غديراسماعيل سالم - ..أيام انتظار ممتعة ،تمتزج فيها النفحات الايمانية بمتعة وعظمة وقدسية لها خصوصيتها داخل البيت والاسرة مع دخولنا الجمعة الاخيرة من شعبان،الجميع ينتظرها لأن هلال شهر الرحمة، يهل علينا وفيه العتق من النار.
وهذا الشهر العظيم يحتاج إلى استعداد إيماني خاص حتى نستطيع أن نستغل أيامه المعدودة، في فعل الخيرات وهو استعداد لا يقتصر على الكبار فقط(.. ) بل يمتد ويتصل بالاطفال والفتيان الصغار ، فئة نحبها ونخاف عليها وتحتاج إلى استعداد مكثف ،لادراك أن الشهر الذي سيهل عليهم، شهر الهي غير عادي.
قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) سورة البقرة - آية 185 .

بهجة الحياة ونورها
..قبيلَ الالتقاء مع هلال رمضان ، ها هم الاطفال، بهجة الحياة ونورها الذي لا ينقطع ابدا ، بوجودهم يعم الفرح والسرور وببراءتهم يصبح الكون أجمل ، لذلك مشاركتهم في كل الامور والمناسبات تضفي طعما ورونقا خاصا فكيف اذا كانوا يَعدون الايام لاستقبال شهر رمضان المبارك، فلا بد من مشاركتهم بهذه المناسبة العظيمة واستعدادهم الرائع لها .
وعند سؤال بعض الأطفال عن استعداداتهم لهذا الشهر الفضيل وماذا يتم من تحضيرات له كانت أجوبتهم اكثر من رائعة وتعبر عن مدى الفرحة بهذا الشهر الكريم ,فجميعهم يطلبون من ذويهم أن يشتروا لهم الزينة والادوات لصنع الفوانيس والأهلة و احبال الزينة المضاءة, حيث أنها بالنسبة للأهل والأطفال تضفي أجواء ً رمضانيةً فريدة ومميزة .

فوانيس..فوانيس!
اسعار الفوانيس.. هذا الحلم الطفولي، الذي عبر عنه معظم الاطفال ، تختلف باختلاف الأحجام و الدول المنتجة لها، اذ تصل اسعار الفوانيس المستوردة من مصر الى 15 دينارا كونها مصنوعة يدويا اما الفوانيس الصينية فهي لا تعدو كونها العابا بلاستيكية فيتراوح اسعارها من 5 دنانير الى دينارين بحسب المعروض والدارج في الاسواق.
الى جانب هذا الاستعداد والتجهيزات المأمولة ، ابدى بعض الأطفال رغبتهم في مساعدة الفقراء والمساكين في هذا الشهر الفضيل .
«داليا» و»مرح» و»علياء «.. نثرن شعورهن بالفرح الكبير باقتراب شهر رمضان المبارك ، بالاضافة الى تزيينهن البيت بوضع الفوانيس وأحبال الزينة والأهلة ، عدا عن رغبتهن الشديدة بمساعدة الفقراء وتقديم يد العون لهم؛عن طريق ما قمن بتجميعه بحصالاتهن لتوزيعه في شهر رمضان على المحتاجين!.

تجهيز وتوزيع طرود الخير
اما «لين» و»دانيا» فذكرن انهن يقمن بمساعدة الأهل بتجهيز وتوزيع طرود الخير على الفقراء والمساكين .
ويذكر ان الاستعداد النفسي للصيام مهمٌ للطفل وخصوصاً صغار السن منهم، حيث يبدأ الأب بالتميهد لطفله وسؤاله إذا كان سيصوم هذه السنة؟ وهل له أصدقاء سيصومون معه؟ مع ضرورة التدرج في عدد ساعات الصوم.
في ذات الوقت ابدى بعض الأطفال «من العمر 4 الى 7 سنوات» ، كسدين ,وراما,وأيهم ,وأحمد ,وعبد الرحمن، رغبتهم الشديدة بصيام رمضان كاملا(..) و أن بعضهم كان يصوم في الاعوام السابقة يوما واحدا فقط، ومنهم من صام لنصف النهار ثم لم يكمل، واضافوا:» سنذهب ايضا مع الاهل والاقارب لصلاة التراويح وسنطلب من ذوينا قراءة القران لنا وتحفيظنا بعض السور القرآنية الصغيرة» .

