أجرى الحوار - فيصل ملكاوي - قال وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال وزير الثقافة سميح المعايطة ان خطاب جلالة الملك الذي القاه امام ابناء شعبة مؤخرا شكل رسالة صدق من جلالته للأردنيين والعالم فالثقة والقوة والحديث المباشر كانت رسالة على قوة الدولة الأردنية وقدرتها على ادارة المراحل الاستثنائية.
واضاف في حوار خاص مع «الرأي» ان الانتخابات النيابية القادمة ليست عملية انتخاب لمجلس جديد فحسب لكنها خطوة إصلاحية أحد أهم أهدافها اعادة ثقة الأردنيين بفكرة الانتخابات
و ان الانتخابات النزيهة هي رد عملي وحازم ومنطقي على معسكر التشكيك والعدمية وانكار كل منجز وطني.
وقال ان تسجيل أكثر من مليونين وربع من الناخبين يؤكد إيمان الأردنيين بوجود مسار إصلاحي منتج وما جرى استفتاء نزيه على فكر الأردنيين ونهجهم المؤمن بأن التشكيك ورفض كل انجاز وإدارة الظهر ومقاطعة كل شيء ليس خيارهم وليس طريقا لأنجاز إصلاح وتغيير حقيقي.
واكد ان نزاهة الانتخابات المقبلة بمعناها الشامل تعني التزام الناخب والمرشح والبنى الاجتماعية والسياسية بأحكام القانون ومحاربة بيع الضمائر وامتهان كرامة المواطن من خلال تحويله إلى سلعة بيد حاملي حقائب الدنانير والهدايا العينية لكن العبء الأكبر يقع على الجهات الرسمية لأن التجارب السابقة صنعت قناعات سلبية لاتزيلها إلا تجربة ايجابية ساطعة النزاهة.
وقال ان الإخوان المسلمين يحتاجون إلى مراجعة وتقييم لسياساتهم ومواقفهم فقد لقيت الجماعة في الأردن ومنذ أيامها الأولى رعاية من مؤسسة الحكم وكان الأردن متنفسا لكل فروع الجماعة عبر عقود من ضيقها ومحاولة اجتثاثها في دول عديدة.
واشار الى ان الدولة تريد الاخوان كما كانوا ظاهرهم مثل باطنهم لكن التحدي الأساسي أمامهم هو في امتلاك بوصلة ومسار ينسجم مع مسارهم التاريخي.
واكد ان الجماعة هي المتضرر الأكبر من استمرار المقاطعة لأنه يعني قرارا من الجماعة باقصاء نفسها من الحياة السياسية داعيا الجماعة لإلغاء قرارها باقصاء نفسها وان تعيد قراءة واقعها وحساباتها خصوصا خطأ الحسابات المبني على تطورات المشهد الاقليمي.
واشار الى ان الديمقراطية تعطي لأي قوة سياسية حق تحديد أولوياتها بما في ذلك المقاطعة لكن حدود المقاطعة لاتمتد إلى التفكير بالحاق الاذى بالعملية الانتخابية التي هي حق للدولة والمواطن ومسار وطني لبناء المؤسسات الدستورية.
وحول بيان الاخوان المسلمين الذي شكك بالعملية الارهابية التي احبطها جهاز المخابرات العامة اكد ان الدولة لا تحتاج لاختلاق قضايا أمنية وعقلية التشكيك جزء من فكر سياسي لا يخدم صاحبه ولعل النظر إلى ما حولنا يجعل كل منصف يقف إجلالا للمؤسسة الأمنية الأردنية على قدرتها الاحترافية وحسها الوطني.
وقال وحتى لو كانت قضية الخلية الإرهابية مفبركة فماذا عن الإشتباكات بعد الإعلان بساعات بين الجيش العربي وخلايا مسلحة أخرى حاولت اختراق الحدود وماذا عن الشهيد البطل محمد المناصير فهل هو حالة مفبركة.
موكدا ان من يقدم نفسه وروحه في سبيل الله ودفاعا عن وطنه من رجال الجيش والأمن والمخابرات ينتظر الأجر من الله ولاينتظر برقية عزاء ولايضيره جحود فرد أو مجموعة قليلة.
وحول برنامج الحكومة لتعزيز التواصل مع ابناء المحافظات وعد م حصر ذلك مع النخبة في عمان اكد انه من المهم ان تدرك الحكومات ان ما كان في عقود مضت من خلل في التنمية الاقتصادية بين العاصمة ومحافظات الأطراف يجب ان لا يتكررعلى صعيد الاهتمام السياسي.
وحول التحدي الاقتصادي ومسالة الية الدعم للمواطن اكد انه علينا ان نعترف ان التحدي الأكبر الذي يواجه الدولة هو التحدي الاقتصادي وإيجاد حلول لتخفيف عجز المواطنة وإيجاد حلول حقيقية لتزايد فاتورة الطاقة التي تشمل انتاج الكهرباء والمستقات النفطية.
واشار الى ان المعادلة المطلوبة ان تضع الحكومة كل المعلومة أمام الأردنيين وهذا ما تقوم به الحكومة أو بدأت به. ولابد أيضا من معادلة جديدة للدعم الذي تتحمله الخزينة تخفف العبء عن الموازنة وتقدم لكل مواطن مستحق حقه في الدعم.
وفيما يتعلق بالموقف الاردني من الازمة السورية اكد تميز الموقف السياسي الأردني بالثبات والوضوح منذ بداية الازمة « فلا تدخل في الشأن السوري الداخلي ومع الحل السياسي وضد التدخل الخارجي.»
وردا على سؤال حول الجهود الكبيرة التي يبذلها الجيش الاردني على الحدود مع سوريا لم يكن مدهشا لأي أردني ان يرى الجيش العربي الأردني يقدم الأداء الرفيع في حماية حدود الأردن وان يضيف اليها تعاملا إنسانيا حضاريا رفيع المستوى في استقبال عشرات الالاف من الإشقاء السوريين.
وحول التقارير الصحفية التي تتحدث عن وجود قوات اجنبية على الحدود مع سوريا اوضح أن التعاون مع دول شقيقة وصديقة ليس أمرا مرتبطا بالملف السوري لا زمانا ولامكانا فالأردن تربطه علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة ودول عديدة وبرامج التدريب والتعاون مستمرة في كل المجالات وهناك اعداد من الخبراء من هذه الدول يتواجدون بين فترة واخرى في الأردن ضمن هذه البرامج.
وتاليا نص الحوار..



