فى رأى ابن سرور :
المذكر منها : رجال . والمؤنث : نساء . فالمسبحة : امرأة صالحة ، أو معيشة حلال ، أو عساكر نافعة ، لمن ملكها أو سبح بها . والدواة : منصب ، وعز ، أو امرأة ، أو مركب ، أو معيشة . وأما إن تلوث بها : صارت نكداً ، ممن تدل عليه . من كتب بقلم ، أو ملكه : تحكم من جليل القدر ، أو يرزق ولداً كاتباً . وهو ولاية ، ومنصب . ويدل على العبد ، والجارية ؛ لكثرة الرواح والمجيء ، والمطلع على الأسرار .
قال المصنف : اعتبر الأدوات واحكم فيها على ما يليق بالرائي في وقته . وتدل المسبحة أيضاً على . . . وقال لي تاجر : رأيت أن في يدي سبحة من لؤلؤ ، قلت : أنت تسافر في طلب مماليك وتكسب فيها . وقال آخر مثله ، غير أنه قال سبحة من أنبوش ،

قلت : أنت متولي وستغير على بلاد وتأخذ جماعة / أسارى مربوطين في الحبال ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت كأن في يدي سبحة عقيق ، قلت : ستعمل ساقية بدولاب وتكون بقواديس حمر ، وتفيد في ذلك . وقال آخر : رأيت كأن في يدي سبحة من دموع داود عليه السلام وهي معمولة في وسطي ، قلت : عندك امرأة صالحة كثيرة البكاء ، قال : صدقت . ودلت الدواة على المناصب لن أرباب المناصب لا يستغنون عنها ، وعلى المرأة لأن القلم كالذكر فيها لكونها تحمل في بطنها ، وكذلك أيضاً دلت على المراكب والأقلام فيها شبه مقاذيف . وقال إنسان : رأيت أنني أتيت إلى دواة عليها غطاء ففتحتها ورميت ما فيها من الأقلام ، قلت له : نبشت قبوراً مدفونة ورميت ما بها من موتى لتعمل لك قبراً أو بئراً أو بركة ونحو ذلك ، قال : صدقت . وقال لي إنسان : رأيت

أنني أعطي كل من يجيء إلى عندي دواة مليحة ، قلت له : تتعلم الطب وكل مريض يجيء إلى عندك يلقى دواءة كما يجب ، فصار كذلك . وقال إنسان : رأيت أن فلاناً وقع في دواة بغطاء وانطبقت عليه ، قلت : الدواة قبره فمات ثاني يوم . وقال آخر : رأيت أني قد سرق من بيتي دواة بغطاء ، قلت : يروح من عندك صندوق فراح . وقال آخر : رأيت أنني نفضت دواة فيها أقلام وقع ما فيها ، قلت : ضربت حاملاً واسقطت ما في بطنها ، قال : صحيح . وقال لي متولي : رأيت أني كسرت رأس قلم : قطعت لسان إنسان وربما كان كاتباً ، قال : صدقت . وقال آخر : رأيت أنني قطعت قلمي ورميته ، قلت له : تعرف الخط ، قال : لا ، قلت : قد خصيت نفسك ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني

صرت قلماً مبرياً ، قلت : تصير سباحاً وتكون كثير الغطس على رأسك ، وتصير في ذلك أستاذاً ، فصار كما ذكرنا . فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله .

الأسرة والمنابر والكراسي والمراتب : عز ، وجاه ، لمن ملكهم ، أو جلس عليهم . أو تزويج ، ومال ، وفائدة ، . وكذلك من تحكم فيهم . كما أنهم : هو ، ونكد ، لمن لا يليق به الجلوس عليهم . الشمعة : امرأة ، أو جارية حسناء . فإن كانت على نور : كانت بجهاز ، أو من بيت كبير ، وهي : غنى للفقير ، وهداية للجاهل . وكذلك القنديل والسراج . ويدلوا على الأولاد ، والعلماء ، والأقارب ، لمن ملكهم ، أو اهتدى بنورهم ، في الظلام . وإن كانوا موقودين بالنهار : دل على ضياع المال ، بلا فائدة . أو علم ، عند من لا يحتاج إليه . وهم بالنهار ، بلا وقود : تجائر ، أو علوم . أو أولاد ، ومعايش ، ومتاجر ، ترجى منفعتهم فيما بعد . قال المصنف : دلت الأسرة والمنابر والكراسي ونحو ذلك على العز والجاه لاختصاص الأكابر بهم في خاصتهم ، ويدلوا على غير ذلك . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أمير على سرير مشبك وهو على وجه الماء ، قلت : تصير أميناً على مركب حطب ، فصار كذلك . وقال آخر : رأيت أن فلاناً على سرير ، قلت : هو مريض ، قال : نعم ، قلت : يحمل على سرير المنايا ، فمات عقيب المنام . وقال آخر : رأيت أنني راكب على سرير صغير على جمل في برية ، قلت : تسافر في تجارة . وقالت امرأة : رأيت أنني أخطب بالرجال ، قلت : تشتهرين بمحبة واعظ أو خطيب أو فقيه ، وتتنكدي من ذلك ، فجرى عليها نكد بذلك السبب . ومثله قالت أخرى غير أنها قالت أخطب بالنساء ، قلت : تتزوجين برجل كذلك ، فتزوجت . وقال إنسان : رأيت أنني صرت شمعة أو قنديلاً ، قلت له : بين الناس ، قال : نعم ، قلت : بالنهار ، قال : نعم ، قلت : تعزر أو تضرب وتسيل دموعك . وقال آخر : رأيت أنني صرت سراجاً على منارة نحاس مليحة ، قلت : بالليل ، قال : نعم ، قلت : تصير مؤذناً أو واعظاً وينتفع بك الناس . ومثله قال آخر ، قلت : أين كنت ، قال : في دكان ، قلت : تصير منادياً أو حارساً على . . . للذي كان في الدكان وتجلب الناس إلى ذلك الجنس . وقال آخر : رأيت / أنني صرت سراج معصرة أدور حيث دار الحجر ، قلت : تصحب جليل القدر وتسافر حيث يسافر وربما تحمل قدامه نوراً وتكون لا تفارقه ، فصار يحمل الشمع قدام الملك . وقال إنسان : رأيت أنني أسبح في قناديل ملآنة حتى آتي إلى فتائلها آكلها وطعمها طيب ، قلت : ترزق من أخذ النوفر الذي تحارف في برك الماء رزقاً جيداً . فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى .

