حوار- وليد عبد السلام





السرسك مع مراسل كووورة
تحول من لاعب كرة قدم بنادى خدمات رفح الفلسطيني الى بطل قومي يتحاكى عنه العالم كله، فقد بدأ ناشئا في النادي الذي التحق به في سن السبع سنوات، وظل يتنقل بين صفوف فرق الناشئين والشباب حتى انضم الى الفريق الاول وشارك معه في اول مباراة في سن ال14 سنة فقد كان أصغر لاعبا فلسطينيا بالدوري الممتاز هناك.

الجناح الأيمن للمنتخب الفلسطيني انضم الى صفوف المنتخب الاولمبي الفلسطيني المشارك في بطولة أسياد الدوحة وكان عمره 16 عاما، وبعدها انضم الى المنتخب الفلسطيني الاول.

لم يستطع استكمال دراسته في كلية الحاسبات والتكنولوجيا بجامعة القدس، بسبب اعتقاله من جانب قوات الاحتلال الاسرائيلي وقت ان كان بالصف الثالث في هذه الكلية.

أسرار كثيرة، وغموض كبير يحيط بقصة هذا اللاعب الذي اصبح بطلا قوميا بين أوساط العرب بل وفي العالم كله وللتعرف كل تفاصيل قصة محمود السرسك كان ل kooora معه هذا الحوار...


هل انت نادم على عدم حضورك مباراة برشلونة وريال مدريد؟

بالطبع لا لم اندم لانني اتخذت قراري بعدم حضور المباراة عن قناعة تامة .. فلماذا الندم ؟

لأن الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط حضر المباراة ورفعت له الجماهير اعلام اسرائيل في الملعب .. فما تعليقك؟

انهم قلة قليلة والاعلام التي رفعت لاتتعدى عدد اصابع اليد الواحدة، واللوبي اليهودي باسبانيا هو من كان وراء ذلك، لكن عندما يرفع علم فلسطين في المدرجات يكون عن قناعة تامة وبدون تنظيمات وترتيبات مسبقة وقد حدث ذلك كثيرا أهمها كان في مباراة كرة السلة بين فريقى مكابي حيفا وبرشلونة داخل اسرائيل نفسها وارتفع مالا يقل عن عشرة اعلام فلسطينية بالملعب ونزل احدهم الى ارض الملعب وتوقفت المباراة، وكان ذلك اثناء الحرب على غزة.

انت محب ومشجع لفريق برشلونة فهل ستغير ميولك بعد سماحهم لشاليط بحضور المباراة؟

لن أتنازل عن تشجيع فريق برشلونة فهناك فارق بين اللاعبين والادارة، فالادارة هي التي منحت شاليط الموافقة على حضوره المباراة، أما اللاعبين فهم موظفين بالنادي يأخذون رواتب من الادارة مقابل لعب كرة القدم.

وكيف شاهدت المباراة؟

شاهدت المباراة فى مدينة كبارية بتونس على أحد المقاهي وسط احتفالية كبيرة من اصدقائي محبي ومشجعي فريق الافريقي التونسي فقد استقبلوني استقبال الفاتحين وظلوا يهتفوا لفلسطين ولي شخصيا بالاضافة الى احتواء اغانيهم الجميلة على عبارات استهجان من وجود شاليط بالملعب.

لماذا رفضت دعوة نادي برشلونة لحضور مباراته مع ريال مدريد؟

لأنني رفضت مساواتي كرياضي بطل بجندي اسرائيلي فاشل أعتقل من داخل دبابته، كما ان نادي برشلونة كان يضع شعار اليونيسيف على قميصه ومن المفترض ان يكون شريكا في الدفاع عن حقوق الانسان، فكيف يدافع عن جندي قاتل، ولذلك أعتذرت للسيد جبريل الرجوب والسفير محمد عودة سفير فلسطين باسبانيا عن دعوة نادي برشلونة التي تلقيتها عن طريقهما.

