عمان - حاتم العبادي-اكد خبراء في مجال التربية والتعليم اهمية التوجيهات الملكية بضرورة إعداد تصور شمولي للنهوض بقطاع التربية والتعليم في الاردن تمهيدا لعقد مؤتمر وطني متخصص للتطوير التعليمي والتربوي، معتبرين انها جاءت في «الوقت المناسب» وتعد فاتحة لانطلاقة نوعية جديدة في تطوير مسيرة التربية والتعليم التي تعتبر حاضنة لاكبر شريحة من ابناء المجتمع وعماد مستقبل الوطن.
الطروانة: توحيد الجهات المعنية بإعداد الموارد البشرية.
وكشف عضو مجلس التربية والتعليم الدكتور رئيس الجامعة الاردنية، اخليف الطراونة ان الانتهاء من إعداد التصور الشمولي لتطوير القطاع ستكون خلال ثلاثة اشهر تقريبا، ليصار على الفور عقد المؤتمر الوطني، الذي سيكون الثاني بعد مرور (25) سنة على المؤتمر الاول الذي عقد في العام 1987.
وبين الدكتور الطراونة في تصريح الى «الرأي» ان التصور الشمولي سيركز على توحيد الجهات المعنية بإعداد وتأهيل وتدريب الموارد البشرية، والتي من بينها وزارات التربية والتعليم والعمل والتعليم العالي بالاضافة الى مؤسسة التدريب المهني.
وبين أن مخرجات المؤتمر الوطني ستكون بمثابة «خارطة طريق» لتطوير قطاع التربية والتعليم بما ينعكس على تنمية الموارد البشرية في المملكة.
واعتبر الخبراء في حديث الى «الرأي» ان التوجيهات الملكية بمثابة رسالة قوية تؤكد على مدى اهتمام جلالة الملك بقطاع التربية والتعليم والتعليم العالي.
وشددوا على ضرورة ان تكون مخرجات التصور الشمولي والمؤتمر الوطني المزمع عقده حصيلة رؤية وطنية شاملة لجميع المعنيين من خبراء واهل اختصاص ومعلمين واهالي وطلبة، ينبثق عنها برنامج تنفيذي وطني، غير مرتبط بحكومة او بشخص وزير.
واشاروا الى ان التوجيهات الملكية بمثابة الدعوة والتأكيد على ضرورة وجود «قرار نهائي» لايجاد برنامج تنفيذي للانتقال من المدرسة «المبسطة» الى المدرسة التي تركز على العقل وتطلق طاقات الابداع. كما اكدوا ضرورة وضع برنامج زمني واضح لتنفيذ البرنامج، وفق اطر تحدد الجهات المسؤولة والمعنية، وان تكون الفترة كافية لاحداث التطوير والتحديث المطلوب، موضحا بعضهم ان مثل هذا التطوير يحتاج الى سنوات لاهميته.
ولفت الخبراء الى أن التوجيهات والدعوة الملكية، تاتي في الوقت المناسب، حيث ان واقع الحال يقتضي البدء الفعلي في عملية التطوير النوعي في ظل الحديث عن تزايد اعداد خريجي الثانوية العامة والمقبولين في الجامعات وتزايد طلبات التوظيف في ديوان الخدمة المدنية، بحسب الخبير ووزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي الاسبق الدكتور وليد المعاني.

المعاني: محطات تصفية
للطلبة في المراحل التعليمية
وأكد المعاني في حديث الى «الرأي» ان محاور التربية والتعليم ومخرجاتها تشكل منظومة شاملة ومتداخلة، تقتضي النظرة والتعامل معها برؤية شمولية.
في وقت حدد الدكتور المعاني، الذي تراس الجامعة الاردنية لعدة سنوات، محاور رئيسية يجب ان يركز عليها التصور الشمولي، تبدا بما وصفه «المعلم المدرس»، كأولوية، مرورا بالبيئة المدرسية والمناهج المدرسية وتطوير الخطط الدراسبة والمسارات الاكاديمية للطلبة، وانتهاء بالتوجيهي، الذي يعد الية «جيدة وسمعته جيدة لكن اليات تنفيذه وتطيقه خاطئة» بحسب وصفه.
وشدد المعاني على ضرورة الاستمرار في عملية تدريب المعلمين، وصولا لانتاج العلم المدرس، باعتبارها اولية كبيرة، موضحا ان المعلم المدرس يختلف عن المعلم الموظف، مؤكدا ضرورة ايجاد معلمين مدربين على عملية التدريس في الجامعات والكليات التي تخرجوا منها او من خلال تخصيص مراكز تدريب لهم.
وتابع « لا يجوز لشخص تخرج من تخصص بحت ان يقوم مباشرة في تدريس الطلبة، لانه بحاجة الى تدريب، بإعتبار ان عملية التدريس والتعليم حرفة ومهنة، ويحتاج من يريد ان يمارسهاالتدرب على ايدي مهرة ومحترفين».
وقال انه «بدون معلم مدرب ومحترف لن يحدث تغيير على الطلبة كجسم قابل للتكوين».
