عمان - عبدالله الرعود -أصبحت عملية تغيير المسؤولين في مؤسسات الدولة الخطوة الأولى التي تقدم عليها كل حكومة جديدة، وباتت القاعدة المعروفة في الأردن هي : تغيير هرم المؤسسات مع كل فريق وزاري جديد، فيأتي رؤساء ويذهب آخرون، والسياسات والنهج والبرامج تراوح مكانها.
لعبة الكراسي، بطلها الحكومات، وأدواتها رؤساء جدد، أتت بهم معايير الشخصنة، والقرابة، والصداقة، ومسرحها مؤسسات منهكة تعاني من تضخم كبير، وعجز وصل مراحل متقدمة من الخطورة، كما يرى سياسيون ومسؤولون سابقون.
وبعيدا عن الأسس العلمية السليمة للتعيين، وبقفز واضح على قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب، مارست حكومات تناوبت على الدوار الرابع، لعبة الكراسي بطريقة دمرت المؤسسات، وأغرقتها في عجز طال جميع قطاعاتها وعلى رأسها التنمية والتطور، من وجهة نظر وزير الإعلام الأسبق طاهر العدوان.
وبحسب العدوان فان الأسئلة التي تطرح بعد كل لعبة كراسي، لماذا ؟ كيف ؟ ما الجدوى ؟ ما السبب ؟ لا تجد إجابات شافية، لسبب بسيط، وهو : أنها لا تستند إلى أسس ومعايير علمية، وسط عقم واضح في الفهم الحكومي لقضية التداول التي يطالب بها الناس في الشارع، والتي تهدف إلى تداول البرامج والنهج والسياسات وليس الأشخاص.
وفي معرض انتقاده لعمليات التغيير الكثيرة التي تحدث في مؤسسات الدولة، قال العدوان لـ (الرأي الالكتروني) : حاجة الأردن - في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها - لا تكمن في عملية تغيير الأشخاص التي لم تحل مشاكل أية مؤسسة، بل في وضع نهج ثابت للحكم، والسياسات الناجحة في جميع المؤسسات، وفي المجالات كافة .
وتابع : المشكلة الكبيرة تكمن في اعتقاد كثير من الوزراء امتلاكهم الحقيقة المطلقة، وحملهم المفتاح السحري، بعيدا عن الاتفاق العام على أهداف عملية التغيير، التي ينتظرها المواطن، ويحتاجها الوطن.
ولكثرة التغيير غير المبرر نتائج كبيرة تنعكس سلبا على المؤسسات، من الناحيتين الإدارية، والاقتصادية، كما يؤكد الوزير السابق الدكتور بسام العموش.
العموش قال لموقع ( الرأي الالكتروني) : النتائج الإدارية السلبية من التغيير تتمثل في هدم كل ما بناه الرئيس السابق، ليبدأ الجديد بالبناء، ويرحل قبل أن يكمل، وهكذا يفعل من بعده، لتبقى المؤسسات تراوح مكانها دون أدنى تقدم.
وأشار العموش إلى تأثر المؤسسات اقتصاديا جراء عمليات التغيير المستمر، قائلا : عندما يؤتى بموظف راتبه عادي، ويعين رئيسا لإحدى المؤسسات براتب مرتفع، ومن ثم تقاعد مرتفع، فان ذلك يشكل عبئا كبيرا يثقل كاهل المؤسسة ويستنزف مواردها.
ولتغيير رؤساء المؤسسات ثلاثة أسباب بحسب العموش، الأول : العلاقة الجيدة مع الحكومة، والثاني : وصول الرئيس إلى سن التقاعد، والثالث : عدم كفاءته وقيامه بدوره الوظيفي على أكمل وجه.
وبدا الاتفاق واضحا بين السياسيين والمواطنين حول لعبة الكراسي، فلا يرى الشارع في هذه العملية إلا التنفيع النابع من العلاقات الشخصية، والقرابة، والواسطة، والمحسوبية، التي تعاني منها كل مؤسسات البلد.
الأربعيني عبدالله سلمان (موظف في إحدى مؤسسات الدولة) انتقد ما وصفه الإسهال في عملية التغيير المستمرة في مسؤولي مؤسسات البلد، مشيرا إلى انعدام النتائج الايجابية التي من المفترض أن ترافق عملية التغيير، والى سيطرة الأداء البائس والتمثيل الجنائزي لنسبة كبيرة من الأشخاص الذي طالهم التغيير.
وبحسب الموظفة رغد مسلم فان ثقة المواطن انعدمت في قرارات التغيير التي تنتهجها كل حكومة جديدة، منتقدة سياسة التنفيع الشخصي التي غلبت على الصالح العام، واتت بأشخاص لم يتركوا بصمة واحدة يقتنع بها المواطن.
وتساءلت مسلم، كيف يمكن أن تتطور مؤسسات الدولة في ظل التخبط الواضح في القرارات، التي لا تمنح المسؤول الفرصة الكافية للعمل، واثبات وجوده على راس المؤسسة التي عين فيها.
«اسمع جعجعة ولا أرى طحنا» مقولة تنطبق إلى حد كبير على «لعبة الكراسي» المستمرة، يرافقها معاناة كبيرة لمؤسسات سئمت قرارات التخبط، وتبقى الأسئلة ذاتها تطوف في أروقة صنع القرار وتعود دون إجابات شافية.