خلود خطاب واحدة من ربات البيوت اللواتي يهربن من غلاء وارتفاع أسعار بعض السلع، للبحث عما هو متوفر بسعر أقل، بغض النظر عن نوعية السلعة وجودتها.
وتقول خلود، إن "من بين السلع التي تحتاج لميزانية خاصة مواد التنظيف، حيث أضطر للبحث عن المنظفات الأقل كلفة، أو تلك التي تباع بالكيلو، والمتوفرة في بعض المحال، أو مع الباعة المتجولين في "البكبات"، التي تتم تعبئتها بعبوات أو أكياس بلاستيكية".
خلود، التي تشتري مواد التنظيف بمختلف أنواعها شهريا بسعر لا يتجاوز 3 دنانير، لا تعلم كغيرها من ربات البيوت أن هذه المواد تحتوي على مواد كيماوية تشكل خطرا على الصحة، وتتسبب بأمراض جلدية إذا لم يتم تصنيفها وفقا للمواصفات القياسية المتبعة، بحسب مختصين.
وهذا الأمر يحذر منه ممثل قطاع الصناعات الكيماوية في غرفة صناعة الأردن نبيل إسماعيل، حيث لا يحبذ استخدام أي مواد تنظيف تباع بدون وجود ملصقات تحدد اسم المنتج أو الشركة الصانعة والمكونات، لأنها قد تحتوي على مواد تضر بالصحة والبيئة، ما يشكل خطرا على المستهلك.
ويؤكد إسماعيل ضرورة أن تكون هذه المواد خاضعة للشروط والمواصفات قبل إخراجها للسوق، حيث إن هناك شروطا مفصلة تحدد طبيعة المواد وسلامتها من ناحية صحية، وكذلك من ناحية الميكروبات والملوثات التي قد تكون موجودة أو تحتويها هذه المواد، وبالتالي فإن هذا النوع من المنظفات الذي يباع بالجملة، بدون معرفة تفاصيل المنتج، يشكل خطرا على صحة المواطنين، لذلك يجب وقف انتشار هذه المنتجات والعمل على عدم إتاحة الفرصة لتسويقها.
ويبين أن هذه المنتجات تسيء للصناعة الأردنية، موضحا أن هناك مصانع تشكو من أن هؤلاء الباعة والمنتجين يبيعون بأسعار تكاد تكون أقل من كلفة المواد الخام، وأن بعض مراكز البيع الكبيرة تتعاون لترويج هذه السلع، عبر عروض، مثل "3 عبوات بدينار"، بدون ذكر أي تفاصيل فيما يتعلق بالمكونات والإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية.
ويرى إسماعيل أنه يجب توعية المستهلكين، وعلى مؤسسة المواصفات والمقاييس عمل جولات ميدانية على هذه المراكز، ومصادرة أي سلع مخالفة، ومطالبة مراكز البيع بعدم شراء أو عرض مواد غير مطابقة للمواصفات والمقاييس تحت طائلة المسؤولية، مشيرا إلى أنه يجب أن يتحمل المسؤولية كل من البائع والمنتج، لأن المواطن ليست لديه الخبرة لتمييز نوعية المنتج، وبهذا يتم استغلاله عبر بيعه سلعة بلا جودة وبسعر ضئيل.
ويرجع مختصون في الأمراض الجلدية استخدام ربات البيوت لهذه المواد، إلى غياب الوعي، وقلة المعرفة بمخاطر استخدام مواد غير خاضعة للمواصفات والمقاييس، ما يوقع عددا منهن في مشاكل جلدية وصحية وبيئية.
وينصح اختصاصي الأمراض الجلدية الدكتور عميش عميش، بعدم استخدام مواد التنظيف بجميع أشكالها وأنواعها، وحتى الخاضعة منها للمواصفات والمقاييس بشكل مباشر على الجلد، وذلك لتأثيراتها الجانبية والسلبية على جسم الإنسان، مؤكدا أن مؤسسة الدواء والغذاء تحرص على نصح ربات البيوت بذلك.
ويبين عميش أن 50 % من ربات البيوت في المملكة يصبن بـ"أكزما اليدين"، بسبب تأثير استخدام المنظفات بشكل مباشر على الجلد.
