عمان - عبدالله الرعود - بالرغم من تأثيراته الكبيرة على القلب، والرئتين، والدماغ، والأعصاب، بات الغاز المستخدم في تعبئة « القداحات « احد الخيارات المطروحة أمام مدمني المخدرات.
عوامل عدة جعلت من غاز «القداحات» بديلا يفرض نفسه لإشباع غريزة شم قاتلة يمارسها شباب في عمر الزهور، أهمها رخص ثمنه، وسهولة الوصول إليه، إضافة إلى أنها مادة ذات مفعول سريع كونها تؤخذ عن طريق الاستنشاق.
مديرية الأمن العام أكدت لموقع (الرأي الالكتروني) عدم تعاملها مع هذه الممارسات، مشيرة إلى أنها حالات فردية، ومؤكدة في الوقت عينه أن المسؤول عن هذه القضية وزارة التنمية الاجتماعية، قسم مديرية الدفاع الاجتماعي.
ولم يحصل (الرأي الالكتروني) على تعليق حول القضية من وزارة التنمية بعد محاولات اتصال عدة مع ناطقها الإعلامي الذي لا يرد على هاتفه.
شم غاز «القداحات» مرض خطير منتشر بنسبة لا يستهان بها بحسب مختصين، أكدوا أن السواد الأعظم ممن يتعاطى هذه المادة السامة أحداث تتراوح أعمارهم بين 13- 14 سنة.
ولا تكمن الخطورة بحسب هؤلاء باستخدام نوع من «الغازات المتطايرة» لفك شهوة الإدمان، بل في القدرة الكبيرة لدى الشباب على تأمين بدائل القتل البطيء التي يستنشقونها، عندما تحول الظروف المادية دون الوصول إلى الأصناف الأولى من المخدرات والهروين وغيرها.
وفي الوقت الذي نفى فيه أصحاب محال تجارية علمهم باستخدام هذه المادة كبديل للمخدرات، أكد مدير مركز الكرامة للتأهيل النفسي الدكتور لؤي صقر أن نسبة كبيرة من الذين يتعاطون غاز «القداحات» من الأحداث الذين لم يبلغوا سن الرشد.
وأشار في حديثه لموقع (الرأي الالكتروني) إلى أن صغر سنهم، وعدم توفر كمية كافية من النقود، جعلت غاز «القداحات» وغيره من المواد السامة ملاذا لقتل براءتهم، مشددا في الوقت عينه على أنها ليست إلا مقدمة لدخول عالم الإدمان من أوسع أبوابه.
القضية شائكة، وثمة صعوبة في اضمحلالها والحد منها، تتمثل من وجهة نظر صقر في كونها متاحة بغزارة، ومن السهل جدا الوصول إليها في الأسواق بأثمان زهيدة.
وأكد صقر أن الجهات المعنية تتحمل مسؤولية الضعف الكبير والواضح في تطبيق التشريعات والقوانين التي تجرم وتعاقب على مثل هذه القضايا الخطيرة المتعلقة بمستقبل جيل، وحياة نفس إنسانية حرم الله قتلها.
ولفت إلى سياسة استغلال يمارسها كثير من أصحاب المحال التجارية، للحالة الصحية والعمرية للمدمنين، تمثلت في تغليب الجانب المادي على الإنساني، موضحا أن كثيرا من هؤلاء يعلمون سبب شراء الأحداث لمثل هذه المواد السامة، ومع ذلك يبيعونها بأضعاف مضاعفة.
أستاذ علم الاجتماع فيصل غرايبة أكد أن استنشاق غاز « القداحات» جزء من مشكلة كبرى وهي تعاطي المخدرات بجميع أنواعها.
وبحسب الغرايبة فان الصدود الكبير الذي يواجهه تعاطي المخدرات، إضافة إلى أنها تقع في إطار الممنوعات التي يعاقب عليها القانون، جعل الشباب يلجأون إلى استنشاق هذه السموم.
وأشار الغرايبة إلى أن انتشار مثل هذه الممارسات يؤدي إلى ترسيخ الإدمان وانتشاره بشكل خطير وواسع، لتصبح ظاهرة تنخر في جسم المجتمع وتهدد أمنه، داعيا إلى معالجة سريعة لهذه القضية، تبدأ من البيت والمدرسة، ثم وسائل الإعلام وكل الجهات المعنية بذلك.
لم تعد الكلفة العالية للمخدرات عقبة أمام مدمنيها بغض النظر عن أعمارهم، فإذا وصل غرام الهروين إلى 80 دينارا، فان العقول المدمنة قادرة على ابتكار طرق جديدة لفك أزمة الإدمان.
ويبقى استنشاق غاز «القداحات» حالة إدمان جديدة تضاف إلى لائحة حالات أخرى لا زالت منتشرة، وتنتظر العلاج والرقابة من قبل الاهل والاجهزة المختصة.