طرابلس - رويترز - في فندق صغير بوسط طرابلس يتعلم نحو 50 مرشحا سياسيا يخوضون للمرة الأولى يوم غد السبت أول انتخابات تشهدها ليبيا منذ نحو نصف قرن كيف يوصلون رؤيتهم الإسلامية من خلال حزبهم الجديد.
ويقول اسماعيل الجريتلي وهو منسق حملات حزب الوطن «الناس هيسألوكم على رؤيتكم للمرأة في الحزب وعلاقتنا بعبد الحكيم بلحاج» في إشارة إلى مقاتل اسلامي خلال الانتفاضة الليبية خلع ملابس القتال وارتدى ملابس مدنية أنيقة.
وبعد الانتفاضة الشعبية في كل من تونس ومصر والإطاحة برئيسيهما أجريت انتخابات ديمقراطية حصل خلالها إسلاميون على أغلب مقاعد البرلمان في كلا البلدين.
وفي السابع من تموز ستحدد ليبيا ما إذا كان الإسلاميون سيواصلون صعودهم في دول الربيع العربي.
وبعد أن ظلت الأحزاب السياسية محظورة حتى قبل تولي الزعيم السابق معمر القذافي السلطة عام 1969 لا يتمتع الليبيون بتجربة تذكر في الممارسة الديمقراطية.
وقالت ماري فيتزجيرالد وهي صحفية تجري تحقيقات عن الإسلاميين في ليبيا وتعتزم تأليف كتاب «ليس هناك لغة سياسية في ليبيا. ليس هناك لغة للديمقراطية أو أي مستوى من مستوى الخبرة بالسياسة».
وأضافت «حين يخوض شعب كهذا تجربة الانتخابات لاول مرة يستخدم المرشحون لغة تلقى صدى لدى الناخبين. وفي هذه الحالة هي لغة الدين والتقاليد والثقافة».
وتهيمن بالفعل القيم المحافظة على الكثير من جوانب الحياة في ليبيا بما في ذلك السياسة. حتى خلال عهد القذافي كانت الخمور محظورة رغم أن الإسلاميين وغيرهم من المعارضين كانوا داخل السجون.
وفي حين أن الكثير من الليبيين سيختارون مرشحيهم على أساس الروابط القبلية والشخصية التي ما زالت أساس التجارة والتعاملات السياسية فإن الخطاب الإسلامي تصدر الساحة مع اقتراب أول انتخابات خلال نصف قرن تقريبا.
وعلى عكس ما حدث في تونس ومصر حيث كانت حركة النهضة وجماعة الاخوان المسلمين الأوفر حظا فإن الانتخابات الليبية ستسفر عن برلمان مؤلف من 200 مقعد يضم مجموعة غير مترابطة من الساسة يمثلون مصالح محلية مختلفة.
لكن من المرجح أن يكون الكثير من هؤلاء الساسة إما محافظين اجتماعيا او إسلاميين من التوجهات المختلفة.
وقد تعين على كل المجموعات حتى الليبرالي منها اللجوء إلى خطاب إسلامي في محاولة لكسب رضا الناخبين الذين يحبون هويتهم الإسلامية لكنهم يجدون صعوبة في فك شفرات السياسة الحزبية والديمقراطية. فقد أصبحت العلمانية كلمة غير مرغوب فيها.
ومن المتوقع فوز ثلاث مجموعات بارزة بعدد كبير من المقاعد في الجمعية الوطنية التي ستساعد على صياغة دستور جديد لليبيا الجديدة.
والجماعة الأكثر تنظيما هي حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين بقيادة السجين السياسي السابق محمد صوان.
ومن الأحزاب الجديدة لكن لها ظهور قوي حزب الوطن الذي يتزعمه بلحاج.
كما أن تحالف القوى الوطنية برئاسة محمود جبريل له شعبية خاصة بين الليبيين الأكثر علمانية والتجار الذين اعجبوا بأدائه عندما كان رئيسا للوزراء في المجلس الوطني الانتقالي وبسبب سياساته الاقتصادية.
ويصعب تحديد كيف سيكون أداء هذه الأحزاب أو من ستكون له الأغلبية في الجمعية الوطنية. لكنهم جميعا يعتمدون على العلاقات الشخصية والسمعة لا على الأفكار للفوز بمقاعد.
وعدم دراية الليبيين بالسياسة الحزبية تجعل الأحزاب الكبرى تأخذ حذرها وتطرح مرشحين مستقلين معروفين يحظون بالاحترام في مجتمعاتهم حتى يتقربوا من الناخبين.
وفي الفوضى التي أعقبت الإطاحة بالقذافي تتزايد مخاوف من أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي يمكن أن يجد له موطئ قدم خاصة في شرق ليبيا المحافظ.
لكن مع عدم وجود أي استطلاعات للرأي سينتظر العالم حتى السابع من تموز ليرى ما الذي يشغل الليبيين حقا عند صناديق الاقتراع.
وقالت فيتزجيرالد «معرفة كيف سيتعاون الإسلاميون الذين يشار إليهم هنا بالتيار الإسلامي ككتلة بمجرد انتخابهم مسألة شيقة».
وأضافت «دور المستقلين سيكون حيويا... جذور الخريطة السياسة الجديدة لليبيا ضاربة في المحلية ومن المرجح أن يدعم الناخبون الأشخاص الذين يعرفونهم ويعتبرونهم محترمين وشرفاء وليس بناء على أفكارهم».