تهيئة الجو المحيط بالصغير
و.. صيام رمضان؛ وسيلة مهمة لزرع الخير في الاطفار الصغار وإبعادهم عن كل ما هو سيء، لذا يجب على المربي ، من أب وأم وغيرهم ، اغتنام الأيام الأخيرة ، الباقية من شهر شعبان التي تسبق الشهر الكريم لتهيئة الجو المحيط بالصغير، واعداده نفسيًا للجو الرمضاني من صيام وصلاة وعبادة وقرب من الله ،مما يعد فرصة عملية وواقعية لتقوية إرادة الأطفال وزرع الثقة في أنفسهم.

رغبات
تدهشنا بعض النماذج من اجابات الاطفال الصغار ، التي تدل على قيام الأهل «بالاستعدادات الرمضانية» التي تزرع في الاطفال حب شهر الخير واشتياقهم لاستقبال الشهر الفضيل بأحسن حال .
« مي ودانيا» 12و13 سنة تحدثتا عن رغبة اهلهن لارتدائهن الحجاب قبل شهر رمضان المبارك، لتكون فرصة لهن للالتزام به طوال حياتهن، وايضا رغبتهن في التسجيل في مراكز لتحفيظ القرآن الكريم ليتمكن من حفظ ما تيسر من كتاب الله عز وجل .
وهناك من الاطفال من دعوا ذويهم لتحضير قصص من القران الكريم حتى يسردوها عليهم كل يوم ، «سلوى» ومعها «ديما» عبرتا عن سعادتهما بهذه القصص، واضافتا ان آباءهن سيمنحون الهدايا للطفل الذي يحفظ القدر الاكبر من هذه القصص.
تعد التهيئة المناسبة من الاهل لاجواء رمضان ،الذي يتزامن مع ارتفاع حاد في درجات الحرارة ، ذات اهمية كبيرة وذلك بمراعاة الظروف الصحية ،واعمار الاطفال ومد يد المساعدة لهم على تجاوز ساعات الصيام ، دون ضرر او مخاطر وبما يضمن اسعادهم عبر حثهم على الصبر خلال الصيام والصلاة واشكال العبادة الاخرى وتقديم الحوافز والهدايا.
ويأتي دور الرفاق والاصدقاء الى جانب دور الأهل، الذي يعتبر من الاهمية بمكان ، فقد يساعد الاصدقاء على تشجيع بعضهم باداء الفرائض المطلوبة منهم خلال اليوم .
..»سحر» طفلة عمرها 13 سنة ، لفتت الى انها:» في كل رمضان يتم الاتفاق بينها وبين صديقاتها من ستختم القران و يتسابقن كم مرة سيختمنه, ومن تختمه اكثر يتم تقديم هدية لها من الأخريات, اما دينا 10 سنوات فتقول انا واخوتي كل يوم في رمضان نقرأ سوراً صغيرة من القران ونسبح لله عز وجل» .
وبعض الأطفال؛ يقومون قبل مجيء رمضان، بشراء ملابس العيد ، فقد اعتادوا على هذا الامر بسبب صعوبة الشراء في رمضان تحسبا من ازمات التسوق وغلاء الاسعار وضيق الوقت بعد الافطار، واكدوا:» نعمل مع ذوينا على القيام بالاعمال استعدادا لرمضان والعيد معاً».

تكوين ذاكرة إيجابية لدى الصغار
بمثل هذا الدعاء ، ردد الاطفال لهفتهم نحو رمضان القادم : ..أسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين ،أن يُبلغنا شهر رمضان ويُبارك لنا فيه ، وأن يرزقنا صيامه وقيامه على أفضل وجه ،وأن يُبلغنا ليلة القدر ولا يحرمنا ثوابها ،وأن يُفرّحنا يوم العيد بفطرنا وعتقنا من النار.
..وبذلك ؛ اتفق الصغار على ان محبة الصيام وايامه المباركة ،امر تعززه الاسرة في البيت والمجتمع ،وفي تكوين ذاكرة إيجابية لدى الصغار حول هذا الشهر الكريم، فتعامل الأب والأم مع الطفل أثناء الصيام بشيء من الغلظة والعصبية مع التحجج بالصيام هو ذاكرة سلبية لرمضان تخزن لدى الطفل، وتؤثر في اتجاهاته وسلوكه نحو هذا الشهر ، لذا يجب على الوالدين تكوين ذاكرة سعيدة ومبهجة لصغارهم نحو هذا الشهر الفضيل.