كان خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني الاخير الذي القاه امام اكثر من ثلاثة الاف من ابناء شعبه واضحا ومباشرا في كافة محاوره فقد تناول جلالته كافة الملفات بدءا من المشاركة في الانتخابات التي تحدد جحم التغيير وكذلك طبيعة الحكم والنظام في الاردن حتى انه تناول الدعوات المعزولة التي اطلقت لاسقاط النظام...
الخطاب حمل رسائل كثيرة ووضع الجميع امام مسؤولياته وبالتاكيد الحكومة لها ما تقوله بشان الاهتداء بمضامين الخطاب الملكي في عملها؟
لقد مثل خطاب جلالة الملك رسالة صدق من جلالته ليس فقط للأردنيين بل للعالم. فالثقة والقوة والحديث المباشر كانت رسالة على قوة الدولة الأردنية وقدرتها على ادارة المراحل الاستثنائية. فالعالم يراقب المشهد الأردني الداخلي سياسيا واقتصاديا ويراقب قدرتنا على ادارة آثار الأزمات الإقليمية علينا. وهناك أصدقاء ومحبون للأردن يتمنون له الخير وآخرون يتصيدون أي ضعف لإقدر الله.
خطاب جلالة الملك بكل مضامينه تعزيز لفكر الإصلاح عندما يؤكد جلالته على مشروعية الحراك الإيجابي والمعارضة البناءة. وأيضا عندما يدعو كل مؤمن حقيقي بالاصلاح إلى الاستمرار بالسعي لكن عبر الطريق الدستوري ومن خلال المشاركة في الانتخابات وأمتلاك سلطة التغيير في البرلمان وحتى الحكومة القادمة.
وبكل الثقة شاهد العالم زعيما واثقا يناقش كل ما يقال حتى من نفر قليل غير مؤثر. وشاهدوا نبض الأردنيين الصادق المؤمن بالدولة واستقرارها إلى جانب الحرص على الإصلاح والأمن.

