عمان – سهير بشناق - صادف الجمعة الحادي والثلاثين من آب عيد ميلاد جلالة الملكة رانيا العبدالله ، لتبدأ جلالتها عاما جديدا حافلا بالعطاء المبني على اهداف حقيقية وانسانية تصب جميعها في خدمة المجتمع ومواطنيه.
فقد اطلقت جلالة الملكة العديد من المبادات لتحسين الحياة النوعية للمواطن وخدمته وتمكين المجتمعات المحلية ، وترجمت جلالتها رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني وشاركته في الامال الحقيقية ببناء الاردن ومواطنيه من كافة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية .
واليوم وجلالتها تضيء شمعة جديدة من شموع عمرها فان هناك مئات الشموع الاخرى التي اضيئت في قطاعات عديدة وتمكنت من استبدال الظلام بحياة مشرقة اساسها النجاح .

بصمات واضحة في التعليم
امنت جلالتها باهمية التعليم ومدى فعاليته بالحياة وقدرته على تحسين نوعية الانسان فكرا وعملا وعملت بهذا المجال بصدق وجهد فجلالتها تؤمن باننا بحاجة لصحوة تعليمية ونهضة مهاراتية تصلح تعليمنا كي نضمن اصلاحا فعليا وتنمية حقيقية لان التعليم هو اول متطلبات التنمية.
فقد اطلقت جلالتها في عام 2008 مبادرة مدرستي والتي هدفت الى تحسين البيئة التعليمية في500 مدرسة حكومية في المملكة ضمن خمس مراحل تشمل كل مرحلة مئة مدرسة.
حيث عملت المبادرة على اجراء الصيانة في عدد من المدارس والتي كانت في وضع سيء من حيث المبنى والصفوف والساحات فتمكنت المبادرة من التغيير الحقيقي وتحويل هذه المدارس الى مدارس نموذجية يشعر الطالب من خلالها بالراحة النفسية ويتمكن من التعلم ببيئة مدرسية تناسبه .
وقد عملت المبادرة ايضا والتي كانت جلالتها تتابع انجازاتها ونجاحاتها بتطبيق برامج تعليمية وتوعوية لإغناء مهارات الطلاب فيها والتي لا تقل اهمية عن الاهتمام بالبيئة المدرسية حيث تمكن أكثر من 135 ألف طالب وطالبة، من الاستفادة من هذه البرامج التعليمية المتنوعة.
واستكمالا لجهود جلالتها في قطاع التعليم ومبادرة مدرستي اطلقت جلالتها في الشهر الماضي خامس مراحل هذه المبادرة لتشمل 100 مدرسة في محافظة اربد.
مبادرة مدرستي تعدت حدود القلم والورقة للطلاب فهم كانوا يحلمون بمدارس تلبي طموحاتهم اسوة بطلاب اخرين ولطالما كتبوا ورسموا على اوراقهم البيضاء صورة لمدارس التي يتمنونها فكانت المبادرة بمثابة الامل الحقيقي لهم ليشعروا بانهم طلاب لا تكون خطواتهم تجاه مدارسهم عبئا يوميا لا يحتملونه.
ولعل كلمات طالبات شهدن تغير مدارسهن الى الافضل لاكبر دليل على معنى الفرح الذي ملأ حياتهن .
فالطالبة شهد الطراونة من الكرك بالصف الثامن كانت قد عبرت اثناء جولة جلالتها مسبقا على مدارس في المزار الجنوبي شملتها مبادرة مدرستي قائلة : «تغيرت مدرستنا الى الافضل من جميع الجوانب بدءا من اعمال الصيانة التي شملتها المبادرة وانتهاء بالانشطة اللامنهجية وبكيفية اساليب التعليم في الصفوف.. اصبحنا نحب ان نحضر كل يوم الى المدرسة ابتعد الخوف والياس من نفوسنا بعد ان اصبحنا قادرين على الشعور بمدرستنا كجزء من حياتنا اليومية وانعكس هذا الامر على تعليمنا وتحصيلنا الاكاديمي» .