لبس الحلي لمن يليق به : دليل على تزويج العزاب ، وأولاد للمزوجين ، وغنى للفقراء . أو أعمال حسنة ، وعز ، وجاه ، ومعايش ، وعبيد ، ودور ، ونحو ذلك . وأما الحياصة : فخدمة للبطال ، وعساكر ، وغلمان ، لمن يليق به ذلك . وتعاليقها : كبراء غلمانه . وإن جعلناها امرأة ، فتعاليقها : جهازها . فمن عدمت حياصته ، أو انكسرت ، أو تلف شيء منها : دل على نكد . وإن كانت للملك : ذهبت جيوشه ، أو بعضها . ولغيره : غلمانه ، وللمزوج : زوجته ، أو جاريته ، أو معيشته ، ونحو ذلك . والمذكر من الحلي ، كالسوار والخلخال ، والقرط : ذكور . والمؤنث ، كالحلقة ، والجوهر ، ونحوها : إناث .
قال المصنف اعتبر ما كان عليه من الحلي والحلل . كما قال لي إنسان : رأيت أن في يدي سواراً والناس يبصرونه ، قلت له : سوء يبصره الناس في يدك ، فعن قليل طلع في يده طلوع . ومثله قال آخر لكن لم يبصره الناس ، قلت : تتزوج امرأة حسنة وتكون رقيقة . ومثله قال آخر غير أنه قال كان منفوخاً ، قلت : عندك امرأة بها مرض الاستسقاء . وقال لي إنسان : رأيت أني أتيت إلى شجرة لآكل من ثمرتها فلم أقدر فلقيت على الأرض دملجاً مرمياً فجعلته تحت رجلي وأكلت من الثمرة ، قلت : أنت تطلب حاجة من جليل القدر وتخاف أن لا تقضى ، قال : نعم ، قلت : دم ولج في طلبها تقضى ، وتكون على يد امرأة وخادم ، فجرى ذلك . ودلوا على تزويج العزاب لكونهم من آلات التزويج ، وأولاد لتجمل الناس بهم وطول بقائهم عنده ، وعلى الغنى لأن ذلك لا يعمل إلا بعد فضله وغنى عنه ، ويدل على الأعمال لأنه غالباً من أعمال الرائي إما بنفسه أو بامرأة ، وعلى العز والجاه لأن ذلك غالباً مختص بذوي القدر ، وعلى المعايش لكونهم يباعوا ، وعلى العبيد لخدمتهم لمالكهم باستعماله لذلك ، وعلى الدور لكون الأعضاء تعبر في ذلك . ودلت الحياصة على الخدمة لأنها غالباً لا تكون إلا في وسط من يخدم ، والبطال لا يلبس ذلك ، وعساكر وغلمان لمن يصلح له ذلك لكونه يشد وسطه بها ، ومنها الأعمدة الواقفة إلى جانب بعضها بعض كالجيوش والغلمان ، وعلى جهاز المرأة لأنها مؤنثة ، وعمدها والتعاليق كالسيور والأواني المصفوفة والمعلقة ، وتدل أيضاً للمرأة على زوجها وللرجال على ملبوسه . وقال لي إنسان : رأيت كأن في عنقي . . . لازماً ، قلت له : في رقبتك حق لإنسان وسيلازمك في طلبه ، فقال : صحيح . وقال آخر : رأيت كأن في رجلي خلخالاً ، قلت : تتخلخل رجلك بألم ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيت أني قد سرق لي خلخال ، قلت : يعدم لك قبقاب ، أو مداس لها صوت . وقال آخر : رأيت كأن في يدي خلخالاً وآخر قد مسكه وأنا ماسكه وأزعق عليه وأقول أترك خلخالي فتركه ، قلت : فكان الخلخال أملس في يدك ، قال : بل كان تألمت منه مرة بعد مرة وفيه شراريف ، قلت : أمك شريفة وكذلك خالك ، وأنت لست بشريف ، قلت : واسمك عبد القاهر ، قال : صدقت ، قلت : ولسان خالك لسان نحس ردي يتكلم في عرضك ويأخذ مما في يدك ، قال : نعم ، قلت : ثم نه يقع في يد ظالم متعدي فيحتمي بك فتشد أنت منه وتقول : خل خالي ، فعن قليل جرى ذلك . وقال آخر : رأيت أن الشمس عندي وكأن سحاباً أخفاها عني فدورت عليها / فلقيتها مخبوءة في وسط عقد جواهر ، قلت له : كان عندك قطعة ذهب فيها نقش أشبه شيء بالدينار / ، والنقش : منفعة كبيرة ، جعلتها في شيء معجون لتأكل ذلك ، والمعجون لمنفعة طلبتها فلم تجدها ، فبعد قليل عرفت أن سنوراً إبتلع ذلك فصار الضائع جواهر ، فراح من عندي ، فوجد ذلك صحيحاً . وقال إنسان : رأيت أن في أنفي قطعة ذهب وفيها حب مليح أحمر ، قلت له : يقع بك رعاف شديد ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت كلاب كلابنذ معلق في شفتي ، قلت له : يقع بك ألم تحتاج إلى الفصد في شفتك لأجل ذلك ، فجرى ذلك . وقد مضى بعض الكلام في الخاتم خاصة ، وذكر ما فيه في ' الحلي ' . وكل موضع دل الحلي والحلل على الخير والشر فطول ذلك وقصره على قدر ثبات ذلك وذهابه ، كما تقول الحلي من الزجاج لا ثبات له ، وكذلك من الرصاص ، وكذلك من الشمع ، ونحو ذلك . بخلاف الذهب والفضة والنحاس والحديد استعمله أكثر الناس . كما قال لي إنسان : رأيت أن في يدي خاتماً من رصاص ، قلت : عندك امرأة تلوث عرضها - لأن الرصاص يلوث الإنسان - ولا ثبات لها عندك - لعدم بقائه - . فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى .

ولبس الحلي ، والحلل ، لمن لا يليق به : دال على النكد ، والذلة من الأكابر . وأما لبس الخاتم ، فيدل لمن لبسه ، ممن يصلح له : على تزويجه ، إن كان أعزب . أو يتسرى بجارية . فإن كان بفص : رزق ولداً . وربما تكون المرأة ذات جهاز ومال . ويدل على الولاية ، لختم الأموال ، والكتب ، ونحوها . فمن كسر خاتمه أو ضاع : زالت ولايته . وإلا فارق زوجته ، أو جاريته ، أو بعض أولاده ، وأقاربه ، أو معارفه . أو تعطلت معيشته . ونحو ذلك .

ربط اليدين ، أو الرجلين ، أو القيد ، أو اللبنة ، ونحو ذلك : دال على عزل المتصرفين ، وتعويق المسافرين ، وطول سجن المسجونين ، ومرض المرضى ، وتزويج العزاب ، وتعطيل عبادة العابدين ، وتوبة الفاسقين ، وكف أكف الظالمين . وذلك في اليدين : فقر الأغنياء . وأما الغل ، والربط ، في العنق : دال على الذنوب ، والأنكاد . قال المصنف : دل الربط والقيد على ما ذكرنا من العزل وترك السفر وطول المرض والسجن لكون ذلك يمنع الحركات ، ومن ذلك أيضاً ترك عبادة العابد ، ودل على التزويج لكون اليدين أو الرجلين اجتمعا وهما ذكر وأنثى ، ودل على توبة الفاسقين وكف ظلم الظالمين لكون كل واحد انكف عما هو فيه من الحركات . وانظر صفة القيد والذي ربط به وتكلم عليه . كما قال لي إنسان : رأيت أن في رجلي قيد ذهب ، قلت : يمنعك عن سفرك شيء يذهب لك ، فجرى ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : يمنعك جليل القدر . ومثله قال آخر ، قلت : تتزوج من بيت جليل القدر . والقيد أهون من اللبنة كما رآها إنسان في رجله ، قلت : تتقيد بجليل القدر ويمنعك عن تصرفك كما تريد . وقال آخر : رأيت أن يدي مربوطة بخيط حرير ، قلت : يذهب مالك على إنسان جليل القدر . ومثله قال آخر ، قلت : تتوب على يد رجل هين لين . فافهم ذلك موفقاً .