الانتخابات النيابية باتت حقيقة لا مجال للتاويل حيالها فقد تم حل البرلمان وتم تحديد موعد الانتخابات في الثالث والعشرين من كانون ثان المقبل وصحيح ان مسالة ادارة والاشراف على الانتخابات تقوم بها الهيئة المستقلة للانتخابات لكن الاستحقاق الانتخابي مسالة وطنية والجهود فيها تتكامل ولا تتداخل فماذا لدى الحكومة لجعل هذه المحطة مشرقة في برنامج الاصلاح الاردني ؟
الانتخابات النيابية القادمة ليست عملية انتخاب لمجلس جديد فحسب لكنها خطوة إصلاحية أحد أهم أهدافها اعادة ثقة الأردنيين بفكرة الانتخابات. وأيضا تجسيد ما تم من إصلاحات تشريعية في مسار عملي يعيد بناء المؤسسات الدستورية بشراكة كاملة من المواطنين سواء مجلس النواب أو الحكومات البرلمانية. لهذا فنزاهة الانتخابات القادمة ليست عملية إدارية بل هي تحد يواجه الدولة في النجاح بإعادة ثقة الأردنيين بفكرة الانتخابات وجدواها
وعلينا ان ندرك أيضا ان نجاحنا جميعا في إجراء انتخابات نظيفة وفق احكام القانون يعزز انجاز الدولة بانشاء الهيئة المستقلة للانتخاب لأن أهمية الهيئة أنها تصنع حيادا وموضوعية السلطة التنفيذية. فقيمة وجود الهيئة تتجسد كحالة إصلاحية إذا عاش الأردنيون تجربة انتخابية وفق احكام القانون
وندرك جيدا ان الانتخابات النزيهة رد عملي وحازم ومنطقي على معسكر التشكيك والعدمية وانكار كل منجز وطني..
وتعلم الحكومة ان حيادها في المرحلة القادمة هو الدعم الأهم للهيئة المستقلة لهذا كان وقف كافة التعيينات وبخاصة في المواقع المتقدمة منعا لأي انحياز انتخابي. كما طلب رئيس الوزراء من كافة الوزراء الابتعاد عن كافة الشبهات الانتخابية وكل مايخل بنزاهة الانتخابات.يضاف إلى هذا الدعم الإداري والمالي الذي تلتزم الحكومة بتقديمه للهيئة لانجاح عملها
أمامنا محطة وطنية مفصلية. وهي اختبار للفكر الإصلاحي في الدولة الأردنية سواء رسميا أو شعبيا. والمشاركة من قبل أي حزب اختبار لفكره الإصلاحي فالمزيد من الإصلاحات وقوة المؤسسة التشريعية وبناء حكومات برلمانية لن يصنعها فكر المقاطعة والبحث عن أخطاء الاخر بل الشراكة الوطنية في صناعة مزيد من الإصلاحات.

سجل للانتخابات النيابية نحو 2مليون 278 الف مواطن وهناك من يرى ان هذه النسبة العالية هي نوع من الاستفتاء على نجاح برنامج الاصلاح الاردني من الغالبية امام دعوات المقاطعة فماذا تقولون في هذا الشان ؟
المنطق الوطني والفكري يؤكد ان السعي للاصلاح يعني الإيجابية والمشاركة وهذا ما أثبته الشعب الأردني خلال عملية التسجيل للانتخابات النيابية التي كانت الأولى التي تتم تحت إشراف وإدارة الهيئة المستقلة للانتخابات وكانت عملية بناء سجل انتخابي جديد خال من الثغرات.
ان تسجيل أكثر من مليونين وربع من الناخبين يؤكد إيمان الأردنيين بوجود مسار إصلاحي منتج. ويعبر عن قناعتهم بأن ما تم كان إنجازا يستحق البناء عليه من خلال العملية الانتخابية. وما جرى استفتاء نزيه على فكر الأردنيين ونهجهم المؤمن بأن التشكيك ورفض كل انجاز وإدارة الظهر ومقاطعة كل شيء ليس خيارهم وليس طريقا لانجاز إصلاح وتغيير حقيقي.
ما جرى خلال عملية التسجيل حالة سياسية وفكرية عبرت عن نهج أغلبية الأردنيين ومؤشر حقيقي على جدية الدولة بانجاز انتخابات نزيهة. ورسالة لفكر العزلة والمقاطعة بأنه لا يخدم إصلاحا وأول المتضررين منه هم حملته والمروجون له.

هناك الكثيرون ممن يعتقدون ان مسالة قانون الانتخاب يمكن تجاوزها ونسبة التسجيل العالية تدل على ذلك لكن المهم ايضا بالنسبة للاردنيين الذي لا يمكن تجاوزه هو حدوث أي تلاعب او تزوير في الانتخابات المقبلة فهل يمكن الاطمئنان ان هذا الهاجس انتهى الى غير رجعة ؟
نزاهة الانتخابات القادمة جزء من البرنامج الإصلاحي للدولة. وهي حق للأردنيين وفريضة سياسية ووطنية. لأن الأمر يتعدي انتخابات المجلس القادم إلى اعادة الثقة بالعملية الانتخابية بشكل كامل.وكل متابع لاقوال جلالة الملك خلال العامين الأخيرين وتحديدا ما يتعلق بالانتخابات يدرك ان جلالته يريد اعادة بناء علاقة الأردنيين بالمؤسسات الدستورية وفق قواعد سليمة بحيث تكون تعبيرا عن مشاركة كل مواطن في صناعة القرار من خلال ممثليه في مجلس النواب والبلديات والحكومات البرلمانية.
وإذا كانت نزاهة الجهات الرسمية فريضة لانجاز انتخابات تعبر عن ارادة الأردنيين فإن النزاهة بمعناها الشامل تعني التزام الناخب والمرشح والبنى الاجتماعية والسياسية بأحكام القانون ومحاربة بيع الضمائر وامتهان كرامة المواطن من خلال تحويله إلى سلعة بيد حاملي حقائب الدنانير والهدايا العينية.
النزاهة منظومة كاملة وكلنا شركاء في انجاز انتخابات نظيفة معيار نزاهتها الالتزام بأحكام القانون. لكن العبء الأكبر على الجهات الرسمية لأن التجارب السابقة صنعت قناعات سلبية لاتزيلها إلا تجربة ايجابية ساطعة النزاهة.

