اربد – محمد قديسات - وجد اهالي المخيبة بشقيها (الفوقا والتحتة) انفسهم محرومين من اهم مصادر دخلهم المتاتي من عوائد السياحة بعد هدم الحمتة التي كانت مقصدا للمتنزهين والمصطافين من داخل الاردن وخارجه.
وشكل تفرد وتميز مياه حمة المخيبة المعدنية بما تحويه من عناصر ومعادن مهمة ومساعدة في الاستشفاء من عديد الامراض كامراض العظام والروماتيزم والجلد وغيرها، قبلة للسياحة العلاجية كما ان مناخها المعتدل شتاء جعلها نقطة جذب سياحي على مدار العام يؤمها الالاف من المصطافين والمتنزهين والسياح.
ويعد هذا الاقبال السياحي المتنوع مصدرا حيويا للدخل ورافدا اساسيا لاقتصاديات السكان المحليين، باعتبارها الحرفة الاوسع بينهم ويعولون عليها كثيرا في ردم الهوة بين معدلات الفقر والبطالة التي تشهدها منطقتهم وتعد من اكثر البؤر سخونة على هذا الصعيد على مستوى المملكة.
لكن مياههم المنشودة تبخرت وتحولت حمتهم الى ركام من الاسمنت والحجارة والاتربة بفعل الجرافات والالات التي هدمتها بين عشية وضحاها بداعي اعادة تاهيلها وتطويرها واقامة منشاة سياحية متكاملة في المنطقة من قبل شركة زارا للاستثمار مالكة شركة الحمة الاردنية التي استثمرتها بعقد ضمان من وزارة السياحة من عام 1966 .
ولتنفيذ المشروع قامت الشركة بشراء منطقة المياه المعدنية في الحمة التي تمثل البركة الرئيسية وما حولها واراض من مواطنين ، بلغت مساحتها الكلية حوالي 46 دونما منها 16 دونما من سلطة وادي الاردن بثمن ستة الاف دينار للدونم الواحد وفق تصريحات صحفية للمدير التنفيذي للشركة لينا عناب، التي اشارت الى انه تم هدم البركة والمرافق الاخرى التابعة لها بعد اجراء كامل الدراسات الفنية المتصلة بذلك عام 2007 لاسيما وان تقارير صحية اثبتت وجود تلوث في مياه الحمة انذاك.
المشروع توقف عند هذا الحد بعدما برزت على السطح عقبات ومنعطفات تمثلت اولها بمطالبة بلدية خالد بين الوليد بقطعة ارض مساحتها اربع دونمات من قطعة الارض المقامة عليها الحمة كانت استملكتها باوقات سابقة لغايات انشاء وفتح شوارع في المنطقة .
واوضح رئيس البلدية السابق رافع العقلات ان البلدية عرضت على الشركة ثلاثة خيارات للتغلب على هذه المشكلة ، شراء الدونم الواحد منها بمبلغ 100 الف دينار او الدخول مع الشركة كشريك استراتيجي مقابل التخلي عنها للشركة او قيام الشركة ببناء حمة شعبية على قطعة ارض خارج نطاق المشروع مساحتها ثمانية دونمات كاستثمار للبلدية.
لكن الشركة رفضت هذه العروض خصوصا وانها ابتاعت حصة سلطة وادي الاردن بسعر ستة الاف دينار للدونم الواحد ورأت في عرض البلدية مغالاة كبيرة على حد وصف عناب.
وازاء هذا الواقع بين العقلات ان البلدية سجلت قضية لدى المحاكم المختصة لاثبات ملكيتها لهذه الارض خلافا لما تؤكده سلطة وادي الاردن ان ملكية كامل قطعة الارض تعود لها بانتظار قرار قضائي بهذ الخصوص
المنعطفات التي رافقت المشروع اشبه بمنحنياتها ما تكون شبيهة بالمنعطفات الحادة التي تتميز بها الطريق الى الحمة، بعدما وضعت امامها مديرية زراعة اربد اشارة توقف اجباري اخرى، عندما اعلنت ان 16 دونما من الاراضي التي وضعت الشركة يدها عليها واشترتها من سلطة وادي الاردن تعود ملكيتها لدائرة الحراج ولا يجوز البناء عليها تحت أي ذريعة حسب الكتاب الذي وجهته لادارة الشركة واكدته عناب مما زاد حدة التعرجات التي مر بها المشروع.
