لم يذهب حمائم الاخوان وصقورهم الى القاهرة بعد ان فشلت محاولة تقمص دور الوسيط بين دولتين, دون ان يعلم أحد ما إذا كان التنظيم الدولي قد كلّفهم بهذه المهمة أم أنهم انتدبوا انفسهم الى ذلك ظناً منهم أن ترفع من رصيدهم الشعبي المتآكل داخل الاردن وخارجه بعد أن انكشفت الامور ولم يعد أحد يجهل حقيقة الصفقات التي تمت عبر البحار والمحيطات بواساطة دولة أقليمة مهمة.

يمم اقطاب الحركة الاسلامية الاردنية هذه المرة الى بيروت, أما لماذا بيروت فلا أحد يدري الهدف من رحلة كهذه فيما كان (الغاز) هو السبب المعلن لرحلة القاهرة أما بيروت فلا أحد يقتنع بأنه يأتي في اطار اللقاءات الدورية مع مكتب الارشاد كما قال الدكتور همام سعيد يوم امس مع ادراك المراقبين ان لا حضور جدياً وفاعلاً لجماعة الاخوان المسلمين اللبنانية لاسباب يعرفها اخوان الاردن واخوان المنطقة بأسرها.

لماذا إذن يذهب قادة الحركة الاسلامية الى بيروت؟

ربما بحثاً عن دور خارجي بعد ان تقلص دورهم الداخلي وفشل محاولاتهم فرض وجهة نظرهم على الاغلبية الشعبية التي قالت كلمتها عبر عملية التسجيل التي تنتهي مساء اليوم حيث تجاوز عدد المسجلين المليونين وربع المليون مواطن كدليل واضح على ان محاولات الحركة الاسلامية احتكار التمثيل الوطني والادعاء بأن لا اصلاح ولا انتخابات تتم إلاّ برضاهم ووفق قوانين تُفصل على مقاسهم, باءت بالفشل الذريع وها هم يذهبون الى بيروت وربما بعدها الى اليمن او موريتانيا أو جزر القمر لاجراء لقاءات دورية مع مكاتب الارشاد في تلك الدول.

كان على قادة الحركة الاسلامية الاردنية ان يخصصوا وقتهم في مراجعة مواقفهم العدمية التي اوصلتهم الى طريق مسدود ووضعتهم في دائرة العزلة بعد ان اعلنوا مقاطعتهم للانتخابات رغم كل المحاولات المخلصة لاشراكهم في الانتخابات ودعوتهم الى ترجمة ادعاءاتهم بالشعبية من خلال صناديق الاقتراع ثم العمل داخل المؤسسات الشرعية والقانونية لتمرير مشاريع القوانين التي يريدونها او تعديل ما يرون فيه مغايراً لقناعاتهم إذا ما توفروا على الاغلبية أما غير ذلك فهو عبث وعدمية وعدم فهم لقواعد اللعبة الديمقراطية التي تقول ان لا حق للاقلية في فرض رأيها على الاغلبية وأن الاغلبية يجب ان تراعي رأي الاقلية وحقها في التعبير عن ارائها ومواقفها ولكن في اطار من المسؤولية والطرق والوسائل الشرعية والقانونية.

رحلة بيروت كما اي رحلة أخرى لن تمنح للحركة الاسلامية الاردنية الشعبية التي تبحث عنها لأن مصدر الشعبية الحقيقية هو الشعب الاردني الذي يجب ان يستمع إليه قادة الحركة الاسلامية جيداً.