والطالبة تيماء النوايسة الصف الثامن – قالت «المبادرة غيرت كل حياتنا فمن خلالها لم تعد المدرسة مجرد بناء فقط بل هي تعليم وبرامج وانشطة ترفيهية وتعليمية ساعدتنا على اكتشاف ابداعاتنا وقدراتنا» .
والطالبة اسيل الرواشدة – الصف الثامن – قالت ايضا : «لا استطيع ان اعبر كم غيرت بنا المبادرة فهي جعلت المدرسة اجمل وبعثت الراحة في نفوس الطلاب والطالبات وغيرت في طبيعة التعليم ليس من ناحية المنهاج بل من ناحية الاساليب المتبعة اضافة الى اهمية الانشطة اللامنهجية فاقامة اول مخيم صيفي بالمدرسة ضم طلاب وطالبات مدارس الجنوب يعتبر امرا هاما بالنسبة لنا تعلمنا منه الكثير وكان فرصة حقيقية ساعدتنا المبادرة على تجربتها» .
هذه النجاحات الحقيقية التي كانت جلالتها تفرح لسماعها من الطلاب والطالبات لا تعرف حدودا لانها تعنى بالانسان واستثمار قدراته وتحسين ظروفه ليتمكن من تحقيق اهدافه الحقيقية والتي هي اساس التقدم بالمجتمع.
ولم تتوقف جهود جلالتها في قطاع التعليم عند هذا الحد بل ومن خلال ايمان جلالتها بدور المعلم الذي يعتبر ركيزة اساسية في العملية التعليمية فقد اعلنت جلالتها في عام 2006 «جائزة الملكة رانيا العبدالله للمعلم المتميز» اضافة الى اطلاق «جائزة المدير المتميز» عام 2009 وساهمت هذه الجوائز في تثبيت مبدا التميز، وتعزيز مكانة المعلم والمدير ونشر نجاحاتهم وإتاحة المجال امامهم لتبادل الخبرات محليا ودوليا. وانشأت جلالتها في حزيران عام 2009 اكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين التي استطاعت ايصال برامجها التدريبية إلى نحو 5580 تربويا وتربوية.
وعملت جلالتها على متابعة مبادرة التعليم الاردنية التي أطلقها جلالة الملك عبدالله في عام 2003 كمنظمة غير ربحية تبني شراكات بين القطاعين العام والخاص لتحفيز الاصلاح التعليمي.
فقد جهزت المبادرة نحو العديد من المدارس الحكومية بتكنولوجيا المعلومات، وزودتها بمناهج متقدمة وتم تبني نموذج المبادرة في عدد من الدول وحصلت المبادرة على جائزة اليونسكو-ملك البحرين حمد بن عيسى ال خليفة الدولية لاستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في مجال التعليم لعام 2009.
ولعل ايمان جلالتها باهمية ودور التعليم بالحياة لم يتعارض مع تحذيرات جلالتها من تفاقم مشكلة البطالة بين الشباب في الوطن العربي فقد دعت جلالتها الى استغلال مخرجات التعليم على اكمل وجه وخاصة في قطاع التوظيف تحسبا من تفاقم مشكلة البطالة .

الاهتمام بالوعي الصحي
وان كان التعليم احد الجوانب التي اهتمت جلالتها بها وعملت على تحسينها كقطاع متكامل يمس الحياة اليومية للمواطن فان اهتمام جلالتها بالتوعية الصحية كان ايضا جليا على ارض الواقع فقد اسست جلالتها عام 2005 الجمعية الملكية للتوعية الصحية لزيادة الوعي الصحي وتمكين المجتمع المحلي من إتباع سلوكيات صحية، حيث اشترك في برامجها للعام الماضي نحو678 الفا و910 مستفيدين منهم 601 الف و994 طالب وطالبة في برنامج اللياقة البدنية و40 الف طالباوطالبة في برنامج فكر اولا، و 35 الفاً و700 مستفيد في برنامج الاعتماد الوطني للمدارس الصحية.

