نيقوسيا ـ محمود العابد- نيقوسيا - الرأي - قال الرئيس القبرصي ديمتريس كريستوفياس إن اختياره للأردن لتكون أول دولة عربية يزورها بعد تولي بلاده رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي «لم يأت بالصدفة»، مشدداً على دور الأردن المهم في السلام الإقليمي و تميز برنامج الإصلاح «النموذجي» في الأردن والإمكانيات الكبيرة للتعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وفي مقابلة حصرية مع الرأي والجوردان تايمز بمكتبه بالقصر الرئاسي في نيقوسيا، قال الرئيس القبرصي المتوقع وصوله إلى عمان خلال الساعات القادمة إنه يحمل للأردن والعرب «رسالة سلام وأخوة وتضامن»، واصفاً الأردن بأنها «الخط الأمامي للعالم العربي».
وأضاف الزعيم القبرصي الذي سيرافقه في زيارته وفد رفيع المستوى يمثل عدة قطاعات اقتصادية بأنه سيناقش مع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين مجموعة واسعة من القضايا، خصوصاً أن البلدين يواجهان تحديات مشابهة.
وقال: «أنتم بلد صغير، ونحن كذلك، ويمكن القول إن مصيرنا مشترك وتجمعنا قيادة وشعباً علاقات أخوية قوية».
وأضاف: «كلانا يعاني من مشكلة في توفير الطاقة، فنحن مثلكم ندفع فواتير كهرباء مرتفعة لأننا نستخدم النفط في توليد الكهرباء».
وقد اكتشف في قبرص مخزوناً مهماً من الغاز الطبيعي في جنوب البلاد ومن المتوقع أن يبدأ استغلاله في فترة خمس إلى ست سنوات.
وعلق الرئيس كريستوفياس على ذلك قائلاً: «هذا مجال آخر للتعاون بين بلدينا».
وقال « كذلك نسعى إلى تطوير التعاون السياحي، وبإمكاننا تصميم برامج تدريبية للأردنيين في قبرص يستفيد منها القطاع العام والخاص. كذلك فإننا نسعى لدعم الأعمال الريادية. وكما تعلمون فإن قبرص مركز استثماري، لذلك سنبحث تبادل الاستثمارات لأن في ذلك فائدة لكلا البلدين».
وقد وصف الزعيم القبرصي برنامج الإصلاح في الأردن بأنه نموذج للتغير التدريجي السلمي، قائلاً « تقدم الإصلاحات في الأردن نموذجاً جيداً للعالم العربي، ونأمل أن تحذو الدول الأخرى حذوكم، ولكم منا كل الدعم».
واستعرض الرئيس كريستوفياس في مجال الإصلاح السياسي تجربة بلاده على مدى عقود في تشجيع النشء الصغير على النشاط السياسي من خلال اتحادات الطلبة المنتخبة، فيما أشار إلى ضرورة اعتماد الأحزاب السياسية على الأجنحة الشبابية فيها لترسيخ الثقافة الحزبية.
وأشار أيضاً إلى ضرورة التركيز على الإصلاح التعليمي لزرع القيم السياسية المناسبة، لافتاً أن قبرص قد أطلقت «ثورة صغيرة» في النظام التربوي لتعزيز قيم التسامح وتقبل الآخر واحترام التعددية في ضوء تنامي أعداد المهاجرين إلى الجزيرة المتوسطية.
وحول السياسات الإقليمية قال إن عمان ونيقوسيا تعتمدان منهجاً واحداً حيال قضايا المنطقة.
وأوضح قائلاً: لقد ظل كلانا يسعى دوماً إلى حلول سلمية للتوترات، وأنتم تلعبون دوراً هاماً كوسيط بين الفلسطينيين وإسرائيل، وهذا يوحدنا بالطبع مع الأردن، ومصيرنا والفلسطينيين مشترك» في نضالهم لتحقيق الاستقلال وبناء دولة ذات سيادة إلى جانب إسرائيل.
