الحقيقة الدولية – عمان

سجل مركز ميزان للقانون سابقة مؤخرا برفعه دعوتي عنف أسري، ليمثل بإحداهما فتاة ادعت على والديها إساءة معاملتها بتعنيفها لفظيا وجسديا والتسبب لها بعاهة مستديمة، والثانية لشابين رفعا الدعوى على أعمامهما بعد تعرضهما لإيذاء شديد من قبلهم.

واستند المركز في دعواه إلى قانون العنف الأسري الذي أقرَّته الحكومة العام 2008، إلا أنه لم يفعل في المحاكم قبل تسجيل ميزان لدعوتيها.

مديرة المركز ايفا أبو حلاوة قالت لصحيفة "الغد" الاردنية أمس إن إصدار الحكومة مؤخرا لنظام يحدد كيفية تشكيل لجان الوفاق الأسري، تتمثل مهمتها باستقبال الحالات المعنفة ومحاولة حل مشكلتها قبل تحويلها إلى المحاكم، والذي اشترط قانون العنف الأسري وجوده، فتح المجال لرفع دعاوى استنادا إلى قانون العنف الأسري الذي لطالما انتقدت منظمات المجتمع المدني خلال الأربعة أعوام الماضية عدم تفعيله رغم أهميته.

وكانت الحكومة أقرت قانون الحماية من العنف الاسري رقم 6 لعام 2008 لينشر في الجريدة الرسمية رقم 4892 في العام 2008، ولتشترط إحدى مواده وضع نظام لتشكيل لجان الوفاق الأسري.

قضية العنف الأسري الأولى التي رفعها "ميزان" هي لفتاة تبلغ 22 عاما عذبها والداها تعذيبا شديدا لسنوات طويلة فقط لأنها أنثى وليست ذكرا، اقتصر طلب الدعوى التي رفعتها "ميزان" على طلب تعويض مادي قيمته سبعة آلاف دينار نظرا لأن قانون العنف الأسري لا يوجد به عقوبات جزائية، ويقتصر على التعويض المادي الذي يحدده القاضي.

وتنص المادة 17 من قانون العنف الأسري على أن "تنظر المحكمة بطلب التعويض بناء على طلب المتضرر أو أي جهة ذات علاقة به، على أن تؤخذ بعين الاعتبار، إضافة إلى القواعد العامة، الوضع المالي لطرفي النزاع ومدى تأثير إلزام المدعى عليه بدفع كامل التعويضات على وضع الأسرة، والمصاريف التي ترتبت نتيجة إجراءات الحماية".

مصدر قضائي مطلع على القانون انتقد بشدة هذه النقطة بقوله إنها تجبر القاضي على تقييم الوضع المالي للضحية، فإذا كانت مقتدرة ماليا فهذا يعني تخفيف قيمة التعويض لها، متغاضيا بذلك عن الأذى النفسي والجسدي الذي لحق بالضيحة والتعامل معها على أساس مالي فقط وكأنها سلعة. الفتاة التي رفع لها ميزان الدعوى المنظورة حاليا في المحكمة، تعيش حاليا في دار الوفاق الأسري بعد تعرضها لإيذاء شديد على يد والديها تضمن حرقها بمواد كاوية، وتكسير أصابعها وحلق شعرها.

القضية الثانية، لشاب يبلغ من العمر 17 عاما وشقيقته التي تبلغ 15 عاما رفعاها ضد أعمامهما الذين عنفوهما وأساؤوا إليهما بشتى ضروب العنف والإيذاء الجسدي لإجبارهما على الاعتراف بقتلهم والدهم.

وتشرح لائحة الدعوى أن الشابين عاشا منذ الطفولة في إحدى دور الأيتام بسبب انفصال والديهما، إلى أن أخذهما والدهما العام 2007، وعاشا عنده حتى العام 2010، ليعيشا بعدها لدى أعمامهما الثلاثة الذين عرضوهما للتعذيب لإجبارهما على الاعتراف بأنهما قتلا والدهما، وأنه لم يمت بشكل طبيعي.

وأمام تعرض الأخوين للتعذيب الذي تضمن ربطهما بغرفتين مستقلتين بجنزير حديدي والحرق بالسجائر، والتعذيب بلسعات من الكهرباء، فضلا عن تغطية رأسيهما بأكياس سوداء وتغطيسهما في الماء اضطر الشابان لتقديم إفادة لدى المدعي العام تتضمن اعترافا بإقدامهما على قتل والدهما، بعد أن تقدم الأعمام بشكوى تفيد بادعائهم على الشابين بقتلهما والدهما.

وبذلك، حول مدعي عام الجنايات الكبرى الشابين إلى دار الأحداث. وقدم محامي "ميزان" التماسا لمدعي عام الجنايات الكبرى طلبا فيه استدعاء الشابين مرة أخرى والاستماع إلى شهادتيهما بحضور مراقب السلوك، وبدون حضور أي شخص من أقاربهما، وإصدار قرار يمنع الأعمام من زيارة الشابين في دور الأحداث "لرفع الترهيب والضغط عنهما"، بحسب لائحة الدعوى.

من جهة اخرى، أكدت لائحة الدعوى أن أفعال الأعمام تشكل جرما يخالف عليه القانون العقوبات وقانون العنف الاسري مطالبا بمجازاتهم.

قاض في محكمة الجنايات الكبرى فضل عدم ذكر اسمه قال إن قانون العنف الأسري فيه ثغرات قد يكون أهمها عدم تضمين القانون أية عقوبات جزائية لتصدر المحكمة قرارا بشأنها، ما يبعث رسالة إلى الشارع تفيد بعدم وجود قناعة قضائية بإيجاد عقوبة على جريمة العنف الأسري، مطالبا بتعديل القانون ليتلافى هذه الثغرة. وبين أن الحل حاليا يتمثل بإخضاع قضايا العنف الأسري إلى إحكام قانون العقوبات.