الاخوان المسلمين لازالوا على موقفهم بان قانون الانتخاب مرفوض ويصرون على البقاء في الشارع وادامة حراكهم وان قرارهم بمقاطعة الانتخابات لا رجعة عنه في الوقت الذي كانت فيه الفرصة امامهم مفتوحة للمشاركة وبذلت جهود كبيرة واتصالات عديده لثنيهم عن المقاطعة.. بعد ان تم تحديد موعد الانتخابات وانتهت فترة التسجيل وحل البرلمان.. الى اين تسير العلاقة مع الاخوان وهل لدى الحكومة تصور ما في هذا الاتجاه ؟
الإخوان المسلمون مثل أي تجمع سياسي أو فكري يحتاج إلى مراجعة وتقييم لسياساته ومواقفه. ومثلما يطالبون بالاصلاح في الساحات التي يعملون بها فإن عليهم ان يستمعوا للأصوات التي تطالبهم بمراجعة مواقفهم الكبرى أو التفصيلية سواء كانت من داخل الجماعة أو خارجها
وقد لقيت الجماعة في الأردن ومنذ أيامها الأولى رعاية من مؤسسة الحكم وكان الأردن متنفسا لكل فروع الجماعة عبر عقود من ضيقها ومحاولة اجتثاثها في دول عديدة.
الدولة الأردنية لم تغير نهجها تجاه الجماعة لكن الجماعة شهدت تحولات عديدة منذ منتصف التسعينات وحتى اليوم نتيجة عوامل ومحطات عديدة وكل الباحثين والعارفين وحتى أبناء الجماعة. وقضية الجماعة ليست مع الحكومات لأن الدولة تريد الإخوان جزءا من نسيجها السياسي وتريدهم شركاء في ادارة الدولة تحت مظلة الدستور. وتريدهم كما كانوا ظاهرهم مثل باطنهم. لكن التحدي الأساسي أمام الإخوان هو في امتلاك بوصلة ومسار ينسجم مع مسارهم التاريخي.
دعوات عديدة ومستمرة توجهها جهات عديدة للجماعة بمراجعة قرار المقاطعة. لأن الجماعة هي المتضرر الأكبر من استمرار المقاطعة لأنه يعني قرارا من الجماعة باقصاء نفسها من الحياة السياسية. وأي حزب سياسي يمتلك طريقا للمشاركة عبر المؤسسات الدستورية لإيدهب للمطالبة عبر الشارع. فالانتخابات طريق للسلطة ونحن ندعو الجماعة للامتلاك السلطة من خلال صناديق الاقتراع التي تصل بهم إلى البرلمان والحكومة.
مرة أخرى الدولة تدعو الجماعة لإلغاء قرارها باقصاء نفسها وان تعيد قراءة واقعها وحساباتها. فالأصلاح ليس قضية الجماعة بل برنامج الدولة الذي يقوده جلالة الملك ونريدها ان تكون جزءا من هذا المسار. بما يخدم الأردن بعيدا عن أي حسابات خاصة لأي طرف.

