القاهرة - ا ف ب - تولى مدير المخابرات المصرية السابق اللواء عمر سليمان الذي توفي اليوم الخميس عن 78 عاما، ادارة الملفات الحساسة للسياسة الخارجية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
واعلنت وكالة انباء الشرق الاوسط ان سليمان توفي في وقت مبكر الخميس في مستشفى بالولايات المتحدة حيث كان يخضع لفحوص طبية في كليفلاند، موضحة ان جهودا تبذل لاعادة جثمانه الى مصر.
وتصدى سليمان رجل الظل الذي قال "زميل" اوروبي له في العمل انه كان "يشكل عيون الرئيس وآذانه"، في 11 شباط 2011 وتحت اعين كل العالم، لاصعب مهمة له وهي اعلان رحيل راعيه مبارك الذي طرد من السلطة تحت ضغط تمرد شعبي.
وكان مبارك عين في 29 كانون الثاني 2011 في اوج الاحتجاجات الشعبية على نظامه وفي محاولة لتهدئة خصومه، سليمان نائبا للرئيس المنصب الذي كان شاغرا منذ ثلاثين عاما.
وبعد سقوط مبارك، حاول العودة الى السلطة وترشح للانتخابات الرئاسية الاخيرة في خطوة شكلت مفاجأة واثارت دهشة وامتعاض كثيرين لعودة مقرب من الرئيس المخلوع الى الساحة السياسية بعد "الثورة".
وقد قال حينذاك "انا جندي لم اعص امرا طوال حياتي (...) ولا استطيع الا ان البي النداء واشارك فى سباق الترشح".
ووعد سليمان المعارضين لترشحه باعتباره من اعمدة نظام مبارك بان "ابذل كل ما استطيع من جهد (...) لننجز التغيير المنشود واستكمال أهداف الثورة وتحقيق آمال الشعب المصري".
لكن تم استبعاده بعدما اكدت اللجنة الانتخابية انه لم يتمكن من الحصول على دعم 15 محافظة كما ينص عليه القانون.
ولد سليمان العام 1934 وسط عائلة ميسورة في قنا بصعيد مصر. وهو يرتدي عادة الزي المدني وليس البزة العسكرية.
وقد عرف رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية كيف يحاور ويناور مع اسرائيل وحركة حماس الفلسطينية.
ورعى سليمان العديد من الاتفاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين في الاعوام 2001 و2002 و2005. كما قام بدور مهم في وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحركة حماس اثر حرب غزة في 2009.
وكان سليمان شخصية محورية في النظام المصري. فقد قام بالعديد من المهام الخاصة وتولى ادارة اهم الملفات الاستراتيجية وخصوصا الملفين الفلسطيني والاسرائيلي.
بدأ سليمان حياته المهنية في الميدان العسكري وتسلق سريعا سلم الوظائف في اجهزة المخابرات حتى تولى رئاسة جهاز المخابرات العامة في 1991.
وقد انقذ حياة الرئيس مبارك عندما نصحه بان يستقل سيارة مصفحة ياخذها معه الى اديس ابابا حيث تعرض لمحاولة اغتيال في 22 حزيران 1995 اثناء قمة للدول الافريقية.
فقد حاول ارهابيون اسلاميون نصبوا كمينا في العاصمة الاثيوبية قتل مبارك وسليمان اللذين استطاعا النجاة بفضل السيارة المصفحة، لكن السائق قتل في الهجوم.
وبعد محاولة الاغتيال، تعرضت الحركات الاسلامية المتطرفة مثل الجماعة الاسلامية والجهاد، المسؤولة عن هجمات دامية في مصر، لحملات قمع شديدة في تسعينات القرن الماضي.
لكن في نهاية عهد مبارك، قرر هذا العدو اللدود للاخوان المسلمين فتح حوار مع الحركة التي تشكل اليوم اكبر القوى السياسية في البلاد واوصلت احد قادتها محمد مرسي الى سدة الرئاسة.
ويقول الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات في بلد اوروبي كبير التقى سليمان في الماضي لفرانس برس انه رجل "واضح ومنظم ويتمتع بالذكاء والمصداقية في جميع الامور لذلك يحظى باحترام الجميع".