وجه الأمير علي بن الحسين نائب رئيس الإتحاد الدولي ورئيس الإتحاد الأردني لكرة القدم رسالة مفتوحة إلى جمهور وعشاق الكرة الاردنية
وتاليا نصها :


اسمحوا لي أن أكتب لكم اليوم، بكل انفتاح وصدق، وأن أشارككم آرائي ومشاعري حول مباراتنا أمام اليابان التي أقيمت في الثامن من (يونيو).


لقد قرأت تعليقاتكم واستمعت باهتمام لردود أفعالكم، بما فيها تلك التي عبرتم عنها من خلال وسائل الإعلام، من الطبيعي أن نتأثر نحن كأردنيين من نتيجة المباراة، فهذا يعكس اهتمامنا بالمنتخب الوطني.. النشامى هم فخر الأردن، ويمنحونا البهجة مثلما حدث العام الماضي.


ولهذا السبب، وبصفتي رئيسا للإتحاد الأردني لكرة القدم، أتقبل النقد، بل ِأشجعه دائما طالما كان بناء، لكن يؤسفني أن تكون بعض هذه الانتقادات التي قرأتها وسمعتها في الآونة الأخيرة سلبية وغير موضوعية، لذلك أكتب لكم اليوم، من دافع مسؤوليتي وواجبي تجاه إخواني النشامى، لأوضح لكم الواقع الكروي الموجود في الأردن.


أولا: دعوني أوضح لكم أن أي منتخب وطني لا يتم بناؤه في ليلة وضحاها، يحتاج الأمر للوقت والجهد والموارد لبناء الفرق والمنتخبات.. نحن في الأردن، استثمرنا في السنوات ال12 الأخيرة بشكل خاص في عملية تهيئة الفئات العمرية من خلال تأسيس مراكز للواعدين في مختلف أنحاء المملكة، ورغم امكانياتنا الشحيحة، مضينا في عملية بناء لعبة كرة القدم بدءا من القواعد الأساسية.


لقد واجهت بعض النقد في تلك الفترة، والبعض ادعى أن هذه المراكز مضيعة للوقت والمال، واليوم أود أن أذكركم جميعا بأن عددا من لاعبينا الشبان المرموقين في المنتخب الأول ومنتخبات الفئات العمرية تخرجوا من هذه المراكز الكروية، أود أيضا أن أضيف حقيقة أن تأهل منتخبات الفئات العمرية الشابة إلى البطولات الآسيوية بات أمرا طبيعيا ومتوقعا، عكس ما كان الأمر عليه في السنوات الماضية، عندما كان يعد مثل هذا الحدث إنجازا نادرا.


ثانيا: بعد قيامي بجولة شملت أكثر من 30 ناديا محليا العام الماضي، قدمت خطة أساسية شاملة للحكومة لكي يتم تنفيذها بهدف خدمة الأندية التي بدورها تمثل فئات المجتمع، الخطة ركزت على الاحتياجات الأساسية: البنية التحتية (ملاعب كرة القدم - وهي مسؤولية الحكومة من خلال المجلس الأعلى للشباب)، وتأمين المواصلات وسهولة التنقل للأندية في كافة أنحاء المملكة، ابتداء من الأندية الأشد حاجة لهذا الأمر، من واجب الحكومة تجاه شبابنا الحفاظ على أمنهم بعيدا عن الشوارع، وصحتهم أيضا وإخراطهم في المجتمع في سن صغيرة، لكن يحزنني أنه لغاية هذا اليوم، وخلال حكومات متعاقبة، لم يحدث شيئا حيال هذا الموضوع، من المهم أن نوضح أن هذه الخطة لا تتضمن إنفاق مبالغ هائلة من المال من شأنها أن تتعارض مع أولويات أخرى وضعتها الحكومة، نتحدث هنا عن 20 إلى 30 ملعبا لا تشكل حملا على مصادرنا المائية لأنها اصطناعية، وبما يخص موضوع المواصلات، لقد حددنا 15 ناديا في حاجة ماسة لحافلات نقل، وهو ما يساوي نصف عدد الحافلات التي تملكها مدرسة خاصة واحدة في عمان.