هناك تحليلات تقول ان الاخوان في الاردن لا يريدون المشاركة في العملية السياسية لان عينهم على ما يجري في الاقليم خاصة مع صعود افرع للتنظيم الدولي الى الحكم في عدد من الدول العربية مثل تونس ومصر وكذلك انتظار ما ستؤول اليه الامور في سوريا.. كيف يمكن التعامل مع الاخوان اذا ما كانت بالفعل هذه الاجندة الاساسية لبرنامجهم ؟
العديد من القوى في المنطقة كانت تقرأ الأحداث وتبني خطواتها بناء على المشهد الإقليمي وتداعياته والأخوان كحالة تنظيمية دولية اعتبرت ان الربيع العربي يصب في مصلحتها لكن هذا تقييم لايمكن تعميمه على كل الدول لكن البعض تحت تأثير تسارع الأحداث اتسعت شهيته السياسية وانعكس هذا على دقة الحسابات ومعادلة ادارة العلاقة مع المعادلة الوطنية الداخلية.
والقارئ للأحداث حولنا يدرك ان التنظيمات الإخوانية التي تسلمت السلطة في بعض الدول عادت لتعمل وفق معادلة الأولويات الوطنية لشعوبها وهي مسارات ايجابية وطبيعية أي ان المعادلة الوطنية هي الأولوية التي يجب ان لاتتراجع تحت أي أولوية أخرى.
ان ميزة أي قيادة لأي تجمع سياسي أو اجتماعي هي في القدرة على قراءة المعادلات والأحداث ومن يعرف الأردن وقدرة قيادته ومنهجية شعبه تكون مساراته سليمة. فالأردن لم يكن دولة بوليسية ولا وطنا للقمع والاجتثاث ويوم ان كان الإخوان في ساحات أخرى يبحثون عن الاعتراق كان الإخوان في الأردن نوابا واعيانا ووزراء بل وجزء من مؤسسات الدولة وأبواب الحكم وقلبه مفتوح لهم بل حاميا لحقهم في العمل السياسي.
الأردن أولا شعار نحتاج ان نستعيده في زمن الربيع العربي لأنه قادر ان يبني أولوياتنا ويحدد خطواتنا ويخرج حسابات البعض من المعادلة الإقليمية إلى التفكير الوطني القادر على خدمة أوطاننا وقضايانا العربية.

بأي حال هناك من يقول ان الاخوان احرار برايهم في مقاطعة الانتخابات لكن لا يجوز لهم التحريض ضدها والتشكيك فيها وفي كل مفاصل برنامج الاصلاح الاردني وحتى في اجراءات الدولة والمؤسسات.. هل هذا يقع في حدود المقبول ؟
الديمقراطية تعطي لأي قوة سياسية حق تحديد أولوياتها بما في ذلك المقاطعة. وبعض النظر عن تقييمنا لجدوى هذا التوجه فإن المقاطعة أمر متاح لكن حدود المقاطعة لاتمتد إلى التفكير بالحاق الاذى بالعملية الانتخابية التي هي حق للدولة والمواطن ومسار وطني لبناء المؤسسات الدستورية.
من يتحدث بلغة الإصلاح والديمقراطية عليه ان يعرف حقوق الاخرين وعلى رأسها حق الدولة قبل ان يطالب بحقوقه والأردنيون ارسلوا من خلال عملية التسجيل رسالة واضحة بحرصهم على فكر المشاركة باعتباره الخيار المنتج. أما من يريد المقاطعة فهذا خيار نحترمه لكن الحرص على نجاح الانتخابات واجبنا الذي لن نتخاذل فيه وقد سبقنا اليه الأردنيون بإيجابيتهم خلال عملية التسجيل.

لم يقف الاخوان عند ذلك بل اصدروا بيانا شككوا فيه بالعملية الارهابية التي احبطها جهاز المخابرات العامة في حين لم يقدم الاخوان مجرد كلمة عزاء في شهيد القوات المسلحة محمد المناصير الذي قضى برصاص غدر تنظيم ارهابي على الحدود الاردنية السورية ؟
من يشاهد القلق الأمني والسياسي الذي تعيشه ساحات كثيرة حولنا يعلم جيدا ان الفكر السياسي والأمني الذي تمارسه القيادة الأردنية انجز خلال عمر الدولة استقرارا وأمنا للأردنيين. ولاتحتاج الدولة لاختلاق قضايا أمنية. وعقلية التشكيك جزء من فكر سياسي لا يخدم صاحبه. ولعل النظر إلى ما حولنا يجعل كل منصف يقف إجلالا للمؤسسة الأمنية الأردنية على قدرتها الاحترافية وحسها الوطني.
وحتى لو كانت قضية الخلية الإرهابية مفبركة فماذا عن الإشتباكات بعد الإعلان بساعات بين الجيش العربي وخلايا مسلحة أخرى حاولت اختراق الحدود. وماذا عن الشهيد البطل محمد المناصير فهل هو حالة مفبركة.
من يقدم نفسه وروحه في سبيل الله ودفاعا عن وطنه من رجال الجيش والأمن والمخابرات ينتظر الأجر من الله ولاينتظر برقية عزاء ولايضيره جحود فرد أو مجموعة قليلة. فالأردنييون بمجموعهم يقفون احتراما كل لحظة لقوات جيشهم الباسل ورجال الاجهزة الأمنية.

