عمان - نضال الوقفي - في ظل الأعباء المالية التي يعانيها المواطن نتيجة للأزمة الإقتصادية الوطنية تأتي ظاهرة الدروس الخصوصية لتلقي بظلالها على المواطن فتفاقم من حجم تآكل الدخل الأسري فضلا عن اعتبارها جزءا من اقتصاد الظل الذي لا يرتد نتيجة عنه إيراد للموازنة يساهم في التخفيف من حجم عجزها.
و باتت هذه الظاهرة تتسع في حضورها حتى أصبحت أمرا طبيعي الوجود لدى العديد من الأسر الأردنية لأسباب منها ما هو متعلق بهاجس هذه الأسر في حصول أبنائهم على مقعد جامعي نظرا لعدم توفر المقدرة المالية لها في تدريس أبنائها وفقا لنظام التدريس الموازي أو الجامعات الخاصة و منها ما يرجع إلى أسباب تعود لذات الطالب تدفع بالأهل إلى الإستعانة بالدروس الخصوصية كما في حالة معاناة الإبن لأحدى مشكلات صعوبات التعلم إضافة إلى القناعة لدى بعض الأسر بعدم قدرة بعض المعلمين عن تقديم الشرح اللازم لأبنائهم فضلا عن التنوع في الأساليب الدراسية بين الوطني و الأجنبي .
هذا ما قاله خبراء و أرباب أسر عن الأثر الإقتصادي للدروس الخصوصية و أسباب وجودها في المجتمع الأردني .
حيث قال الخبير الإقتصادي حسام عايش « إن هاجس العديد من الأسر في حصول أبنائهم على مقعد جامعي نظرا لعدم تمكن هذه الأسر من تدريس أبنائها وفقا لنظام التدريس الموازي أو في الجامعات الخاصة يدفعها لاعتبار الدروس الخصوصية مكونا أساسيا في العملية التعليمية لأبنائها «
و أضاف عايش « و مما لا شك فيه أن هذه الدروس تشكل عبئا إضافيا على دخل الأسرة الأردنية رغم تفاوت أسعارها و مشيرا إلى أنها في ذات الوقت تعد جزءا من اقتصاد الظل الذي لا يقدم إيرادا ماليا للحكومة «
و أما الخبير الإقتصادي د.عمر محمود الوقفي فقال» للدروس الخصوصية ارتدادات سلبية على دخل الأسر فهي تساهم في تآكل دخلها نتيجة عاملين الأول تخصيص قسم من دخلها للدروس الخصوصية و هذا يعني المزيد من ضعف القدرة الشرائية للأسرة الأردنية فيما العامل الثاني يتمثل بارتفاع أسعار الدروس الخصوصية و تابع قائلا صحيح أن هنالك تفاوتا في الأسعار بين مدرس و آخر ممن يعطون الدروس الخصوصية و لكنها بشكل عام تسير نحو الإرتفاع نتيجة ارتفاع كلف المعيشة «
من جانبه قال الخبير التربوي خالد فايز « إن لأهمية المعدل العام الذي يتمكن الطالب من تحصيله في نهاية دراسته المدرسية دور هام في تفعيل قيمة الدروس الخصوصية لدى الطالب و الأسرة معا و ذلك لسببين الأول في أن المعدل العام يحدد المصير الدراسي للطالب و الثاني يتمثل في أن امتحانات الثانوية العامة ذات أنماط سؤالية متقاربة الأمر الذي يجعل من المدرس الذي يتمتع بخبرة تعليمية طويلة قادر على تخمين الأسئلة وهذا بدوره يساهم بالتشارك مع السبب الأول في تعزيز أهمية الدروس الخصوصية لدى الطالب و الأهل معا «
و أكمل قائلا « ليس بالضرورة أن يكون لدى الطالب إحدى مشكلات صعوبات التعلم أن يعني ذلك حاجته للدروس الخصوصية ذلك أن العديد من المدارس مزودة بغرف مصادر لهذه الغاية و توفر معلمين متخصصين أيضا ولكن يحدث أحيانا أن يكون الطالب لديه أحدى مشكلات صعوبات التعلم بمستوى بسيط و في مدرسة لا تحتوي على غرفة مصادر فهنا يكون بحاجة إلى الدروس الخصوصية في بعض المواد الدراسية «
و قال رب أسرة « قمت العام الماضي بنقل إبني إلى مدرسة خاصة و نظرا للصعوبة التي يواجهها في المنهاج الإنجليزي أصبحت ملزما إلى الإستعانة بمدرس خصوصي له مما زاد في الحمل المالي المطلوب مني تجاه أسرتي «
فيما قال رب أسرة «إبني أكمل الصف السادس الآن و هو يعاني من إحدى مشكلات صعوبات التعلم و هي ليست بالمستوى الشديد و لكنها تضطرني إلى الإستعانة بالمدرسين الخصوصيين له في مختلف المواد الدراسية الأمر الذي زاد من مشاكلي المالية خاصة و أنني أسكن في مسكن بالإيجار و أدفع قسط سيارة إضافة إلى مصاريفي الخاصة و زوجتي و إبني الآخر الذي أنهى الصف الثالث «
بينما قال والد لفتاة « إبنتي متفوقة في دراستها و هي تدرس وفقا لنظام أجنبي يسمح بتدريسه في الأردن لهذا قمت بالإستعانة بمدرسين يعملون على تقويتها في بعض المواد حتى قبل أن تبدأ بدراستها وفق هذا النظام و بالرغم من أن هذه تعد كلفا مالية كبيرة إلا ان تفوقها يدفعني إلى تحمل هذه الأعباء «
و قال أحد المدرسين « أنا شخصيا لست مع فكرة الدروس الخصوصية إذ ليس بالضرورة أن تكون مخرجاتها دائمة إيجابية»
فيما قال مدرس آخر « لا أمانع فكرة منح الطلبة دروسا خصوصية إلا أنني آخذ بعين الإعتبار أن هذه الدروس إحدى الوسائل الإضافية في إيصال رسالة التعليم و بالتالي فإنني أحرص على عدم المغالاة في قيمة الحصة الخصوصية أيا كان وقتها و أحيانا أقدمها مجانا لبعض الطلبة «
و يشار إلى أن ظاهرة الدروس الخصوصية أخذت تزداد انتشارا في المملكة ليس على صعيد المدن فحسب بل و في مختلف مناطق الريف الأردني منذرة بتفاقم تآكل الدخل الأسري خاصة و أن متوسط تعداد الأسرة الأردنية هو خمسة أشخاص .