لكن عناب ترى ان الامل ما زال قائما في تجاوز هذه المنعطفات وانجاز مشروع سياحي ريادي متكامل تنعكس اثاره على اقتصاديات السكان وتوفير فرص عمل لهم الى جانب عكسه لصورة بيئية وصحية وسياحية منسجمه في ابعاده منوهة ان الشركة تعاقدت مع شركة عالمية متخصصة في معالجة مشاكل تلوث المياه.
ومرد تفاؤل عناب يعود الى ما وصفته بتفهم وزارتي السياحة والزراعة لاهمية المشروع واللتين تعملان لازالة العقبات امامه والتغلب عليه بصيغ توافقية ترضي كافة الاطراف ولا تمس جوهر المشروع.
وكان امين عام سلطة وادي الاردن لشؤون الاراضي المهندس غسان الجمل اوضح ان الاراضي الواقعة تحت منسوب 300 متر من سطح الارض هي اراض خزينة ويحق لسلطة وادي الاردن التصرف بها بما في ذلك البيع لصالح خزينة الدولة مبينا ان ارض الحمة تقع ضمن هذا المعدل .
وأبدى الجمل استغرابه من الكيفية التي تتعامل بها مديرية زراعة اللواء متسائلا كيف تكون الارض داخل التنظيم وفي الوقت نفسه اراضي حرجية. وقال ان المشكلة برزت عندما ارادت شركة زارة توحيد القطع التي اشترتها من المواطنين ومن السلطة في قطعة واحدة .لافتا الى انه تم توجيه كتاب الى وزارة الزراعة بدعو الى رفع اشارة اراض حرجية عن الارض.
وبين هذه التحديات كان المواطنين الاكثر تضررا بفقدانهم مصدر رزقهم الذي يكاد يكون وحيدا اكدوا انهم الاكثر تضررا من هدم الحمة التي وفرت لاغلبيتهم امام فرص عمل مباشرة في مرافقها او الاستفادة من بيع المشغولات البدوية وتجهيزات المصطافين.
لكن سكان المخيبة اثبتوا ان الارادة والتحدي تولد من رحم من المعاناة ولم يقفوا مكتوفي الايدي فسارعوا الى انشاء متنزهات عائلية في منازلهم بعد ان جروا اليها المياه المعدنية من ينابيعها بالانابيب وبدعم من البلدية اصبحت مع مرور الايام تعيد للحمة زخمها والقها المنبعث من ذاكرة المكان والطبيعة الخلابة كما يقول المواطن يوسف الشمري .
ويمضي الشمري الذي اقام مشروعا سياحيا عائليا في منزله شانه شأن العديد من ابناء المنطقة ان هذه المشاريع شكلت عناوين لقصص نجاح كبيرة تحتاج الى الدعم لتطويرها ومدها باسباب النجاح في ظل الامكانات المتواضعة لاصحابها الا انه باتت محل استقطاب للباحثين عن التنزه وقضاء اوقات استجمام مع عائلاتهم تتوفر فيها فرص التنزه والسباحة في البرك التي خصصت لهذه الغايات.
ويعول الشمري كما هو العقلات وغيرهم بان يجدوا ضالتهم المنشودة في صندوق تنمية المحافظات الذي انشىء بمبادرة ملكية سامية ودعوا القطاعين الرسمي والخاص الى الالتفات لمشاريعهم وتطويرها واقامة المزيد منها في ظل توقف مشروع اعادة تاهيل الحمة وتطويرها واعادة التفاؤل بدل البؤس والشقاء الذي خيم في الافق . وهدد ما يزيد عن1500 مواطن بالبطالة.