الذهب ، والدراهم ، والفلوس ، ونحوهم ، لمن ملكهم ، ممن يليق به : دليل على أخبار ، أو غائب ، أو ولد ، أو معرفة . ويكون فيهم نفع . وأما من أخذهم ، ممن لا يليق به ، أو كانوا في الكثرة خارجاً عن العادة : فأنكاد ، وهموم ، ونحو ذلك . قال المصنف : دل الذهب والدراهم والفلوس وشبههم على الكتب لكون الكتابة عليهم ، وعلى الأخبار لن بهم يعلم الإنسان ذلك ، وعلى مجيء الغياب لأن الحاجة غائبة حتى يروح أحد من أولئك يحضر ، وعلى الأولاد والأقارب لنفعهم ، وعلى المعارف النافعين لما ذكرنا . فإن خرجوا في الكثرة عن عادة مثل ذلك أعطوا الأنكاد لوجوه : الأول : لثقل حملهم ، ولتعسر حفظ مثل ذلك على من / ملكه ممن لا يصلح له ذلك ، الثالث : لكون الحقوق ترتب فيها ، الرابع : لطلب اللصوص والحرامية والطماعين لمن معه ذلك . وكذلك الحكم إذا كانوا في القلة عند من لا يليق به ذلك ، كالفلوس والدراهم والدنانير في يد ملك وهو يفتخر بين الناس بذلك ، وكذلك من دونه من ذوي الرتب الذين لا يصلح لهم ، يدل على : الأنكاد والفقر ونزول المرتبة ونحو ذلك . فافهم ذلك .
أواني البيت ، كالمسرجة ، والزبدية ، والطبق ، والقدرة ، والمكنسة ، وأمثالهم : كل واحد منهم دال على صاحب الدار ، وزوجته ، وأولاده ، وعبيده ، وداوبه ، وفوائده ، ومعايشه . كما أن المطارق ، والمنفخ ، والكلبتين ، وأمثالهم ، للبيطار ، والحداد ، والنجار ، والصائغ ، وأمثالهم : دال على معايشهم ، وغلمانهم ، وأولادهم . وربما كان المنشار ، والمثقب ، والمنقار ، والإبرة ، ومكوك الحائك ، وسهم المنسج ، وأمثالهم : أصحاب سفر ، ومدخلات في الأمور . وربما دلوا على الجواسيس ، لدخولهم في البواطن ، وخروجهم . قال المصنف : إعتبر ما في البيوت ، وهم دالون على صاحب الدار والزوجة والأولاد والعبيد والدواب والمعايش ، ونحو ذلك ، لانتفاع أهل المنزل بذلك ، والأواني المعمولة من النحاس دالة على طوال الأعمار وذوي القدر ، ودون ذلك الحديد لكونه لا يستعمل غالبا ، وأضعف من ذلك وأرفع منزلة الرصاص في الأواني كما قال لي إنسان : رأيت أن عندي قدرا برأسين ، قلت : عندك امرأة حامل بتوأم ، فعن قليل وضعت توأما . وقال لي إنسان : رأيت أن قدامي زبدية كبيرة وأنا أعمل فيها الشعر في الرق ، قلت : تصير تبيض الغزل . ومثله قال آخر ، قلت له : تملك مبلة فيها ، قلت له : تنكسر منك زبدية ويذهب ما فيها . وقال آخر : رأيت أن قدامي طبقا فيه ططماج وأنا آكل منه دراهم ودنانير ، قلت له : أنت صنعتك تعمل الورق ، قال : صحيح ، قلت : تفيد منه . وقال آخر : رأيت أنني وقعت في طبق ططماج انكسرت رجلي ، قلت له : تضمن الورق أو وراقة وتنكسر في ضمانها ، فجرى ذلك كله . وقال آخر : رأيت أن منفخي إنكسر ، قلت : تقع باذهنجك . ومثله قال آخر : قلت : يقع في أنفك زكام . وقال آخر : رأيت أني قد راح منه كلبتين ، قلت : يموت لك أولاد توأم ، فماتا . وقال لي ملك رأيت أن منشارا لي إنكسر ، قلت : تقع بعض شراريف السور ، فوقع ذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت مثقبا ، قلت : تصير تحفر الآبار . وقال آخر : رأيت أنني صرت منشارا واثنان ينشران بي ، قلت : تقع بين إثنين في رسالة وتتعب بينهما ، فجرى ذلك . فافهمه موقفا إن شاء الله تعالى .

المبرد ، والفأرة ، والمصقلة ، وآلة التبيض ، وأمثالهم : يدلوا على المصلحين ، والمهدين . والمفتاح : دال على الحاكم على الأموال ، وغيرها . وعلى الخبير بفتح الأماكن ، وتسهيل الأمور الصعاب . ويكون صاحب أمر ، ونهي . كما أن الميل : صاحب سفر ، لكونه يغيب ، ويجيء بالمطلوب . وأما المغرفة ، والغربال ، والمنخل ، والمصفاة : فأقوام متوسطون بالخير . قال المصنف : قال إنسان : رأيت أنني صرت مبردا ، قلت : يطلع عليك جرب ، فطلع . ومثله قال لي جليل القدر ؛ قال : كنت أبرد الحديد ، قلت تلبي جوشنا في حرب وتنتصر . ومثله قال آخر ؛ غير أنه قال كنت أبرد حوافر الخيل ، قلت له : تصير بيطارا . ومثله قال آخر ، قلت : تصير ركاب دار . ومثله قال آخر ؛ غير أنه قال كنت أبرد خشب قرب السيوف والسكاكين ، قلت : تعمل / الحصون والعدد للأكابر . وقال إنسان : رأيت أنني صرت مفتاحا لباب ، قلت : تصير بوابا ، فصار كذلك . ومثله قال جليل القدر ، قلت : تتولى منصبا عاليا على قدر حسن الباب . وقال آخر : رأيت أنني صرت سنا في مفتاح ، قلت : فتحت شيئا ، قال : نعم ، قلت : ستعبر نقبا وتقاوم أصحاب المكان وهم من فوقك ثم يأخذ النقب من أسفل وتصعد وينفتح لك المكان . وقال لي إنسان : رأيت إن مفتاحي بلا أسنان ، قلت : تتلف أصابع يديك ، فجرى ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : تذهب أسنانك . ومثله قال آخر ، قلت : يعدم شجر بستانك . والمنقار إنسان مغصوب على الدخول في الأماكن الصعبة ، وإبر الذي يعمل الجلود كالخفاف والمدسات ونحو ذلك دال على الغلامين الذي يمشي كل واحد ضد ما يمشي صاحبه في طلب المصلحة . والميل الذهب أجود من الفضة ، والفضة أجود من النحاس ، ودونهم الميل من الزجاج . وقال لي إنسان : رأيت أن عندي بعض ميل ذهب وأنا أكحل به أعين الدواب ، قلت : عندك صبي تعلمه بيطارا فاسأل عنه فهو ابن ملك ، فسأل عنه فوجده كذلك . وقال آخر : رأيت أن معي ميلا من ذهب وأنا ألعب به في التراب ، قلت : عندك جليل القدر تستعمله فاعلا في عمل التراب . وقال آخر : رأيت معي أميلا عديدة ، قلت : يكثر الرمد ووجع العيون عندكم ، فجرى ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : عندك جماعة عزمت على سفرهم . ومثله قال آخر ، قلت : عزمت على أخذ مطامير . وقالت امرأة : رأيت أن ميلي ضاع ، قلت : يأخذ زوجك غيرك ، فيهجرك في الفراش ، فجرى ذلك . والله أعلم .