الحراك ليس محصورا بالاخوان المسلمين بل هناك حراكات شعبية وشبابية وهناك ايضا التيارات الحزبية الاخرى الوسطية والقومية واليسارية فكيف سيجري التعامل مع مطالبها السياسية المختلفة ؟
مطالب الحراكات ومطالب عامة الناس كانت منذ البداية محل احترام ومتابعة من جلالة الملك. والأردن البلد الوحيد الذي حرصت قيادته على توجيه التقدير للحراك الإصلاحي. بل أعتبر جلالته ان الربيع العربي أعطى الأردن فرصة لتسريع الإصلاح.
وماتم خلال العشرين شهرا الماضية كان تفاعلا إيجابيا من الدولة مع مواطنيها فكانت المطالب الإصلاحية هي الأجندة الوطنية وعلى رأسها التعديلات الدستورية والمحكمة الدستورية والهيئة المستقلة ونقابة المعلمين وقانون الاجتماعات العامة وقانون الانتخاب. وحتى القضايا محل الجدل حول بعض تفاصيلها مثل قانون الانتخاب فإن القيادة الأردنية تتعامل معها بكل جدية واحترام. وكما أعلن جلالة الملك في خطابه الأخير بأن باب استكمال الإصلاح مفتوح لكن من خلال المؤسسات الدستورية ولهذا تأتي أهمية الانتخابات القادمة لأنها ستعطي لكل قوة سياسية فرصة السعي لتحقيق برنامجها وفق وزنها الشعبي الذي يرسمه صندوق الاقتراع.

تقول الاحزاب بمختلف الوانها ان الحكومات المتعاقبة تتحدث عن التنمية السياسية والحزبية لكنها في الوقت ذاته تضع العراقيل امام الاحزاب هل هناك تصور لتشجيع هذه الاحزاب على اخذ دورها في الحياة السياسية خاصة عبر البرلمان المقبل ؟
بغض النظر عن التجربة التاريخية للعمل الحزبي وعوامل ضعفها وقوتها فإن الباب متاح اليوم لخطوات هامة ومنها فكرة القائمة الوطنية في قانون الانتخاب التي تصنع ثقافة انتخابية قائمة على انتخاب البرنامج والفكر وليس الإشخاص. وكلما تم التعامل معها بجدية أكبر كلما ساهمت في خدمة الفكر السياسي والحزبي
لكن مشكلة العمل الحزبي مرتبطة بقناعات المواطن بجدوى التغيير من خلال الأحزاب. والتجارب الناجحة تزيل القناعات السلبية يضاف إلى هذا ان تبذل الحكومات جهدا أكبر في ازالة العوائق التي تخصها. لكن المواطن يحب ان يرى أمامه أحزابا قوية من خلال تيارات تندمج فيها الأحزاب المتماثلة والمتشابهة في برامجها.
علينا ان ندرك ان ضعف العمل الحزبي معيق للاصلاح السياسي. وعلى كل طرف ان يقوم بواجبه في توسيع اطار حضور الأحزاب ودورها في الحياة العامة.

كان هناك انتقادات واسعة من ابناء المحافظات على الحكومات السابقة بان الحوار والتعاطي يجري فقط مع النخب في العاصمة سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية كيف ستتعامل الحكومة الحالية مع هذا الامر خاصة ان حراك المحافظات يوصف بانه حالة اعتراض على سياسات وتهميش حكومي متعاقب وليس معارضة لثوابت الدولة ؟
اعتقد ان المرحلة التي جاءت فيها الحكومة الحالية مختلفة بسبب دخولنا أجواء الانتخابات النيابية والتي تعني تفاعلا في كل المحافظات وتفاصيل المجتمع. وجزء من واجب الحكومة بموجب كتاب التكليف تشجيع كل القوى الاجتماعية والسياسية على المشاركة في العملية الانتخابية مما يفرض على الحكومة الاقتراب من الجميع سواء النخب والأحزاب أو عامة الأردنيين
أما قناعة البعض بتركيز الحكومات على التواصل مع نخب مع تجاهل المحافظات فهي قناعة سليمة. فالأردن ليس حزبا معينا أو نخبا قليلة على أهمية هؤلاء لكن الأردن كل شعبه وشبابه وكل قطاعاته.
من المهم ان تدرك الحكومات ان ما كان في عقود مضت من خلل في التنمية الاقتصادية بين العاصمة ومحافظات الأطراف يجب ان لأيتكرر على صعيد الاهتمام السياسي.

