العربية.نت

أفاد تقرير مطول نشر، اليوم الاثنين، بأن فيلماً توعوياً يتناول ظاهرة التحرش الجنسي في الجامعات الأردنية أنتجته مجموعة طالبات، أطاح بـ12 عميداً.

وقالت صحيفة "الحياة" اللندنية إنه فيما يعتبر رئيس الجامعة الأردنية، الدكتور خليف الطراونة، قراره إجراء استبدال لـ12 من العمداء "حرية إدارية تتيحها له أنظمة الجامعة كرئيس لها"، يرى متابعون ومنظمات حقوقية أنها تعسفية، استهدفت التمويه من أجل معاقبة عميدة كلية اللغات في الجامعة الدكتورة رلى قواس على مواقفها المدافعة عن المرأة، بعد عرضها فيلماً أعدته طالبات من الكلية تحت إشرافها يفضح تفشي ظاهرة التحرش ضد الطالبات في الجامعة.

وكانت" قواس" قد ساعدت مجموعة من الطالبات، ضمن مساق تدرسه هو "النظرية النسوية" على إعداد شريط فيديو قصير حول ظاهرة التحرش الجنسي، التي تتعرض لها الطالبات في حرم الجامعة، في الفصل الدراسي الثاني للعام 2011، وقد تم نشر الفيلم على موقع "يوتيوب" بعد ستة أشهر، ما أثار حملة انتقادات واسعة اتهمت القائمات على إعداده، بأنهن "يدعون للانفلات والإباحية، وتجريد المجتمع من كل قيمه".

وأوضحت الصحيفة، أن كثيرين ممن شاهدوا الفيلم، دافعوا عنه واعتبروه توعوياً، يدعو بوضوح إلى محاربة ظاهرة التحرش الجنسي، والتي تؤكد مؤشرات ومعطيات كثيرة وجودها بالفعل في المجتمع الأردني، وانبرى عدد من هؤلاء لتنظيم حملة إلكترونية واسعة، شارك فيها ناشطون في حقوق الإنسان، إضافة إلى طلاب سابقين درسوا مع قواس، وكتّاب في صحف محلية، للتأكيد أن قواس «تعرضت لانتقام بسبب إشرافها على الفيلم".

وفي يوليو/تموز الماضي، وبعد شن حملة انتقادات واسعة على الفيلم من قبل بعض وسائل الإعلام، استدعى رئيس الجامعة "قواس"، مطالباً إياها بتفسير مشروع الطالبات، قائلاً لها إن "الفيلم أضر بسمعة الجامعة"، وقد دافعت قواس يومها عن الطالبات، اللواتي أنتجن الفيلم، بقولها إنه "نتاج مشروع يتبنى حقهن في التعبير والبحث".

وعلمت "قواس" في سبتمبر/أيلول من الصحف أنها أقيلت من منصبها، بعد انتهاء سنة واحدة فقط من العقد. وفي اليوم التالي من نشر خبر الإقالة، اجتمع الطراونة مع العمداء لإبلاغهم بقراره، وبأنه "يأتي ضمن صلاحيات الرئيس الجديد".

وبحسب لجنة الحريات الأكاديمية، التابعة لجامعة دراسات الشرق الأوسط في الأردن، فإنه "في ظل عدم وجود أي وثائق تشير إلى ضعف أداء قواس في واجباتها الإدارية، ونظراً لتوقيت إقالتها، والذي يعتبر غير لائق، لا يمكننا إلا أن نخلص إلى أنه تم إنهاء مهماتها كعميد نتيجة لعملها مع الطالبات على فيلم حول التحرش الجنسي".

وكانت قواس عينت من قبل الرئيس السابق للجامعة عادل الطويسي، في 11 أيلول 2011 عميدة لكلية اللغات، لمدة عامين، وفقاً لقرار من مجلس الأمناء.

ويؤكد الطراونة أن استبدال قواس هو "قرار إداري بحت"، فيما اعتبرت الرسائل الدولية المستهجنة للقرار، أنه "جاء على خلفية إشراف قواس على فيلم أنتجته طالبات في الجامعة العام الماضي، ضمن مساق تدرسه قواس، وعرض لقضية التحرش في حرم الجامعة".

وبحسب الصحيفة، وصلت إلى الطراونة ثلاث رسائل دولية، آخرها كانت موقعة من 25 بروفيسورة يعملن كمديرات لمراكز دراسات لقضايا المرأة في أكثر من بلد، انتقدن فيها قرار رئاسة الجامعة، واعتبرن أنه "ينتهك الحرية الأكاديمية".

ودعت الرسالة الطراونة إلى إعادة قواس، التي تدرس حالياً في كلية اللغات، إلى منصبها، عميدة للكلية، وأكدت أنها "تحظى بسمعة أكاديمية جيدة، واستطاعت خلال فترة خدمتها كعميدة، ومن قبلها كأستاذة، خلق نوع من التغـيير في ما يخص الدفاع عن حقوق المرأة".
"حقوق الإنسان" تستنكر

وفي السياق ذاته، أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومقرها القاهرة، بياناً استنكرت فيه "عزل" قواس من منصبها، مطالبة بإعادتها إليه، و"التوقف عن ممارسة أي إجراءات تعسفية ضدها".

واعتبرت أن ما تعرضت له قواس "اعتداء واضح على حرية البحث الأكاديمي وحرية التعبير، ويمثل مؤشراً إلى توجه ضيق الأفق، يفضل إخفاء الحقائق، بدلاً من مواجهتها، وهو أمر من المزعج جداً أن يصدر عن مؤسسة بحثية وتعليمية".

وكانت قواس أكدت في تصريحات صحافية سابقة، أهمية تغيير النظرة المجتمعية للمشاريع التي تحاول التصدي للظواهر السلبية، وخاصة تلك المدافعة عن حقوق المرأة، مبدية إحباطها من "إصرار الشريحة الأكبر على مهاجمة أي مشروع يهدف للتغيير للأفضل".