بارتياح وتقدير كبيرين استقبل الأردنيون كافة قرار الديوان الملكي الهاشمي الغاء المقاعد الدراسية الخاصة به وتحويلها الى وزارة التعليم العالي ودعم الطلبة المقبولين عبر التنافس الموحد فقط..
ويجب ان لا يغيب عن البال للحظة واحدة ان جلالة الملك شخصياً هو الذي يقف خلف هذا القرار الحكيم الذي يضع الأمور في نصابها الصحيح ويجعل من العدل قيمة عليا يجب ان لا تعلو عليها أي قيمة اخرى في مجتمع يفاخر بأنه ديمقراطي ويؤمن بالتعددية وتكافؤ الفرص وحق المجتهد والعامل في ان يجني ثمار اجتهاده وعمله ودأبه وبالتالي لا مجال للتفريق بين أردني وأردني طالباً كان أم عمل في مجالات اخرى سوى بمقدار ما يقدمه لهذا الوطن ربما يمنحه الفرصة للمراكمة على انجازه والابداع في مجاله بعيداً عن أي معيار آخر لا ينسجم وقيم العدالة وسيادة القانون والتساوي أمامه..
من هنا جاءت الخطوة النوعية هذه من «بيت الأردنيين» لتشكل رسالة واضحة لا تحتمل التأويل أو الاجتهاد بأن الديوان الملكي سيبقى كما كان على الدوام بيت الأردنيين جميعاً وان ابوابه مفتوحة لكل ابناء هذا الوطن أما في ما خص المقاعد الجامعية فليس ثمة باب لها سوى وزارة التعليم العالي وعبر قائمة التنافس الحر ووفق المعايير المعتمدة التي تسري على كل طالب أردني أما عندما يقبل هذا الطالب وفق معايير العدالة والتنافس الحر الشريف فإن امكانية مساعدة المعسرين أو اصحاب الدخول المحدودة فهي شيء آخر تماماً سيتم التعاطي معها ايضاً وفق أسس شفافة تمنح المحتاج فرصة لاتمام دراسته.
الارتياح الذي قوبل به قرار الديوان الملكي العامر في هذا الشأن تجلى في جملة التعليقات والتصريحات التي ادلى بها الاكاديميون ومؤسسات مجتمع مدني وسياسيون وحزبيون واهالي ومواطنون كلهم اشادوا بهذه الخطوة ورأوا فيها اعادة تصويب لما كان ينظر اليه على انه غير منسجم مع اعتبارات عديدة، جاءت المكرمة الملكية في هذا الشأن لتؤكد ان قائد مسيرة الاصلاح التي يتردد في تصويب الاختلالات وتصحيح الاعوجاجات والحث بدأب واصرار على ضرورة تساوي الأردنيين في الفرص وعدم السماح لأي معايير اخرى بالهيمنة او التشويش على المشهد الوطني.
وقد حان الوقت لأن يدرك الجميع بأن التعليم العالي في الجامعات والكليات يجب ان يرتقي الى طموحات الأردنيين ويلبي حاجات الوطن ومتطلبات اقتصاده وكل ما يمكن ان يسهم في تحسين اوضاع الأردنيين وزيادة تنافسية انتاجهم وتمكين المبدعين من الطلبة والدارسين من اظهار مواهبهم واستغلالها بما يخدم المصالح الوطنية العليا ويساعد في توفير ريح استاد للطموحين والمنتجين والمبدعين ولهذا يجب ان تكون قاعات الجامعات ومدرجاتها كما مكتباتها ومختبراتها ساحات للتنافس والابداع والتعلم وليس للعنف واطلاق العنان للقرائز والشحن الجهوي والمناطقي وغيرها من الأساليب غير المقبولة التي تبرأ منها الأردنيون ورأوا فيها نتاج انعدام التنافس وسهولة الحصول على المقعد الجامعي من قبل بعض الطلبة الذين لم يكونوا ليجلسوا على مقاعد الجامعة لو انهم تنافسوا للحصول عليها..
اننا ونحن نثّمن قرار الديوان الملكي الحكيم وبعيد النظر ليحدونا الأمل بان تحتوي الجهات ذات الصلة هذا القرار وان تجعل من التنافس وحده هو المعيار الوحيد للحصول على المقعد الجامعي او الوظيفة او أي امتياز آخر حتى تسود العدالة والقانون ومبادئ الديمقراطية وتكافؤ الفرص.