كل ما كان معدا للخبايا ، أو للحفظ : فهو دال على الأمناء ، والحراس ، والأماكن الحصينة . كالخزائن ، والصناديق ، وأمثالهم . والقبان ، والميزان : يدلان على القضاة ، والولاة ، وكل من يقبل قوله . فلسانه : هو المتوسط ، والشاهد بالحق . والصنج : غلمانه ، وأعوانه .
قال المصنف : وقال لي إنسان : رأيت أنني أزن ذهبا في قبان ما هو معد له ، قلت : تسلم أقواما أكابر إلى من لا يعرف قدرهم ، ولا يلتفت عليهم ليختبرهم ، وما يحصل لك مقصود . وقال لي إنسان قيم مسجد : رأيت أنني أزن في ميزان الدراهم فلوسا وقد تلف ، قلت : تبدل القناديل الجياد بدونها ، فارجع إلى الله عن ذلك . والله أعلم .

النظر في الأشياء الصقلة ، كالزجاج ، والماء ، والمرآة ، وأمثالهم : دال على تزويج العزاب ، وموت المرضى ، والأسفار . وربما رزق الرائي ولدا ، على شكله . وأما إن نظر ليصلح وجهه ، أو حاله ، فإن أصلحه : تعافى المريض ، وخلص المسجون ، وقدم الغائب ، وقضيت حاجة المحتاج . قال المصنف : دل النظر في الأشياء الصقلة على : تزويج العزاب لكونه يبقى وجه مقابل وجه يحبه ، وعلى موت المرضى لكونه صار وجهه في مكان لا تصل يده إليه ولا يقدر عليه ، ومن ذلك دل على السفر . فإذا كان له عادة بالنظر في شيء مليح كمرآة مليحة فرأى أدون من ذلك ؛ فإن جعلته تزويجا أو تسريا فهي امرأة دونه ، وإن جعلته موتا فحذره من الآخرة الردية ، وإن جعلته سفرا فمنعه من ذلك ؛ فهو غير مرضي . وقولنا يرزق الناظر مثله إن كانت امرأة وهي حامل فالحمل أنثى ، وإن كان الناظر رجلا وعنده حمل فالولد ذكر ، وإن لم يكن عنده حمل فالمرأة تحمل بذلك .

كل ما يغتسل به ، من الأواني ، كالإبريق ، والطاسة ، والشربة ، وأمثالهم : دال على الأصحاب ، المطلعين على الأسرار ، الكاتمين لها ، الدافعين الأذى . والغلاية : امرأة ، أو بنت ، أو جارية ، فيها نفع . وربما تكون تعرف صنعتين / . وربما تكون كثيرة الأمراض ، لجمعها الماء والنار في بطنها . قال المصنف : قد سبق الكلام في الأواني ، والإبريق دال على الكثير السجود والخدمة . كما قال لي إنسان : رأيت أنني آكل إبريقا ، قلت له : بعت ديكا وأكلت ثمنه ، قال : صحيح . وقال إنسان : رأيت أنني صرت إبريقا ، قلت : تصير صاحب صوت كالمؤذن والحارس والمغني ونحو ذلك ، فصار مؤذنا ، وكان دليله أن الماء إذا قلب فيه يبقى له صوت . دلت أواني الإغتسال على المطلعين على الأسرار لقربهم من العورات ، الدافعين الأذى لزوال الوسخ بهم ، الكاتمين الأسرار لكونهم لا ينطقون بما يجاوروه . واعتبر الجمع في الأواني . كما قال لي إنسان : رأيت إنسانا أهدى لي شربات ، قلت : كانوا ملاحا ، قال : لا ، قلت : احترز منه فإنه بيت لك على شر . وقال إنسان : رأيت أنني ملكت غلاية ، قلت : تملك حماما ، فملكه . وقال إنسان : رأيت أن ولدي يشرب من غلاية ، قلت : تمرض أمه بالحمى ويرضع ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : ابنك مريض بالحمى الباردة ، قال : نعم ، قلت : فشرب من الغلاية ماء حارا ، قال ، نعم : قلت : يتعافى ، فعوفي . وقال آخر : رأيت أن عندي نعامة آكلها ، قلت : عندك غلاية ، والساعة تبيعها وتأكل ثمنها ، فجرى ذلك . وأشبهت النعامة لأن النعامة تأكل النار ، وتشرب الماء في بطنها ، فأشبهت الغلاية التي جمعت في بطنها بين الماء والنار . وقال إنسان : رأيت أنني صرت غلاية ، قلت : تمرض بوجع الفؤاد ، وتصير أيضا ضامن حمام ، فجرى له ذلك . ومثله قال آخر ، قلت له : تأكل أموال اليتامى ، فكان كذلك ، لأن الله تعالى يقول ! ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) ! . وقال آخر : رأيت أنني صرت خابية ملآنة ماء ، قلت : نخشى عليك الاستسقاء ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت زبرا كبيرا والسقاؤون يقلبون في الماء وهو كدر ، قلت : نخشى عليك أن تعذب بسقاية الحل والجير ونحو ذلك ، فجرى له ذلك . وقد سبق الكلام على الحكم في الزرابيل والقباقيب ونحو ذلك فافهمه .

الجرار ، والخوابي ، وآنية الماء : دالون على أهل النفع ، والخير . والقبقاب : ولد ، أو عبد ، أو دابة ، أو مال طويل الإقامة . وهو لمن لا يعتاده : نكد ، وتعويق من أمور . ويدل على إظهار الأمور الخفية . وهو لمن يمشي به في الطين : خلاص من نكد ، أو سفر فيه راحة . فجمع ما ذكرنا فهم أيضا : دالون على الدواب ، والدور ، والعبيد ، والملابس ، والمعايش ، والأقارب . وهم للعزاب زوجات . وكذلك كل ما أشبههم . فما حدث فيهم من صلاح ، أو فساد : عاد إلى ذكرنا .

