كابول - ا ف ب - شهدت كابول وطهران واسلام اباد أمس تظاهرات جديدة على الفيلم المسيء للاسلام والرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد التي نشرت في فرنسا، فيما سعت الامم المتحدة الى تهدئة غضب العالم الاسلامي عبر الدعوة لرسم حدود لحرية التعبير.
وفي افغانستان تظاهر المئات أمس سلميا احتجاجا على بث فيلم «براءة المسلمين» الذي انتج وصور في الولايات المتحدة وكذلك احتجاجا على نشر اسبوعية شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد.
وهتف حوالى 300 طالب «الموت لفرنسا، الموت لامريكا» في احدى ضواحي العاصمة الافغانية كابول. وفي منطقة مجاورة هتف مئات المتظاهرين «الموت لامريكا» و»يعيش الاسلام وتعيش افغانستان».
وفي اسلام اباد اصيب 50 شخصا على الاقل بجروح في تظاهرة شارك فيها نحو خمسة الاف شخص، حمل غالبيتهم العصي، احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام، وقد اصيب الجرحى خلال اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الامن، كما افادت الشرطة وفرق الاسعاف.
وسجلت تظاهرات اخرى في البلاد جمعت اكبرها اربعة الاف شخص في لاهور من دون وقوع حوادث.
ويتوقع ان يشهد اليوم تظاهرات اضخم مع توجيه غالبية الاحزاب السياسية والمنظمات الدينية دعوات الى التظاهر رفضا للفيلم.
وفي اسلام اباد قال الطبيب رجا سلطانة ان «44 شرطيا على الاقل اصيبوا اضافة الى ستة متظاهرين».
وتفرق المتظاهرون مساء.
ودعت وزارة الخارجية الاميركية أمس الرعايا الاميركيين الى ارجاء كل رحلاتهم «غير الضرورية» الى باكستان.
وورد التحذير من السفر في اطار تحديث لنصائح السفر التي تصدرها الخارجية الاميركية للرعايا الاميركيين حول العالم، علما بان التحديث السابق المتعلق بالسفر الى باكستان يعود الى 27 آب حين اكدت الخارجية «وجود مخاطر متعلقة بالسفر الى باكستان»، ولكن من دون ان تدعو رسميا الى تجنب السفر الى هذا البلد.
والفيلم المسيء للاسلام الرديء النوعية الذي انتج في الولايات المتحدة بثت مقتطفات منه على الانترنت، وقد اثار تظاهرات في العالمين العربي والاسلامي اوقعت عشرات القتلى الاسبوع الماضي.
غير ان الغرب وعلى رأسه باريس يخشى اعمال عنف اضافية ولا سيما بعد نشر اسبوعية شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة الاربعاء رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد، ما وضع المصالح الفرنسية في العالم الاسلامي خصوصا في دائرة الاستهداف.
في طهران تظاهر نحو مئة شخص أمس امام السفارة الفرنسية في العاصمة الايرانية.
واضاف المراسل ان المتظاهرين الذين منعهم عناصر الامن من الاقتراب من السفارة رددوا «الموت لامريكا» و»الموت لاسرائيل» و»الموت لفرنسا».
ووسط اجواء التوتر المستمرة اكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان الفيلم المسيء للاسلام «فاضح ومخز».
وقال بان كي مون الاربعاء امام صحافيين في مقر الامم المتحدة في نيويورك ان حرية التعبير «حق ثابت» يجب ان تتم حمايته بشرط الا يصطدم بمعتقدات وقيم الاخر. واضاف «حين يستخدم البعض حرية التعبير هذه لاستفزاز او اذلال اشخاص اخرين بقيمهم ومعتقداتهم، حينئذ لا يمكن حمايتها بالطريقة نفسها».
وتابع متحدثا عن فيلم «براءة المسلمين» ان «حرية التعبير التي هي حق اساسي ومميز يجب الا تستخدم تعسفيا، عبر عمل فاضح ومخز بهذا الشكل».
ودعا امين عام منظمة التعاون الاسلامي اكمل الدين احسان اوغلي أمس في بيان الى «موقف موحد» حول العالم ضد التحريض على الكراهية بعد عرض فيلم مسيء للاسلام ونشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد.
ودان حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين التي خرج من صفوفها الرئيس المصري محمد مرسي، أمس نشر مجلة شارلي إيبدو رسوما مسيئة للنبي محمد، مطالبا الحكومة الفرنسية ب»إجراء حازم وسريع» ضد المجلة.
واعتبر وزير الخارجية الايطالي جوليو تيرزي أمس ان الحكومات يمكنها ان تغلق في شكل مشروع المواقع الالكترونية التي تحض على الكراهية.
وطالبت السفارة الاميركية بالجزائر أمس صحيفة النهار بسحب صورة «مفبركة» تجمع السفير الاميركي الذي اغتيل في ليبيا ومخرج الفيلم المسيء للاسلام سام باسيل والكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي.
وقالت السفارة في بيان «نشرت صحيفة النهار في عددها ليوم 20 ايلول صورة مفبركة ومقالا من وحي الخيال حول لقاء بين السفير (كريس) ستيفنز وسام باسيل وبرنار هنري ليفي».
