأصبح فيها معاني بارزة تمس نشأة الطفل، كما وتؤثر على معتقداته الدينية .
تذكر زينب ياسر قصتها مع طفلتها البالغة ثماني سنوات من العمر والتي تحاول التشبه بشخصية «جنجر» والتي اغلب احداثها رومانسية وهذا مرفوض بالنسبة لفتاة بعمرها.
مبينة اين فيلم الكرتون «سالي» والذي كان يتعلم منها الطفل العبرة والنفس الطيبة او «صاحب الظل الطويل» والذي يحث الناس على فعل الخير مستغربة من تلك الافلام التي تمتلك العنف والقتل وتعبر عن مجتمع غير مجتمعنا .
احداث مقبلة
وتؤيده الرأي لمياء زياد حيث كانت متابعتنا قديما للرسوم الكرتونية المتحركة رهيبة جدا. قائلة: لدرجة أننا كنا ننتظر انتهاء اليوم لنرى ما الأحداث المقبلة، لكن في وقتنا الحالي لا أرى قصة قيمة في الرسوم الكرتونية والتي تزرع القيم الأخلاقية في نفوس الأطفال ولا أعلم ما الفائدة منها مثل رسوم الحيوانات الآلية، (داي الشجاع، المراهقة الآلية، بن تن)، ولا أعلم ما الأهداف التي تحاول توصيلها للأطفال، إضافة إلى ذلك نجد أنه من النادر جدا عرض رسوم متحركة دينية تهدف إلى تثقيف الأطفال عن أيام الأنبياء والرسل، وأيضا نادرا ما نجد طفلا يجلس ليتابع هذه القصص، لذلك من واجب القنوات الفضائية التركيز في أهمية عرض الرسوم المتحركة الهادفة وبشكل يومي.
اكتساب سلوكيات عنيفة
وتروي سمية قصتها مع ابنائها حيث تقول :أنه في الوقت الحالي اصبحت الاحظ ان اطفالي اكتسبوا سلوكيات عنيفة وحب القتال بين بعضهم بسبب ما يتم عرضه من الرسوم المتحركة الحديثة، حيث اصبح ابني يسارع في تطبيق ما يشاهده على اخوته او ابناء المنطقة .
مضيفة: «عن نفسي يوجد فرق كبير بين رسوم الماضي والحاضر فقديما كانت الرسوم ترشدنا للوصول إلى هدف معين والالتزام بالأخلاق والقيم وأخذ النصائح والعبر وكان لها معنى، مثل «عهد الأصدقاء، سالي، لولو الصغيرة»، وغيرها من الرسوم الجميلة التي تحث على العديد من القيم والأخلاق وقد استفدت منها الكثير لأن كل قصة تدل على حدث معين مثل الصدق والأمانة، الشجاعة، التعلم من الأخطاء، وغيرها، أما الحديثة تحث على العنف والقتال والقصص الرومانسية.
وتنصح سمية الاهل بحث ابنائها بمشاهدة قصص الأنبياء وسماع القرآن والأناشيد.
مواكبة تطور
ذكرت الاخصائية الاجتماعية رانيا الحاج علي ان الرسوم المتحركة الحالية هي مواكبة تطور قد يكون مبالغا إذا كان الانفلات أسرياً وقد يسمح بالانجراف وراء ما تقدمه الشاشات خصوصا ان لم يكن هناك ثمة رقابة أسرية، لكن ليست الرسوم وحدها من تعلم الطفل وتؤثر بهم، التأثير صار يتسرب من الانترنت وألعاب العنف والأصدقاء، مبينة ان الرسوم المتحركة حاليا تمثل هذه الأشياء كلها وتأثيرها لن يكون سيئا إذا كانت التربية قيمة وقائمة على إبراز حقيقة.
لا ننكر ان هناك رسوما تعرض و تكون سيئة ولكن هناك اخرى فيها اشياء صحيحة لابد أن نعيش به ونفعله. قائلة ان الاطفال هم ثروة الحاضر وعدة المستقبل في أي مجتمع يخطط لبناء الإنسان الذي يعمر به الأرض ويدعم بفاعليته وجوده الانساني ويؤكد تواصله الحضاري فهم بهجة الحياة ومتعة النفس لأننا لو نظرنا للحياة في وجهها المضيء لوجدنا ان الاطفال هم زينتها لذلك على الجميع المشاركة بالمحافظة عليهم.
رد مع اقتباس
المفضلات