وأما المالهي ، كالطبل ، والزمر ، والدف ، وشبههم : فلهو وأخبار باطلة . وأما العود ، والجنك ، وأمثالهم : فأناس مسموعون القول ، لا دين لهم . وأما النقارات : فأخبار ، وتجهيز جنود . وكذلك البنود . وأما من غنى في المنام : فكل من سمع صوته ، اطلع على أسراره . وأما الرقص ، لمن لا عادة له به : هموم ، وأنكاد ، وأسفار مشقة . قال المصنف : دلت أصوات الطرب على الباطل من القول لأنه لا حقيقة لذلك ، فالطبل يدل على الرجل الجسيم المنظر العديم المخبر ؛ باطنه ولاش . والزمر : ناقل للكلام ، لكونه مختصا بالفم ، ويكون كلاما غير مفيد ، وربما كان الزمر ترجمانا . والدف : رجل مرفوع على الرؤوس . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أسجد لدف ، قلت : تحب غلاما في آذانه حلق وهو كثير الضحك مدور الوجه وكثير البكاء أيضا لكثرة ما يضرب ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أسجد / لجنك ، قلت : أنت تحب إنسانا تركمانيا أو بدويا على رأسه طرطور ، قال : صحيح . وقال لي ملك : رأيت أنني نصبت جنوكا على البلد ، قلت : تحاصر بلدا وتنصب المناجنيق عليه ، لأن الأوتار فيه شبه حبال المنجنيق . وقالت امرأة : رأيت في حجري عودا أضرب به ، قلت : ترزقين ولدا وتناغيه وهو في حجرك . وقال آخر : رأيت أنني صرت عودا ، قلت : تلوي عليك المعاصير وتزعق من ذلك . والمغني في المنام هو شاكي مظهر لما في قلبه من ألأسرار ، فإن كان يغني لغيره بصوت مليح فهو رجل حلو اللسان ، خبير بإخراج ما في القلوب والبواطن من الأسرار ، ويدل ايضا على أنه يقع بفؤاده ألم أو بحلقه أو برأسه ؛ لتألم أولئك من كثرة الغنى . كما دل الرقص على كثرة التعب من كثرة الترداد ، وعلى وجع الرأس لغلبة الدوخة في الرأس عند كثرة الحركات ، والأسفار . فافهم ذلك موفقا .

اللعب بالنرد ، والشطرنج ، ومثله : يدل على المقاتلة مع غيره ، وعلى الشبه في المكاسب . وعلى تعطل العبادة ، والانتقال من مكان إلى آخر في طلب غريم . وإن كان مريضا ، وتم اللعب : مات ، لأن آخره شاه مات . وإن كان سليما : بلغ مراده . ورؤية الملاهي ، والنوائح ، أو الصوائح ، أو اللطم ، أو السواد ، في المكان الذي ليس له عادة بذلك : فهو دال على الهموم ، والأحزان ، وخراب المكان ، وفراق الأحبة . قال المصنف : دل اللعب بالشطرنج والنرد وشبهه على المقاتلة لكون كل خصم مجتهدا في غلب غريمه ، وعلى الشبهة في المكاسب لكون أخذ الرهن عليه بغير حق ، وعلى ترك العبادة لكونه لعبا واللعب ضد العبادة ، وعلى كثرة الأسفار في طلب الغرماء لأن اللاعب ينقل ما بين يديه شبه الغرماء الطالبين بعضهم بعضا ، فافهمه . ودلت الملاهي على الأنكاد لما يغرم عليها ، ولما يحصل من تغير العقل والحركات عند سماعها ، ولما يلهي الإنسان عن أشغاله ، ولأن العقلاء يرون تركها إلا من ضرورة ، وتذهل سمع السامع ، وترجف من لا عادة له بها ، وإذا كانت هذه مع استعمال الناس لها تعطي الأنكاد فمن طريق الأولى علامات الحزن التي ذكرناها على الأفراح . كما قالت لي امرأة حامل : رأيت عندي زمرا وطبلا ، قلت : ترزقين ولدا ذكرا ، وتفرحين به . وقال إنسان : رأيت عندي نقارات وبنودا ، قلت : أنت جندي تتقدم وترزق الإمرة ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أن عندي جنكا وعودا يضربان خفيه ، قلت : أنت تشرب خفية ، قال : نعم .

وأما السكر من أكل شيء ، أو شرب شيء ، لمن يحرمه : هموم ، وأحزان ، وزوال عز ، ومطالبات بديون ، وغيرها . لكونه فاعل ذلك يطلب بالتعزير ، أو بالحد . وأما السكر ، من غير شيء : يدل على قضاء الديون ، والخلاص من الشدائد . بكونه لا يكلف من حال سكره بشيء . هذا إذا لم يتخبط . وأما إن تخبط كان رديا . قال المصنف : اعتبر السكر من الجامدات والسائلات ، وتكلم عليه . ومن الأصوات أيضا . كما قال لي إنسان : رأيت أن هدهدا يترنم بصوت مليح وأنا أطرب ، قلت : تمايلت ، قال : نعم ، قلت : قدام الناس ، قال : نعم ، قلت : خلاف عادتك ، قال : نعم ، قلت : يحصل لك نكد من جليل القدر ، وربما تكون رسولا بكلام يهددك به ، قال : جرى ذلك ، قلت : وكان عليه ثوب ملون ، قال نعم . ومثله قال آخر - غير أنه قال ما كان بين الناس - قلت : قدم عليك بشارة على يد إنسان على رأسه طرطور ، ومعه كتاب ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت / أنني أكلت من رطب نخلة فسكرت منه ، قلت : يحصل لك نكد من امرأة ، وربما تكون اسمها مريم ، أو لها بنت اسمها كذلك ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أكلت زيتا فسكرت منه ، قلت له : تتنكد بمرض في رأسك أصله صفراء . وقال آخر : رأيت أن نخلة ضربتني فسكرت من ضربتها ، قلت له : يقع في رأسك سهم نشاب أو حجر فتتنكد منه ، فجرى ذلك . وعلى هذا فقس .

وأما السكر من خوف الله تعالى ، أو قراءة قرآن ، أو سماع موعظة : فدال على العبادة ، والرفعة . قال المصنف : دل السكر من خوف الله تعالى وقراءة كلامه العزيز واستماعه الموعظة على العبادة والرفعة لاشتغال الباطن وحجب الظاهر عن أمور الدنيا ، ويدل على الراحة ، وقضاء الديون ، وتوبة الفاسق ، والإنتقال من دين إلى دين أحسن مما هو عليه في حق الكافر ، ويدل في ذلك أيضا على أنه قال لي بعض المتعبدين : رأيت أنني سكران من خوف الله تعالى وأنا أتواجد ، قلت : تزداد عبادة وبرا ويتجدد لك في اعتقادك أحسن مما كنت عليه ، قال : صحيح ، قلت : وتوت شهيدا ، فمات قتل الكفار في سبيل الله تعالى . ومثله رأى آخر ، قلت : يأتي إليك أحد نواب الملوك ويعطيك راحة من الدنيا تبقى فرحان بها ، فجرى له ذلك . وقال آخر : رأيت أنني اقرأ ! ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ) ! وأنا سكران من قرائتها ، قلت له : أنت رجل متولي ، ولم أملاك ودور ، وقد تحدثت أنت وشخص ممن يتلو الكتاب العزيز في أن تترك الولاية ، وتوقف أحسن أملاكك ، قال : نعم ، قلت : وصفة الفقيه مصفر اللون طويل القامة ، واسمه سليمان ، قال : نعم ، وهو يصنع المراوح ، قال : نعم ، وكان دليله أن المتقين غالبا عندهم خوف ، وفي وجه الخائف أبدا إصفرار ، وكونه طويل القامة لأن القرآن كثير الإقامة بين أظهر الناس إلى يوم الدين ، والباقي في سورة النمل وفيها سليمان وعمله . فافهم ذلك .

