بكل ما يفيض من قلبه الكبير من محبة لشعبه واخلاص لأمته وتفاؤل بالمستقبل ورهان على ارادة الاردنيين في مراكمة الانجازات وترجمة الاقوال الى افعال, وضع جلالة الملك عبدالله الثاني الحقائق والمعطيات الراهنة التي تميز المشهد الاردني أمام ابناء شعبه من خلال كلمة جلالته خلال اللقاء الذي جمعه يوم امس في الديوان الملكي الهاشمي بما يزيد على ثلاثة الاف من ابناء الوطن من مختلف مناطق المملكة.

وإذ حرص جلالته على تناول كل الملفات والقضايا والتحديات المطروحة على شعبنا وقيادتنا بكل صراحة ووضوح وتشخيص دقيق للاوضاع الاقتصادية والسياسية والحزبية وما تم انجازه في مسيرة الاصلاح والشعارات التي تُرفع في المسيرات, فإن قائد الوطن لفت انظار الاردنيين الى مسألة يجب ان لا تغيب عن ذهن أحد سواء أكان من متعاطي السياسة والشأن العام أم لا وهي ان الدولة الاردنية ليست انجازاً لشخص او طرف واحد وانما هي انجاز تراكمي لكل الاردنيين من جيل الى جيل, ما يعني ان على القلة القليلة التي رفعت شعارات غير مسؤولة وغير حكيمة واستندت الى فهم خاطئ للخريطة الوطنية وطبيعة الحكم في هذا البلد والاساس في نشأته وديمومته وهي ان النظام في الاردن هو الدولة بكل مؤسساتها ودوائرها تحت مظلة الدستور وان النظام بالتالي هو القيم والمبادئ التي تقوم عليها هذه المؤسسات والدوائر والنظام أيضاً هو الكوادر التي تُسيّر هذه المؤسسات التي تضم جميع مكونات وفئات المجتمع الاردني وبكلمة اخرى جامعة, النظام هو المؤسسات والمواطنون, وكل فرد في هذا المجتمع هو جزء من النظام.

لهذا كله جاءت كلمة جلالته الجامعة والشاملة مضيئة على كل جوانب جدول الاعمال الوطني وبخاصة في ما يتعلق بمسار العملية الديمقراطية والتزام قواعد الديمقراطية وفق أسس وقراءات دقيقة وواقعية وليس عبر التنظير والانتقائية لأن من يريد التغيير للافضل سيجد امامه الاستحقاق النيابي الذي يسمح لكل المنخرطين في العملية السياسية العمل تحت قبة البرلمان ومن خلال صناديق الاقتراع التي تجسد ارادة الشعب وتحقيق ما يريد من اصلاحات اضافية او تطوير قانون الانتخاب.

استفاض جلالة الملك في هذا الملف قاصداً ان يكون لدى الاردنيين كل المعلومات والحقائق التي تقود الى تحقيق افضل النتائج والتي تؤكد ان الطريق مفتوح أمام الجميع بما فيهم المعارضة ليكونوا في البرلمان القادم وطريق المشاركة السياسية ما زال مفتوحاً لكل اطياف المجتمع الحريصين على مصلحة الاردن فعلاً لا قولاً.. وكي يكون هذا الملف مطروحا أمام ابناء شعبنا بوعي وروية ودعوة الى التفكير والتأمل لاكتشاف الفارق بين القول والعمل لفت جلالة الملك الى مسألة مهمة وهي ضرورة التمييز بين معارضة وطنية بناءة وحراك ايجابي وبين معارضة وحراك سلبي لا يخدم مسيرة الاصلاح ومستقبل الوطن لأن ما هو ايجابي مشروع ومطلوب أما الحراك السلبي والشعارات الفارغة ومحاولة اثارة الفتنة والفوضى فهي مرفوضة ومدانة لأن الشعارات البراقة ليست هي الحل كما ان العقليات الرجعية والمتطرفة وغير المتسامحة لا يمكن ائتمانها على مستقبل ابنائنا.

كلمة جلالة الملك التي حظيت باهتمام سياسي ودبلوماسي واعلامي داخلياً وخارجياً كانت بمثابة جردة حساب وكشف تفصيلي للمشهد الوطني صارح فيه القائد ابناء شعبه وتحدث عن كل ما يشغل الاردنيين من هموم وتساؤلات مشروعة يجب ان يمتلكوا اجوبة شافية عليها إن لجهة مشكلة الفساد والتي تتواصل الجهود لاجتثاثه وردعه حيث هناك قضايا منظورة امام القضاء وهيئة مكافحة الفساد ولا بد من اعطاء الوقت اللازم لهذه المؤسسات كي تأخذ العدالة مجراها ام لجهة عجز الموازنة والمديونية وكيف ارتفع هذا العجز وتراكمت المديونية من خلال فارق سعر برميل النفط الذي كنا نشتريه من العراق بسعر وكيف غدا السعر الان ثلاثة اضعاف واكثر ناهيك عن ارتفاع اسعار النفط والغذاء ومبادرات الدولة لتحسين الرواتب والتقاعد واستمرار دعم بعض المواد الاساسية.. دون اهمال ما يرتبه توقف الغاز المصري من اعباء هائلة تضاف الى العجز والدين السنوي.