ثالثا: يمكن للقطاع الخاص في الأردن أن يلعب دورا أكثر فاعلية عن طريق المسؤولية الاجتماعية للشركات، وفي الوقت الذي تلقينا فيه دعم عدد من الشركات مثل مجموعة المناصير، نود أن نرى دعما أكبر من القطاع الخاص. إحدى المشاكل التي تواجهنا مع القطاع الخاص هو تركيز معظمها على فرق متقدمة في المستوى، سواء كانت فرق الدوري أو المنتخبات الوطنية، كما أن الدعم يتحدد فقط من خلال ما نحققه من انتصارات. مشكلة هذه العقلية أنه في حال خسر المنتخب الوطني مباراة، فإنه لا يتلقى دعما، أو عندما نتلقى وعودا بالدعم فإنها تختفي عادة في مرحلة يحتاج فيه النشامى للدعم أكثر من أي وقت مضى!.. علاوة على ذلك، سأكون حريصا جدا على تسهيل مهمة القطاع الخاص في توسيع رقعة دعم الأندية ليصل إلى كافة أنحاء المملكة، والتفكير في تبني ناد معين وبناء فريقه ودعمه حتى يصل إلى القمة، بدلا من التركيز المتواصل على الفرق التي وصلت القمة فعلا، فعلى سبيل المثال، في الزرقاء، التي توجد فيها أكثر من 50 % من مصانع الأردن التي تساهم في التلوث البيئي، يتوجب على القطاع الخاص هناك أن يخدم مجتمعه من خلال الاستثمار في تطوير الشباب بالمدينة. المشكلة التي يواجهها عدد كبير من أندية الزرقاء، أن المقار الرئيسية للعديد من الشركات والمصانع موجودة في عمان، وينتهي بها المطاف في دعم الأندية الموجودة فقط في العاصمة في وقت تعاني فيه أندية الزرقاء لتوفير الدعم، وهناك أمثلة عديدة أخرى موجودة في كافة أنحاء المملكة.


رابعا: على الرغم من مواردنا المحدودة وامكانياتنا المتوسطة المتعلقة في كرة القدم، استضفنا عددا كبيرا من المباريات الخاصة بدول أخرى في المنطقة، وفعلنا ذلك - في معظم الحالات - على نفقتنا الخاصة وبدون تردد، لأن واجبنا كأردنيين أن نساعد من يحتاج للمساعدة، وبالتأكيد يمكننا استضافة عدد أكبر من المباريات والمعسكرات الإعدادية، وذلك يشكل مساهمة إيجابية لقطاع السياحة، فإذا استثمرنا في إعادة تشييد ملاعبنا في كل أنحاء المملكة - على سبيل المثال في العقبة التي يمكنها أن تكون مكانا مناسبا لإقامة المعسكرات التدريبية الشتوية لفرق من شتى أنحاء العالم - فإننا نخدم بذلك توجه المملكة لتحويل العقبة إلى موقع سياحي بارز.


اخترت بعض المسائل لمشاركتكم إياها، وإعطائكم فكرة عن البيئة التي تعمل فيها أسرة الكرة الأردنية. يمكنني مواصلة الحديث، لكني سأتوقف، وبدلا من ذلك، أحثكم جميعا على التفكير في التحديات التي يفرضها علينا واقعنا، وتكريم الإنجازات التي تحققت من خلال منتخباتنا الوطنية، على صعيد الذكور والإناث.


