كتب - محرر الشؤون المحلية
يبدو ان الحركة الاسلامية الأردنية غير راغبة باستخلاص عبر التاريخ ودروسه بكل ما تحفل به من محطات ومراحل، كان أجدى واكثر نفعاً لو أن جماعة الاخوان المسلمين في الأردن قد أولت بعض الاهتمام ومنحت نفسها فرصة أو وقتاً قصيراً على الأقل لقراءة هذا التاريخ قريبه والبعيد الذي يؤكد ان لا أحد بمقدوره الوقوف في وجه الشعوب وان امتطاء حراكها أو خطفه لن يكتب له النجاح وأن لا سبيل في النهاية سوى الرضوخ للحقيقة واتباع نهج الحكمة التي هي ضالة المؤمن في أي وقت وفي أي زمان..
ولأن الأردن جزء أصيل من هذا التاريخ ولأن شعبه اثبت على الدوام اصالته وارادته وقدرته على مواجهة المصاعب والعراقيل والأزمات المفتعلة فإن الافتعال الذي تواصله الحركة الاسلامية الأردنية باصرارها على تفويت الفرص ومحاولة الظهور المكشوفة للناس كافة على أنهم قادرون على عرقلة مسيرة الاصلاح وفرض شروطهم الفئوية والجهوية والخاصة والمرتبطة بمخطط معروف يستهدف الامساك بالسلطة بطرق غوغائية وغير دستورية ولا تؤمن بالديمقراطية او الاحتكام الى الصناديق، هذا الافتعال لن يوصلهم إلاّ الى مأزق والى عزلة باتوا يشعرون بوطأتها بعد ان اغلقوا آذانهم وعيونهم وتمترسوا خلف شروط تعجيزية يعلمون انهم لن يحصلوا عليها لأنها ببساطة يراد منها فرض رأي الأقلية على الأغلبية دون وجه حق ودون أي جهد سوى التمسك المشبوه بأوهام وخزعبلات هي من نسيج خيالاتهم وثبت ان احداً لن يشتريها حتى أقرب الحلفاء لهم مثل الجبهة الوطنية للاصلاح التي اكتشفت ولو متأخراً ان الاخوان المسلمين لا يريدون سوى فرض رأيهم وعلى الجميع الامتثال لهم والاذعان لرغباتهم لأنهم يعتبرون ان رياح الربيع العربي مواتية لهم وانهم فرسان هذا الزمن الذي اختلطت فيه الامور وانكشفت التحالفات والمرجعيات وسقطت الشعارات والهتافات التي احتموا خلفها قبل هبوب رياح هذا الربيع الذي بدأ يتحوّل الى كابوس وفوضى في اكثر من بلد عربي بعد ان استاثرت جماعة معينة بالسلطة وعملت على اقصاء الآخرين أو اجتثاثهم..
هذا السيناريو لن يحدث في الأردن لأن مسيرة الاصلاح حددت الأطر والقوانين الناظمة ودعت الأردنيين الى المشاركة والانخراط في العملية الديمقراطية بكل حرية وشفافية وأوكلت المهمة الى هيئة مستقلة للانتخاب كانت اصلاً مطلباً من مطالب المعارضة فجاءت رزمة القوانين الاصلاحية اوسع وابعد أثراً بدءاً بالتعديلات الدستورية والمحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب وقانون الاحزاب وليس انتهاء بقانون الانتخاب الذي بات عدد مقاعد القائمة الوطنية فيه 27 مقعداً..
العد التنازلي للانتخابات النيابية يلمسه الجميع في الاجراءات والخطوات التي تم اتخاذها ولا داعي لمزيد من الأوهام لدى الحركة الاسلامية بأنهم بمقاطعتهم يستطيعون عرقلة او ايقاف قطار الاصلاح وهم بالمقاطعة انما يعزلون انفسهم ويثيرون المزيد من الشكوك حول الأهداف التي يسعون الى تحقيقها جراء هذا العناد الذي لا يمكن اعتباره جزءاً من العمل السياسي والحزبي لأن الأصل في العمل السياسي والحزبي هو المشاركة والعمل من داخل المؤسسات الشرعية لتعديل القوانين او اقتراح مشروعات قوانين أما غير ذلك فهو تعنت واستقواء وتمسك غير مفهوم بالأوهام.
الانتخابات المقبلة ستكشف الأوزان والحجوم وسيدرك المقاطعون كم اساءوا لانفسهم ولشعبهم عندما ظنوا انهم يشكلون اغلبية أو ان قطار الاصلاح لن يطلق صفيره إلاّ بعد جلوسهم في عرباته وهم بذلك يقعون في المزيد من الأخطاء ويؤكدون المرة تلو الاخرى انهم كمن يواصل الحفر في الحفرة التي يجلس بها وكان الأجدر بهم ان يتوقفوا عن الحفر ويسعوا للخروج من الحفرة التي اوقعوا انفسهم فيها وكانوا في الأساس يهدفون الى ايقاع الجميع في هذه الحفرة، لكن الحيلة لم تنطلِ سوى على أقلية الأقلية فهل يتراجعون قبل فوات الأوان؟
رد مع اقتباس
المفضلات