أين تم إعتقالك؟

لقد تم اعتقالي داخل معبر (إيرز) الذي يفصل بين غزة والضفة الغربية، وكنت وقتها في طريقي للالتحاق بمعسكر المنتخب الفلسطيني في الفارع بنابلس، كما أنني كنت ٍسأوقع على انتقالي من نادي خدمات رفح الى مركز شباب بلاطه هناك.

وما هى اسباب اعتقالك؟

الاعتقال كان تعسفي، فقد تم اعتقالي بالسجون الاسرائيلية لمدة ثلاث سنوات بدون أي تهمة.

ألم يتم التحقيق معك؟

تم التحقيق معي خلال الفترة الاولى من الاعتقال لمدة 36 يوما في زنازين عزقلان بفلسطين المحتلة، وبعدها ارسلوني الى سجن النقب، ثم تنقلت بعدها بين سجون ايشيل ببئر سبع، وسجن نفحة على الحدود المصرية، وسجن الرملة، وخلال كل هذه الفترة لم يحققوا معي سوى حوالي ثلاث مرات متفرقة.

هل تعرضت للتعذيب أثناء وجودك في السجن؟

بالفعل تعرضت لنوعين من التعذيب، الاول تعذيب نفسي وكان بمنعي من مقابلة المحامي الخاص بي ومنعي من استخدام الحمام، بخلاف تعرضى لأفظع السباب والشتائم.

أما التعذيب الجسدي، فكان يحتوى على الضرب والربط في كرسي لمدة لا تقل عن عشرة ايام وحجزي داخل ثلاجة كبيرة لفترات طويلة وكنت في كل مرة اخرج منها على المستشفى مباشرة.

ولكن التعذيب الجسدي كان في ايام التحقيقات فقط.

ألم تمارس كرة القدم طوال الثلاث سنوات التي قضيتها بالسجن؟

لم امارس كرة القدم، لكنني كنت احيانا أمارس بعض التدريبات كالجري، وكنت العب كرة السلة مع بعض السجناء.

ومتى ستعود لممارسة الكرة من جديد؟

لقد قمت منذ فترة قليلة بمعاودة التدريبات، وانا حاليا موجود في تونس بناء على دعوة تكريم من رئيس نادى الافريقى
التونسى، وبعد ان انهي فترة وجودي بتونس سأقرر متى أعود للملاعب من جديد

هل تلقيت عروضا للانتقال الى اندية اخرى؟

نعم تلقيت عددا من العروض من بعض الاندية العربية، لكنني أجلت البت فيها لأنني كنت وقتها غير لائق صحيا فقد كنت أتعافى من الامراض التي اصابتني من جراء السجن والاضراب.

وهل اصبت بامراض خطيرة؟

الحمد لله عادت صحتي كما كنت الى حد ما فقد نزل وزني الى 46 كيلوا بعد ان كان 74 كيلوا ولكني استعدت وزني الطبيعي الان، لكنني أصبت في السجن بفيرس c وفيرس b، وبعد خروجي من السجن سافرت الى قطر لاجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة وانا اواظب على العلاج حاليا.

متى قمت بعمل الاضراب.. ولماذا؟

بعد سنتين و9 شهور من اعتقالي تقريبا، وكان اعتراضا على سجني بدون أي تهمة.

ولماذا انتظرت كل هذه المدة لتقوم بعمل الاضراب؟

خضر عدنان وهناء شلبى أعطياني دفعة كبيرة، فقد كانا معتقلين وقاما بعمل اضراب حتى خرجا من السجن وقد علمت بأمرهما فحاولت ان اكون مثلهما، لكنني كان لابد ان اختار الوقت المناسب والمكان المناسب.

ما مدة الاضراب؟

أضربت عن الطعام لمدة 96 يوما، فلم اتناول خلال هذه الفترة سوى المياه فقط، والقليل من الملح أحيانا حتى لا تصاب معدتي بالتعفن، وقد كان احيانا الجنود الاسرائيلين يمنعوني من تناوله.