للتذكير فقط، كنا البلد العربي الوحيد الذي تأهل إلى نهائيات كأس العالم للشباب في كندا عام 2007، وقدم النشامى مستوى جيدا في نهائيات كأس آسيا 2011 ووصل إلى الدور ربع النهائي، والآن نجد أنفسنا للمرة الأولى في تاريخنا الكروي، في الدور الحاسم من التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2014 التي ستقام في البرازيل، وأضف إلى ذلك أن النشامى والنشميات يواصلون الصعود للقمة في غرب آسيا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن حجم الدعم الذي تناله أسرة كرة القدم الأردنية يقل عن أي دولة أخرى في غرب آسيا، ونالت كرتنا إعجاب المهتمين باللغبة في القارة الآسيوية.


كما أنني فخور لوجود اثنين من أفضل المدربين في الوطن العربي يخدمان كرة القدم الأردنية، الكابتن محمود الجوهري والكابتن عدنان حمد، علما بأنهما يستطيعان الحصول على عقود أكثر إغراء في مناطق عربية أخرى، واليوم، ونحن نستكمل رحلتنا في الدور الرابع والحاسم من تصفيات كأس العالم في مجموعة صعبة جدا، دعونا نتذكر أننا لعبنا اثنتين فقط من أصل ثمان مباريات، تعادلنا في واحدة، وخسرنا الثانية، حتى وأن كانت الخسارة قاسية، دعونا نتذكر أن ست مباريات أخرى تتبقى لنا، فقد عشنا ظروفا مماثلة من قبل، عندما يتعلق الأمر بمباراتنا أمام اليابان بطل آسيا وأحد أفضل منتخبات العالم.
نعم.. كانت خسارة كبيرة... يمكنني تقديم الكثير من الأعذار بدءا من الوقت القليل الذي حظي به المدرب لتشكيل الفريق بسبب ضعف التنسيق مع الأندية، الإصابات، التحكيم القاسي، وبرنامج مباريات مرهق وضعه الاتحاد الآسيوي.. الخ، لكن دعونا نضع هذه العوامل جانبا، وأن نفكر مليا، ونتطلع نحو الأمام، أنا شخصيا أفضل أن نمر بهذه المرحلة الآن، في هذا الجزء من التصفيات، بدلا من أي وقت آخر.


مهمتي تكمن في تقييم أخطائنا وتحضير النشامى والجهاز الفني لتخطي هذه الأخطاء والاستعداد لتحقيق الهدف الذي نتطلع إليه جميعا، وهو أن نرى النشامى يلعبون في نهائيات كأس العالم 2014 في البرازيل.


لا نستطيع أن نحقق هذا لوحدنا.. بامكان النشامى والجهاز الفني تحمل النقد، لكن دعونا نجعله نقدا بناء وهادفا... لقد أزعجتني بشدة التعليقات التي تعكس موقفا انهزاميا وافتقارا للعزيمة، صفتان لا تتواجدان في روح الأردن الذي أعرفه، بعض التعليقات ذهبت بعيدا لتشويه سمعة الأشخاص، وتضمنت معلومات عارية عن الصحة.


مثل هذه التصرفات والمحاولات من بعض الفئات ليس من شأنها إلا أن تؤثر سلبا على الروح المعنوية التي تعد أهم مفاتيح الانتصار. ما نحتاجه اليوم من جميع الأردنيين، الجمهور، الإعلام، القطاع الخاص، الحكومة، والأندية.. جميعنا، أن نقف معا وراء النشامى لأنهم يستحقون دعما غير محدود لاستكمال الرحلة، دعوني أذكركم أننا أقرب من أي وقت مضى للتأهل إلى كأس العالم، وهو الهدف الذي اعتبره كثيرون في الماضي مستحيلا.


إذا أوفينا بالتزاماتنا تجاه لاعبينا من خلال تشجيعهم ودعمهم بشكل غير مشروط، يمكننا أن نترك بقية الأمر للنشامى في الملعب، أنا واثق تماما أنهم سيقدمون أفضل ما لديهم، دعونا نكرم هذه الروح العالية. مع خاص التقدير.