ماذا في جعبة الحكومة بخصوص التحدي الاقتصادي وكيفية التعامل مع هذا التحدي وتداعياته مع العجز الكبير والمديونية الهائلة والحديث في الوقت ذاته عن رفع الدعم عن بعض السلع ووضع الية لدعم المواطنين.. وهنا يقول الكثيرون ان الخطوة الاولى التي يجب ان تقوم بها الحكومة هي مصارحة المواطنين ومكاشفتهم بحقيقة الاوضاع الاقتصادية وكذلك حول الية الدعم ؟
علينا ان نعترف ان التحدي الأكبر الذي يواجه الدولة هو التحدي الاقتصادي وإيجاد حلول لتخفيف عجز المواطنة وإيجاد حلول حقيقية لتزايد فاتورة الطاقة التي تشمل انتاج الكهرباء والمستقات النفطية. وبخاصة في ظل التراجع الكبير في المساعدات العربية والانخفاض الكبير في كميات الغاز المصري والتي وصلت إلى كميات قليلة لاتكاد تكفي انتاج الكهرباء التي يحتاجها الإشقاء المصريون المقيمون في الأردن فضلا عما يقدم لهم من دعم من الموازنة لدعم الكهرباء والغاز والكاز والبنزين. فالغاز المصري أصبح مشكلة وبخاصة في ظل عدم التزام الحكومة المصرية بتوريد الكميات المتفق عليها.
الدولة تعاني من عجز متزايد ومديونية ترتفع. والمواطن أيضا يعاني والمعادلة المطلوبة ان تضع الحكومة كل المعلومة أمام الأردنيين وهذا ما تقوم به الحكومة أو بدأت به. ولابد أيضا من معادلة جديدة للدعم الذي تتحمله الخزينة تخفف العبء عن الموازنة وتقدم لكل مواطن مستحق حقه في الدعم. لكن الأمر ليس سهلا وتتقاطع فيه عوامل السياسة بالاقتصاد لكن الحل ضرورة اقتصادية وسياسية للجميع.

العلاقة بين الاعلام والحكومات المتعاقبة كانت تاخذ تجاذبات كبيرة سواء بالنسبة لسقف الحرية او تشديد الضوابط على الحريات الاعلامية خاصة الاعلام الالكتروني ماذا لدى الحكومة في هذا الشان خاصة بعد تعديل قانون المطبوعات ؟
المعيار الأساس في ادارة ملف الإعلام هو الحرية الإعلامية التي تمثل ضرورة لنجاح الإعلام في أداء رسالته وفي نفس الوقت هناك حاجة ماسة لمعالجة بعض الظواهر السلبية من خلال المهنية والتي يتم تعزيزها بالتأهيل والتدريب وأيضا بالمؤسسية والتنظيم. إضافة إلى تبني الجسم الإعلامي لمبادرات ذاتية لمعالجة أي خلل. وهنا لابد أيضا من تعديلات على بعض التشريعات ضمن ما يخدم المهنية ولايمس بالحريات.
أما قانون المطبوعات المعدل فقد كان معالجة وطنية لبعض الظواهر التي يتحدث بها أهل الإعلام قبل الاخرين. والهدف منه كان تنظيم عمل الإعلام الإلكتروني الإخباري من خلال بناء مؤسسات. وأيضا تقديم الحماية القانونية لأي متضرر. ولم يكن قانونا لفرد وإنما معالجة وطنية توافقت عليه كل مؤسسات الدولة الدستورية وأصبح نافذا اليوم وهو يخدم الإعلام المهني.
هناك من تضرر ماليا من القانون الجديد لأنه فرض التزامات مالية نتيجة تعيين رئيس تحرير لكن الأمر ليس مسا بحريات ولم يخفض سقفا سياسيا
الحكومة وفق كتاب التكليف ستقوم بمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية استكمالا لما انجزته الحكومة الماضية بالتعاون مع كافة الجهات المعنية.

بالنسبة للوضع الاقليمي المرتبط تحديدا بالربيع العربي فهل تجاوزنا في الاردن تداعيات الربيع العربي لاسيما انه بحمد الله جرت الامور على مدار اكثر من عامين دون اراقة قطرة دم واحدة ؟
كل الدول التي تأثرت بالربيع العربي حاولت ان تبحث عن الطرق التي تصل بها إلى لأمان. لكن بعضها انزلق منذ اللحظات الأولى إلى لغة العنف والدم. وبعضها فقدت السيطرة على ساحاتها بفعل تدخلات خارجية. لكن الأردن شكل نموذجا خاصا لأسباب أولها ان الإصلاح لم يكن مصدر قلق للدولة بل حاجة. كما ان قيادته قادت مبادرات شعر معها الناس ان سقف الخلاف هو التفاصيل. وكانت هناك خطوات عملية مثل تعديل الدستور وغيرها حولت الجدل إلى اجراءات وليس خلافا على الجوهر
واليوم نجد أنفسنا في مسار أمن يعطي للجميع فرصة المطالبة بمزيد من الإصلاحات لكن ضمن خارطة طريق أردنية جوهرها احترام حق أي طرف بالمطالبة وأيضا الموضوعية في تقدير ما تم إنجازه من إصلاحات. والمحطة الكبرى هي انتخاب مجلس نواب جديد بطريقة نزيهة تدخل معه كل القوى إلى السلطات الدستورية التنفيذية والتشريعية وتكمل مسيرة الإصلاح التي لن تتوقف ما دامت مسيرة الدولة. وكل هذا بمظلة القانون والدستور وبالطرق السلمية.
التجربة الأردنية في ادارة الربيع العربي تستحق الدراسة رغم ما فيها من ثغرات صنعها تعجل البعض أو بطء وضعف همة من آخرين.