وينصح باستخدام قفازات لليدين عند استخدام مواد التنظيف بجميع أشكالها، وعدم استخدام منظفات المطبخ كبديل للصابون لغسل اليدين، مشيرا إلى أن استخدام مواد غير خاضعة للمواصفات والمقاييس، يتسبب بتدمير الخلايا الجلدية وظهور تقرحات والتهابات مايكروبية.
وتتحدث ربة البيت تهاني التلاوي عن تجربتها مع مواد التنظيف غير الخاضعة للمواصفات، حيث تقول إنها لم تكن تعرف مدى خطورة استخدام مواد التنظيف التي لا تخضع للمواصفات والمقاييس، مشيرة الى أنها كانت تبتاع مختلف مواد التنظيف بسعر قليل، ما كان يخفف عليها بعض النفقات، مضيفة أنها أصيبت مؤخرا بالتهاب واحمرار وحكة دائمة في عينيها، وعند مراجعتها للطبيب أخبرها بأنها مصابة بفيروس ناتج عن استخدامها لمواد التنظيف غير الخاضعة لشروط السلامة العامة، وتحتوي على مواد كيميائية تؤثر في العين بشكل مباشر.
وعلى الرغم من أن مؤسسة المواصفات والمقاييس تؤكد أنها تقوم بدورها الرقابي والتفتيشي على هذه المنشآت الصناعية، غير أن بعض سكان المناطق الشعبية يبينون أنه يتم، في كثير من الأحيان، تصنيع هذه المواد داخل المنازل، أو المحلات والأماكن البعيدة عن الرقابة والتفتيش، ويتم بيعها لـ"الدكاكين" في المناطق الشعبية بأسعار قليلة أو تسويقها مع المتجولين، حيث تتم تعبئتها بأكياس بلاستيكية.
ويبين مالك بقالة في منطقة حي نزال، أنه يشتري مواد التنظيف من أحد الذين يقومون بتصنيع هذه المواد في محل تابع لسكنه، مشيرا إلى أن هناك طلبا كبيرا على هذه المواد من سكان المناطق الشعبية.
بدورها، تؤكد مؤسسة المواصفات والمقاييس أن الكوادر الفنية التابعة للمؤسسة تقوم بزيارات مفاجئة ومتواصلة، للمصانع المنتجة لمواد التنظيف، وتقوم بحملات تفتيش على كل من المولات والمحلات التي تبيع هذه المادة، حيث قامت بـ27 زيارة خلال العام الحالي، وأنذرت ثلاثة مصانع، لتصويب عملها، كما قامت بسحب وإتلاف 6 أنواع من مواد التنظيف من محلات تجارية ومولات خلال العام 2012، وأنذرت المخالفين للقيام بتصويب عملهم فورا، ضمن القواعد الفنية، وضرورة تصويب عملهم قبل بيع منتجاتهم، وفق تقرير للمؤسسة.
وتشدد ربة البيت بسمة مناصرة، على ضرورة استخدام قفازات اليدين، قبل البدء باستخدام مواد التنظيف، قائلة "من غير الممكن أن أستخدم مواد التنظيف بشكل مباشر على الجلد، لأن ذلك سيوقعني في مشاكل جلدية، خصوصا أن استخدامي لهذه المواد يزيد على مرتين في اليوم".
وتوضح مناصرة أنها لا تغامر بشراء مواد تنظيف لا تحتوي على ملصقات، تبين اسم المصنع والمحاذير الصحية وتاريخ الإنتاج.
ويؤكد رئيس جمعية حماية المستهلك محمد عبيدات، أن الجمعية تقوم بتحذير المواطنين بأن السلع الأقل سعرا تكون على حساب جودة المنتج، وذلك من منطلق أن أغلب المواطنين لديهم ثقافة البحث عن السلع الأقل سعرا، مبينا أن انتشار المواد غير الخاضعة للمواصفات غالبا ما يكون في المناطق الشعبية. ويحذر عبيدات من تداول تلك السلع وانتشارها، لما تحمله من خطورة على صحة الإنسان، داعيا المستهلكين لاستعمال مواد واضحة المكونات، والشركة المصنعة، والمحاذير الصحية.
كما يشدد على أن المنظفات الرخيصة قد تحتوي على مواد كيماوية خطرة، وأن البعض قد يقوم بتصنيعها من مخلفات المصانع، محذرا من خطورة هذه المواد على الأطفال.
المصدر: الحقيقة الدولية - الغد
رد مع اقتباس
المفضلات