دبي – رمضان بلعمري
يعيش الحزب الحاكم في الجزائر، جبهة التحرير الوطني، واحدة من أعمق أزماته السياسية رغم فوزه بأغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات الأخيرة.

وبرأي مراقبين، فجوهر الخلاف بين الأمين العام للحزب، عبد العزيز بلخادم وخصومه في الحزب، مرتبط باحتدام الصراع لخلافة الرئيس بوتفليقة في انتخابات 2014.

وتحسبا لهذا الموعد، اتهم خصوم الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم، بالسعي لخلافة بوتفليقة، بعدما أبدى عدم تحمسه للترشح لولاية أخرى.

وأعطى بوتفليقة في خطابه بولاية سطيف، قبيل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، انطباعا بأنه سيتنحى من الحكم بانتهاء عهدته الرئاسية الحالية.

ومعروف في الجزائر أن رئيس البلاد ما زال يُفضل اختياره من جبهة التحرير الوطني، وفي انتخابات الرئاسة لعام 2004، ترشح كل من الرئيس بوتفليقة ورئيس حكومته آنذاك علي بن فليس لهذا المنصب، وهما معا ينتميان لحزب جبهة التحرير الوطني.

وبينما فاز الرئيس بوتفليقة بالمنصب لثلاث فترات متوالية منذ 1999، ما زال أنصار خصمه علي بن فليس يسعون إلى العودة مجددا، وهذا ما يفسر إلى حد بعيد حالة الصراع الحاصلة في الحزب الآن.
تجميد عضوية 16 قياديا

عبد العزيز بلخادم
وفي آخر فصول هذا الصراع داخل الحزب الحاكم، أبعد الأمين العام لجبهة التحرير عبد العزيز بلخادم 16 عضوا من اللجنة المركزية ومنعهم من المشاركة في اجتماع مهم، كما أمر بتجميد العضوية، بسبب رفضهم المثول بين يدي لجنة الانضباط، نتيجة ترشح هؤلاء الأعضاء في أحزاب سياسية منافسة لجبهة التحرير، خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وقد جرى استهداف ثلاثة وزراء على الأقل، هم وزير التكوين المهني الهادي خالدي، ووزير السياحة السابق محمد الصغير قارة، ووزير الاتصال السابق بوجمعة هيشور.

وهؤلاء يعلنون صراحة دعمهم للرئيس بوتفليقة لكنهم يعارضون ممثله الشخصي عبد العزيز بلخادم، وبجنب هؤلاء هناك أنصار أوفياء لبن فليس، خصم بوتفليقة.

ويقلص قرار تجميد عضوية هؤلاء من عدد خصوم بلخادم، ويحرمهم من الاستفادة من 16 صوتا قد تكون حاسمة لإنجاح لائحة سحب الثقة من الأمين العام للحزب.

ومن جهته، استبعد عضو المكتب السياسي والمكلف بالاتصال بجبهة التحرير الوطني، قاسة عيسى، أن يكون القرار انتقاميا، وقال في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، إن "16 عضوا من اللجنة المركزية لن يشاركوا في أشغال الدورة العادية، بعد تجميد عضويتهم".

وقال قاسة ''إن قرار التجميد يشمل أيضا الأعضاء الذين التحقوا بتشكيلات سياسية أخرى، أو الذين ترشحوا في الانتخابات التشريعية ضمن قوائم مستقلة وقوائم أحزاب سياسية أخرى''.
طلب دعم واشنطن

وزير الاتصال بوجمعة هيشور
أما خصوم عبد العزيز بلخادم، فيقولون إنهم ماضون في حملة تنحيته من منصب الأمين العام للحزب، ويتهمونه بالدكتاتورية.

ويوجد في واجهة المشهد من هؤلاء الخصوم، وزير الاتصال السابق بوجمعة هيشور، الذي اتهم بلخادم بطلب دعم واشنطن في سعيه لمنصب رئاسة الجزائر عام 2014.

واتصلت "العربية.نت" بالوزير هيشور، الثلاثاء، لمعرفة تفاصيل أكثر في الموضوع، فكشف أن "زيارة بلخادم لواشنطن كانت سرية وقبل أربعة أشهر من تنظيم الانتخابات، فلا الحزب ولا الحكومة كلفاه بهذه الزيارة".

وأضاف هيشور بقوله "كسياسيين، نحن نستشف من هذه الزيارة أنها بغرض الحصول على دعم من واشنطن، بحكم أنه التقى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون".

وأكد هيشور لـ"العربية.نت" أن "قضية الترشيح للرئاسيات قضية مؤسسات وفيما يخص جبهة التحرير فعندما يحين الموعد سيعقد مؤتمر استثنائي لاختيار ممثل الجبهة"، مضيفا بقوله "لا شك أنني لست ضد طموح بلخادم للترشح حرا، ولكن لن نقبل أن يكون مرشح جبهة التحرير".

ونفى المتحدث أن يكون لعبد العزيز بلخادم أي دور في نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي فاز بأغلبيتها جبهة التحرير، وقال في هذا الإطار "هذه النتائج جاءت بفضل التزام بوتفليقة".

واتهم هيشور الممثل الشخصي للرئيس بوتفليقة بـ"الديكتاتورية"، قائلا "ما قام به السيد بلخادم يؤكد أنه مازال يعيش في عصر انتهى ونحن نعيش في عصر الديمقراطية، ثم كيف يكون قائد حزب ورئيس بلاد وهو يغلق الأبواب في وجه مناضليه".
سلفية بلخادم
وبجنب هؤلاء الوزراء، انتفض وزير الشباب والرياضة الأسبق وسفير الجزائر بدمشق سابقا، كمال بوشامة، ضد بلخادم، ووصفه بـ"السلفي".

وقال بوشامة، وهو عضو بجبهة التحرير الوطني أيضا، بمحاضرة ألقاها أمام جمع من أنصار الحزب الحاكم بمدينة البرواقية (150 كيلومترا غرب العاصمة)، إن بلخادم ينتمي إلى التيار السلفي، مستدلاً على ذلك بأنه (بلخادم) "لم يحرك ساكنا لما أبلغه أن قصر الأمير عبد القادر في سوريا قد تم بيعه بأبخس الأثمان للمفوضية الأوروبية".

وأرجع بوشامة، عدم تدخل بلخادم إلى كون ''الأمير (عبد القادر) لم يكن سلفيا، بل كان يتبع الطريقة الصوفية القادرية".