وأما الجنون : فدال على النكد ، من أقوام كفار ، أو فساق . قال المصنف : دل الجنون على النكد من قوم كفار لكونهم مستورين ؛ والكفر في اللغة هو الستر ، أو من لأن الغالب على الجن الذين يؤذون الفسق .
الإغماء ، والنوم : كل منهم دال على راحة التعبان ، وخلاص من هو في شدة . وتعطيل المسافر عن سفره ، وللعابد عن عبادته . وعلى النكد يقع بالحراس . وعلى أمن الخائف . فإن نام في موضع لا يليق به : دل على النكد . وربما : دل ذلك على السفر . قال المصنف : دل النوم والإغماء على ما ذكرناه لما علمنا أنه يريح الأبدان ، ونكد بالحراس لأن من شأنهم السهر فإذا ناموا عوقبوا ، ودل على السفر لكون روح النائم تسرح في أماكن غير مكانه الذي هو فيه .

في الطاعات : الصلوات المشروعة : دالة على التقرب إلى الله تعالى ، وعلى العز ، والجاه ، والرفعة ، والغنى ، وقضاء الحوائج ، والديون . فإن تمت له : تم له ما ذكرنا . وأما النوافل ، والتطوعات : يدلوا على زيادة الخيرات ، ودفع البلايا من حيث لا يحتسب . ويدلوا على ما دلت عليه الفروض . وأما الوضوء : فدال على شرح الصدر ، وقضاء الدين والحوائج ، وخدمة الأكابر . وعلى التوبة . فإن صلى : حصل له ما ذكرنا ، وإلا : تأخذ أكبر مطلوبه . قال المصنف : دلت الطاعات على التقرب إلى الله تعالى ، دليلها ظاهر . ودلت على العز والرفعة لكون مخدومه راض عليه ، ومن واضب ذلك أحبه الله وأحبه الناس ، وأعطى العز والرفعة . ودل على الغنى لأن الطاعات مدخرة للإنسان إلى يوم الحاجة ، فهو كالغني الذي له ذخائر يجدها . ودل على قضاء الحوائج لتقربه من ربه / عز وجل ، أو لمن دل الباري عليه ، ومن تقرب قبل في غالب الأحوال . وعلى قضاء الديون لأنها واجبة في ذمته ، وقد برأت ذمته بأدائها . وإذا رأى كأنه يقضي ما فاته من الفروض دل على استدراك ما فاته من الفوائد ؛ كالخاسر في مكاسبه دل على الخلف عليه مما فات ، وكالغافل عن زكاته وحفظ ماله دل على براءة ذمته بعد شغلها وحرز ماله بعد ضياعه ، وإيصاله بالخدم والأكابر بعد انقطاعه عنهم وادراك من سبقه في العمل . حتى قال لي إنسان : رأيت كأنيي أقضي فوائت كثيرة ، قلت : تهاونت في عمارة مكان حتى سبقك خصمك وعمر ، قال : نعم ، قلت : عزمت على العمارة ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت : طلبت سفرا وكسلت فسبقك القوم ثم تجهزت للسفر ، قال : نعم ، قلت : يحصل لك . ومثله قالت جارية ، قلت لها : كنتي بعيدة من مولاكي مهجورة غافلة عن خدمته ، قالت : صحيح ، قلت : تقربي بعد بعد ، وتصلي بعد هجر . والنوافل دالة على زيادة الخيرات لأن الفروض رؤوس الأموال والنوافل زيادة على ذلك فهو ربح ، ودفع البلايا ، فإن كان له أولاد رزق عليهم ولدين ذكرين ، وربما يكونان توأما ؛ لقوله تعالى ! ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) ! ، ودل على باقي الخيرات لكثرة ما ورد عن الله تعالى في ثواب ذلك .
ودل الوضوء على شرح الصدر لزوال الوسخ ، وحسن البدن بعد رداءة منظره . وكذلك الغسل من الجنابة والحيض . ودل على باقي أحكامه من قضاء الديون والحوائج ونحو ذلك كما دلت الفروض . فإن صلى لما توضأ له بلغ مراده وإلا فلا . وتكلم على ما توضأ . كما قال إنسان : رأيت أنني أتوضأ لأصلي صلاة الكسوف ، قلت : عزمت على السعي في خلاص مسجون ، قلت : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : صليت ، قال : نعم ، قلت : خلصت غريقا . ومثله قال آخر ، قلت : سعيت في رد معزول إلى منصبه ، قال : نعم ، ومثله قال آخر ، قلت : شفعت في عود إنسان إلى بلده أو منزله ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني توضأت لأصلي على جنازة ، قلت : شفعت في مسافر إلى عند مخدومه ، قال : نعم . وقال آخر : توضأت لأصلي صلاة الاستسقاء ، قلت : أنقذت إنسانا من ألم العطش ، قال : نعم . وقلت لآخر : شفعت في خلاص حق لإنسان من المياه ، قال : نعم . وإذا فسد وضوءه أو صلاته بما سيأتي لم يتم له شيء مما قصده .

