اعترافات خطيرة من قبل الزوجة لزوجها أو حتى في مرحلة الخطبة والعكس، قد تكون شرارة اللهب التي تدمر العلاقة عن بكرة أبيها، كأن تقول الزوجة لزوجها "كان أخي يحب جارتنا يوما ولكنه أعجب بغيرها فتركها"، "كان أبي متزوجا على أمي ولم نكتشف إلا بالصدفة"، "كانت أختي تحب فلانا وتسهر معه ليلا يتبادلان الحديث تلفونيا"، "كانت خالتي على علاقة بأستاذها في الجامعة أملا أن يتزوجها لكنه تركها".
كل ما ذكر سابقا ما هو إلا من باب الفضفضة والثقة بلا حدود، وفي المقابل يكون قد أعطاها أو اعطته الضمانات المعنوية كافة، بأنهما لن يتفوها بهذا الكلام أمام أحد أبدا.
وتتحدث الثلاثينية سمر عبد الكريم بأنها صدمت بزوجها "المعاير"، فهي أخطأت بدراسة شخصيته على حد قولها، فكثيرا ما حدثته عن ماضيها وعن أنها كانت على علاقة بشاب في الجامعة، في لحظة صفاء وفضفضة أثناء الخطبة والحديث عن ماضي كليهما.
وما صدمت فيه بعد الزواج بعض الشك من زوجها وسببه يقول "آه أنا كيف ممكن أصدقك وانت يلي كنت تحبي وتعشقي بأيام جامعتك انا هلأ كيف بدي اصدقك".
وهذا ما يحدث فتكون المرأة بصدد الحديث عن أحد ممن ذكرت قصصا عنهم لزوجها، فتجد الزوج يذكرها بسره، وتسمع من قبيل، آه أخوك هذا الذي كان يحب فلانة وهجرها؟ آه نعم والدك الذي تزوج على امك سرا؟ أو نعم تقصدين خالتك التي كانت على علاقة بأستاذها في الجامعة.. إلخ.
وهنا تصدم الزوجة وتقرر ألا تفضفض لزوجها ثانية، بل إن فكرها يأخذها أحيانا لإعادة الحسابات وتظل تتهم نفسها بأنها فشلت في قراءة شخصية زوجها، وتتمنى لو أنها احتفظت بأسرارها.
وتشير دراسة اجتماعية بعنوان "استمرار الحياة الزوجية واختلاف المعايير" للباحث الاجتماعي عزت عبد الله نوير، إلى أن 38 امرأة من بين 60 قد اعترفن بأنهن تعرضن للمعايرة من قبل أزواجهن بأشياء كن قد فضفضن بها لهم في ساعة صفاء.وتتساءل أم أحمد كيف أن زوجها "الدسم والغني في الفكر والثقافة"، وفق وصفها يقف على أمور "ليست من مستواه" على حد قولها، ويعمل على مناكفتها ومعايرتها بما حدثته به قديما، وحتى بأنه ابن عائلة وعشيرة معروفة رغم انها لا تقل عنه في الوضع الماضي والتكافؤ موجود ماديا واجتماعيا وثقافيا.
وبحسب الدراسة يتحجج الرجال في هذا الإطار ببعض المبررات؛ منها أن الزوجة "ساذجة طيبة" لا تعرف معنى قيام هؤلاء الناس بهذه الأفعال، وأنه من خلال ذكره لهذه الأمور ومعايرتها بها يريد أن يلفت نظرها إلى أنها لا بد أن تقطع علاقتها بهذه الشخصية، أي أنه يريد مصلحتها ويلعب دور الناصح من خلال الهمز واللمز.
وفي الوقت الذي تشكو فيه زوجات تعرضهن لمعايرة أزواجهن لهن لمواقف وأسرار بُحن بها لهم، يقع أزواج "فريسة" فضفضتهم لزوجاتهم عن مواضيع تخص عائلاتهم، أو ما يتعلق بعلاقاتهم العاطفية الماضية.
وفيما يتعلق بهذا الأمر يقول الأربعيني أبوعمر "أشعر بندم شديد أنني أخبرت زوجتي ذات جلسة صفاء وبحسن نية عن علاقة غرامية ربطتني بابنة خالتي في فترة الجامعة وانتهت لسوء فهم لاحقا".