كيف كان الخروج من السجن؟

خروجي من السجن له سببان رئيسيان، الاول هي الضغوط التي تم ممارستها على اسرائيل من جانب بعض المعلقين الرياضيين العرب خلال بطولة كأس الامم الاوروبية الاخيرة، فقد تحدث الجزائري حفيظ دراجي عني خلال مباراة الافتتاح، وبعده التونسى عصام الشوالي ومحمد بركات وغيرهم، كما كان لبعض الجماهير العربية في الملاعب الاوروبية أثر كبير من خلال لافتاتهم التي كانوا يرفعونها وعبروا فيها عن تعاطفهم معي بجانب رفع العلم الفلسطينى خلال المباريات الهامة في البطولات الكبرى.

بالاضافة الى الضغوط التي مارستها الفيفا حيث هدد جوزيف بلاتر بسحب تنظيم كأس العالم للشباب 2013 في حال اصرارهم على اعتقالي بدون تهمة، وبعدما خرجت من المعتقل شاهدت فيلما قصيرا على اليوتيوب بطولة لاعبي المنتخب الهولندى، فقد قاموا بعمل رسالة الى العالم كله خلال هذا الفيلم حيث ارتدوا قمصان منتخب بلادهم مكتوب عليها من الخلف اسمى ومطبوع عليها من الامام رقم 90 وهو عدد الايام التى اضربت فيها عن الطعام وقتها، وشارك معهم في الفيلم رئيس الوزراء الهولندى ورئيس اتحاد الكرة وعضوة بمجلس الشعب هناك.

أما السبب الثانى فكان الاضراب عن الطعام فبعد ممارسة الضغوط السابقة عليهم كانوا يخشون موتي فبدأوا مفاوضات الافراج عنى بعد 50 يوما من الإضراب .

ولماذا تأخر الافراج عنك؟

ظللت اتفاوض معهم على شروط الخروج لمدة 46 يوم، فقد كانوا يريدون تحديد اقامتي أو نفيي الى أي دولة بشرط عدم الخروج منها وخيروني بين الدانمارك والنرويج والمانيا وفرنسا لكنني رفضت وتمسكت بالعودة الى فلسطين، وكانوا يعدوني بالافراج عني بشرط أن أقلع عن الاضراب، لكنني اشترطت الحصول على ورقة رسمية (عقد) بها كل الضمانات فكانوا يتلاعبون بي، وعندما اعطوني اياها أقلعت عن الاضراب وذلك فى يوم 18 من شهر يونيو الماضي.

لكنك خرجت من السجن يوم 10 يوليو فلماذا التأخير؟

لانه كان هناك شرطا في العقد الذي تم بيننا بأن يقوموا بمعالجتي في المستشفى من آثار التعذيب وفقدان الوزن قبل ان اخرج واظهر للناس من جديد، فكانوا خلال فترة العلاج يعطوننى 4 علب يوميا من نوع واحد من الدواء ليرفع وزني وبالفعل كنت استعيد كيلوا واحد من وزني يوميا بسبب هذا الدواء.

من وجهة نظرك ما سبب ابتعاد المنتخب الفلسطيني عن المشاركة في البطولات الكبرى؟

الاحتلال الاسرائيلي هو السبب، فهو لايسمح بإقامة معسكرات تدريب، ويمنع تجمع اللاعبين للاعداد للبطولات، ويمنع اللاعبين المهجرين من الدخول الى فلسطين للانضمام الى فريقهم الوطني، فنحن لدينا لاعبون كثيرون يلعبون بالدوري اللبناني والاردني والمصري والسعودي والامريكي أيضا، مثل بشارة كتلون في شيلي ومحمد سماره وعماد ايوب في مصر وغيرهم الكثيرون، لكنهم لا يستطيعون الانضمام الى المنتخب الا قبل موعد المبارايات مباشرة.