كتبت - سهير بشناق - اربعون مركزا ودارا ومؤسسة رعاية ترعى الاطفال الفاقدين للسند الاسري والاحداث والمتهمين والمدانين بخرق القانون ونساء ضحايا العنف والمسنين والمتسولين شملتهم اعمال لجنة التقييم والتحقيق مؤخرا والتي استمر عملها ما يقارب الشهرين.
والتقرير الذي تسلمته وزارة التنمية الاجتماعية يعتبر الثاني للجنة بعد تقريرها عن مراكز المعاقيين الحكومية والخاصة.
التقرير وتوصياته الذي اعتبره رئيس اللجنة الدكتور محي الدين توق يصلح بان يكون بمثابة استراتيجية لتطوير قطاع الرعاية الاجتماعية كشف عن العديد من المشاكل والقضايا الاساسية بهذه الدور على راسها ضعف تدريب العاملين في قطاع الرعاية الاجتماعية وضرورة تاهيلهم بشكل نوعي لا يخلو من التخصص المفقود في هذه المؤسسات.
هذه القضية تبعا لاخصائيين اجتماعيين من القضايا الهامة والاساسية التي تنعكس سلبا على تنشئة هذه الفئات وخاصة الفاقدين للسند الاسري والاحداث.
واشاروا الى ان هذه الفئات لا تحتاج فقط الى تلبية احتياجاتها الاساسية بقدر ما تحتاج الى نوع خاص من الرعاية لا تزال تفتقدها كون القائمين على رعايتهم تنقصهم الخبرة والقدرة على التعامل معهم والرغبة في رعايتهم وهو جانب اساسي.
والتقرير الذي اظهر ايضا مشكلة متابعة الخارجين من دور الرعاية وكيفية ادماجهم بالمجتمع يطرح اسئلة عديدة حول الدور الحقيقي للوزارة حيال الفئات التي تتولى الاشراف على رعايتهم داخل مؤسساتها فان كانت هناك مشكلة حقيقية في رعايتهم وهم داخل المؤسسات كيف سيكون بهم الحال عند مغادرتهم دور الرعاية وهم لم يحظوا بفرصة التأهيل النفسي والسلوكي وتعزيز الجانب الاكاديمي خلال السنوات التي قضوها بدور الرعاية ؟.
وزير التنمية الاجتماعية وجيه العزايزة اعتبر ان تقارير اللجنة مادة دسمة للنهوض بسوية قطاع الرعاية الاجتماعية.
ونوه الى ان الوزارة تبحث عن مصادر تمويل لكلف احتياجات تطوير قطاع الرعاية الاجتماعية من شركائها الذين لديهم مشاريع ممولة من الدعم الخارجي لتجنب الضغط على الموازنة العامة للدولة.
ولفت الى تطوير قطاع الرعاية وفقا لمخرجات ونتائج وتوصيات تقرير اللجنة سيكون محل اهتمام وزارة التنمية الاجتماعية بالاستناد الى مدى وفرة امكانيتها البشرية والمادية.
تصريحات الوزير لم تلامس جرح هذه الفئات وحال اوضاعها داخل المؤسسات وافتقادها لرعاية حقيقية لا تتوفر في المشرفين والقائمين عليهم فقضية ضعف خبرة وقدرة المشرفين على رعاية وتاهيل هذه الفئات ليست بالقضية الجديدة التي تعاني منها الوزارة اضافة الى قلة اعداد المشرفين خاصة في المؤسسات التي تتولى رعاية الايتام واطفال مجهولي النسب لحاجتهم للجوانب العاطفية التي لا يمكن ان توفرها اية مشرفة او ام امام كم الواجبات المسؤولة عليهن.
احدى خريجات دار لرعاية الفتيات اللواتي حرمن من الرعاية الاسرية والتي استفادت من دعم دار الامان لمستقبل الايتام لاستكمال تعليمها عبرت عن ما كانت تتعرض له من تجريح داخل الدار بقولها « كانت احدى المشرفات تذكرنا دائما باوضاعنا التي اوصلتنا لهذه الدار ولا يصدر منها اي كلمات تشجيع بالعكس فهي كانت تصر على اننا فتيات لن نكون قادرات على التقدم او انجاز اي شيء بحياتهن».
ولا تقف معاناة هذه الفئات عند حدود افتقادهن للجوانب النفسية وتعديل السلوك خاصة وانهم بأمس الحاجة لها لابتعادهم عن اسرهم انما تنتشر الامية بينهم فكثير من الطلاب في هذه المراكز وصلوا للصف الخامس والسادس ابتدائي ولا يعرفوا كتابة اسمائهم.
الوزارة تعتمد بهذا الجانب على دور المتطوعيين الذين يقومون بمتابعة الاحداث والايتام من الجانب التعليمي والذين يحاولون تسجيل قصص نجاح لطلاب اصبحوا قادرين على كتابة اسمائهم.
تقرير اللجنة الذي بانجازه ينتهي دورها لينتقل الدور التنفيذي الرئيسي لوزارة التنمية الاجتماعية الى جانب جهات اخرى يحتاج الى آلية تنفيذ واقعية تتعدى الرعاية التقليدية لهذه الفئات لتصل الى رؤية اكثر عمقا قادرة على التعامل بجدية مطلقة وحازمة مع المشاكل التي اظهرها التقرير والتي تعاني منها هذه الدور والمراكز منذ فترة.
وعملت وزارة التنمية الاجتماعية على تنفيذ اغلب نشاطات خطة اصلاح قطاع الرعاية الاجتماعية كتشريعات الرقابة المستقلة وستعمل ايضا خلال الفترة المقبلة على تنفيذ مشروع لتقدير احتياجات الخارجين من دور الرعاية الاجتماعية من سن 18 فاكثر بالتعاون مع احد الجمعيات المحلية وبتمويل من الجهات المعنية بتمكين الشباب لتخرج الوزارة من دائرة الاتهام المستمرة بتقصيرها حيال الخارجين من دور الرعاية بعد سن الثامنة عشرة بالرغم من ان مسؤولية الوزارة برعايتهم تنتهي عند هذا العمر الا ان واقع الحال يؤكد ان الكثيرين منهم استمرت الوزارة بدعمهم الى جانب دور صندوق الامان لمستقبل الايتام الذي يتولى تعليم الكثيرين منهم بعد عمر الثامنة عشرة.
وتبقى القضية الاساسية داخل دور الرعاية المؤسسية فمسؤولية الوزارة ورغبتها بالنجاح تبدا منها وتنتهي بها فهؤلاء يعانون ويحتاجون لاكثر ما يقدم لهم من ملبس ومأكل واماكن ينامون بها بل هم بحاجة لدعم نفسي ورقابة تعليمية وتعزيز الثقة بانفسهم.
رد مع اقتباس
المفضلات