ويقول "رغم أنني حاولت إخبار زوجتي مرارا أنها هي من اخترتها وشريكتي وأم أبنائي، إلا أن الغيرة تدفعها في كثير من الأحيان لمعايرتي بالأمر وفتح الموضوع، لا سيما عندما نلتقي مع العائلة وتكون ابنة خالتي موجودة".
وما يزيد المشكلة، وفق أبو عمر، "أن زوجتي تأكلها الغيرة عندما تذكر أمي ابنة خالتي بخير، وما أن نصل البيت حتى تصعد وتنشب بيننا المشاكل".
ويبين اختصاصي الطب النفسي د. محمد الحباشنة بأن الرجل يقرأ في أصحاب هذه التصرفات ما لا تقرؤه الزوجة، ويكتشف من خلال تحليلاته أن هذه أفعال مشينة فيلجأ لأسلوب أقل ما يوصف به أنه غدر.
لكن على الرجل أن يعرف بأن الزوجة لم تقل هذه الأسرار لزوجها، لتعلن كرهها لهذه الشخصيات أو أنها ترى أنها أفعال تشينهم فلو كانت ترى ذلك ما تحدثت بها له، فقد كانت مجرد دردشة.
ومن وجهة نظر اجتماعية يبين اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع أن هناك نوعا من الرجال في اي حوار مع زوجته يعد نفسه لجولة في معركة كلامية دائرة بينهما على مراحل تتباعد أحيانا وأخرى تتقارب، وهنا كل الوسائل في الحرب.
ويوضح الحباشنة أن هذا الأمر يعود إلى نوعية شخصية الزوج، فهذه مسألة يؤثر فيها البعد النفسي أثرا بالغا، "فالشخصية الهستيرية"؛ مثلا "تتغير بشكل حاد في سلوكها من حين لآخر"، فنفس الزوج الذي وعد زوجته بأن يستر كل أسرارها هو الذي قد يعايرها فجأة وبدون حسابات منطقية، ثم يذهب ليبرر ذلك ويتحلل من شخصيته بتقمص شخصية أخرى مثل ذلك الذي يتحجج بأنه ناصح لزوجته ويريد مصلحتها.
ويشير إلى أن الأقرب لارتكاب هذا النوع من الأخطاء هم "أصحاب الشخصية الفصامية"، وتحليل ذلك أن كون الزوجة قد أمنت للزوج وصرحت له بسر لا تبوح لغيره به، أنها قد رأت منه جانبا يدعوها للاطمئنان له، وفي الوقت ذاته كونه قد عايرها به في موقف ما يعني أنه فصامي لديه جانب آخر لم تكن الزوجة تراه، ولم يستطع هو أن يقاوم هذا الجانب بداخله، فتحول فجأة أمام زوجته إلى شخص آخر.
ويقول الاختصاصي الاسري د. فتحي طعامنة إن المرأة من الممكن أن تتغاضى عن تصرفات الرجل وحتى المعايرة لها أو تباين ردود أفعالها حيال هذه المعايرة ويرجع لنوعية شخصيتها على المستوى النفسي توازيا مع التغيرات الاجتماعية التي أصابت المجتمع.
فيبين انه في بعض المجتمعات كانت مبررات تحمل المرأة لأخطاء الزوج عديدة على رأسها الأولاد والحالة الاقتصادية والتصور المعمق لطبيعة الرجولة ومفهومها.
أما الشق الآخر بأن المرأة لم تعد مثل قبل، ومن حقها أن ترد على زوجها بطريقة لبقة وتبين خطأه وبأنه خان عهدا بينهما، ولذلك فهي تجد أنه مكان غير صالح للحديث بخصوصية وللفضفضة.
ويشير إلى ان على الفتاة أن تستفيد من فترة الخطبة بقراءة شخصية خطيبها، فهذه الأمور من السهل استيضاحها أثناء تلك الفترة، فلا بد أن تراقب ردود أفعاله وتحللها أثناء خلافاتهما وتقرأ ما وراءها من دلالات، ومن هنا تقرر كيف ستتعامل معه ما دامت ستكمل معه المشوار.
رد مع اقتباس
المفضلات