الحقيقة الدولية - عمان
ينشط العديد من الشباب غير المقتدرين والمقبلين على الزواج في البحث عن لاجئة سورية للزواج منها هربا من ارتفاع المهور، في الوقت الذي يواجه فيه هذا الموضوع رفضا واسعا، تجلى في حملة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بعنوان" لاجئات لا سبايا".
ويفكر الشاب الثلاثيني سالم بالزواج من فتاة سورية، قائلا ان مهرها "لا يتجاوز 200 - 500 دينار"، في مقابل مهور مرتفعه تطلبها الأسر الأردنية للقبول بتزويج بناتها.
وقال، وفق صحيفة "الغد" "إن أهالي اللاجئات السوريات يقبلون بفكرة الزواج السريع من غير السوريين لأنهم يريدون "سترة بناتهم"، دون شروط، بمهر عادي".
ويشير رئيس جمعية الكتاب والسنة زياد حماد إلى أن عدد اللاجئات السوريات المتزوجات من أردنيين بلغ ما بين 100 – 200، مؤكدا أن هذا الرقم لا يشكل 1 % من مجموع اللاجئين السوريين الموجودين في الأردن والذي يقدر عددهم بحوالي 200 ألف لاجئ سوري.
ويرى أنه لا يوجد مانع من الزواج من سورية ما دامت عملية الزواج تتم على سنة الله ورسوله، مشيرا إلى أن غالبية الذين تزوجوا بلاجئات سوريات هم من ذوي الدخل المحدود، وغير قادرين على الوفاء بمتطلبات الزواج للفتاة الأردنية.
ويؤكد أن العديد من الشباب كانوا يذهبون إلى سورية للزواج قبل الأحداث التي تشهدها بلادهم الآن، مؤكدا أن الزواج من لاجئات سوريات لا يشكل ظاهرة في الأردن بعكس ما يتداوله المواطنون.
ويقول إن المحاكم الأردنية تقوم بتزويج الأردنيين من أي جنسية عربية أو أجنبية شريطة استكمال كافة الوثائق، نافيا أن يكون هناك ظاهرة لتزويج قاصرات سوريات، وبالتالي فإن الزواج بسوريات يتم كالفتيات الأردنيات ويطبق عليهن الشروط ذاتها.
وحسب احد العاملين في مركز الجمعية الإسلامية فإن بعض اللاجئين السوريين الذين يصلون إلى الأردن يقومون بتزويج بناتهم في سن مبكرة اعتقاداً منهم بأن الزواج يقدم لهن شكلاً من أشكال الحماية والتأمين.
وتظهر أرقام دائرة قاضي القضاة أن زواج السوريات من أردنيين خلال النصف الأول من العام الحالي 2012 كانت ضمن المعدلات السنوية الإعتيادية.
ووفقا للأرقام فقد بلغ عدد السوريات المتزوجات من أردنيين خلال الشهور الستة الأولى 189 سورية مقارنة ب 270 حالة زواج لسوريات من أردنيين سجلتها المحاكم الشرعية في المملكة خلال العام الماضي 2011.
وتوضح دائرة قاضي القضاة وهي الجهة الرسمية المخولة بالتعامل مع عقود الزواج في المملكة أن حالات الزواج توزعت على 88 حالة زواج في محافظة العاصمة عمان، و33 في إربد، 32 في الزرقاء، 24 في المفرق، و 5 في مادبا، وحالتين في محافظتي البلقاء والكرك، وحالة واحدة لكل من معان والعقبة وعجلون، بينما لم تسجل المحاكم الشرعية في محافظتي جرش والطفيلة أية حالة زواج لسوريات من أردنيين .
كما أظهرت الأرقام ذاتها أن عدد حالات الزواج المسجلة في المملكة للسوريات اللائي تزوجن ممن يحملون جنسيات أخرى غير أردنية خلال الشهور الستة الماضية بلغت 114 حالة زواج، كان جلها لأزواج سوريين بواقع 69 حالة، تبعها الجنسية السعودية بـ 24 حالة.
كما سجلت المحاكم الشرعية في المملكة 5 حالات زواج سوريات لأزواج من حملة الجنسية الأميركية و 3 من الجنسية الكندية، وحالتين لكل من الجنسية الألمانية والفرنسية والفلسطينية في حين تزوجت سورية واحدة خلال الفترة نفسها لكل من حملة الجنسيات المصرية، الليبية، القطرية، العراقية، البحرينية، السودانية ، والجزائرية.
