موسكو - ا ف ب - يرى محللون ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي عاد الى الكرملين في ايار تمكن في اقل من ثلاثة اشهر من تعزيز سيطرته على المجتمع المدني الروسي بعد حركة احتجاج غير مسبوقة، مما ينبىء بمستقبل غامض للحريات العامة في روسيا.
وقالت ليليا شيفتسوفا من مركز كارنيغي في موسكو ان «الكرملين انتقل الى الهجوم. انه عبور نحو استبدادية اكبر بكثير مع امكانية الذهاب نحو دكتاتورية».
ومنذ ان اصبح بوتين الذي كان يعمل في السابق في اجهزة الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي)، في السابع من ايار رئيسا لروسيا لولاية ثالثة، صدرت سلسلة من القوانين وصفتها المعارضة بانها قمعية، وفي طليعتها قانون يصف المنظمات غير الحكومية التي تحصل على تمويل من الخارج وتمارس نشاطا «سياسيا» ب»العميلة للخارج» ويضعها تحت مراقبة متشددة.
ويحكم قانون اخر بغرامات كبيرة على منظمي التظاهرات غير المرخصة.
وقد صوت اعضاء مجلس الشيوخ ايضا على نص يهدف الى تنظيم نشاط مواقع الانترنت التي تتضمن معلومات يحظرها القانون، ويرغم اصحابها او مفاتيح الدخول اليها على اغلاقها.
وثمة نص اخر سيجعل من التشهير جنحة يعاقب عليها بغرامات، فيما لم تكن عرضة للمحاسبة العام الماضي في روسيا في عهد الرئيس ديمتري مدفيديف الذي يتولى حاليا منصب رئيس الوزراء والذي جسد لبعض الوقت امال التحرير في روسيا.
وهذا الاجراء يدعم الفكرة القائلة بان بوادر «الانفراج» التي رصدت في ظل حكم الرئيس السابق الذي لم يخرج في الواقع من ظل مرشده القوي فلاديمير بوتين، مشكوك فيها حاليا.
واعتبرت شيفتسوفا ان المسألة ليست اقل «من انقلاب غير دستوري للرئيس» بوتين.
واستطرد المعلق السياسي ميخائيل فيشمان بقوله «انه كما لو ان احدا كبس على زر الرجوع الى الوراء».
واضاف ان «الانفراج (في ظل حكم) مدفيديف هو اشبه اليوم بقطعة لحم او زبدة تركت تحت حرارة الشمس خلال ساعات: لتفسد وتذوب بالسرعة نفسها تقريبا».
واعتبر عدد كبير من المحللين ان اعتماد هذه السياسة الشديدة هي قبل اي شيء اخر رد على حركة الاحتجاج الكبيرة التي واجهها بوتين قبيل عودته الى الكرملين.
وقالت المعلقة السياسية يوليا لاتينينا «انه رد فعل على الثورة ومحاولات التغيير في وقت لا يريد النظام اي شيء منها».
وكانت الولايتان السابقتان لفلاديمير بوتين من العام 2000 الى 2008 تميزت بالنيل من الحريات التي اكتسبت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في 1991. فالتعددية السياسية ترافقت بفوضى التسعينات ووضعت اليد مجددا على محطات التلفزيون الكبرى.
ورمز اخر طبع الولايتين هو سجن قطب النفط السابق ميخائيل خودوركوفسكي في قضية اعتبرها العديد من المراقبين بمثابة تصفية حسابات بين السلطة ورجل الاعمال الذي تحدى الكرملين ومول المعارضة.
ومحكمة خاموفنيتشسكي في موسكو التي شهدت القضية الثانية لخودوركوفسكي، تتناول اليوم قضية ثلاث نساء «بنك» يواجهن عقوبة السجن لسبع سنوات لادائهن اغنية ضد فلاديمير بوتين في كاتدرائية المسيح المخلص في العاصمة الروسية.
وامام هذا التطور يبدو هامش التحرك غير مؤكد بالنسبة للمعارضة التي لم تعد تظاهراتها تجمع عشرات الاف الاشخاص كما كانت قبل عودة بوتين الى الكرملين.
وخلصت شيفتسوفا الى القول ان «الخريف ينتظرنا. تجربة كبيرة ستبدأ: فالى اي مدى يمكن ان تذهب السلطة في تخويف المجتمع؟».