وحول البيئة المدرسية والمناهج، دعا الدكتور المعاني الى ضرورة الانتهاء من مرحلة «الحشو الكبير في المناهج في الموضوعات التي عفا عليها الزمن، وإيجاد اشخاص مخصتون في عملية وضع المناهج العملية والموضوعية وتحدد ماذا يجب على الطالب ان يعرف».
وأكد ضرورة ايجاد نوع جديد من مؤلفي المناهج الدراسية، قادرين على ايجاد مناهج تحفز الابداع لدى الطلبة وتشوقهم لدراسة مضامينه والاهتمام بها، مشيرا الى ان سبب اطلاق حملات تدعو الى المحافظة على الكتاب بدل تمزيقه ان الطلبة يعبروا عن عدم محبتهم للكتاب من خلال تمزيقه عند الانتهاء منه وهذا يعكس ان اعداد تلك المناهج غير موضوعي.
ودعا الى ضرورة ايجاد محطات تصفية للطلبة خلال المراحل الدراسية ابتداء من الصف السادس، بما يضمن توجيه الطلبة نحو المسارات التي تتناسب مع قدراتهم وميولهم ورغباتهم، بحيث تكون تلك المحطات بمثابة مجسات للتوجيه نحو المسار الاكاديمي والتقني او المهني.
ووجد في اليات القبول في مدارس الملك عبدالله الثاني للتميز نموذج يمكن الاخذ به في عملية توجيه الطلبة.
ولفت الى ضرورة التأكيد على العملية التشاركية بين الجهات المعنية، محددا ضرورة ان تكون هنالك موضوعات تحددها الجهات المعنية يتطلب على الطالب دراستها لاكمال مساره التعليمي الجامعي، الذي يجب ان يوزع على شكل قطاعات، منوها الى ان كثير من الطلبة يكون سبب حصوله على معدل مرتفع علامته في مواد غير مختصة في التخصص الذي يلتحق بها.
واكد ضرورة ان يدرس الطلبة مواد بالانجليزية والتربية الاسلامية واللغة العربية.
كما اشار الى ضرورة تطوير البنى التحتية والاساسية للمدراس بحيث تصبح جاذبة للطلبة ومؤهلة للعملية التعليمية، وان يتحدد ضمن فترة زمنية، لافتا في هذا الاطار الى ان فكرة قائمة المدراس ذات الاحتياجات الخاصة ( الاقل حظا سابقا) كانت بسبب ظروف تلك المدراس التي يفترض ان تتحسن خلال خمس سنوات، لكن هذا لم يحصل.
ونوه الى ضرورة تحفيز الطلبة والتركيز على العوامل الاجتماعية لابقاء الطلبة في المدارس وتغيير اسلوب التدريس بالابتعاد عن اسلوب التقلين.

بدران: الانتقال من المدرسة
المبسطة إلى المدرسة المبدعة
من جانبه، قال الخبير ووزير التربية والتعليم الدكتور ابراهيم بدران ان الدعوة الملكية تأتي للتأكيد على ان ضرورة البدء الفعلي في التطوير والتحديث، وانها جاءت في «الوقت المناسب»، لافتا الى انه رغم كثرة الدراسات والاراء المتعلقة بتطوير قطاع التربية والتعليم وكذلك التقارير الصادرعن الجهات المختصة ومن بينها اللجنة الملكية الاستشارية للتعليم، لم ينفذ اي من توصياتها الى جانب ان هنالك خطط لتطوير القطاع لم يتم الاستمرار في تنفيذها.
وقال ان التوجيهات الملكية بمثابة الدعوة والتأكيد على ضرورة وجود «قرار نهائي» لايجاد برنامج تنفيذي للانتقال من المدرسة «المبسطة» الى المدرسة التي تركز على العقل وتطلق طاقات الابداع.
واكد ان التوجيهات الملكية تحمل رسالة مفادها ان هنالك حاجة للوصول الى «قرار نهائي» ورؤية وقرار وطني يجب اتخاذه للانتقال الى الواقع الذي نريد، والذي ، بحسبه يحتاج الى سنوات، ما يستدعي اشراك جميع الجهات المعنية وذوي الخبرة والمعرفة.
واشار الى ان التوجيهات الملكية تقتضي حالة من التوافق الوطني لوضع برامج تنفيذية، تكون بمثابة برامج للدولة وليس للحكومة او شخص الوزير، مشيرا الى ان البرامج الاصلاحية تحتاج الى عدة سنوات لتنفيذها.
وحدد الدكتور بدران عوامل ومحاور نجاح تحقيق التطور والتحديث بالارادة الحقيقية للتطوير والتحديث والتوافق الوطني والتزام جميع الاطراف وتضافر جهودها، وان جميع تلك المحاور متطلبات للانتقال من الحالة الكمية لقطاع التربية والتعليم الى الحالة النوعية التي تصب في بناء شخصية الطفل وبناء القدرات العقلية والوطنية وتأهيلهم لسوق العمل وهذا يتطلب تضافر جهود الجميع من سرة ومدرسة ومجتمع محلي وجامعات واعلام وثقافة.