الأيتام وقصة نجاح
واليوم وجلالتها تضيء شمعة جديدة من شموع حياتها فان الانجازات كبيرة في مختلف القطاعات لكن ما انجزته جلالتها حيال الايتام الذين عاشوا سنوات عمرهم في المؤسسات الاجتماعية يتنقلون من مؤسسة لاخرى لا يقدر بثمن
فتأسيس صندوق الامان لمستقبل الايتام بعد سن الثامنة عشرة وهو العمر الذي يغادر به الايتام مؤسساتهم يعتبر انجازا حقيقيا انار درب كل يتيم يرغب باستكمال تعليمه الجامعي ولم يجد من ياخذ بيده ويساعده .
والصندوق الذي تمخض عن حملة الامان التي اطلقتها جلالتها في عام 2003 وتاسيس في عام 2006 يعنى بتأمين الايتام بعد سن الثامنة عشرة ويساعدهم على ان يصبح العلم سلاحهم بالحياة يتحدون من خلاله الصعاب ويطوون صفحة من حياتهم عاشوها بالمؤسسات.
جلالة الملكة رانيا العبدالله التي قالت : « إذا كان قدر اليتيم أن يحرم من أبوين على الأرض... فلا بد أن يكون قرة أعين كل من على الأرض» وهي كلمات ترجمتها جلالتها على ارض الواقع وهي تسعى لتاسيس صندوق الامان الذي وصل عدد المستفيدين من خدماته وورش العمل التي يقدمها نحو 4537 يتيما ويتيمة، في حين وصل عدد المنتفعين التراكمي ممن استفادوا من البرامج التعليمية الجامعية وكليات المجتمع 1664 منتفعا ومنتفعة، وبلغ عدد خريجي البرامج التعليمية التراكمي 805 ايتام في حين ساعد الصندوق 280 يتيما ويتيمة لايجاد فرص العمل لهم بعد تخرجهم من الجامعات والكليات .

مؤسسة نهر الاردن
وتعتبر مؤسسة نهر الاردن علامة مميزة في مجال تنمية المجتمعات المحلية وتمكين الافراد حيث اسست جلالتها المؤسسة في عام 1995 كمؤسسة غير ربحية تعمل في مجالات تحسين حياة المواطنين وحماية الطفل والتوعية بحقوقه.
وقد تمكنت المؤسسة من خلال مشاريعها العديدة من زيادة وتحسين الدخل وحماية الأطفال من العنف وتنمية الطفولة المبكرة حيث وصلت الى ما يزيد على مليون مستفيد من خدماتها وبرامجها في جميع مناطق المملكة.
المؤسسة تمكنت ايضا بجهود ومتابعة جلالتها لمسيرتها من التعامل بنجاح مع قضية العنف ضد الاطفال ومن خلالها تاسيس اول دار في منطقة الشرق الاوسط لاستقبال الاطفال المعنفين والتعامل معهم بمنهجية شمولية واعادة تاهيلهم نفسيا وجسديا لما تعرضوا اليه من عنف .
وتعمل المؤسسة الى جانب ذلك على تنمية المجتمعات المحلية ودعم المشاريع التي من شانها ان ترتقي بافراد المجتمع وخاصة المراة وتدعمها في مسيرتها التنموية من خلال المشاريع الصغيرة التي تدر دخلا عليها وعلى افراد اسرتها .

المجلس الوطني للاسرة
وتعنى جلالة الملكة رانيا العبدالله بالاسرة الاردنية فقد اسست جلالتها في عام 2001 المجلس الوطني لشؤون الأسرة ليعمل كمظلة للشركاء من المؤسسات الوطنية الحكومية وغير الحكومية العاملة في مجال الأسرة بهدف تحسين مستوى الحياة النوعية للأسرة وافرادها وقد عمل المجلس على اطلاق الخطة الوطنية للطفولة، ويتابع تنفيذ الاستراتيجيات المتعلقة بالاسرة واعداد اسس اعتماد رياض الاطفال واسس اعتماد مراكز حماية الاسرة.

