بكين - شينخوا - قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون يوم السبت في العاصمة الأفغانية كابول إن الولايات المتحدة منحت أفغانستان صفة «حليف أساسي غير عضو في الحلف الاطلسي (ناتو)». وبعد ذلك، توجهت إلى العاصمة اليابانية طوكيو لحضور المؤتمر الدولي من أجل أفغانستان.
وتظهر هذه التحركات ان الولايات المتحدة تسعى إلى تنفيذ استراتيجيتها في أفغانستان بعد عام 2014، التي تتمثل في الحفاظ على نفوذها في منطقة آسيا الوسطى بعد انسحاب قوات الناتو من البلاد.
وتشير صفة «حليف اساسي غير عضو في الناتو» إلى ثلاث نقاط أساسية: اولا: أن أفغانستان تتمتع بنفس مكانة الحلفاء التقليديين لواشنطن مثل إسرائيل واستراليا واليابان وجمهورية كوريا وفقا للترتيب الاستراتيجي الذي تحدده واشنطن، ثانيا: ان انسحاب قوات الناتو من أفغانستان في عام 2014 لن يعني تلاشي نفوذ الولايات المتحدة فيها، ثالثا: أن أفغانستان ستظل «حليفاً طويل الأجل» للولايات المتحدة.
ويمكن وصف موقف واشنطن الجديد تجاه العلاقات الأميركية - الأفغانية، من منظور الرؤية الاستراتيجية العالمية ومن منطلق مغزاها العميق وتأثيره الكبير، بأنه يأتي في إطار تنفيذ الولايات المتحدة لاستراتيجيتها في آسيا الوسطى.
ومن المعروف ان الميزة الجغرافية تحدد الوضع الاستراتيجي الخاص لأفغانستان. إذ انه بعد الحرب الباردة، أصبحت كيفية دخول منطقة آسيا الوسطى التي تعتبر منطقة نفوذ لروسيا هدفاً استراتيجياً بالغ الأهمية لواشنطن. وعلى إثر تحديد الهدف، نجحت الولايات المتحدة في عام 2001 في إدخال قواتها إلى منطقة آسيا الوسطى مع بدء حرب أفغانستان.
وبعد مرور 11 عاما، عمت الولايات المتحدة والدول الاعضاء للناتو أجواء مناهضة للحرب، ومن ثم، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما جدولاً زمنياً لانسحاب القوات بحلول عام 2014. ولكنه قام بعد ذلك على الفور بزيارة مفاجئة لأفغانستان ووقع اتفاق شراكة استراتيجية مع الحكومة الأفغانية يحدد من شأنه العلاقات بين البلدين ما بعد عام 2014.
وتعمل واشنطن حاليا جاهدة على تحقيق أهدافها الاستراتيجية ويمكن وصف سعيها إلى وضع أفغانستان في مجال نفوذها بمخطط «ضرب عصفورين بحجر واحد», ما يشكل حلقة من حلقات الاستراتيجية الأميركية الرامية إلى بسط النفوذ في المناطق المحيطة بالصين بالإضافة إلى روسيا.
ورغم أن منظمة شانغهاي للتعاون أعلنت مرارا انتهاجها مبدأ عدم الانحياز, إلا ان واشنطن مازالت تعتبرها «الناتو في الشرق», وتريد تفكيك «المنافس المحتمل» عن طريق استخدام القضية الأفغانية «كمسمار جحا» لتحقيق أهدافها في آسيا الوسطى.
وبالنسبة لاستراتيجية «مسمار جحا» في آسيا الوسطى, عملت واشنطن على «محورين» لتحقيق أهدافها: أولا, الحصول على دعم عسكري من جانب حلفائها في الناتو, ثانيا: الحصول على دعم مالي من الدول المعنية في أرجاء العالم.
وخلال فترة استمرت 11 عاما, عقد الناتو اجتماعات متنوعة بدءا من قمم واجتماعات على مستوى الوزراء وحتى اجتماعات على مستوى الخبراء، وقد ركزت جميعا على قضية أفغانستان بهدف حث أعضاء الناتو غير الراغبين في البقاء بأفغانستان على المشاركة بكل الوسائل وعلى كل الاصعدة في البلاد لخدمة مصالح الولايات المتحدة.
وقد عقد زعماء الناتو في أيار الماضي بمدينة شيكاغو الأميركية قمة بشأن أفغانستان لبحث الرؤية المشتركة للحلف المتعلقة بالانسحاب التدريجي لمعظم قوات الحلف من أفغانستان، ومناقشة جهود حكومة أفغانستان لتحمل مسؤولية الملف الأمني في البلاد، وترتيب الاجراءات في أفغانستان فيما بعد عام 2014.
وعلاوة على ذلك، دعت الولايات المتحدة إلى عقد مؤتمرات دولية لإعادة إعمار أفغانستان بغية الحصول على مساعدات اقتصادية حيث أنها قد باتت مثقلة بالديون نتيجة خوضها حروبا على عدة جبهات على مدار سنوات.
وفي عام 2002, عقد المؤتمر الدولي الأول لإعادة إعمار أفغانستان في طوكيو حيث اسهمت الدول المشاركة ومن بينها اليابان بخمسة مليارات دولار أميركي. بيد أن المؤتمرات الدولية التالية لم تكن مثمرة، إذ انها لم تحقق النتائج المرجوة. مع اقتراب عام 2014, ركز مؤتمر إعادة اعمار أفغانستان الذى عقد في طوكيو, على التشاور لتقييم خطة المجتمع الدولي لمساعدة البلاد فيما بعد عام 2014 وحتى عام 2024, وتقديم تبرعات قيمتها 16 مليار دولار أميركي لإعادة إعمار البلاد.
علاوة على ذلك، تتمسك أميركا بسياسة «فرق تسد»، وتستغل النزاعات بين بلدان آسيا الوسطى لتتحالف مع البعض في مواجهة البعض الآخر.
وفي ضوء ذلك، حذرت مقالة بعنوان «ماذا ستواجهه آسيا الوسطي في المستقبل؟» نشرت على الموقع الإلكتروني للصندوق الثقافي الاستراتيجي الروسي من أن الولايات المتحدة تعتزم نقل بعض المعدات العسكرية من أفغانستان إلى بعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي المفكك، وقد اجرى الجيش الأميركي بالفعل مفاوضات فى هذا الصدد مع كل من طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان. وأشارت المقالة إلى ان مستقبل آسيا الوسطى سيبيت أكثر غموضا إثر هذه المحاولات الأميركية الجديدة.