صدور الارادة الملكية السامية بالمصادقة على قانون معدل لقانون الانتخاب لمجلس النواب لسنة 2012 بشكله الذي اقره مجلسا الاعيان والنواب, يفتح الباب على مشاركة شعبية اردنية واسعة وعريضة في الشأن الوطني بمختلف ملفاته وتجلياته كذلك في ما تعكسه هذه الارادة الملكية من تتويج لمسيرة الاصلاح السياسي التي اتخذت مساراً مدروساً وشفافاً وبارادة سياسية حازمة تقول بان لا رجعة عن مسيرة الاصلاح ولا نكوص, بدأت بالتعديلات الدستورية التي جاءت اكبر واوسع مما طالبت به المعارضة كذلك في قانون المحكمة الدستورية والاحزاب والهيئة المستقلة للانتخابات واخيراً في قانون الانتخاب الذي وجه جلالة الملك الحكومة الى ضرورة العمل على تعديله وتم ذلك في الجلسة الاستثنائية التي انتهت مؤخرا بزيادة عدد مقاعد القائمة الوطنية الى (27) مقعداً ما يعني ان المشهد الوطني بات مهيئاً لكل القوى السياسية والحزبية والفاعليات المستقلة ومؤسسات المجتمع المدني بأن تختبر شعبيتها وأن تتنافس للحصول على دعم الجمهور الاردني الذي كما كان عهدنا به على الدوام اكثر وعياً وقدرة على التمييز بين اصحاب الشعارات واصحاب البرامج وبين من يقدمون المصالح الوطنية العليا ويهتمون بمطالب ناخبيهم على المصالح الفئوية او الجهوية او الشخصية.
من هنا, يصعب فهم مواقف تلك الجماعات والاحزاب التي دخلت باب المزايدة عبر بوابة المقاطعة ظناً منها أن الاصلاح السياسي لن يتم إلاّ بمباركتها والخضوع لشروطها التي تعكس عجزاً اكثر مما تعكس ثقة بالنفس أو قدرة على ولوج باب المنافسة والنضال من داخل المؤسسات الشرعية على نحو يسمح لاكبر عدد من الاردنيين سماع اصواتهم ومعرفة ارائهم ومواقفهم بدل ان يثابروا على عاداتهم السابقة في اصدار البيانات وتنظيم المهرجانات التي أخذ الاهتمام الشعبي بها يتراجع بعد ان اكتشف الاردنيون انها مجرد وسيلة لتحقيق اهداف فئوية وجهوية وحزبية خاصة وليس في توفير الزخم ودعم عملية الاصلاح التي اخذت تترسخ في وجدان الشعب الاردني بما هي الطريق الانجح والاقصر والاوفر لتجذير الاردن الديمقراطي التعددي الذي يسود فيه القانون وتتكافأ فيه الفرص وترسخ العدالة الاجتماعية وينعم الاردنيون بحرية الرأي والتعبير في اطر من الدستور والقانون والمقاربات السلمية.
وكما هو معروف فإن الأصل في العمل السياسي هو المشاركة وليس المقاطعة لأن الاخيرة جزء من ممارسة عقيمة لم تؤد الى نتيجة ذات يوم وهي بالاضافة الى انها جزء من المزايدة والشعور الواهم بالقوة والشعبية إلاّ انها لا تعود على اصحابها بغير الخسران والتراجع وتحرم الحياة السياسية من الحيوية إلاّ انها ونقصد هنا المقاطعة كانت على الدوام سلاح الضعفاء واؤلئك الذين اكتشفوا انهم بلا رصيد شعبي فأرادوا التغطية على ذلك فصعدوا الى شجرة عالية ولم يجدوا من يوفر لهم سُلّماً للنزول.
الفرصة ما تزال قائمة أمام جماعة الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل للانخراط والمشاركة في الانتخابات النيابية التي بدأ العد التنازلي لها أما بقاؤهم في مربع المقاطعة والمزايدة فإنه لن يسهم في عرقلة او تراجع مسيرة الاصلاح التي انطلق قطارها في اتجاهه ولن يتوقف وعليهم مراجعة مواقفهم الخاطئة هذه لأنها تسيء الى مسيرة الاصلاح ولن يسامحهم الاردنيون على مزايداتهم هذه ومحاولتهم المكشوفة لوضع العصي في عجلات المسيرة الاصلاحية.
رد مع اقتباس
المفضلات