ووفقا لمسؤولين في دائرة قاضي القضاة فإن المحاكم الشرعية لا توافق على إجراء أي عقد زواج إلا بتوافر شروط رئيسة أهمها للزواج من الجنسية الأجنبية موافقة وزارة الداخلية على إتمام إجراءات الزواج، وتوافر الإيجاب والقبول والاتفاق البيّن بين الطرفين لا سيما موافقة ورضا المخطوبة على إتمام الزواج وإثبات حالة التكامل الاجتماعي والاقتصادي لدى الطرفين.
وأشاروا إلى أن المحاكم الشرعية تطبق إجراءات صارمة بإجراء عقود الزواج لما يتخللها من آثار سلبية على المجتمع في حال الإخلال بالشروط الشرعية لأحد الطرفين، مؤكدين أنه لم يتم تسجيل أي حالة زواج لقاصر من الجنسيات غير الأردنية.
وأكد منسق شؤون اللاجئين السوريين انمار الحمود أن اللاجئين السوريين يخضعون للقوانين الأردنية المعمول بها سواء تعلق ذلك بحالات الزواج أو غيرها، وسواء أقاموا في مخيمات خاصة باللاجئين أو خارجها، نافيا وجود أي استثناء من أي جهة بما يخص اللاجئات السوريات.
وعن الأسباب التي تدفع الأسر السورية النازحة في الأردن لتزويج بناتها بسن مبكرة، يعلق عاملون ميدانيون بأنها عائدة للظروف المعيشية الصعبة ومخاوف التعرض للاغتصاب كما يدفع تحديد سن الزواج القانوني الأهالي إلى عدم تسجيل الزواج لدى السلطات.
وأكدت رئيسة جمعية الأسرة البيضاء في اربد فايزة الزعبي رفض القطاع النسائي القاطع لتزويج الفتيات السوريات تحت ذريعة الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللاجئون السوريون ووطأة الحاجة والقهر وطلب الأمان واصفة الأمر بأنه "اتجار بالنساء."
وقال رئيس جمعية حماية الأسرة والطفولة في اربد كاظم الكفيري إن "المسألة يمكن أن تكون مقبولة في حال تمت دون أي استغلال وبعد موافقة المرأة السورية على الرجل من حيث شكله وأخلاقه وقدرته على منحها حياة كريمة.
وفي السياق أطلق ناشطون سوريون حملة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تحت اسم حملة لاجئات لا سبايا" لمحاربة الدعوات التي ينادي بها بعض الخليجيين والعرب من جنسيات مختلفة للزواج من اللاجئات السوريات، بحجة مساعدتهن في الظروف المأساوية الحالية.
وتهدف الحملة التي أطلقتها الناشطة السورية، مزنة دريد، إلى توعية أهالي الفتيات ضد مخاطر هذا الزواج المغلف بعناوين دينية وقيمية اجتماعية، وتوجيه رسالة لبعض الشباب الخليجي والعربي ممن يعتقدون أن الزواج من سوريات طريقة معقولة للمساعدة بأن السوريين يرفضون المساعدة بهذه الطريقة، لأن المخاطر التي قد تترتب على هذا النوع من الزواج تتطلب رفضه.
وتضم الصفحة حتى الآن أكثر من 3 آلاف معجب، وتساءل مؤيد إسكيف، أحد منظمي الحملة قائلا: إذا كانت النخوة والرغبة في المساعدة هي الدافع الحقيقي لدى راغبي الزواج فلماذا لم يهب هؤلاء إلى ستر الصوماليات أو السودانيات من أهل دارفور؟ وإذا كانت الدوافع إنسانية بحتة كما يزعمون فليدعموا الشباب السوري الذي أجبرته الظروف على أن يظل أعزب وهو لاجئ لا يجد قوت يومه.
ورأى الكثير من المعلقين على الموضوع عبر المواقع الالكترونية في طلبات الزواج من سوريات إهانة للمرأة السورية واحتقارا لإنسانيتها، ولجسدها، ولقدرتها على البقاء والاستمرار واستغلالا لوضعها المتردي وأطلق عليها البعض اسم "النخاسة المقنعة بعقود زواج".
رد مع اقتباس
المفضلات