فإن توضأ بما لا يصح الوضوء به ، أو صلى إلى غير القبلة ، أو على غير طهارة ، أو قرأ بالأعجمية لمن يقدر على العربية ، أو بالأشعار : لم يتم له شيء من ذلك . ويكون على بدعة ، أو ضلالة ، وهو يعتقد أنه على الصواب . وأما التيمم : دال على ما دل عليه الوضوء ، إلا أنه أنقص منه . ويدل على السفر ، وعلى مرض السليم ، وعافية السقيم . وأما اليتيم ، مع وجود الماء : يدل على الأعمال الباطلة . قال المصنف : قال إنسان : رأيت أنني أقرأ في الصلاة بالأشعار ، قلت : تتقرب إلى الأكابر بالشعر ، ولا يقبلوك . وآخر قال : كنت أقرأ بالأعجمية ، قلت : تصير ترجمانا ، وتقف قدام جليل القدر ، وتتكلم بخلاف المقصود منك . وقال آخر : رأيت أنني أصلي إلى غير قبلتي ، قلت : يأمرك كبيرك بأمر تفعل خلافه ، وتعتقد أنك ممتثل . ومثله قال آخر ، قلت له : ينتقل دينك إلى الجهة التي صليت إليها . ودل التيمم على ما دل الوضوء عليه لكونه تؤدى به الفروض والنوافل ، ودل على السفر لأن الغالب استعماله في الأسفار ، ولمن هو في عافية دال على مرضه إذا لم يكن مسافرا ؛ لأن المريض يباح له استعمال ذلك إذا عجز عن الوضوء كما قلت لمن صلى جالسا إنذار بمرض ، ودل التيمم على عافية المريض لأن التعب في حركات الوضوء كثير والتيمم أنزل منه ، وإذا بطل عنه التعب زال عنه تعب / المرض فافهم ذلك .
من قرأ القرآن ، أو شيئا من الكتب التي يعتقد فيها : فانظر فإن كانت آيات رحمة فبشره ، وإن كانت تخويفا فحذره ، وإن لم يعرف ما كانت فذلك خير وفائدة . خصوصا إن كان بصوت مليح ، والناس يستمعون ، ويتلذذون به : فإنه يدل على المنزلة ، والذيت الحسن . وأما الأذان ، أو رفع الصوت بذكر الله تعالى ، وهو مكشوف العورة : دال على اشتهار ، ونكد ردي .
قال المصنف : إنما دل الأذان والذكر على ما ذكرنا لكثرة ميل النفوس الشريفة إلى استماعه والعمل به ، فإن فعل ذلك من لا يليق به دل على النكد . كما قال لي إنسان : أرى كثيرا أنني أءذن في غير الوقت ، قلت : له أنت كثير الكذب في أقويلك . وقال آخر : رأيت أنني أذنت على دار عالية في بلد كفر بصوت ردي ، قلت له : يقع لك نكد بطريق امرأة في ذلك المكان . وقال آخر : رأيت أنني أءذن فجاء إنسان فقطع علي الأذان وضربني وأسال دمي ، قلت له : تقع في حرب وتذهب أذناك ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أن امرأتي تؤذن ، فقلت : هي عجوز ، قال : نعم ، وهي ذات دين وصلاح ، قلت : هي تستأذن الناس في فرح ، قال : نعم . فافهمه .

الحج ، أو زيارة الأماكن الشريفة ، كالقدس ، وقبور الأنبياء والصديقين : فهو دال على ما دلت عليه الصلوات . وعلى رفع المنزلة ، والأمن من الخوف ، وعلى خدمة الأكابر ، والتقرب منهم . وعلى التزويج ، وكثرة الفوائد . وقضاء الديون ، والحوائج . فإن ثم ذلك : ثم له مراده ، وإلا فلا . قال المصنف : اعتبر بما يليق أن تفعل كل أمة في حجها ، وأعطه من أحكامه على ما يليق به . كما قال مسلم : رأيت أنني سجدت لقبر موسى بن عمران ، قلت له : تذل في خدمة ليهودي أو سامري . وقال لي يهودي : رأيت أنني أكنس حول قبر محمد صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : تسلم وتجاور عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان كما ذكرت . وقال آخر : رأيت أنني أبني قبر أيوب عليه السلام ، قلت له : أصلحته جيدا ، قال : نعم ، قلت له : أنت تداوي مريضا ، وهو يتعافى ، فكان كذلك .

وأما السجود إلى غير جهة العبادة ، أو ممن هو جالس ، أو نائم ، وهو قادر على القيام : فدليل على فساد دينه ، وبدعته . وربما دل السجود للأصنام ، أو الشجر ، أو القبور : على الخدمة لمن لا ينفعه . قال المصنف : إذا سجد لغير جهة العبادة من غير عذر : دل على التقصير في دين الساجد ، وربما دل ذلك على السفر أو المرض الذي يوجب ذلك . كمن رأى أنه سجد بين قبلتي المسلمين والنصارى ، قلت له : تخدم مكانا فيه مسلم وذمي ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت أنني أسجد لصنم وأنا أبكي ، قلت له : تخدم ميتا ، وتبكي عليه . ومثله قال آخر ، قلت : تخدم رجلا جاهلا لا ينفع معه الخير . ومثله قال آخر ، قلت له : كان الصنم لك ، قال : نعم ، قلت : عندك ولد أو قرابة أخرس أو زمن ، وأنت تعبان في خدمته ، ضيق الصدر لأجله ، قال : صحيح .

وأما صلاة الخوف : فتدل على الحروب ، والمخاوف . وأما صلاة الكسوف : فتدل على أن المصلي يسعى في خلاص من دل الشمس ، أو القمر ، عليه .
قال المصنف : اعتبر الخوف هل هو من بني آدم ؛ أو من غيرهم ، أو خاف أن يدركه غريمه ؛ أو يفوته بهربه ، فاحكم عليه بما يليق به . كما رأى إنسان أن غزالة تطلبه وهو هارب منها وصلى صلاة الخوف ، قلت : تسافر من خوف امرأة . وقال آخر : رأيت أنني صليت كذلك من خوف أشجار تطلبني ، قلت : تهرب من ضمان بستان أو ثمن خشب أو فواكه ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيت كأنني صليت صلاة الخوف في طلب نجوم تهرب مني حتى أمسك واحدا منهن ، فقلت له : لك على أحد من أرباب / نجامة حق وقد هرب منك ، قال : نعم ، قلت إن كنت مسكت منهن شيئا حصل لك قصدك وإلا فلا . ومثله قال آخر ، قلت له : لك حق على منجم بأشهر وقد استحق وهو يهرب منك ، فكان كذلك . وأما الصلاة من خوف الله تعالى تدل على الأمن والظفر بالحاجة فافهم ذلك . واعتبر صلاة الكسوف . كمن رأى أن الثريا انكسفت ، قلت له : تسعى في خلاص امرأة من شدة . وقال آخر : رأيت الهقعة كسفت وصليت لذلك ، قلت : يذهب لك ميزان ، ثم تلقاه . ومثله قال آخر ، قلت : يعدم لك صغير ثم مليقيه ، فكان كذلك ، لأنها كالميزان عند العامة وشكلها كابن آدم . فافهم ذلك .

الصيام : يدل على ما دلت العبادات عليه . وهو لمن يطلب سفرا : بطالة من سفره ، أو شدة يلقاها في سفره . ويدل على عافية المريض ، الذي لا يصلح له الأكل . ولمن يصلح له الأكل : موت . وربما دل الصيام : على قطع علائق الدنيا ، أو بطلان المعايش . قال المصنف : واعتبر حال الصائم . كمن رأى أنه كثير الصوم وهو لا يليق به ذلك ، قلت له : يقع في فمك عيب يمنعك الأكل . وقال آخر : رأيت كل من عندي صيام ، قلت له : دوابك وكل من عندك لم يحصل لهم شيء من الأكل ، فقال : نعم ، لأن الشاعر يقول : ( خيل صائم وخيل غير صائمة ** ) وكآخر قال : رأيت أنني صمت يوم العيد ، قلت : تفعل مكروها عكس ذلك . وقال إنسان : رأيت أنني استفرغت جميع أواني البيت وبطون الأولاد والأهل ، قلت : ألزمتهم جميعا بالصوم ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت له : غضبت على من عندك فمنعتهم الأكل ، قال : نعم . وعلى هذا فقس .