تنشر بين الحين والاخر خاصة في الصحافة الغربية ان الاردن يتعرض لضغوطات بالنسبة لمسيرة الاصلاح من القوى الغربية ما صحة ذلك وهل استوعب الغرب منظمومة الاصلاح الاردنية وهل له مطالب معينة في هذا الاتجاه وهل يربطها بالمساعدات الاقتصادية للاردن ؟
اعتقد ان من يتابع المواقف الدولية من مسيرة الإصلاح في الأردن يرى التقدير العالي لما تم إنجازه. لكن هناك فرقا بين مواقف دولية وبين مقال في صحيفة غربية. واعتقد ان القيادة الأردنية تعاملت بكل اقتدار في تقديم رؤيتها للعالم.
وأود ان أشير إلى ان تعامل العالم الغربي مع الربيع العربي تعرض لعمليات تحول وتغيير مع كل تجربة أو نهاية العمل في ساحة ما. ورغم كل الجهود التي بذلتها قوى سياسية لتقديم تصورات غير دقيقة عن الحالة الأردنية إلا ان واقع الحال كان أقوى في تقديم نفسه للعالم والاهم للأردنيين.

الوضع السوري على الحدود الشمالية للاردن يتدهور بشكل كبير ولدينا اكثر من مئتي الف الف لاجئ وكذلك منطقة حدودية متاخمة للمدن السورية ماذا بشان الموقف السياسي الاردني بشان تطورات الازمة السورية.. خاصة مع تحذيرات دولية من امكانية امتداد تداعيات الازمة السورية الى الدول المجاورة ؟
تميز الموقف السياسي الأردني بالثبات والوضوح منذ بداية الأزمة السورية. فلا تدخل في الشأن السوري الداخلي ومع الحل السياسي وضد التدخل الخارجي. وحتى اليوم مازال الموقف ثابتا وواضحا.
أما الأعباء فإن الأردن أكثر الدول التي تأثرت بما يجري في سوريا اقتصاديا وأمنيا. لكن الحرص على أداء واجبنا الإنساني والعربي كان هو المحدد الأهم رغم كل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها. ورغم ان المساعدات العربية والدولية فيما يخص اللاجئين السوريين مازالت أقل بكثير مما يجب. لأن العبء على الأردن ليس فقط فيمن يقيمون في المخيمات بل في أكثر من 150 ألف سوري يعيشون في المدن وتقدم لهم الخزينة دعما في كل المجالات مثل أي أردني.
لكن الأردن كان يضع أولوية وطنية في إدارته للملف السوري وهي أمن الأردن وحدوده وسلامة الأردنيين لأننا ندرك ان أزمة مثل ما يجري في سوريا ستترك آثارا على كل الجيران والإقليم.

القوات المسلحة الاردنية تقوم بجهد هائل على الحدود الاردنية السورية بخصوص مساعدة اللاجئين وحماية الحدود لكن هناك بين فترة واخرى تطالعنا تقارير صحفية وتصريحات دولية بان هناك قوات اميركية وبريطانية على وجه الخصوص موجودة في الاردن لاحتمالات التدخل لتامين الاسلحة الكيماوية السورية ؟
لم يكن مدهشا لأي أردني ان يرى الجيش العربي الأردني يقدم الأداء الرفيع في حماية حدود الأردن. وان يضيف اليها تعاملا إنسانيا حضاريا رفيع المستوى في استقبال عشرات الالاف من الإشقاء السوريين. فالجيش العربي صاحب خبرة دولية عريقة في قوات حفظ السلام الدولية وقبل هذا وبعده فهو يحمل عقيدة قتالية عربية هاشمية وهو مخزون الشهداء والبطولات على أرض فلسطين.
أما التعاون مع دول شقيقة وصديقة فليس أمرا مرتبطا بالملف السوري لا زمانا ولامكانا فالأردن تربطه علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة ودول عديدة وبرامج التدريب والتعاون مستمرة في كل المجالات. وهناك اعداد من الخبراء من هذه الدول يتواجدون بين فترة واخرى في الأردن ضمن هذه البرامج.