عمان – عبدالله الرعود -أصبح تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل العمد من القضايا الخلافية الحساسة التي تردد مختصون في الخوض فيها وبيان تفصيلاتها، باعتبارها شائكة، ولها حالات كثيرة يجب أن تؤخذ كل واحدة بشكل منفرد.
وفي الوقت يؤكد فيه علماء شريعة على عدم جواز توقيف أو إلغاء عقوبة الإعدام على حساب الحق الشخصي، يؤكد قانونيون وعلماء اجتماع أنها ليست إلا انتقام واشفاء لغليل الآخرين، ومعالجة للقتل بالقتل، وهذا يتنافى مع مبادىء الإنسانية حسب وصفهم.
وتؤكد التقارير أن مجموع الأشخاص المحكومين الذين لم ينفذ فيهم حكم الاعدام (86 ) شخصا، بينهم 7 نساء، وأشارت التقارير إلى أن آخر حكم صدر بالإعدام بتاريخ 10/3/2006.
محامي الجنايات احمد النجداوي أكد لـموقع (الرأي الالكتروني) ضرورة التخلي عن عنصر الانتقام، وإلغاء عقوبة الإعدام التي أصبحت شيئا من التاريخ، مشيرا إلى أن تنفيذ العقوبة ليس إلا إرضاء لشهوات ورغبات الآخرين، واشفاء غليلهم بإعدام القاتل.
وبين النجداوي أن العقوبات لم تشرع أصلا للانتقام وقتل النفوس، بل للإصلاح وهو ما يتحقق في عقوبات يراها اشد من الإعدام كالسجن مدى الحياة، وذلك كافي لتعذيبه وتأديبه، نافيا أن يكون توقيف تنفيذ الإعدام بابا لارتكاب الجرائم.
ولم تحد عقوبة الإعدام من ارتكاب الجرائم، واثبت الواقع عدم جدواها بحسب النجداوي الذي أضاف : إن الحد من جرائم القتل يكون في معالجة أسبابها الكثيرة من اقتصادية واجتماعية وأخلاقية، مشيرا في الوقت عينه إلى أن المشرع يركز على معالجة النتائج وليس على الأسباب.
واعتبر النجداوي إقدام الدولة على تنفيذ عقوبة الإعدام ارتكاب جريمة، وأنها تعالج القتل بالقتل وهذا لن يحدث أي تقدم ايجابي، ولن يحل المشكلة جذريا.
وأيد أستاذ علم الاجتماع الدكتور فيصل غرايبة التوجه إلى إلغاء عقوبة الإعدام والاكتفاء بالسجن حفاظا على أرواح الناس، ووقاية من الآثار السلبية التي تترتب على موت رب أسرة، أو عضو منتج وفاعل في المجتمع.
وأضاف غرايبة في حديثه لـ(الرأي الالكتروني) أن السجن مدى الحياة عقوبة رادعة لمن ارتكب جرائم بحق المجتمع والإنسانية، مشيرا إلى انه قد يتحول مع وجود الإصلاح والتأهيل في السجن إلى عنصر فاعل ومنتج في المجتمع الذي يعيش فيه.
ولم يغفل الغرايبة الحالة النفسية والظلم الذي سيشعر به أهل الضحية بسبب عدم تنفيذ حكم الإعدام، لكنه يؤكد أن المجتمعات إذا درجت على وقف الإعدام فان ذلك يصبح أسلوبا حضاريا وإنسانيا تحفظ به الأرواح، داعيا في الوقت عينه إلى بناء النفوس لمنعها عن الإقدام على الفعل الجرمي.
وبحسب الغرايبة فان الأخذ بمشروعية تنفيذ حكم الإعدام يؤسس لأسلوب لا حدود له في ردع القاتل، علما بان هذا الأسلوب ليس رادعا ولم يضع نهاية للجرائم.
فيما فرق أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور محمود السرطاوي في القضية بين الحق العام والخاص في القتل العمد.
وبين السرطاوي أن عقوبة الإعدام التي تتعلق بالحق العام، ترجع صلاحية تنفيذها من عدمه إلى القاضي، مشيرا إلى ميل التشريع الإسلامي إلى العفو ودرء الحدود.
وأكد السرطاوي أن ليس للقاضي توقيف عقوبة الإعدام إذا تعلق الأمر بالحق الشخصي، إلا إذا ظهرت أسباب موجبة تنقض الحكم الموجود، مشددا على أن توقيف العقوبة على حساب الحق الشخصي مناف للعدالة، ومبرر لارتكاب جرائم أخرى غير متوقعة.
وتتفق وجهة نظر الشارع إلى حد ما مع رأي الشريعة، وجميع الآراء التي رصدها «الرأي الالكتروني» ضد وقف أو إلغاء تنفيذ حكم الإعدام في القاتل، وان إي عقوبة أخرى غير الإعدام ليست إلا انتصارا للمجرم، وظلم للضحية، وتشجيع على إحياء نعرة الثأر بعيدا عن القانون.
الثلاثيني سيف غالب انتقد في حديثه لموقع (الرأي الالكتروني) الدعوات التي تطالب بإلغاء حكم الإعدام، مستغربا من التناقض العجيب في مبررات هؤلاء الذين اعتبروا تنفيذ حكم الإعدام غير إنساني، ونسوا في الوقت نفسه إنسانية الضحية.
وبين غالب أن إعدام القاتل حق مقرر في القانون والشرع، والغاءه تعطيل لمبادىء العدالة، وفتح لباب الجرائم على مصراعية أمام كل من يريد القتل بدم بارد.
ويرى هيثم فراج أن انتفاء الإنسانية لا يكون في تنفيذ عقوبة الإعدام، بل في إلغائها، مشيرا إلى أن وقف تنفيذها يعني قتل آخر، واتساع نطاق المشكلة، وإحياء لنعرات الثأر الجاهلية التي تفتت المجتمع وتضربه في أمنه وأمانه.
وتؤكد رانيا مسعود أن الإنسانية تكون باحترام مشاعر وكرامة الأولاد والزوجة إذا كان المقتول أبا، ولوعة وحرقة قلب الأم والأب إذا كان ولدا، وتساءلت مسعود : لماذا يركز من يطالب بوقف عقوبة الإعدام على إنسانية القاتل، وينسى إنسانية المقتول؟.