وأما الاعتكاف والرباط : فيدلان على ما دلت عليه العبادات . وعلى خدمة الأكابر ، ممن فيهم الراحة . وعلى تعطيل المعايش . وربما دل الرباط على حدوث حروب .
قال المصنف : اعتبر الاعتكاف والرباط . كما قال ذمي : رأيت أنني اعتكفت في مسجد ، قلت : يحسبك مسلم على حق ، فكان كذلك . ومثله قال آخر ، قلت له : فكنت تخدم المسجد وأنت فرحان في النوم ، قال : نعم ، قلت : تحب مسلما ؛ إما مقرئ أو مؤذن ، فقال : صحيح . وقال آخر : رأيت كأنني مرابط في مركب في بحر ، فأعجبك المركب ، قال : نعم ، قلت : تحب إما رئيس مركب أو نوتيا ، فقال : أنا أحب صبيا نوتيا . فافهم .

وأما الجهاد للكفار ، أو لعدو ظاهره ردي : فدليل على تعب ، ونكد ، ومن ذوي البدع . لكن العاقبة سليمة ، لمن كان له الغلب . قال المصنف : اعتبر المجاهد ولمن يجاهد . كمن قال : رأيت أنني أجتهد مسلمين وأعتقد أنهم قد صاروا مجوسا ، قلت : يحصل لك خصام مع أقوام يعتقدون حل نكاح المحارم ؛ كالأم والأخت ونحو ذلك ، قال : جرى ذلك . ومثله قال آخر ، قلت له : يقع لك نكد مع منجمين وممن يتعانى الشمس والنار ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أقاتل الملائكة ، قلت له : أنت تتعانى صيد الطيور ، قال : صحيح . ومثله رأى آخر جليل القدر ، قلت له : يقع لك خصام مع حاشية الملك ، قال صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أجاهد الحواريين ، قلت له : تخاصم أقواما قصارين ، فكان كذلك . وقال لي نصراني : رأيت أنني أقاتل النصارى وكأنني مسلم ، قلت له : أنت تتعانى العلوم ، قال : نعم ، قلت له : تخاصم أرباب دينك على التوحيد ، قال : صحيح .

وأما الزكاة ، والصدقة ، والهدية ، يدلوا لمن فعلهم : على كثرة الفوائد ، والراحات ، ورفع المنزلة . وعلى دفع البلايا ، لأنه يقال في المثل السائر : الهدية تدفع بلاء الدنيا ، والصدقة تدفع بلاء الدنيا والآخرة . قال المصنف : واعتبر المخرج للزكاة ، وعمن زكى ، ومن أين أخرج . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أخرج بعيرا من ثلاثة أبعرة زكاة ، قلت له : أنت متولي ، / قال : نعم ، قلت : سلمت غزلا إلى غير مستحقه ، أو عبدا إلى غير مالكه ، لأن الثلاثة لا زكاة فيها . وقال آخر : رأيت أنني أسرق وأخرج منه الزكاة ، قلت : أنت تتقرب إلى الله عز وجل بالحرام . وقال آخر : رأيت أنني أخرج من الفضة والذهب حيوانا ، قلت له : عندك عبيد أو ماشية للتجارة وأنت تكاسر عن الزكاة فأخرجها ، ففعل ذلك . وقال آخر : رأيت أنني أخرج الزكاة تمرا وأرجع آكله ، قلت : تعمل حيلة على الفقراء فيما تعطيهم وتصالحهم عليه ، فقال : ما بقيت أعود إليه . وقال آخر : رأيت أنني أخرج الزكاة وازرعها ، قلت : أنت حاكم تتصرف في أموال الأيتام والمساكين بما لا يحل لكز فافهمه .
وأما من أخذ الصدقة ، ممن لا تحل له : دل على عزل المتولي ، وفقر الغني . وعلى الأموال الحرام . قال المصنف : اعتبر من أخذ الصدقة . كمن قال : رأيت أنني أخذت غنمة من الصدقة ، قلت : يحصل لك نكد لأجل امرأة . وأما دلالته على عزل المتولي وما ذكرناه ؛ فلكونه فعل ما لا يليق به . ورأى بعض الأكابر أنه عبر إلى غنم للحسين رضي الله عنه فأخذ منها رأسا قهرا وقال : هذه زكاة ، قلت له : تظلم بعض الأشراف وتأخذ ما ليس لك ، فكان كذلك . ورأى شريف : أنه أخذ ناقة من الزكاة وأعجبته وركب عليها مقلوبا ، قلت : أنت تحب امرأة أصلها من البوادي وتركب منها ما لا يليق ذكره ، فقال : صحيح ، ورجع عن ذلك . فافهمه .

وأما من تصدق ، أو أهدى ، ما لا نفع فيه - كالجيف ، واللحوم المحرمة - : فإن كان متوليا كان ظالما ، يحصل للناس منه أنكاد ، وعلى بدعة المهدي إليه : نكد من المهدي . وأما الوديعة : فهي سر المودع ، يطلع عليه المستودع . قال المصنف : اعتبر ما أودع ، ولمن أودع . كما قال لي إنسان : رأيت أن إنسانا أودعني قضيبا وهو يغني ، قلت : أجرك صغيرا غير أنه يضرب بالعود ، قال : صحيح ، وقال آخر : رأيت أن إنسانا أودع عندي شيئا فيه جماعة من الحيوان وبني آدم ؛ وقال : هذا علمي ، قلت : اطلعت على أنه يصور ، قال : نعم . وقال آخر : أودع عندي إنسان أقفاصا فيها طيور ذوات صوت ، قلت : اطلعت على أن عنده أرباب طرب وغنى ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : اطلعت على أنه يحكم على سجون ومعتقلين ، قال : صحيح . فافهمه .

الدعاء ، والاستغفار ، والتسبيح : دال على النصر ، ودفع البلايا ، ورفع المنزلة ، وغنى المحتاجين ، وقضاء الحوائج . لقوله تعالى : ! ( ادعوني أستجب لكم ) ! . وربما دل الدعاء : على نزول حادثة ، لقوله تعالى : ! ( فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ) ! . والله أعلم . قال المصنف : اعتبر بما دعى ، ولمن دعى ، وأعطه ما يليق به ، كما ذكرنا . وإن دعى بغير الله تعالى كان الأمر مما ذكرنا . كما قال لي إنسان : رأيت كأنني أدعوا الشمس وأطلب منها ، قلت : تذهب إلى اعتقاد عباد الشمس . ومثله قال آخر ، قلت : تطلب من امرأة حاجة ، ويبعد أن تقضى . وقال آخر : رأيت أنني أدعوا إلى الفلك ، قلت له : تحتاج إلى أرباب طواحين أو دواليب تدور ، فكان كذلك .
وأما إن استغفر أو طلب المغفرة من غير الله تعالى فاعتبر ذلك على ما يليق ، كمن رأى أنه يستغفر من صنم ويقول اغفر لي ؛ فإنه يتعذر إلى من لا يفعل معه ذلك . وقال إنسان : رأيت أنني أقول لشجرة اغفري لي ، قلت له : أنت أفسدت بمكان فيه شجر ، فاستغفر الله تعالى ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أقول لحيوان اغفر لفلان ، قلت له : يشفع عندك جاهل في ستر عيب لمن طلبت المغفرة له فكان كذلك .