ونظراً لتولي قبرص الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، خلال الفترة ما بين تموز ونهاية العام، فإن زيارة الرئيس القبرصي للأردن تمثل في نظره فرصة للعمل على واحدة من الأولويات التي وضعتها بلاده لدى توليها هذه المسؤولية وهي تعزيز العلاقات مع الجوار العربي، خصوصاً في ضوء التغيرات الجذرية التي تمر بها المنطقة على المستويين السياسي والاجتماعي.
وقال: «أنا على سبيل المثال على تواصل مع الرئيس المصري محمد مرسي» والذي أخطط للقائه على هامش اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة لاحقاً هذا الشهر «إن أمكن ذلك».
وأشار إلى أن قبرص ومصر قد وقعتا اتفاقية منطقة اقتصادية حرة، فيما تتواصل نيقوسيا مع القيادة الجديدة في ليبيا لإيصال مساعدات إنسانية للشعب الليبي الذي يتعافى من آثار 40 عاماً من الحكم الديكتاتوري.
وفي الشأن السوري علق الرئيس كريستوفياس قائلاً: «ليس عندي ما أقوله حول سوريا سوى أن ما يحدث هناك مأساة كبيرة، ألمت بالعالم العربي ككل، ويعتصرنا الألم ونحن نشعر بمعاناة الشعب السوري الذي تربطنا به علاقات أخوية»، مشيراً إلى وجود الآلاف من العمال السوريين في بلاده، إلى جانب أعداد مماثلة من المصريين وغيرهم.
وقد اتفق الزعيم القبرصي مع جلالة الملك عبد الله الثاني الذي شدد في أكثر من مناسبة أن قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تظل القضية المركزية في الشرق الأوسط.
وقال إنه قد شدد على ضرورة الحل السلمي للصراع أثناء محادثاته مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين في آذار العام الماضي، وكانت أول زيارة لإسرائيل يقوم بها زعيم قبرصي، فيما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنجامين نتنياهو نيقوسيا في شباط الفائت، وكانت كذلك أول زيارة لزعيم إسرائيلي لقبرص.
وقال كريستوفياس إن بلاده ملتزمة بسياسة الاتحاد الأوروبي حيال الشرق الأوسط، ولا تقع السياسة الخارجية ضمن مهام بلاده كرئيس لمجلس الاتحاد الأوروبي، حيث تتولاها حالياً كاثرين أشتون.
ومع ذلك «فإننا أخذنا بزمام المبادرة مستغلين العلاقات الأخوية مع العالم العربي» لدفع السلام قدماً، حسب الرئيس، والذي أضاف بأن قبرص تركز في نهجها حيال القضايا الإقليمية على ثلاثة مبادئ: الحل السلمي للصراعات وحق الشعوب في تقرير مصيرها وضرورة التعاون الوثيق بين الدول لتحرير منطقة جنوب شرق المنطقة إلى منطقة يسود فيها السلام والتعاون.
وقال: «نسعى إلى أن نكون جسراً بين أوروبا والعالم العربي، وبإمكان قبرص أن تكون سفيراً لهذه الدول لدى الاتحاد الأوروبي».
وحث كريستوفياس دول المنطقة على العمل معاً للاستفادة من المقدرات الطبيعية لتأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة كبديل عن الصراع على هذه الموارد التي كانت سبباً في اندلاع الحروب في هذا الجزء من العالم.
ولدى سؤاله عن آخر تطورات القضية القبرصية قال: «ليس هناك من تطورات إيجابية مؤخراً للأسف، فهناك جمود بل توقف كامل للمحادثات» حول الوحدة بين قبرص والجمهورية التركية لشمال قبرص المعلنة من طرف واحد منذ 37 عاما. وأشار الرئيس إن هذا الجمود يأتي بالرغم من الفرصة التي يوفرها اكتشاف الموارد الهيدروكربونية في الجزيرة المتوسطية.
وحث كريستوفياس على وحدة جزيرة قبرص حتى يستفيد الجميع ويتشاركوا في الثروة المكتشفة حديثاً.
المفضلات