متحف الاطفال
وكما تؤمن جلالتها بالجوانب العملية بالحياة واهمية نجاح التعليم كرسالة اساسية بالحياة والقطاع الصحي وتنمية المجتمعات المحلية فان جلالتها عملت على تاسيس اول متحف تفاعلي للأطفال في الاردن .
هذا المتحف الذي يعمل على توفير بيئة تعليمية من خلال الترفيه واللعب تمكن من استقطاب نحو 902 الف و636 زائرا من مختلف الاعمار واستمراريته وقدرته على تطوير انجازاته التي لا تقاس فقط بعدد الزائرين له فحسب بل بمقتنياته حيث يتوفر به اكثر من 150 معروضة تعليمية مما مكنه من ايجاد بيئة تعليمية وترفيهية في ان واحد تدخل الفرح والمتعة للأطفال .
وقد راعى المتحف الاطفال الاقل حظا وطلاب مدارس مدرستي من خلال توفير الدخول المجاني لهم ليسعى الى اتاحة الفرصة لهم لمشاهدة المتحف والاستفادة من معروضاته الهادفة.

«أهل الهمة»
وفي عام 2009 أطلقت جلالتها مبادرة «أهل الهمة» التي هدفت إلى تسليط الضوء على الأفراد والمجموعات التي أثرت في مجتمعاتها المحلية، وكان للمبادرة صدى ايجابي وتفاعل معها المجتمع الأردني بمختلف فئاته حيث وصلها أكثر من 45 ألف طلب ترشيح من مختلف أنحاء المملكة.
وخلال حفل تكريم الفائزين من المرشحين النهائيين والذي حضره جلالة الملك عبدالله، قالت جلالتها «سيدي ... لقد جيشت قادة، وأهل العزم وأهل الهمة كلهم الأردن ..... قادة يقومون بدورهم بتمكين الآخرين. أعطيتنا الإرادة والقوة والدافع لنطمح، لنحلم بعيداً، لنتعلم أكثر، لنصبح الأفضل، نساء ورجالاً على حد سواء. وأنا رانيا العبدالله أولى المجندات».

دور فاعل عربيا ودوليا
ولجلالتها ادوار مهمة عربياً وعالمياً حيث تم اختيارها مؤخرا من قبل الامين العام للأمم المتحدة عضواً في اللجنة الاستشارية رفيعة المستوى التي ستقدم الاستشارة حول أجندة التنمية العالمية لما بعد عام 2015 وهو الموعد المحدد لتحقيق الأهداف الانمائية للألفية.
كما عملت دوليا على تنسيق الجهود لضمان التعليم للجميع، وانطلاقا من دورها كمناصرة بارزة لليونيسف، ورئيسة فخرية لمبادرة الأمم المتحدة لتعليم الفتيات، تشارك جلالتها في مؤتمرات واجتماعات دولية، مثل مبادرة كلينتون العالمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي، التي هي عضو في مجلس إدارته.
ووفق دراسة صدرت عن شركة استشارات العلاقات العامة «بيرسون - مارستيلر»، ووزعت نتائجها مؤخرا في بيروت حلت جلالة الملكة رانيا العبدالله في مقدمة قائمة الشخصيات الاقليمية والقادة الناشطين على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي.
وبحسب الدراسة، بلغ عدد متابعي جلالة الملكة (872ر222ر2) متابعا على موقع «تويتر» ، وأجريت الدراسة على 264 من رؤساء الدول ومؤسساتها في 125 دولة، منها 21 بلدا من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعن حياتها الأسرية تقول جلالتها «أنا مثل أي زوجة وأم .. أعتني بأسرتي بنفسي، وأحرص على أن أقوم بواجباتي تجاه أفراد عائلتي .. وقد اقترنت بجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسـين في 10 حزيـران عام 1993 ورزقنا بأربعة أبناء هم أصحاب السمو الملكي: الأمير حسين ولي العهد، والأميرة إيمان، والأميرة سلمى، والأمير هاشم».