في المقابلة التلفزيونية التي اجراها مع جلالة الملك عبدالله الثاني الاعلامي الاميركي الشهير جون ستيوارت في برنامجه واسع الانتشار «ذي ويلي شو» كما في خطابه المهم الذي استقطب اهتمام الدوائر السياسية والاعلامية والدبلوماسية الدولية والعربية، حدد جلالته الأطر التي تنظم مواقف الدبلوماسية الاردنية من مختلف القضايا والملفات الاقليمية التي تتصدر جدول اعمال المنطقة كما اولى جلالته المشهد الاردني الداخلي أهمية قصوى كعادته والاضاءة على المحطات المعضلية في مسيرة الاصلاح التي يقودها جلالته والرؤية الاردنية لمفهوم الربيع العربي حيث اكد قائد الوطن عن حق، ان مفهوم الربيع العربي يختلف من بلد الى آخر حيث تسير كل دولة وفقا لمسارها الخاص الذي يلبي طموحات وآمال شعبها..

ما يعني ايضا وبالضرورة ان سرعة التقدم وطبيعة التغيير ستختلفان من بلد عربي الى آخر في ضوء حقائق يجب ان لا تغيب عن ذهن أحد وهي ان الأمور ستستغرق ما بين خمسة الى خمسة عشر عاما لرؤية نتائج تجربة كل بلد..

قراءة جلالة الملك لمفهوم وأسباب هبوب رياح الربيع العربي تستند الى تجربة عميقة وتشخيص دقيق لطبيعة المجتمعات العربية والظروف التي تواجهها وبخاصة الظروف الاقتصادية الصعبة والتي كانت سببا رئيسا لاندلاع هذا الربيع ما لبث ان تحول الى مطالب بالحرية والديمقراطية وغد أفضل على جميع المسارات..

ولأن جلالته يثق بالاردنيين ويتفاءل على الدوام بالمستقبل المشرق الذي ينتظر بلدنا وشعبنا فانه يواصل اطلاع العالم على تجربتنا الوطنية الناجحة والمسيرة المتواصلة هي في الاصلاح السياسي التي ازدادت زخما بعد التعديلات الأساسية التي ادخلت في مواد الدستور وانشاء الهيئة المستقلة للانتخاب واقرار قانون الانتخاب وانطلاق المحكمة الدستورية الوشيك الأمر الذي سيوصلنا مع بداية هذا الى مرحلة جديدة ونوعية بوجود برلمان جديد منتخب وفق أعلى معايير الشفافية والنزاهة وبمشاركة شعبية حثيثة تعكسها عملية التسجيل المتزايد الاعداد يوما بعد يوم ما يعني اننا الآن نواجه تحديا ماثلاًهو اجراء الانتخابات والوصول الى برلمان يحقق تطلعات الناس وعمل كبير مع بدء تجربة الحكومات البرلمانية..

ولأن قائد الوطن يقرأ في الكتاب الاردني بثقة وعمق وتواصل دائم مع ابناء شعبه في كل اماكن تواجدهم فانه يعرب على الدوام بأمل وتفاؤل في ان يصل الاردن الى مرحلة يكون لدينا احزاب وتيارات يمين ويسار ووسط وانها تكون لهذه الاحزاب رؤية واضحة حول ما يهم الناس من قضايا وهموم مثل التأمين الصحي والضرائب وفرص العمل ومشروعات التنمية المستدامة الأمر الذي يستدعي من جميع الاطراف مشاركة واسعة في الانتخابات اذا ما رغب أي طرف الاسهام في الحياة السياسية لأن المشاركة وحدها هي التي تسمح لأي قوة سياسية او حزبية بالتغيير من داخل البرلمان وتكاتف جهود الجميع في الخطوة التالية وهي بناء وتكريس الاردن الحديث في المنطقة كنموذج يحتذى في الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية..

جملة القول ان قراءة جلالته للمشهد الاردني شاملة ودقيقة وتعكس في جملة ما تعكس حرص جلالته على الاردنيين كافة وعلى استبعاد او اقصاء او تهميش أي فئة او شريحة اجتماعية او سياسية او حزبية ولهذا كان جلالته على أعلى درجات الوضوح والصراحة والدقة في تشخيصه لحالة جماعة الاخوان المسلمين في الاردن والاختلاف بين طبيعتها وظروف نشأتها عن باقي جماعات الاخوان المسلمين في الدول العربية كونهم كانوا على الدوام جزءا من النظام من خلال كونهم حزبا سياسيا وطيفا من أطياف فسيفساء المجتمع الاردني المتنوع، فيما لم تحظ الجماعات الاخرى بالشرعية في دول عربية اخرى، الأمر الذي يستوجب بالفعل ان يدركه جميع الذين يحاولون الرهان على قراءات اخرى اويفتعلون اسبابا غير مقبولة او غير واقعية في تشخيصهم للمشهد الاردني..