واكدت ان «السفير ستيفنز ليس له اي علاقة بالفيلم والرسومات المقززة ولا بالاشخاص الذين يقفون وراءها».
وطالبت السفارة الصحيفة الجزائرية «بالسحب الفوري للمقال والصورة والكف عن نشر الشائعات التي قد تؤدي الى سوء فهم وردود افعال عنيفة».
ودعت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو) التابعة لجامعة الدول العربية، أمس إلى «ردع» عمليات «الاعتداء» على معتقدات المسلمين تحت غطاء «ممارسة حرية الفكر والإبداع والتعبير».
وقالت المنظمة التي مقرها في تونس في بيان «إنها تتابع ببالغ الانشغال تكرار مظاهر الإستهانة والتحقير إزاء معتقدات وثقافات الشعوب العربية والإسلامية ورموزها الروحية تحت طائلة ممارسة حرية الفكر والابداع والتعبير».
وشددت على أن هذه المظاهر «تستحق الإدانة والردع لأنها بمثابة معول هدام لكل أسس التعايش الإنساني التي تعمل الأسرة البشرية كافة على ترسيخه باضطراد، من خلال تدعيم جسور الحوار بين الثقافات والحضارات والمعتقدات وكذلك المزيد من إشاعة قيم التسامح والتعايش مع الآخر والقبول به».
وفي فرنسا اثار نشر «شارلي ايبدو» الاربعاء رسومها الكاريكاتورية المسيئة جدلا كبيرا حول حرية التعبير التي تعتبر اساسية في الديموقراطيات الغربية.
ففيما اكد وزير الداخلية مانويل فالز الاربعاء ان «حرية التعبير حق اساسي وحرية الكاريكاتور جزء من هذا الحق الاساسي»، اكد وزير الخارجية لوران فابيوس ان شارلي ايبدو في «الوضع الراهن» تصب «الزيت على النار».
وتلقت الاسبوعية الفرنسية أمس دعم عدد من زميلاتها في اوروبا. وفي هذا السياق اكدت صحيفة فاينانشيل تايمز الالمانية في صفحتها الاولى تضامنها بالقول «من واجب (الصحيفة الساخرة) رصد الحدود السياسية والاجتماعية، وتجاوزها ان دعت الحاجة».
لكن هذا التحليل لم تشاطره الصحف كافة. ففي المانيا كذلك اعتبرت صحيفة فرانكفورتر روندشاو ان نشر الرسوم «اشكالي» لانه ياتي في اعقاب بث الفيلم الاميركي.
وتتركز المخاوف الغربية على اليوم.
واعلنت باريس انها ستغلق اليوم سفاراتها وقنصلياتها ومراكزها الثقافية ومدارسها في حوالى 20 بلدا اسلاميا على الرغم من عدم وجود «تهديد فعلي لاي مؤسسة».
واتخذت اجراءات امنية محليا في البلدان المعنية لحماية المباني.
ففي باريس تعززت الاجراءات الامنية حول المبنى الذي يوجد فيه مقر مجلة شارلي ايبدو، فيما منعت تظاهرة لمسلمي فرنسا غداً امام السفارة الاميركية.
كما اعلنت السلطات أمس منع تجمع كان مقررا امام مسجد باريس الكبير غداً. وتضم فرنسا اكبر جالية مسلمة في اوروبا تشمل ما بين 4 و6 ملايين نسمة اغلبهم يتحدرون من دول المغرب العربي وافريقيا.
بعد اسبوع من اعمال العنف المناهضة للاميركيين التي شهدت مقتل السفير الاميركي في ليبيا في اثناء هجوم على قنصلية بلاده في بنغازي، اعلنت واشنطن كذلك عن «اجراءات مشددة» لحماية السفارات والقنصليات.
كما اعلنت السفارة الاميركية في اندونيسيا انها ستغلق ابوابها اليوم وكذلك البعثات الاميركية في سورابايا ومدان وبالي، في البلاد التي تعد اكبر عدد من المسلمين في العالم.
لكن احد منسقي التظاهرات في اندونيسيا برناد عبد الجبار اكد عدم التخطيط لاي تجمع في جاكرتا اليوم.
وقال «ليست لدينا مخططات لليوم اننا نخفف جهودنا حاليا»، من دون استبعاد حصول تظاهرات في الايام المقبلة.
واكدت شرطة جاكرتا عدم توقع اي تجمع اليوم.
وعاد موقع شارلي ايبدو على الانترنت للعمل أمس بعد ان تعطل الاربعاء بعيد نشر الرسوم بسبب «ضغط الاف المتصفحين من اجل وقفه» بحسب صحافية في الاسبوعية.
وحجبت مجموعة غوغل التي تملك موقع يوتيوب مقتطفات الفيلم المسيء للاسلام عن سنغافورة بطلب من السلطات.
كما تقدم محامون اتراك بدعوى ضد مخرج ومنتج الفيلم لدى النيابة العامة في انقرة مطالبين بمحاسبتهما بحسب القوانين التركية بتهمة «النيل من القيم الاخلاقية» و»الكراهية الدينية».