عمان – سميرة الدسوقي - كشف تقرير اعده ديوان المظالم اخيرا عن « ضعف واضح» يعتري اتخاذ القرار الإداري (خاصة المتصل بالعقوبات) المتخذ بحق الموظف في المؤسسات الحكومية .
وبحسب التقرير فان هذا الضعف يكمن في ضعف لجان التحقيق وعدم استناد تشكيلها إلى أسس واضحة وعدم سير عملها ضمن إطار معروف ، اذ تشكيلها غالبا ما يكون متسرعا للنظر في المخالفات التي يرتكبها الموظف وعادة ما تستقريء اللجنة الرأي المسبق للمسؤول الأول وتسير باتجاه تحقيقه.
واكد التقرير ضرورة إعادة النظر في ما يسمى بالسلطة التقديرية لإيجاد بدائل أكثر عدلاً وإنصافاً وشفافية وذلك لما يتركه القرار الإداري الخاطئ أو الجائر من أثر في نفس الموظف يجعله أقل انتماءً وعطاءً وأكثر توجساً وقلقاً مما يضعف روح العطاء والإخلاص والتميز.
ووجه التقرير انتقادا لقرارات رؤساء الجامعات الحكومية والتي عادة ما تكون إجراءاتها في التحقيق غير سليمة إما شكلاً أو مضموناً مشيرا الى ان بعض رؤساء الجامعات يستند الى سلطته التقديرية فقط .
وكشف التقرير عن ضعف ضمانات التحقيق والتي تتمثل في عدم تدوين أعمال لجنة التحقيق في محاضر رسمية، وهذا الإجراء من الضمانات الشكلية الواجب كفالتها للموظف المحال إلى لجنة التحقيق.
وإغفال الاستماع لإفادة الموظف المحقق معه، أو تقديم بيناته الدفاعية أو الاطلاع على أوراق التحقيق لتمكينه من نفي المخالفات المنسوبة إليه.
وعدم إعلام الموظّف خطيا بما هو منسوب إليه لتمكينه من تحديد موقفه والدفاع عن نفسه ،أي معرفة ماهية المخالفة المرتكبة ونوع التهم المسندة إليه.
والاستماع لإفادات الشهود دون قسم قانوني ، إضافة إلى عدم التوقيع على محاضر التحقيق،و إيقاع العقوبة من قبل لجان التحقيق وعدم ذكر أسباب إيقاع العقوبة من قبل المرجع المختص باتخاذ القرار.
واشار التقرير الى ضعف الثقاقة القانونية لدى المواطنين والعاملين في القطاعين العام و الخاص ، مما يفقدهم القدرة على المطالبة بحقوقهم وضمانات التحقق المقررة لهم. ودلل التقرير على ضعف القرار الاداري المتعلق بالعقوبات بامثلة منها شكوى من موظفة تعمل في إحدى الوزارات تعرضت لعدة إجراءات عقابية من قبل مسؤوليها استمرت فترة طويلة مما عرضها لسلسلة من التحقيقات التي افتقدت إلى الشروط القانونية والإدارية.
وبحسب التقرير بدأت المشكلة عندما وجّه مدير المشتكية عقوبة الحسم من الراتب لمدة خمسة أيام بسبب مخالفات وجّهتها لها لجنة تحقيق شفوية ،حيث اعترضت المشتكية على قرار المدير لدى الوزير والذي أمر بإعادة التحقيق من جديد للوصول إلى الحقيقة.
وتم تشكيل لجنة تحقيق جديدة نسّبت مجددا بعقوبة الحسم من الراتب دون إلغاء الإجراء الخاطيء الأول .
وبحسب رئيس الديوان عبدالاله الكردي فأن إجراءات التحقيق في العقوبات على المشتكية للديوان شابها العديد من العيوب والمخالفات لنظام الخدمة المدنية ومنها أنه تم إيقاع العقوبات بحق المشتكية بدون التحقيق معها والاستماع لأقوالها كما تم تشكيل لجنة تحقيق معها بعد صدور العقوبة وليس قبلها ولم يتم إعلامها خطيا بالمخالفات التي ارتكبتها،بالاضافة الى أن أعضاء لجنة التحقيق مع المشتكية كانوا أقل منها في الدرجة الوظيفية وهذا أمر مخالف لأحكام النظام ايضا .
واكد الكردي إن الخلل الذي شاب الإجراءات العقابية بحق المشتكية يكاد يتكرر في العديد من الإدارات العامة مما يوقع ظلما فادحا بحق الموظفين .
وقال ان الديوان عمل على معالجة الخلل بحق المشتكية وسجل نجاحا ملحوظا بفضل تجاوب الإدارات التي يتم مخاطبتها لتوصيات الديوان وتصويب الأخطاء المرتكبة.
واكد الكردي ضرورة وجود أحد المختصين القانونيين في لجان التأديب أو التحقيق، مع التقيد التام بأحكام نظام الخدمة المدنية بخصوص إجراءات التأديب الواردة فيه ومراعاة الضمانات القانونية في جميع أعمال التحقيق وإيلاءها العناية اللازمة.
وقال ان الديوان عند معالجته للشكاوى لا يكتفي برفع الظلم الواقع على المشتكي بل يتابع مع الإدارة المشكو منها لضمان مراجعة إجراءاتها وتحسين الخدمات المقدمة لمراجعيها أملا بالوصول إلى بيئة وظيفية آمنة تمكن الموظف من العطاء وبذل ما يمكن لتحقيق الأهداف المرسومة لوظيفته وهذا يعني تمتعه بحقوقه المكفولة بالقانون مما يخلق موظفا منتميا لوظيفته يقابل هذا الأمر معرفة الموظف بواجباته وأداء المهام المطلوبة منه بكفاءة عالية.
واضاف الكردي ان الديوان أنشيء ليكون مؤسسة رقابية على الإدارة العامة بشقيها المدني والعسكري وهو يمارس مهامه بموجب قانونه من خلال تلقي شكاوى الموظفين على إداراتهم وشكاوى متلقي الخدمة مهما كانت جنسياتهم على الإدارة.
ويقوم الديوان بحسب الكردي بمبادرات ذاتية ليتمكن من أداء دوره في ترسيخ أسس الحكم الرشيد القائمة على سيادة القانون والشفافية والنزاهة وخلق بيئة وظيفية آمنة تحفز الموظف على الإبداع والتميز والانتماء وتعزز الثقة ما بين المواطن والدولة, وتحسن من مكانة الأردن على المقياس العالمي للحكم الرشيد.
وقال ان الديوان يتواصل مع مؤسسات الإدارة العامة قناعة منه بأن سلطته لا ينبغي لها أن تكون سلطة فرض وإجبار بقدر ما ينبغي أن تكون سلطة توجيه ترتكز أساسا على عنصر الإقناع المدعم بالحجة وعمق التحليل واقتراح البدائل العملية المستندة إلى كفاءة مهنية عالية وحيادية وصلاحيات واسعة في التحقيق، وهذا بالتحديد ما يمنح الديوان القدرة على التأثير إيجابيا على قناعات الإدارة العامة في مناخات هي أقرب إلى التعاون منها إلى فرض الرأي والإكراه.